9 أشهر على غليان شمال البصرة.. تعرف على مطالب أبناء قضاء الصادق ومعاناتهم في عاصمة العراق الاقتصادية
انفوبلس..
منذ يومين، خرج المئات من أهالي قضاء الصادق بمحافظة البصرة، بتظاهرات كبيرة تطالب بالخدمات المعدومة في أحيائهم السكنية، وذلك استكمالاً لتظاهرات بدأوها في آذار الماضي قدموا خلالها عدة طلبات لم يُنفَّذ منها شيء حتى يومنا هذا.
وقال مصدر محلي، إن المئات من المتظاهرين تجمهروا قرب أحد الحقول النفطية للمطالبة بالخدمات المعدومة في القضاء وتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة.
وأضاف، إن المتظاهرين هددوا بإجراءات تصعيدية تتضمن غلق عدد من المنشآت النفطية في البصرة، لافتاً إلى أن المحتجين رفعوا شعارات (علي وياك علي) و(هيهات من الذلة).
وكان زعيم حراك تظاهرات قضاء الصادق في البصرة، هيثم المنصوري، أعلن في وقت سابق عن انتهاء المدة الأصلية والمدد المتبوعة لها التي ضاعفت المدة الأصلية، لتحقيق المطالب التي نادى بها الأهالي، والتي انبرت لها الحكومات المحلية والمركزية وتعهدت بأن تنجزها.
وقبل نحو أسبوعين، طالب قائممقام قضاء الصادق في محافظة البصرة، بتشغيل الأيدي العاملة من أهالي القضاء في حقول النفط.
وقال رافد عبد الأمير، "اليوم حضرنا للوقوف مع المهندسين المطالبين بالتشغيل أمام بوابة حقل غرب القرنة 1".
وأضاف، "قضاء الصادق يقع ضمن حدوده الإدارية حقل غرب القرنة 1 والذي يُعد من أكبر الحقول في المنطقة بطاقة إنتاجية أكثر من 600 ألف برميل نفط يوميا إلا أن الحقل لم يشفع لأهالي القضاء وبالتالي أصبح عاجزا عن التعامل وتلبية مطالب الشباب".
ولفت، "لدينا مختلف التخصصات وهناك أكثر من 250 مهندسا عاطلا عن العمل في القضاء بينما هنالك الآلاف من العمالة الأجنبية داخل الحقل ومن مختلف الجنسيات". مضيفا، "ابن القضاء يبقى مهمشاً رغم الموافقات والوعود من قبل الجهات الرسمية".
وكشف عبد الأمير، أنه "تم استحصال موافقة مدير شركة نفط البصرة في وقت سابق بتشغيل نحو 900 شخص إلا أن مديري الهيئات في نفط البصرة لم يتعاملوا مع هذا الملف بشكل واقعي وجدّي". مشددا، "أُكرر المطالب بتشغيل الأيدي العاملة من أهالي القضاء".
وتابع، "لدينا مكتب تشغيل فرعي بصلاحيات كاملة لكن لم يتم التعامل معه بشكل رسمي رغم التوجيهات من قبل حكومة البصرة وشركة النفط ولا نعرف السبب". كاشفا أن "أعداد العاطلين عن العمل في القضاء تُقدر بأكثر من 2000 عاطل عن العمل وبمختلف الاختصاصات واليوم الشباب يتظاهرون بشكل سلمي من أجل حقوقهم المشروعة".
وبرز هيثم المنصوري، وهو رجل دين معمم، في احتجاجات قضاء الصادق في محافظة البصرة، وصار قائداً لهذا الاحتجاج الشعبي.
في 9 آذار 2024، نشر المنصوري منشوراً على فيسبوك، جاء في نصه، "إلى أهالي شمال البصرة الكرام عموماً وقضاء الصادق خصوصاً: في الوقت الذي تُعد منطقتكم إحدى أغنى مناطق العالم بما حباها الله من كنوز ثمينة، حيث تعوم على بحرٍ من الذهب الأسود. فهي الرئة التي يتنفس بها اقتصاد العراق. وفي الوقت الذي يتقاسم ريع مواردها الفاسدون والسارقون والغرباء، تعاني هي التهميش والخذلان والحرمان في كل مجالات الحياة، وأنتم تدعون فلا يجيبكم أحد، وتبثون شكواكم وليس لكم سند، لأن المحافظ لا يعدكم من أهله، ولا يحسبكم من بصرته، ولأن أغلب المسؤولين المحليين لا يحسنون إلّا الجلوس على كراسي الإدارة، والرضا بالإمارة ولو على الحجارة".
وأضاف، "فيا أيها الغيارى، عهدنا بكم أنكم لا تبيتون على الذل، ولا تقبلون بخسيس العيش الذي يتصدقون به عليكم من خيراتكم، فأوصلوا صوتكم -غداً – إلى مسمع رئيس الوزراء الذي سيحل في ناديكم، ولا تسمحوا لأحد أن يحول بينكم وبين ذلك، وسنكون معكم إن شاء الله".
ووجه دعوة، "إلى طلائع المجتمع من رجال دين وشيوخ عشائر وأكاديميين، إلى الشباب الغيارى كافة، أنتم مدعوون للحضور لملتقى تشاوري في هذه الليلة بمسجد الإمام علي- قرب بيت الحاج علي رباط".
وفي 16 آذار الماضي، عاد المنصوري، وكتب في فيسبوك، "إلى نخب وشباب قضاء الصادق، لنقف وقفة رجل واحد لرفض أي مرشح لمنصب قائم مقام تفرضه الجهات الحزبية أو الاجتماعية المتنفذة أداةً طيعةً لها في تنفيذ مآربها. ينبغي أن يكون القائم مقام الجديد منبثقاً من إرادة الجماهير ونخبها الواعية المخلصة التي تحسن تشخيص الرجل المناسب لهذا الموقع".
ثم عاد بعد ثلاثة أيام وكتب: "والله لن نسمح أن تطول معاناة أولادنا إلى أكثر من هذا الحد وهم يعومون على بحر من النفط ولا نكون شهود زور على مستقبلهم البائس. الحراك الجماهيري الجارف قادم قريباً في قضاء الإمام الصادق لكي توضع الأمور في نصابها الصحيح إن شاء الله تعالى".
وفي 2 نيسان، بدأ المنصوري يطرح نفسه على أنه "من الهيئة التنسيقية للحراك الشعبي في قضاء الصادق".
وكتب في ذلك اليوم: "يا جماهير قضاء الصادق المظلومين إنّ من بيدهم السلطة والقرار يرون نفطكم وهو في ظلمات تخوم الأرض العميقة، لكنهم لا يرونكم وأنتم على وجه الأرض، قد أعمَت أعينهم روح التعالي عليكم، وأنتم تفتك بكم الأمراض، وتستنشقون سموم ذلك النفط، الذي تحيط بكم حقوله من كل الجهات، فالغنم لغيركم والغرم عليكم، وأنتم تستغيثون فلا تُغاثون، وقد طال الانتظار كثيراً وانسدّت جميع السبل لتغيير الأحوال، ولم يبق أمامنا سوى سبيل الاحتجاج وإعلاء الصوت لعلّهم يسمعون".
وتابع في وقتها: "إنّ يوم السبت القادم 6/ 4 / 2024 في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر موعدنا لتظاهرة شعبية عارمة، لعلها تهز وجدان المتكبرين عليكم والمستخفين بكم، فاسعوا إليها راجلين وراكبين، ولا يثنيكم المنتفعون والمتخاذلون والمثبطون فالحقوق تؤخذ ولا تُعطى، ومن الله العون والتوفيق".
وفي 8 نيسان، قال المنصوري: "امتثالاً لطلبات الكثير من أبناء قضاء الصادق الغيارى في أن تكون التظاهرة في يوم الدوام الرسمي فقد تقرر أن تكون التظاهرة يوم الأحد 21 / 4 / 2024 أمام بوابة المحطة النفطية الثامنة وقد تتحول إلى اعتصام مفتوح".
ودائماً ما كرر المنصوري، مطالبته بإنشاء جامعة "شمال البصرة" وعزا ذلك إلى "الاستحقاق".
وقال المنصوري في منشور على فيسبوك، "إنشاء جامعة في شمال البصرة مطلب واستحقاق لا مجال لغض الطرف أو التنازل عنه ولا يهمنا موقع الجامعة سواء كان في الصادق أو القرنة أو المدينة".
وأضاف، "جامعة شمال البصرة حلمنا، بل استحقاقنا".
ومنذ آذار الماضي، تشهد مناطق شمال البصرة تظاهرات متعددة، بعضها يطالب بالخدمات وأخرى تطالب بالتعيينات، فيما يقول مقربون من المحافظ أسعد العيداني إن هذه التظاهرات هي استهداف للحكومة المحلية.
وانطلقت شرارة التظاهرات من قضاء الصادق شمال محافظة البصرة، حيث طالب أهالي القضاء بإعفاء قائممقام القضاء ياسين البطاط من منصبه وتنفيذ مشاريع خدمية في القضاء المنكوب على حد قولهم.
وقال أحد قادة الحراك في حزيران الماضي، "مضى أكثر من 50 يوماً على مهلة الحكومة بشأن مطالبنا الخدمية التي خرجنا على أساسها في قضاء الصادق، لكن لم يتحقق منها أي شيء سوى بناء المستشفى المتنقلة لحين إكمال بناء المستشفى العام في القضاء (سعة 100 سرير)، وافتتاح مكتب التشغيل، حيث كانت مطالبنا تتمثل بإكمال مشاريع تعبيد الطرق ومستشفى القضاء".
وأضاف: "في حال انتهاء المهلة ولم تتحقق مطالبنا سنعود لذات مكان التظاهر وسنعيد الأمر بقوة وسنغلق الحقول النفطية وستكون إجراءاتنا تصعيدية أكثر من السابق".
ولفت إلى أن "9 آلاف عاطل عن العمل من أبناء قضاء الصادق فقط، بينهم ألفا خريج بلا تعيين"، موضحا أن "التعيينات وفرص العمل التي كانت تأتي للمحافظة ورغم كثرتها، إلا أن حصة قضاء الصادق كانت ضئيلة جداً ولا تتناسب مع أعداد أبنائه".
وتابع حديثه، أن "تعيين قائممقام القضاء من أحد رجالات الحراك لا يعني أننا أعلنا رفع راية الاستسلام ولن نخرج لاحقاً بتظاهرات لتحقيق مطالبنا، بحجة أن الحكومة المحلية في القضاء مشكلة من قادة الحراك، بل العكس من ذلك تماماً"، مضيفاُ أن "القضاء يقع ضمن حدوده حقل غرب القرنة والذي يصدّر يومياً أكثر من نصف مليون برميل نفط أسود، إلا أن قضاء الصادق يفتقر لوجود مشفى حكومي وشوارع معبّدة ومتنزهات ترفيهية".
وأوضح، أن "تظاهراتهم لم تكن تستهدف حكومة العيداني، ولكنها كانت ضد الظلم الذي تعرضت له مناطق شمال البصرة عامة وقضاء الصادق خاصة، وستبقى حتى تحقيق المطالب".
وفي حديث مقتضب، قال مقربون من حكومة العيداني، إن "التظاهرات التي شهدتها مناطق شمال البصرة مؤخراً هي استهداف لحكومة المحافظ الحالي، لإفشال مشروعه في تطوير مناطق البصرة، ويقود المشروع أشخاص خسروا الانتخابات المحلية مؤخراً، حيث يسعون لإفشاله في ملف الانتخابات النيابية المقبلة، وبيان للشارع المحلي أن العيداني فاشل ولا يصلح لأن يكون الرقم واحد في البصرة".
بدورها قالت عضو مجلس محافظة البصرة عن تحالف تصميم، وجدان المالكي، "فعلا هناك تظاهرات امتدت على مناطق واسعة من محافظة البصرة، وهي كلها تظاهرات تطالب بخدمات"، مؤكدة أن " البصرة كحالها من المناطق الأخرى في البلاد تنقصها الخدمات في بعض مناطقها والتعيينات، بالمقابل هناك طاقة شبابية هائلة في المجتمع وهؤلاء الشباب يبحثون عن فرص، وأكيداً أقصر الطرق الى ذلك هي التظاهرات، لأن الكل يسعى للتواجد في القطاع الحكومي دون القطاع الخاص، ولدينا ملفات أكثر من 50 ألف درجة وظيفية في البصرة لم تُفعل لغاية الآن".
وقالت المالكي، إن "المطالب الشعبية تجسدت بشكل تظاهرات وأسبابها قد تكون أجندات أو جهات معادية للحكومة المحلية في البصرة، وقد تكون حصلت بسبب الحاجة الفعلية للخدمات في البصرة، وهي أمور ليس لدينا عليها إثباتات حتى يمكن توجيه الاتهام للجهات المتورطة فيها، لكن الموجود لدينا أنها تظاهرات لمواطنين يطالبون باستحقاقهم".
وبينت: "لدينا معالجات لهذه التظاهرات ولكن أولاً يجب إطلاق التخصيصات المالية أسوة ببقية المناطق الأخرى في البلاد، حيث إن التخصيصات المالية لم يصل منها أي شيء لغاية الآن، وخاصة تخصيصات عام 2023 حيث لم يصلنا في البصرة سوى ثلث الموازنة المخصصة للمحافظة، دون أموال البترو دولار".
من جانب آخر، تقول عضو مجلس محافظة البصرة، زهراء البو سلمي، إن "المجلس لا توجد فيه كتلة معارضة وكتلة حكومة"، مؤكدة أن "هدف الجميع هو خدمة البصرة مهما كانت الجهة التي ينتمي إليها عضو المجلس".
وتابعت البو سلمي، إنه "بالنسبة للحراك الجماهيري الذي حصل مؤخراً في مناطق البصرة وشمالها تحديدا، هي ليست مناطق منكوبة فعلياً، بل هي مناطق فيها مشاريع متلكئة، وهذه المشاريع هي ليست مشاريع محلية، وإنما مشاريع مركزية، ونحن كأعضاء مجلس محافظة نعمل بحركة فعالة في الوقت الحالي لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، من خلال زياراتهم في مناطقهم وتدوين الملاحظات ومتابعتها مع المركز إذا كانت مركزية وحلها محليا إذا كانت تلك الملاحظات من اختصاص الحكومة المحلية".
وأضافت، "ولكن بالشكل العام اللوم يقع على الحكومة المركزية لعدم إنجاز المشاريع التي بدأت فيها بوقت سابق في غالبية مناطق البصرة، مع الإشارة إلى الموازنة تم إقرارها والمصادقة عليها، لكن لم تُصرف أموالها لغاية الآن".
وكشفت البو سلمي، إن" الحكومة المركزية وعلى خلفية الأحداث مؤخراً أرسلت وفدا رفيع المستوى إلى المناطق التي تشهد حراكاً تظاهرياً للنظر بموضوعة الخدمات التي يطالبون بها، وحل ما يمكن حله". مؤكدة، إن "المجلس على تواصل دائم مع قادة الحراك لحل المشاكل التي يعانون منها".