9 أعوام على مجزرة سنجار.. البشمرگة قتلوا الايزيديين الراغبين بالدفاع عن أنفسهم قبل أن يهربوا!
انفوبلس/ تقرير
في ذكرى مجزرة "الإبادة الايزيدية" التي ارتكبها إرهابيو تنظيم "داعش" في بلدة سنجار بمحافظة نينوى العراقية عام 2014، والتي شهدت مقتل آلاف الايزيديين وخطف وسبي آلاف آخرين معظمهم نساء وأطفال، ظهرت شهادات "مروعة" عن خيانة قوات البيشمركة للمكون الايزيدي وعلى رأسهم "سربست بابيري".
وفي أغسطس 2014، اجتاح تنظيم "داعش" الارهابي جبل سنجار في شمالي العراق حيث تعيش غالبية من الأقلية الإيزيدية التي تعرّضت للقتل والاضطهاد على يد التنظيم في خلال سيطرته على المنطقة ما بين عامَي 2014 و2017. حيث ارتكب "داعش" في 3 أغسطس/ آب 2014، إحدى أبشع جرائمه في العراق، حين اقتحم مئات من مسلحيه بلدة سنجار، وأعدم مئات من الرجال والشباب، وخطف آلاف النساء والفتيات.
وبعد صعود تنظيم "داعش" في عام 2014، أعلن العراق في عام 2017 الانتصار عليه، علماً أنّه خسر بعد ذلك معقله الأخير في سوريا في عام 2019. وحتى اليوم، تُستخرَج جثث من مقابر جماعية في سنجار، في حين أنّ أكثر من 2700 شخص ما زالوا في عداد المفقودين، وفقاً لبيانات المنظمة الدولية للهجرة.
*شهادات "مروعة" عن خيانة سربست بابيري
وبعد هذه المجزرة "المروعة"، بدأت تظهر شهادات عن المتورطين في تسليم سنجار الى تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث كشف الكاتب العراقي نادر دوغاتي، أن "ما حدث في شنكال (سنجار)، خيانة بكل المقاييس والمعايير القومية والدينية والأخلاقية والسياسية، إنها خيانة من قبل حامي الدار لأهله، وناكر الجميل من قبل شعبه وحزبه، إنه الخائن "سربست بابيري".
وأضاف، "لو لا الخيانة، لكانت الخسائر أقل، وذلك بمشاغلة العدو لعدة ساعات لحين إخلاء القصبات والقرى من العوائل والأطفال، وعدم وقوع العوائل في الأسر، ولو قاوم البابيري على الأقل دفاعاً عن مقره الى آخر لحظة، لكان قد سجل بذلك موقفا بطوليا، ولو استُشهد فذلك شرف كبير وكان اسمه سيُسجل في سجل الشهداء الأبطال الخالدين ويُعد واحدا من الأبطال الذين تفتخر بهم كردستان، وأنا متأكد بأن الشنكاليون كانوا سيمجّدونه ويشيدون له نصبا تذكاريا يرمز إلى بطولته وهذا ما كان مطلوبا منه كواجب وطني وقومي وعسكري، لكنه برهن العكس تماماً عندما هرب من ساحة المعركة دون إطلاق أي رصاصة، وقبل وصول العدو إليه، وخلّف وراءه مئات الآلاف من الأطفال والنساء لقمة سائغة بيد الهمج الداعشيين التكفيريين الخوارج والعرب السنة من أهالي المنطقة من الذين شاركوا جريمة داعش بالقتل الجماعي للإيزيديين وسبي نسائهم، وما حدث في شنكال جينوسايد بكل معنى الكلمة، لم يحدث هكذا في حلبجة وهيروشيما وناكازاكي، حيث سبي النساء هزّ وجدان وضمير الإنسانية".
البيشمركة كانوا القاتلين الحقيقيين بأمر من "بارزاني"
وبحسب ما روَوه الايزيديين، فإن هناك 11000 جندي كانوا متمركزين في سنجار وسربست بابيري، القائد الأعلى لـ "البيشمركة" أقسم بالقرآن بأنهم لن يتركوا الايزيديين وحدهم أبدا وأن شنكال (سنجار) جزء من کردستان وعلى الايزيديين الوثوق بقوات البيشمركة ورفض بابيري تسليح 3000 ایزیدي متطوع".
سربست بابيري كان مسؤولاً عن قوات البيشمركة في منطقة سنجار قبل ارتكاب تنظيم "داعش" الإرهابي المجزرة ضدهم في 3 آب 2014.
وأضافوا، "طلب علاوة على ذلك أن يتم تجريد السكان المحليين من الاسلحة التي يمتلكونها. لكن عندما هاجم تنظيم "داعش" الارهابي سنجار هربت البيشمركة حتی قبل السكان المحليين والمقاتلين الايزيديين بين البيشمركة الذين رفضوا الهروب والذي تم قتلهم!". وتابعوا، "11000 جندي من البيشمركة هربوا دون أن ينبّهوا الايزيديين".
وبينوا، "بينما كان الايزيديون يتصلون بهم لطلب المساعدة والعتاد والطلقات كانت على وشك النفاذ، وعدتهم البيشمركة بالرجوع مع دعم أكبر. كما أن عندما نفد العتاد والطلقات عرف الايزيديون أن البيشمركة كانت قد وصلت بالفعل الى ربيعة، زاخو والمناطق المجاورة تارکین الايزيديين في مخالب "داعش" الإرهابي".
*أكثر من عامين على إقرار قانون الناجيات الأيزيديات بالعراق
كما أثار نواب في البرلمان العراقي وناشطون في مجال حقوق الإنسان، ملف قانون الناجيات الأيزيديات، الذي أقرّه البرلمان في عام 2021، مؤكدين أنه لم يدخل حتى الآن حيّز التطبيق بشكل جدّي، معتبرين أن الحكومة لم تتخذ إجراءات فعلية للتنفيذ.
ووفقاً للنائب عن المكون الأيزيدي، شريف سليمان، فإنّ "تنفيذ قانون الناجيات الأيزيديات غير ممكن على أرض الواقع بالشكل المقنع، بسبب عدم وجود إجراءات حكومية فعّالة نستطيع من خلالها تطبيقه بشكل أمثل"، مبيناً في تصريح له، مساء أمس الثلاثاء، أن "الحجج التي تُساق هي عدم وجود الموازنة المالية".
وأكد، أن "أي قانون عندما يصوّت عليه في مجلس النواب ويُنشر في الجريدة الرسمية يجب أن يُنفذ مباشرةً دون أي تأخير، خصوصاً إذا كان الموضوع إنسانياً بحتاً"، متسائلاً: إلى "متى ينتظر أهالي الضحايا والناجيات للحصول على حقوقهم التي تم التأكيد والموافقة عليها تحت قبة البرلمان؟". وأشار إلى أنه "لحد الآن لم يُطبَّق القانون بالشكل المطلوب".
وأقرّ البرلمان العراقي في مطلع مارس/ آذار الماضي 2021، قانون الناجيات، المختص بالأيزيديات المخطوفات سابقاً، وأهم بنوده منح امتيازات مالية ومعنوية لتسهيل إعادة اندماجهن في المجتمع. أما من الناحية المالية، فإنّ القانون يمنحهن راتباً تقاعدياً، وقطعة أرض سكنية، وأولوية في التوظيف، إلى جانب استثناءات فيما يتعلق بشروط الدراسة، إذ أعفاهن من شروط العمر والأجور وغيرها من الاستثناءات.
*بريطانيا تعتبر ممارسات داعش بحق الإيزيديين إبادة جماعية
وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية البريطانية، أمس الثلاثاء، جاء فيه أنّ "المملكة المتحدة أقرّت رسمياً اليوم بأنّ "داعش" ارتكب ممارسات إبادة جماعية في حقّ الإيزيديين (بالعراق) في عام 2014". وأوضحت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث أنّ الإعلان يأتي قبل فعاليات تحيي الذكرى التاسعة لـ"الفظائع" التي ارتكبها تنظيم داعش في حقّ الأقلية الإيزيدية الناطقة باللغة الكردية في العراق.
وكانت المملكة المتحدة قد اعترفت حتى الآن بأربع حالات وقعت فيها إبادات جماعية، وهي محرقة اليهود إلى جانب المجازر في رواندا وسريبرينيتسا وكمبوديا.
أمّا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، فكان القضاء الألماني أولى الجهات المعترفة بأنّ الجرائم التي ارتُكبت في حقّ الإيزيديين تمثّل "إبادة جماعية". وقد أشادت منظمات حقوقية بالقرار، حينها، ووصفته بأنّه "تاريخي".
بدوره، أفاد فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة، في مايو/ أيار 2021، بأنّه جمع "أدلة واضحة ومقنعة" على ارتكاب تنظيم داعش إبادة جماعية في حقّ الإيزيديين.
من هم الإيزيديون؟
نشأت العقيدة الإيزيدية في إيران قبل أكثر من أربعة آلاف عام، وهي تُعَدّ ديناً غير تبشيري ومغلقاً، إذ لا يمكن لأحد من خارجها أن يعتنقها. ويؤمن الإيزيديون بإله واحد يصلّون له، متّخذين الشمس قبلة لهم، بالإضافة إلى إيمانهم بسبعة ملائكة، أوّلهم وأهمّهم الملك طاووس. وتعتمد المجموعة على الزراعة، وتقيم بغالبيتها في سنجار.
ويُعَدّ أقدس الأماكن الدينية للإيزيديين معبد لالش الذي تعلوه قبة مخروطية حجرية إلى جانب مزارات عدّة في وسط منطقة جبلية تضمّ ينابيع طبيعية في شمال غرب العراق، يقصده المؤمنون الزوّار حُفاةً. ويتبع هؤلاء المجلس الروحاني الأعلى المؤلف من خمسة أعضاء ومقرّه بالقرب من منطقة شيخان، من بينهم "أمير" الإيزيديين في العالم، إلى جانب مرجعهم الديني بابا شيخ.
ويُقسم الإيزيديون إلى ثلاث طبقات؛ الشيوخ والبير (الدعاة) والمريدون، ولا يمكن الزواج بين طبقة وأخرى أو من خارج الطائفة. لذا فإنّ الإيزيدي هو الذي وُلد لأبوَين إيزيديَّين فقط.
ومع مرور الوقت، دمج الإيزيديون في معتقدهم عناصر من ديانات أخرى. على سبيل المثال، يُعمَّد الأطفال في المياه المقدسة للاحتفال بدخولهم إلى العقيدة مثل المسيحيين، كذلك يمكن للرجال اتّخاذ أربع زوجات مثل المسلمين. وتحرّم معتقداتهم وممارساتهم تناول الخسّ وارتداء ملابس باللون الأزرق. ويتّهمهم بعض من المسلمين، خطأ، بعبادة الشيطان.
وقد تعرّضت هذه الأقلية كذلك إلى الاضطهاد في زمن السلطنة العثمانية في أوائل القرن العشرين، وكذلك على يد الرئيس العراقي المقبور صدام حسين الذي دفع آلاف العائلات الإيزيدية إلى الفرار إلى خارج البلاد.
ومن بين نحو 1.5 مليون إيزيدي في العالم كان 550 ألفاً، أي العدد الأكبر، يعيشون في العراق قبل الهجوم الذي شنّه تنظيم "داعش" في عام 2014. وبحسب إحصاءات المديرية العامة للشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان العراق، قُتل نحو 1280 إيزيدياً، ويُتِّم أكثر من 2300 طفل، وتعرّض نحو 70 مزاراً لهم للتدمير، في خلال سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة من العراق ما بين عامَي 2014 و2017. كذلك خُطف نحو 6400 إيزيدي، أُنقِذ نصفهم تقريباً أو تمكّنوا من الفرار.
وبعد أعمال العنف التي ارتُكبت في حقّهم، هاجر نحو 100 ألف إيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكندا، بحسب بيانات الأمم المتحدة. ومن بين الذين لجأوا إلى ألمانيا، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2018 ناديا مراد التي اعتُقلت وتعرّضت للاغتصاب وأُجبرت على الزواج من جهادي قبل أن تتمكّن من الفرار.