"25 مليار دينار عراقي".. أين ذهبت أموال إعمار مدينة الصدر؟
انفوبلس/..
تعاني مدينة الصدر، على غرار أغلب المدن في العاصمة بغداد، من نقص واضح في الخدمات حيث تفيض المنازل بمياه الأمطار شتاءً وانقطاع التيار الكهربائي صيفًا مع انهيار باقي البنى التحتية، ما دعا الحكومة إلى الإعلان عن مشروع ضخم لإعادة إعمار مدينة الصدر العام الماضي؛ لكن إلى الآن لم تكشف نتائجه.
وتقع مدينة الصدر، التي كانت تعرف بمدينة الثورة قبل العام 2003، جانب الرصافة شرقي بغداد تحديدًا، وأسس المدينة الرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم وأسماها بـ"حي الثورة"، والتي تتضمن المدينة 79 قطاعًا، إلا أن قطاعًا آخر أضيف لاحقًا وأطلق عليه قطاع "صفر".
ويقدر عدد السكان الذين يقطنون المدينة نحو 3 ملايين شخص، من أصل 8 ملايين و750 ألف نسمة في عموم بغداد وفقًا لإحصائيات وزارة التخطيط العام الماضي، مما يعني أن مدينة الصدر تشكل نحو 47% من أعداد سكان العاصمة، وهو ما يجعلها المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العراق.
تعليق حكومي رسمي
يقول المتحدث باسم أمانة مجلس الوزراء حيدر مجيد، إن "الحكومة وجهت بإعادة إعمار مدينة الصدر بعد معاناتها من نقص الخدمات على مدار 19 عامًا، حيث أقدمت اللجنة المكلفة بالمشروع على تخصيص أرض بمساحة 5700 دونم في أطراف مدينة الصدر لحل أزمة العشوائيات".
أمانة مجلس الوزراء بالتنسيق مع الجهات المعنية باشرت بنقل ملكية الأرض أعلاه من أجل البدء بتنفيذ مشروع أعمار المدينة، وفقًا لحديث مجيد، الذي أكد في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الخطوة المقبلة ستشهد تكليف إحدى الشركات العالمية الرصينة لإعداد التصاميم الخاصة بالمدينة الجديدة".
ويشير المتحدث الحكومي، إلى أن "المشروع الجديد سيكون قائمًا على بناء وحدات سكنية جديدة مجهزة بكافة المتطلبات الخدمية وشبكة طرق حديثة وبنى تحتية عصرية (مجاري وشبكات مياه صالحة للشرب)، فضلًا عن متنزهات ومدارس".
ويختم مجيد حديثه بالقول، إن "اللجنة بانتظار الانتهاء من استكمال التصاميم، فيما سيتم التصويت عليها من قبل الحكومة؛ ومن ثم تحال إلى الشركة العالمية".
قال المتحدث باسم أمانة مجلس الوزراء إن إعداد تصاميم المدينة الجديدة ستكلف به شركة عالمية
وبحسب بيان سابق لأمانة بغداد، فأن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أكد إكمال مشاريع إعمار مدينة الصدر التي تتضمن 15 قطاعًا سكنيًا و10 شوارع رئيسة، فضلًا عن تطوير و إنجاز 20 محلة سكنية و5 شوارع رئيسة في مناطق شرق القناة.
وأشار البيان، الصادر في وقت سابق، إلى أن "هناك 33 قطاعًا سكنيًا بمدينة الصدر الواقعة شرق العاصمة بغداد في طور الإحالة للمباشرة بتطويرها".
وكان مجلس النواب العراقي قد خصص في موازنة 2021، نحو 25 مليار دينار لتطوير الواقع الخدمي في مدينة الصدر.
أين الأموال؟
"تشير المعلومات إلى أن مشروع مدينة الصدر، الذي أقر في تموز/يوليو 2021، لم ينفذ لغاية الآن بسبب عدم وصول التخصيصات المالية التي حددها قانون الدعم الطارئ والأمن الغذائي؛ وكذلك بسبب الإرباك الإداري والخلافات السياسية التي تعوق تنفيذ المشاريع الخدمية في عموم العراق"، وفقًا لحديث الخبير الاقتصادي أحمد صدام.
وبحسب الخبير، فأن تنفيذ المشروع يتطلب من 6 إلى 8 سنوات، ويشمل إنشاء ما يقارب 90 ألف وحدة سكنية تنفذ على مراحل بالإضافة إلى خدمات البنى التحتية المختلفة.
يتطلب تنفيذ مشروع إعمار مدينة الصدر نحو 8 سنوات بحسب خبراء
وبشأن التخصيصات التي وضعتها الحكومة لإعمار المدينة، يرى الخبير الاقتصادي، أن "تخصيص 25 مليار دينار عراقي لا يمكن أن تحقق إعمارًا شاملًا لمدينة بحجم محافظة مكتظة بالسكان"، مشيرًا إلى أن "ملف إعادة إعمار المدينة يتطلب وضع دراسة جدوى لمعرفة الأرقام المطلوبة بشأن المشروع".
لن تطلق هذه الأموال، وتبقى لدى وزارة المالية لحين البدء بتنفيذ المشروع بشكل حقيقي وعلى أرض الواقع، والحديث لصدام.
أمين بغداد، السابق، علاء معن، كان قد دعا نهاية العام الماضي، الشركات الأردنية المتخصصة والرائدة للمشاركة والتنافس مع الشركات العربية والعراقية الأخرى في تنفيذ مشاريع نهضة بغداد، وأشار إلى إحالة أكبر عقد استثماري إلى شركتين إماراتية وأردنية.
معلومات عن المشروع
وفقًا لمكتب رئيس الوزراء، فأن مشروع تطوير مدينة الصدر يتضمن الآتي:
أولًا: بناء 90 ألف وحدة سكنية.
ثانيًا: المباشرة في إنشاء الحي الأنموذجي كدفعة أولى ومتكون من 1000 وحدة سكنية.
ثالثًا: تنفيذ البنى التحتية (خارج الموقع وداخله) وفق 3 حزم متتالية.
رابعًا: تقديم المرافق الاجتماعية الأساسية ضمن 3 حزم متتالية.
خامسًا: تعتمد استراتيجية تنفيذ المشروع على قدرة السلطات المحلية على توفير البنى التحتية المطلوبة خارج الموقع بالتوازي مع جدول التطوير.
آراء أهل المدينة
يقول مواطنون من سكنة مدينة الصدر، إن "مناطقهم لم تشهد أي حركة إعمارية وإنما فقط إكساء بعض الشوارع بمادة الأسفلت وبشكل سيئ، حيث أن المدينة لا تزال تعاني من تخوفات كبيرة في عموم الأزقة والشوارع الفرعية".
يعاني مواطنو مدينة الصدر من سوء شبكات الصرف الصحي والكهرباء والمياه الصالحة للشرب
ويشير مواطنون، إلى أن "شبكات الصرف الصحي لا تزال (تطفح)، والشبكات الخاصة بنقل المياه الصالحة للشرب تواصل الانقطاعات ولساعات طوال ومتفرقة ولكل يوم".
وحول خطوط نقل الطاقة الكهربائية، يؤكد مواطنون، أن "المحولات الكهربائية لكل محلة تشهد انفجارات بشكل يومي، وأصبح هذا الأمر طبيعيًا بالنسبة للمواطنين الذين اعتادوا على رؤية الانفجارات الكهربائية".
ويتساءل مواطنون، عن "مشروع إعمار مدينة الصدر"، وإلى أين وصل، معتبرين أن تخصيص 25 مليار دينار عراقي ومنذ العام 2021 قد يكون كافيًا لإعادة تأهيل البنى التحتية للمدينة.
إكساء وانتزاع لأراض من مواطنين
يقول عادل الساعدي مدير بلدية مدينة الصدر الأول، إن "الجهات المعنية أقدمت على إكساء خمسة قطاعات وهي (4، 5، 6، 51، 43)، في حين سيتم إكساء شوارع القطاعات المتبقية ضمن الوجبة الثانية لعملية تأهيل المدينة".
ويستطرد الساعدي، قائلًا إن "عمليات الإكساء تكون بأستخدام مادة الأسفلت للشوارع والمقرنص للأرصفة"، مبينًا أن "الجهات المعنية ستعمل على استكمال شارع الفلاحات بعد توقف في العمل".
يتضمن مشروع إعمار مدينة الصدر إنشاء 10 متنزهات في أراض انتزعت من مواطنين استولوا عليها
ووفقًا للساعدي، فأن هناك خطة لتوسعة الشوارع في مدينة الصدر أبرزها شارع العمال وشارع العمل الشعبي، فضلًا عن شارع الميثاق، فيما تتضمن الخطة إنشاء خطوط مجاري عملاقة لحل أزمة المجاري في المدينة.
ويضيف، أن "الخطة تتضمن أيضًا إنشاء 10 متنزهات على أراضي تابعة للدولة انتزعت من مواطنين استولوا عليها، وأقدموا على فتح باركات خاصة بالسيارات دون موافقات أصولية وشيدوا منازل عشوائية عليها".
ويهدف مشروع مدينة الصدر، المزمع إنشاؤه على أرض تقع خلف السدة، إلى بناء وحدات سكنية مزودة بكافة الخدمات الحديثة والتي ستعمل بدورها على حل أزمة العشوائيات في المدينة، بحسب المسؤول المحلي.