edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. محليات
  4. آلاف حالات الطلاق.. الأسرة الكردية تنهار تحت حكم آل بارزاني.. الفقر والعنف والابتزاز يفككون البيوت

آلاف حالات الطلاق.. الأسرة الكردية تنهار تحت حكم آل بارزاني.. الفقر والعنف والابتزاز يفككون البيوت

  • 4 اب
آلاف حالات الطلاق.. الأسرة الكردية تنهار تحت حكم آل بارزاني.. الفقر والعنف والابتزاز يفككون البيوت

انفوبلس..

في إقليم كردستان، حيث كان الطلاق حتى وقت قريب من المحظورات الاجتماعية، تكشف الأرقام الحديثة عن أزمة أسرية متفاقمة، إذ تتزايد حالات التفريق نتيجة ضغوط اقتصادية خانقة، وتغيرات اجتماعية متسارعة، وسط غياب إصلاحات حقيقية من حكومة الإقليم، ما ينذر بانهيار بنية العائلة الكردية التقليدية.

 

بكلمات متلعثمة وعيون حائرة، يروي جمال (25 عاماً، اسم مستعار) من محافظة دهوك بإقليم كردستان، قصة زواجه الذي لم يمتد غير عامين اثنين، والذي بدأ بقبول وتوافق بين الزوجين لكنه انتهى بطلاق فرضته “سلسلة مشاكل صغيرة فاقمتها الضغوط المالية”.

 

لم يستطيع “جمال” الذي كان يعمل كاسباً بسبب معاناته من البطالة، الاستقلال بمنزل خاص، واضطر للسكن مع زوجته في منزل عائلته الذي ضم والديه وإخوته وشقيقاته، ومع ضغوط الحياة وواقع عسر الحال، ظهرت خلافات بين زوجته وشقيقاته تحولت بعد أشهر من الزواج إلى مشاجرات يومية.

 

يفتح كفيه ويمدهما أمامه، ويقول:”لم تكن المشاكل بيننا أنا وهي، لكن تلك الأجواء المتوترة على الدوام انعكست علينا لنصبح رغما عنا طرفي صراع.. في النهاية زوجتي طلبت انتقالنا الى منزل يضمنا وحدنا، لكن كان ذلك مستحيلا، فلا مال لدي لدفع الإيجار وتأمين معيشتنا”.

 

عندما عجزا عن الوصول الى تفاهم، اختارت الزوجة اللجوء الى المحكمة وطالبت بـ “بيت شرعي أو النفقة” وفقا لمقتضيات قانون الأحوال الشخصية، ليجد نفسه عاجزا عن الاستجابة ويستسلم في النهاية لقرار قضائي قضى بالتفريق بينهما.

 

قصة جمال، تتكرر في مئات البيوت الكردية؛ وهي تعكس واقعا جديدا في بيئة إقليم كردستان المحافظة، نتيجة تشابك الأزمات الاقتصادية مع عوامل اجتماعية وتقلبات ثقافية ومتطلبات عصرية، تدفع بزيجات حديثة نحو نهاية محكومة بالطلاق.

 

وفقًا لإحصائيات رسمية، ارتفع عدد حالات الطلاق في محافظة دهوك أكثر من خمسة أضعاف خلال الـ17 عاماً الأخيرة، إذ كان يبلغ 404 حالة في العام 2008، وارتفع إلى 2033 حالة في عام 2024، رغم الطابع العشائري للمجتمع الذي لا يزال ينظر إلى الطلاق بشكل سلبي مطلق.

 

يكشف المجلس العدلي التابع لوزارة العدل في حكومة إقليم كردستان، أن عام 2024 شهد تسجيل أكثر من  12 ألف حالة طلاق في عموم مناطق الإقليم الذي يقطنه 6 ملايين و500 الف شخص، في مؤشر يثير القلق بشأن استقرار الحياة الأسرية في بيئة لم تعرف أبداً هكذا أرقام طلاق.

 

وبحسب إحصائيات تنقلها وسائل اعلام عن جهات مسؤولة، سجلت محافظة السليمانية 18,522 حالة زواج، مقابل 5,745 حالة طلاق، ما يعني أن واحدة من كل ثلاث زيجات تقريبا تنتهي بالطلاق، وفي أربيل سجلت 17,591 حالة زواج مقابل 3,878 حالة طلاق، وفي دهوك التي تعد المحافظة الأكثر التزاما بالتقاليد الاجتماعية سجلت 12,199 حالة زواج مقابل 2,033 حالة طلاق.

 

وبشأن حالات الزواج الثانية المسجلة رسميا، سجلت في دهوك 34 حالة زواج ثانٍ خلال عام 2024، أما في السليمانية تم تسجيل 19 حالة زواج ثانٍ ، وفي أربيل إلى 45 حالة زواج ثانٍ مسجلة رسمياً.

 

وتظهر الأرقام الرسمية للعام 2024 أن نحو ربع حالات الزواج في كردستان تنتهي بالطلاق، فقد سجلت محافظات السليمانية وأربيل ودهوك معاً 48,312 حالة زواج، حيث شكلت السليمانية 38%، وأربيل 36%، ودهوك 25% منها، أما حالات الطلاق فبلغت 11,656 حالة، وشكّلت السليمانية 49% منها، وأربيل 33%، ودهوك 17%..

 

وعلى الرغم من أن دهوك جاءت في المرتبة الثالثة بعد السليمانية وأربيل بتسجيلها 2,033 حالة طلاق عام 2024، إلا أن هذا الرقم يُعد مرتفعا نسبياً قياساً بعدد سكانها البالغ مليونا و860 الف نسمة، ما يستدعي التوقف عند أسبابه الاجتماعية والاقتصادية، وفقاً لمراقبين.

 

“غياب الانسجام والضغوط المالية والابتزاز الإلكتروني ترفع معدلات الطلاق في محافظات كردستان”

 

“ابتسامة” أنهت زواجاً في يومه الأول

يرى عبد الوهاب أحمد محي، وهو مسؤول قلم محكمة الأحوال الشخصية في دهوك، أن معدلات الطلاق تشهد تزايدا سنويا، بما يتراوح بين 100 إلى 200 حالة، وذلك استنادا إلى خبرته الوظيفية ومعايشته اليومية للملفات المعروضة أمام المحكمة.

 

ويعزو التزايد هذا إلى أسباب عدة، أهمها عدم الانسجام بين الزوجين، مبينا أن “أغلب دعاوى التفريق التي تنظرها محكمة الاحوال الشخصية، يكون طرفاها زوجان يفتقدان الى التفاهم والانسجام، ويعانيان من اختلاف في وجهات النظر بشكل جذري، بالإضافة إلى الشك المتبادل، وخصوصا من طرف الزوج”، وهو يعد كل ذلك من العوامل التي تُشكل أساسا لعدم الاستقرار في الحياة الزوجية.

 

ويستذكر عبد الوهاب، حالة وصفها بأنها “من أقصر قصص الزواج التي مرت أمام المحكمة”، ويقول: “كانا زوجين شابين في العشرينيات من عمريهما، وقد أبرما عقد زواجهما رسميا في المحكمة، لكنهما عادا في اليوم التالي مباشرة لطلب فسخ عقد الزواج، والسبب كان غريبا وهو شك الزوج بزوجته، لكونها ابتسمت لرجل غريب”، ويتساءل: “كيف لشخص مثل هذا أن يتخذ أصلا قرار الزواج؟”.

 

ويلفت إلى أن معظم حالات التفريق تتم عن طريق دعوى المخالعة بالاتفاق بين الطرفين، ويوضح السبب: ”هي أسهل من الناحية الاجرائية ولا تتطلب الخوض في تفاصيل الأسباب الحقيقة وبيان اسرار العائلة. ويكفي أن يصرّح الزوجان بعدم وجود الانسجام بينهما لتقبل المحكمة الدعوى، حتى وإن تنازلت الزوجة في بعض الحالات عن كامل حقوقها تجنبا لكشف تفاصيل مشاكل الحياة الزوجية”. ويضع مسؤول قلم محكمة الأحوال الشخصية، المخدرات كواحدة من اسباب الطلاق في محافظة دهوك، ويؤكد تسجيل ثلاث حالات طلاق بسبب جرائم مرتبطة بالمخدرات في سنة 2024.

 

وفقاً للأرقام المسجلة، ارتفعت حالات الطلاق في محافظة دهوك من 1,796 حالة في 2021 إلى 2,164 في 2023، ثم إلى 2,033 حالة في 2024، مسجلة زيادة تقدر بنحو 13.2% خلال ثلاث سنوات.

 

كيف يتم التفريق؟

يقول مختصون في قضايا التفريق، أنه وفقاً لأحكام قانون الأحوال الشخصية، هنالك ثلاث طرق لإنهاء العلاقة الزوجية في العراق، أحدها الخلع، أو ما يُعرف بالتفريق الاختياري، وهو إزالة رابطة الزوجية مقابل عوض مالي لا يزيد على المهر المسمّى “أي المتفق عليه في عقد الزواج”، ويقع بطلب من الزوجة إذا ثبت للقاضي عن طريق التحكيم، أنها لا تطيق العيش مع زوجها، دون الحاجة لموافقة الزوج.

 

ويشترط لصحة الخلع أن يكون الزوج أهلاً لإيقاع الطلاق، والزوجة محلاً له. ويُعد طلاقاً بائناً، وتنظمه المادة (46) من قانون الأحوال الشخصية المعمول بها في اقليم كردستان – العراق.

 

أما التفريق القضائي، فهو فسخ عقد الزواج بقرار من المحكمة بناءً على طلب أحد الزوجين، إذا ثبت وجود سبب شرعي أو قانوني كالعنف، أو العجز، أو الهجر، أو السجن، أو الإعالة، وتفصل فيه المحكمة استنادا إلى المواد (40–47) من القانون اعلاه.

 

في حين أن هنالك الطلاق خارج المحكمة، وهو الذي يُوقعه الزوج دون صدوره من المحكمة، ويكون صحيحا من الناحية الشرعية، لكنه لا يُعد نافذا قانونا إلا إذا تم تصديقه أمام المحكمة المختصة بموجب المادة (39)  وكذلك يُعد تعسفيا إذا وقع دون سبب مشروع أو لم يُستوفِ الشروط القانونية.

 

الأوضاع الاقتصادية وتعطل البرلمان

المحامية هلات حسن فارس، التي تتعامل باستمرار مع دعاوى الأسرة في محافظة دهوك، تذكر أن البيئة الاقتصادية والسياسية المضطربة في إقليم كردستان ساهمت بنحو كبير في تفجير النزاعات الأسرية ورفع نسب دعاوى التفريق. وتؤكد: ”العديد من الأزواج والزوجات يواجهون صعوبة في تكييف حياتهم الزوجية مع الواقع المعيشي الراهن الذي يشهد تقلبات مستمرة”.

 

وأدت الأزمة المالية في إقليم كردستان والمستمرة منذ سنوات، نتيجة تأخر صرف الرواتب لفترات تمتد بين أسابيع وأحيانا أشهر، إلى تدهور في أوضاع المواطنين عامة والموظفين بنحو خاص، وتقلبات شديدة في نمط حياتهم. إذ يعجز كثيرون عن تأمين متطلبات معيشتهم الأساسية من غذاء وصحة وتعليم، مما يدفعهم للجوء إلى الاقتراض ومعه تراكم الديون.

 

وبنحو عام انخفضت القدرة الشرائية للمواطنين بكردستان مع ارتفاع تكاليف المعيشة ووسط استمرار الخلافات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، على ملفات العائدات النفطية وعائدات المعابر الحدودية، والتي تعطل بين فترة وأخرى ارسال حصة اقليم كردستان من الموازنة الاتحادية والبالغة 12.7%.

 

تقول هلات، متحدثة عن انعكاسات تردي الأوضاع المعاشية على استقرار الأسر، ان قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل والمعمول به في الإقليم، “يضمن حقوقاً وواجبات متبادل بين الزوجين، إلا أن الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها العائلات، خصوصا بعد أزمة الرواتب وتردي الاوضاع المالية، تتطلب مرونة وتنازلات من الطرفين لضمان استمرار العلاقة وتماسك الأسرة”.

 

وتستدرك: ”لكن، البعض من الأزواج الجدد لا يتقبلون الأوضاع الجديدة، والتقلبات في حياتهم، وكثيرون منهم يتمسكون بنصوص القانون دون النظر إلى واقع الحال، ما يؤدي إلى صِدام قضائي لا رجعة فيه”.

 

وتؤكد أن “النفقة الزوجية والبيت الشرعي” من أبرز المحاور القانونية التي أفرزت دعاوى تفريق في السنوات الأخيرة، وتقول بان العديد من الزوجات “يلجأن إلى المحاكم للمطالبة بحقهن في سكن مستقل وآمن، بعيدا عن سكن أهل الزوج، وهو ما يكفله القانون ما لم تُبدِ الزوجة موافقتها الصريحة بخلاف ذلك”.

 

وتعتقد هلات، مستندة الى تجرتها المهنية، أن ثمة ثغرات قانونية تكتنف “النفقة وتنفيذ الأحكام” وغيرها من النصوص، وسبب عدم معالجتها يرجع الى “تعطيل عمل برلمان كردستان ما يترك القضاة أمام نصوص قد لا تواكب واقع الحياة الاجتماعية المتغير، فهناك حاجة لمعالجة تشريعية جديدة”.

 

وعلى الرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إلا أن البرلمان لم يباشر عمله لغاية الآن، بسبب الخلافات السياسية بين الأحزاب الكبيرة وتعثّر الاتفاق على تشكيل هيئة الرئاسة، كما لم تُشكّل الحكومة الجديدة نتيجة استمرار الخلافات بين القوى السياسية بشأن تقاسم المناصب والصلاحيات.

 

عنف أسري وجرائم الكترونية

المحامية هلات، تشير إلى وجود نوع آخر من الدعاوى الأسرية التي ترفع نسب الطلاق والتفريق، حسب اعتقادها، وهي “الناجمة عن تحول الخلافات الزوجية إلى مشاجرات تتضمن العنف الجسدي او اللفظي”.

 

وتوضح أن بعض الأزواج والزوجات “يلجؤون إلى محكمة العنف الأسري عند تعرض أحد الطرفين للإيذاء، سواء كان ذلك بالضرب أو باستخدام ألفاظ مهينة أو جارحة، مستندين في ذلك إلى أحكام قانون مناهضة العنف الأسري في إقليم كردستان – العراق رقم (8) لسنة 2011”.

 

وتضيف:” هذه الحالات تُسجَّل كدعاوى مستقلة لدى محاكم العنف الأسري، لكنها ترتبط في مضمونها ارتباطاً مباشرا باستقرار العلاقة الزوجية، وغالبا ما تكون مقدمة لدعوى تفريق أو طلاق، نظرا لخطورة السلوكيات التي تنطوي عليها، وما تتركه من آثار نفسية واجتماعية على الأسرة”.

 

وكانت منظمة دعم الحقوق القانونية للنساء، قد عرضت خلال مؤتمر صحفي عقد في حزيران/يونيو 2025 أرقام وصفها معنيون بـ”المقلقة” تتعلق بالعنف الأسري والجرائم الإلكترونية في إقليم كردستان خلال عام 2024.

 

ففيما يتعلق بالعنف الأسري، سجّلت أربيل (3,596) حالة، والسليمانية (3,522)، ودهوك (3,221) حالة، وهو رقم كبير قياسا الى عدد سكانها، بينما وصل عدد المكالمات الواردة من دهوك إلى الخط الساخن (119) الى 5,370 اتصالا، ما يجعلها المنطقة الأكثر تواصلاً مع خدمات الطوارئ الأسرية مقارنة بأربيل (3,230) والسليمانية (3,674) ، وفقا لما صرّحت به المحامية گونا مجيد، عضوة منظمة دعم الحقوق القانونية للنساء.

 

وقالت:”مجموع حالات الاعتقال الخاصة بقضايا العنف الاسري خلال العام ذاته 2024 بلغ 2,482 حالة، منها 2,171 تتعلق بجرائم جنائية و311 غير جنائية، وكان النصيب الأكبر منها في السليمانية (931 جنائية)، تليها دهوك (829)، ثم أربيل (675)”، مشيرة إلى أن “الاعتقالات توزعت أيضا على مناطق كرميان، رابرين، سوران، وزاخو بنسب متفاوتة”.

 

وتابعت المحامية گونا مجيد أن “الجرائم الإلكترونية أصبحت تمثل تحدياً جديداً في الإقليم، إذ تم تسجيل 226 جريمة إلكترونية، بينها 99 حالة تتعلق بإساءة استخدام وسائل التواصل، و70 حالة ابتزاز وتهديد، و57 حالة تمثل تهديداً مباشراً لحياة المواطنين أو إساءة شخصية لهم”، مبينة أن “دهوك وحدها سجلت 107 من هذه الحالات”.

 

واشارت ايضاً إلى أن “القضاء في إقليم كردستان تعامل خلال عام 2024 مع أكثر من 35,000 قضية، توزعت على محاكم أربيل، السليمانية، دهوك، كرميان، كركوك، ومناطق أخرى، وشملت قضايا متعلقة بالطلاق، النفقة، تزويج القاصرات، الابتزاز، والشؤون المالية”.

 

وتعد هذه الجرائم “انعكاسا لحجم التحديات التي تواجه بنية المجتمع، وتستلزم مراجعة حقيقية للتشريعات وآليات الحماية، خاصة فيما يتعلق بالنساء والأطفال”، وفق گونا، ونشطاء مدنيين ومحاميين.

 

منصات التواصل.. مشكلة جديدة

الباحثة الاجتماعية جنار حسن محمد علي، وهي موظفة في محكمة الأحوال الشخصية في دهوك، ترى أن الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي باتت تُشكل تهديدا حقيقيا لاستقرار الكثير من العلاقات الزوجية، مشيرة إلى أن نسبة غير قليلة من دعاوى التفريق المسجلة حديثاً “تعود إلى سلوكيات رقمية مقلقة” حسب تعبيرها.

 

وتتابع: ”منصات مثل سناب شات وواتساب أصبحت بيئة خصبة لنشوء العلاقات، بل وحتى حالات الخيانة الزوجية، نتيجة سوء استخدامها من قبل بعض الأزواج والزوجات، الذين يتعاملون معها بعيدا عن الثقة والشفافية، ما يؤدي إلى انهيار العلاقة بسرعة”.

 

وتستذكر حالة حديثة لزوجين شابين، لديهما طفل واحد، تقدّما بطلب تفريق مطلع العام 2025 بعد خلاف حاد نشأ نتيجة نشر الزوجة مقطع فيديو عبر تطبيق “سناب شات”، ما فجّر أزمة بينهما.

 

وتضيف أن هناك حالات أخرى تطورت فيها المحادثات داخل مجموعات “واتساب” إلى اتهامات مباشرة بالخيانة الزوجية.

 

وتقول: ”ما نشهده يوميا في المحكمة يُظهر كيف تحولت بعض وسائل التواصل والترفيه إلى أدوات لهدم الأسر وتدمير البيوت. هناك أزواج لا يمتلكون الوعي الكافي للتعامل مع هذه المنصات، ما يؤدي إلى شرخ في العلاقة الزوجية يصعب ترميمه”.

 

ودعت إلى ضرورة نشر الوعي في مجال استخدام الانترنيت ووسائل التواصل بين الأزواج، والاهتمام بالتهيئة الاقتصادية والاجتماعية قبل الزواج “بدل الوقوع في فخ المظاهر والتسرّع في اتخاذ قرارات مصيرية”.

 

انفصال في عيد الزواج

“هـ. ب”، في الثانية والثلاثين من عمرها، تسكن محافظة دهوك، تسترجع ذكريات زواجها، تقول “تزوجت من أحد أقربائي عندما كنت في الرابعة والعشرين. كان أكبر مني بسنتين. في البداية بدت الأمور عادية، لكن سرعان ما اكتشفت أننا نعيش في عالمين مختلفين، بلا أي انسجام”.

 

الأشهر الأولى من زواجهما امتلأت بالخلافات والمكابرة والصمت، ومع مرور الوقت تلاشت كل محاولة للتفاهم بينهما، وتحولت العلاقة إلى سلسلة من الإهانات والضرب، حسب روايتها، وتواصل: “كان يهينني أمام الآخرين، يضربني لأتفه سبب، ولم يكن يحترم أهلي إطلاقاً”.

 

وعلى الرغم من الألم، اختارت “هـ.ب” أن تداري خيبتها بعيدا عن أعين المجتمع، على أمل أن يتغير زوجها مع مرور الوقت. وتستدرك بمرارة: “الأمور ساءت أكثر، وباع كل ما أملكه من ذهب بحجة انشاء مشروع صغير، لكنه أنفقه على لعب القمار وسداد ديونه. كنت أعرف ذلك، وبقيت ساكتة”.

 

في أشهر زواجها الأخيرة، فكرت “هـ.ب” مرارا بالطلاق، وبدأت تستفسر عن فرص تحقيق ذلك، وعن تداعياتها على أهلها وعلى حياتها المستقبلية، بحسب قولها، الى أن وصلت الى لحظة القرار الحاسمة.

 

تستذكر ذلك، قائلة “في يوم ذكرى زواجنا سنة 2016، قررت أن أضع حدا لكل شيء. لم أرد جرّ عائلتي إلى المحاكم، فطلبت المخالعة، لأنها كانت الطريق الأسهل”.

 

وتصف الأمر: “المخالعة كانت أهون الشرّين. لم أطلب شيئا، فقط كنت أرجو الخلاص ولا سيما أن زواجنا لم يكن قد أثمر عن أطفال”.

 

تمكنت”هـ.ب” من الحصول على قرار المخالعة، وهي تعيش اليوم مع أسرتها، وتبحث عن فرصة عمل تعيد بها بناء ذاتها، تقول “لست نادمة على الانفصال، بل على السنوات التي قضيتها صامتة تحت وطأة الظلم”.

 

ترى محاميات يترافعن في قضايا التفريق، مثل ليلى عباس، أن تزايد حالات الطلاق مؤشر يثير القلق بشأن الوضع الأسري وما يقف خلفه من تفكك ومشاكل اجتماعية واقتصادية تتفاقم دون حلول، لكن هذا لا يعني النظر الى الطلاق بحد ذاته كحالة سلبية “فلا يمكن إدامة علاقة زوجية على حساب المعاناة اليومية لامرأة تقبل أن تُضطهد لمجرد مراعاة النظرة الاجتماعية”.

 

نموذج هش

منذ سنوات، يُروَّج لإقليم كردستان على أنه نموذج للاستقرار داخل العراق، لكنه نموذج هش من الداخل، إذ يتداعى بهدوء تحت وطأة أزمات معيشية وسياسية واجتماعية خانقة، في ظل حكومة يقودها حزب واحد هو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة عائلة بارزاني، والتي تبدو منشغلة بالمكاسب الحزبية على حساب استقرار المجتمع.

 

الأرقام الرسمية الصادرة عن المؤسسات القضائية في الإقليم تكشف عن تضاعف مقلق في حالات الطلاق والتفريق، خاصة في محافظة دهوك ذات الطابع الاجتماعي المحافظ. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات جامدة، بل مؤشرات على تفكك اجتماعي متسارع تدفع ثمنه الأسر والشباب والنساء. فارتفاع الطلاق لا يأتي من فراغ، بل من بيئة مختنقة اقتصادياً، حيث تتأخر الرواتب لأسابيع وشهور، وتنهار القدرة الشرائية، وتُترك الأسر لمصيرها دون دعم أو إصلاح.

 

الإدارة الفاشلة وانعكاساتها الأسرية

يعود جزء كبير من هذه الأزمة إلى الإدارة السيئة لاقتصاد الإقليم، التي جعلت المواطن رهينة خلافات مزمنة بين أربيل وبغداد، دون وجود بدائل تنموية محلية فعالة. حكومة الإقليم، بقيادة آل بارزاني، فشلت في بناء اقتصاد مستقر أو توفير فرص عمل، أو حتى تفعيل شبكة حماية اجتماعية تدعم العائلات المتعثرة، مكتفية بالشكوى من "المركز" في كل مناسبة، بينما تعيش طبقة الحكم في رفاه واضح.

 

هذه الأزمة الاقتصادية امتدت لتضرب بنية الأسرة الكردية، فالزواج الذي كان يُعد استقراراً لم يعد ممكناً دون بيت مستقل، ونفقة كافية، وأمن اقتصادي نسبي. حتى مفهوم "البيت الشرعي"، الذي كان يضمن كرامة المرأة، تحوّل إلى معركة قضائية يومية بسبب الفقر والعوز، ما يجعل الكثير من النساء أمام خيارين لا ثالث لهما: القبول بالمهانة أو اللجوء للمحكمة.

 

البرلمان المعطل والتشريعات العتيقة

الأزمة لا تقتصر على الاقتصاد، فالتعطيل المزمن لبرلمان كردستان، نتيجة الصراع بين الحزبين الرئيسيين على تقاسم السلطة، يعكس عمق الأزمة السياسية. غياب البرلمان يعني تجميد القوانين، وعدم إصلاح الثغرات القانونية التي لم تعد تواكب تطور المجتمع، لا سيما في قضايا الأسرة، والنفقة، والعنف الأسري، والابتزاز الإلكتروني.

 

القضاة يجدون أنفسهم في مواجهة مآسٍ اجتماعية مستجدة بأدوات قانونية قديمة، دون إمكانية التشريع أو التعديل، بينما تستمر الحكومة في نهج الترضيات الحزبية وشراء الولاءات، تاركة المجتمع يتفسخ ببطء.

 

المرأة.. الضحية الأولى

نساء الإقليم يدفعن الثمن الأكبر. فمع كل دعوى طلاق أو مخالعة، هناك قصة قهر طويلة، تبدأ من بيت العائلة وتنتهي في قاعة المحكمة. العنف الأسري أصبح شائعاً، وتوثقه تقارير رسمية صادمة، ومئات حالات الاعتقال سنوياً، وسجلات محاكم لا تنام، في ظل بيئة قانونية بطيئة، وخطاب اجتماعي يحمّل المرأة مسؤولية انهيار الزواج حتى وهي ضحية.

 

كذلك، يشكل الابتزاز الإلكتروني و"الرقابة الرقمية" الجديدة على الأزواج، سبباً حديثاً في ارتفاع دعاوى التفريق. لم تستطع حكومة الإقليم، ولا مؤسساتها التربوية، تقديم برامج توعوية جادة للتعامل مع هذا الواقع الرقمي، أو حتى سن تشريعات حامية للأسرة في زمن الإنترنت.

 

بين التقاليد والانهيار

ما يزيد الطين بلة، هو أن المجتمع الكردي المعروف بثقله العشائري، لم يستطع الصمود أمام هذا الانهيار، بل أصبح جزءاً منه. فالعشائر لم تعد قادرة على لعب دور الضابط الاجتماعي، كما في السابق، والوعي العام لا يزال يتعامل مع الزواج والطلاق من منطلقات تقليدية، دون إدراك لحجم التحولات الحديثة.

 

في هذا السياق، تغيب حكومة الإقليم تماماً، فلا دعم للمقبلين على الزواج، ولا حملات لتأهيل الأزواج الجدد، ولا حتى برامج لتوعية المراهقين بأدوارهم المستقبلية في الأسرة. يُترك المجتمع لمواجهة مصيره، بينما يتفرغ قادة الإقليم للصراع على من يرأس البرلمان أو من يسيطر على وزارة البيشمركة.

 

مجتمع بلا أمان

الأرقام لا تكذب. أكثر من 12 ألف حالة طلاق في عام واحد في إقليم لا يتجاوز عدد سكانه سبعة ملايين، هو إنذار خطير لا يمكن تجاهله. ما يحدث ليس مجرد أزمة أسرية، بل انهيار مجتمعي تتسارع خطواته، في ظل غياب سياسي، وتعطيل تشريعي، وإهمال حكومي متعمد.

 

إن استمرار حكم عائلة بارزاني بنفس العقلية الانعزالية والاحتكارية، سيقود كردستان ليس فقط إلى فشل اقتصادي، بل إلى فراغ اجتماعي شامل لا يمكن ترميمه، حيث تنهار البيوت من الداخل، وتضيع الأجيال بين فقر، وعنف، وطلاق، وابتزاز.

 

أخبار مشابهة

جميع
"الشركة الوطنية للهاتف النقال".. هل اقتربت نهاية هيمنة شركتي "زين وآسيا سيل" في العراق؟

"الشركة الوطنية للهاتف النقال".. هل اقتربت نهاية هيمنة شركتي "زين وآسيا سيل" في العراق؟

  • 14 أيلول
ظاهرة رشوة منتسبي المرور: حالتان تكشفان حجم الفساد واستمرار الابتزاز في شوارع العراق

ظاهرة رشوة منتسبي المرور: حالتان تكشفان حجم الفساد واستمرار الابتزاز في شوارع العراق

  • 14 أيلول
غياب الرقابة فاقم الاحتيال: شركات الوهم السياحي في العراق.. مكاتب براقة تبيع الأحلام وتترك العوائل مفلسة

غياب الرقابة فاقم الاحتيال: شركات الوهم السياحي في العراق.. مكاتب براقة تبيع الأحلام...

  • 14 أيلول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة