أب يقتل ابنته في الديوانية عقب بيع كليتها بأربيل.. أشقاؤه ساعدوه على دفنها والشرطة تطيح بالجميع.. إليك تفاصيل "المصيبة"
انفوبلس/ تقارير
قُل عنها ما شئت، مصيبة، جريمة، فاجعة أو حتى كارثة، فما حدث في الديوانية لا يمكن لعقل أن يستوعبه ولضمير أن يتقبّله ولإنسان أن يفعله، فإقدام أب على بيع ابنته لقاء 3 ملايين ومن ثم إرجاعها له ليقتلها ويدفنها بمساعدة أشقائه لا يمكن أن يحدث حتى في الأفلام. صدمة في المجتمع وحالة من الذهول تسود المشهد. فمن أربيل إلى منطقة "دور سيد محمد" تعاون السماسرة والمتاجرون بالبشر على إنهاء حياة "طفلة" كان أبوها وعمها وعمتها أبطال الجريمة. انفوبلس سلطت الضوء على هذه "المصيبة" وفصّلتها بكل ما تحمله من ألم عَلّها تقود إلى إعدام منفذيها بعد الإطاحة بهم جميعاً.
*جريمة بشعة
في جريمة بشعة هزت محافظة الديوانية، أقدم أب على قتل طفلته الصغيرة بعدما قام ببيع إحدى أعضائها لتجار بمقابل مالي.
وكشف مصدر أمني، أن جهاز الأمن الوطني قد ألقى القبض على 5 متهمين بالقتل والمتاجرة بأعضاء الطفلة.
*بيع الطفلة لسمسارة بـ 3 ملايين ثم بيع كليتها بـ 50 مليونا
ووفقا للمصدر، باع والد الطفلة ابنته لسمسارة مقابل مبلغ يصل إلى 3 ملايين دينار، ثم تم نقل الطفلة إلى مدينة أربيل شمال البلاد حيث تم بيع إحدى كليتيها مقابل 50 مليون دينار.
وبعد مدة من بيع كليتها، أعادت السمسارة بمعية عصابة الاتجار بالبشر، الطفلة إلى ذويها نتيجة تدهور حالتها الصحية، ليقدم والدها على إثر ذلك على قتلها ودفن جثمانها بمساعدة عمها وعمتها – شقيقه وشقيقته -.
*أبوها وعمها وعمتها وسمسارة
وأوضح المصدر أن الأمن الوطني ألقى القبض على والد الطفلة وعمها وعمتها والسمسارة، بالإضافة إلى ابن شقيقتها المتورط في قضايا الاتجار بالبشر وذلك استنادا إلى اعترافات السمسارة.
وأكد المصدر، أن والد الطفلة كان يعاني من إدمان المواد المخدرة.
*صدمة!
لقد تسببت الجريمة بصدمة لا زال صداها يَئِنُّ في رؤوس الجميع، فلم تكن ردود الأفعال تقليدية كتلك المتعارف عليها مع كل جريمة. كانت هذه المرة مختلفة جدا نظرا لهول الكارثة وما يُبرهن ذلك بدء حراك كبير على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع المخدرات وإنزال أشد العقوبات بحق مروّجيها.
في حين انطلقت حملة أخرى لتدريس "الأخلاق" في المدارس نظراً لأن ما يحدث سيؤثر على أجيال بأكملها، كما يقول مغردون.
أما قسم آخر من المدونين والناشطين فذهبوا إلى مطلب واحد فقط، وهو إعدام الخمسة المتورطين بالجريمة أمام مرأى الناس وجعلهم عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب هكذا وحشية.
في حين ذهب عدد من المغردين إلى مطلب آخر، وهو شن عملية كبرى على عصابات الاتجار بالبشر وتشكيل شرطة خاصة بهذا الشأن مهمتها ملاحقة واعتقال جميع السماسرة في المدن والأقضية والنواحي لاسيما في الأحياء الفقيرة منها.
*المتاجرة بالأعضاء في القانون العراقي
ويسمح القانون العراقي للشخص بالتبرع بأحد أعضائه بدون التعرض لأي تبعات قانونية، لكن بيع الأعضاء البشرية يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.
قانون منع الاتجار بالبشر أو الأعضاء البشرية رقم 28 لسنة 2012 يعاقب كل من يقوم ببيع الأعضاء البشرية بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة، وغرامة تصل الى 10 ملايين دينار.
وكانت أكبر عملية بخصوص الاتجار بالأعضاء في العراق، في عام 2022، حين نشر القضاء الأعلى العراقي في 26 يوليو، تقريرا حول تنفيذ عصابة قادتها امرأة نحو 250 عملية اتجار بالأعضاء البشرية من خلال شبكات التواصل.
*ارتفاع "صادم" بمعدل جرائم الاتجار بالبشر
وفي مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، أكدت منظمة "المصير" العراقية، توثيقها "ارتفاعا صادما" في أعداد جرائم الاتجار بالبشر التي تقع ضحيتها النساء والأطفال، معتبرة أن الأسباب المباشرة ترجع إلى زيادة نسب الفقر والبطالة، وتصاعد قوة عصابات الجريمة المنظمة، وزيادة عمليات بيع الأعضاء عالمياً، فضلاً عن تفشي الاستغلال الجنسي والتسول والإكراه على العمل.
وخلُصت المنظمة في تقرير، إلى أن القضاء العراقي ما زال يتجنب في بعض أحكامه اللجوء إلى قانون مكافحة الاتجار بالبشر الصادر في 2012، ويُصدر أحكامه وفقاً لقانون العقوبات الصادر في 1969، خصوصاً ما يتعلق بقضايا الاستغلال الجنسي، كما أنّ المؤسسات الحكومية تفتقر إلى وجود تعريف موحد لمفهوم الاتجار بالبشر، وهناك حاجة ملحّة لمنح إجازات لفتح منظمات المجتمع المدني مراكز لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر.
*الفقر غير مبرر للجريمة
ويؤكد الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، أن "تلك الجرائم لا يمكن تبريرها بالوضع الاقتصادي، صحيح أن بعض طبقات المجتمع تعاني من الفقر، إلا أن مرتكبي تلك الأفعال مجرمون تجب محاسبتهم وفق القانون وتشديد العقوبة عليهم، بالإضافة إلى معالجتهم نفسيا"، مبينا أن "هذه الجرائم تحصل في أغلب البلدان، سواء كانت متقدمة من ناحية المال والتنمية، أو النامية، فضلا عن بلدان العالم الثالث".
من جهته يقول عضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان، علي البياتي، إن "العراق حسب التصنيف الدولي لايزال دون المستوى المطلوب لحماية مواطنيه من الاتجار بالبشر، والتعامل مع الجرائم من ناحية الإجراءات الجزائية والتعامل مع الضحايا".