20 عاماً على مقتل عدي وقصي.. باعهم نواف الزيدان بثلاثين مليون دولار واختفى بموتهم مليار دولار!
انفوبلس/..
عشرون عاماً بالتمام والكمال انقضت على مقتل عدي وقص، نجلي صدام حسين، شمال شرق مدينة الموصل، بعد أن باعهم نواف الزيدان (صاحب البيت الذي آواهم)، مقابل 30 مليون دولار.
في هذا التقرير تستعرض شبكة انفوبلس لمحات تاريخية عن "معركة المخبأ" التي قُتِل فيها نجلا رئيس النظام البائد.
*الاحتلال
في آذار ثم نيسان سنة 2003، غزا العراقَ تحالفٌ عسكري بقيادة الولايات المتحدة وأزال حكمَ حزب البعث الذي كان رئيسه صدام حسين. وبُعيد 9 نيسان 2003 تخفّى صدام وأولاده، واختبأوا في عدة أماكن، ثم تفرقوا واتجه عدي وقصي إلى سوريا ثم عادوا سريعاً، وأخيراً لجأوا إلى بيت نواف الزيدان في حي البريد شمال شرق الموصل.
كان عدي وقصي من المطلوبين لدى الولايات المتحدة. ونشرت سلطة الاحتلال الأمريكي مكافأة قدرها ثلاثون مليون دولار أمريكي مقابل الإرشاد إلى مكان الأخوين.
*نواف الزيدان
هو صاحب البيت الذي آوى أبناء صدام، في فترة الغارة سنة 2003 كان عمره 46 أو 47 عاماً، كما أنه رجل أعمال مقاول، أصله من أهل سنجار، عُهدَ إليه ببناء جامع صدام الكبير. وُصف نواف الزيدان بأنه شيخ عشيرة البو عيسى، قال بعض جيرانه إنه كان يتباهى بالعقود التي يُعهد بها إليه، ثم كثر تفاخره بأنه من عشيرة صدام، وحينئذٍ، حُكمَ على أخيه صلاح الزيدان بالسجن سبع سنين، قضى منها شهراً واحداً ثم أُفرج عنه، كان نواف يعتاد إخراج كراسي من بيته للجلوس صيفاً عند فناء واجهة بيته كلّ مساء، غيرَ أنه لم يفعل ذلك أثناء اختباء عدي وقصي عنده، قال صديقُ نواف، مخلص ثائر الجبوري إنه توجّه حينئذٍ إلى باب بيت نواف وسألَه، هل الأحوال جيدة؟، هل أدخل؟ فقال له نواف إن أقارب زوجته قد حلّوا زائرين في بيته فكانوا مشغولين، وقال مخلص إن نواف كان قد بدت عليه علامات القلق في الأسابيع التي سبقت الغارة وأخبرَ نواف أصحابه بأنه لا يستطيع النوم إلا ساعةً أو ساعتين، وانقطعت يوماً الكهرباء فتوجه نواف مهرعاً إلى من يمدّه بخط مولد كهربائي.
*الإبلاغ
كان نواف يُؤوي عدي وقصي وابن قصي مصطفى البالغ من العمر 14 عاماً وحارسَهما عبد الصمد الحدّوشي في قصره في حي البريد شمال شرق الموصل لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، ذُكر أن نواف سئم من مكوثهم في بيته إذ شرعوا يتأمّرون عليه كأنهم أصحاب البيت، فضاق بهم ذرعاً حتى مساء يوم الاثنين 21 تموز2003، إذ خرج نواف من قصْرِه متوجّهاً إلى قاعدة الفرقة الحادية ومائة المحمولة جوا للوشاية بعُدي وقصي سعياً لمجموع المكافأة البالغة 30 مليون دولار.
قال الرقيب في المخابرات العسكرية الأمريكية الذي أجرى مقابلة مع الزيدان في برنامج 60 دقيقة "لقد كان (نواف) عصبياً، رأيتُ علامات ذلك، وكان أشدّ الناس توتراً بين الذين تعاملتُ معهم. غيرَ أنه كان واثقاً في ما يقول، أوثق من معظم الأشخاص غيره.. كانت لديه مواقع محددة، وتمكن أيضاً أن يروي أوصافاً جيدة جداً عن قصي وعدي، وعاداتهم. ووصفهما الجسدي المضبوط". ثم اجتاز الزيدان اختبار جهاز كشف الكذب، مؤكداً قصته. ثم اتُخذ قرارُ إرسال مفرزة من القوات الخاصة الأمريكية للقبض على الأخوين.
في حوالي الساعة 10:00 من صباح يوم الثلاثاء 22 تموز 2003، انطلق ثمانية جنود من القوات الخاصة من فرقة العمل 121، برفقة 40 من المشاة من الفرقة الحادية ومائة المحمولة جواً، لتحاصر البيت الذي كان يتخفّى فيه عدي وقصي، واستعمل الجنود الأمريكيون مكرفوناً صغيراً ليأمروا ساكني المنزل بالخروج والاستسلام، فلم يستجب لهم أحد.
بعد عشر دقائق، طرقَ فريقٌ من ثمانية عناصر من القوات الخاصة الأمريكية باب المنزل. ولمّا لم يرد أحد، اقتحم الجنود الباب ودخلوا المنزل. وهنالك تعرض الفريق لإطلاق نار كثيف من المدافعين عن المنزل، الذين كانوا مسلحين ببنادق من طراز أيه كيه - 47 وتحصنوا في الطابق الثاني من البناية. وفي الاشتباك الذي أعقب ذلك، أُصيب ثلاثة جنود من القوات الخاصة داخل المنزل. وحين حاول المقتحمون الانسحابَ، بدأ سكان البيت برمي الرصاص على النوافذ، فأدى إلى إصابة جندي رابع. أُخليَ الجرحى الأربعة بطائرة مروحية أثناء انسحاب الفريق المقتحم من البناية وطلبوا التأييد.
بعد انسحاب فريق القوات الخاصة من المنزل، حاصرَ المخبأَ جنودٌ من اللواء الثاني في الفوج الثالث لكتيبة المشاة السابعة والعشرين وثلاثمئة من الفرقة الحادية ومائة المحمولة جواً، وفتحوا النار بقاذفات القنابل اليدوية Mk 19 وصواريخ أي تي 4 والبنادق الآلية براونينغ م2 عيار 50 المحمولة فوق همفي. نشبت معركة نارية عنيفة، وفي الساعة 11:22 صباحاً، بعد مرور أكثر من ساعة على تبادل إطلاق النار، وصل أكثر من 200 جندي من التعزيزات لمساعدة فرقة العمل.
في الساعة 11:45 صباحاً، وصلت عدة مروحيات أو إتش - 58 كيوا وبدأت بإطلاق النار على المخبأ، ودمرت جزءاً كبيراً من البيت بقذائف الرشاشات والصواريخ، غيرَ أنه كانت لا تزال نيران كثيفة تصل إليهم من سكان المنزل، الذين ألقوا أيضاً قنابل يدوية من السطح.
في الساعة 1:00 ظهراً، بعد ثلاث ساعات من بدء العملية، أُطلقت عشرة صواريخ تاو على المنزل من منصات إطلاق محمولة على همفي. أدى الانفجار الناتج عن ذلك إلى مقتل عدي وقصي، وحارسهم عبد الصمد الحدّوشي، وتحويل جزء كبير من المخبأ إلى أنقاض. وفي الساعة 1:21 ظهراً، دخل عدة جنود أمريكيين المنزل المدمر للبحث عن ناجين. ولمّا تقدم الفريق صعوداً إلى الطابق الثاني من البناية، كان مصطفى ابن قصي البالغ من العمر 14 عاماً، مختبئاً في غرفة نوم، ففتح النار على الجنود ببندقية كلاشنيكوف، لكنه قُتل على الفور بنيران الرد.
قال الفريق ريكاردو شانيز إن الغارة كانت عملية "تطويق وطرق".
*نواف يشاهد المعركة
وفقاً لجريدة ذا كارديان، كان نواف يشاهد المعركة هادئاً وهو جالس في سيارة همفي عسكرية، وقد استلم مكافأته سريعاً وقدرها 30 مليون دولار.
وبعد أن قبض نواف الزيدان الثمنَ، رَحَّلته القواتُ الأمريكية إلى خارج العراق، ويقال إنه مقيم في مدينة خليجية.
وفي عام 2018، كشف نجل رئيس جهاز المخابرات في النظام البائد همام طاهر جليل حبوش، عن أن نواف الزيدان "يقيم برفقة أُسرته في البحرين في قصر كبير وتحت حماية ملك البحرين نفسه".
وأوضح، أن "نواف الزيدان تمكن من تغيير اسمه وأسماء أفراد عائلته بالكامل، بعد حيازته على وثائق ثبوتية بالأسماء الجديدة المختلفة تماماً عن أسمائهم الحقيقية"، بحسب ادعائه.
*اختفاء مليار دولار!
في عام 2021، نشر تقرير أمريكي، التفاصيل والقصة وراء عملية السطو الكبرى للبنك المركزي عام 2003، والتي تمت فيها سرقة حوالي مليار دولار.
وذكر التقرير الذي نشره موقع Military com، أن "ثلاث شاحنات انسحبت من البنك المركزي العراقي في الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، في 18 آذار 2003، وكانت حمولتها تقارب المليار دولار، أي ربع احتياطي العملة في البلاد، وتولى فريق بقيادة قصي صدام حسين عملية السطو".
وأضاف، أن "قصي وصل إلى البنك المركزي العراقي في بغداد مع مذكرة مكتوبة بخط اليد من والده، يأمر بسحب مليار دولار من خزائن البلاد، وأشرف على تحويل الأموال ثلاث شاحنات وعدد من مسؤولي النظام العراقي بينهم قصي".
وتابع التقرير: "يوم 18 آذار 2003 يبدو تاريخاً مألوفاً للكثيرين، حيث كان من المقرر أن تبدأ الحرب الجوية التي أشارت إلى بداية الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في اليوم التالي"، وأشار محللون إلى أن "صدام حسين توقع بشكل صحيح الخطوة الأمريكية، إذ إنه بمجرد بدء الحرب الجوية، قد يكون من الصعب عليه التحرك في جميع أنحاء البلاد وإنجاز الأمور، لذلك أرسل ابنه للحصول على إمدادات مفيدة".
وبيّن، أنه "في البداية، اعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن صدام حسين كان يحاول نقل غنائم فترة حكمه عبر الحدود هرباً من الغزو الأمريكي، حيث أُبلغ آنذاك فريق من القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي عن رؤية شاحنات تطابق الوصف تعبر الحدود للهروب بالقرب من حدود العراق مع سوريا".
ولفت إلى أن "آخرين يعتقدون أن صدام أراد استخدام الأموال لإثارة المقاومة داخل العراق مع تقدم القوات الأمريكية في جميع أنحاء البلاد".
وأوضح التقرير، أنه "في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، تمكنت قوات التحالف من العثور على ما يقدر بنحو 650 مليون دولار من الأموال المأخوذة من البنك المركزي، إذ وجدوا مخابئ الأموال من خلال عمليات البحث والدوريات المختلفة في جميع أنحاء البلاد التي قادتهم إلى المال، إذ كانت مخبّأة في أحد القصور التي كان يستخدمها عدي، الابن الآخر لصدام حسين".
وأشار إلى أنه "عندما تم تعقب قصي أخيراً إلى منزل (الزيدان) في مدينة الموصل شمال العراق، حاول مقاومة العديد من الغارات على المنزل من قبل الفرقة 101 المحمولة جواً التابعة للجيش الأمريكي وفريق من مشغلي القوات الخاصة"، مؤكدا أنه "تم تسليمه هو وشقيقه عدي من (الزيدان) الذي أراد مكافأة قدرها 30 مليون دولار، بدأت القوات الأمريكية في إطلاق صواريخ تاو المضادة للدبابات، 12 في المجمل، على المنزل، مما أسفر عن مقتل كل من بداخله".
وأضاف أنه "عندما تمكنوا أخيراً من تفتيش المبنى، لم يكن هناك ما يشير إلى وجود 350 مليون دولار متبقٍّ من البنك المركزي العراقي، ومنذ ذلك الحين لم يرَ أو يسمع أحد عن المال".