أزمة إنترنت في قضاء أبو غريب وتدخل نيابي لحل المشكلة.. شركة واحدة تحاول احتكار الخدمة
انفوبلس/ تقرير
تفاجأ مواطنو مناطق أبو غريب غربي العاصمة بغداد، صباح الجمعة 22 كانون الأول/ ديسمبر 2023، بتوقف تام لخدمة الإنترنت في مناطقهم، متهمين وزارة الاتصالات بإجبارهم على مجهزة واحد لهذه الخدمة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تداعيات هذا الأمر والقرارات الحكومية والقضائية الصادرة سابقاً.
وزارة الاتصالات تقطع الإنترنت عن مناطق غربي بغداد دون سابق إنذار
يقول أهالي منطقة أبو غريب، إن وزارة الاتصالات باشرت صباح الجمعة بقطع الخدمة عن الأبراج المجهزة لخدمة الإنترنت، ضمن إجراء الوزارة لحصر الخدمة بمجهز واحد في جانب الكرخ". وبينوا، إنه "لم يتم إعلام المواطنين مسبقاً بهذا القطع".
*الاتصالات تنفي
في المقابل، يقول المتحدث باسم وزارة الاتصالات عمر عبد الرزاق في بيان ورد لـ"انفوبلس"، إنه "تم الشروع بتنفيذ إجراءات النقل السلس لخدمة الإنترنت فجر الجمعة في منطقة أبو غريب والتي تتضمن تحويل المشتركين تدريجيا من المشاريع القديمة الى مشاريع جديدة أفضل منها بغية تقديم خدمات إنترنت أسرع وأفضل للمواطنين وسيجري استكمال إجراءات النقل السلس للخدمة تباعاً في باقي المناطق".
هيئة الإعلام تقول إن البنى التحتية للاتصالات في منطقة أبو غريب تعرضت للتخريب
لكن وفي السياق ذاته، خرجت هيئة الإعلام والاتصالات لتؤكد تعرض البنى التحتية للاتصالات في منطقة أبو غريب إلى عمليات تخريب، وذلك في تفنيد لتصريحات وزارة الاتصالات التي جاءت عكس ذلك.
وتذكر الهيئة في بيان ورد لـ"انفوبلس"، إن "البنى التحتية للاتصالات في منطقة أبو غريب إلى عمليات تخريب". مبينة، أنها "تلقت وعبر الرقم (177) المخصص لخدمة صوت المستهلك يوم الجمعة 22/12/2023 ومنذ الصباح الباكر، تلقت عدداً كبيراً من شكاوى المواطنين والشركات المرخصة أصولياً حول انقطاع خدمة الإنترنت في منطقة أبو غريب في بغداد".
وتضيف الهيئة، أنه "انطلاقاً من الدور التنظيمي لها بموجب الأمر 65 النافذ ولغرض الحفاظ على حقوق المستهلكين ومنع الاحتكار في سوق الاتصالات، قامت بإرسال عدد من الفرق الفنية والتي أجرت كشفا ميدانياً في المنطقة أعلاه".
الفرق الفنية للهيئة أكدت قيام شركات غير مرخصة بقطع كابلات تزويد خدمة الانترنت عن عشرات الأبراج المرخصة في المنطقة، بدعوى تعاقد هذه الشركات مع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية واحتكار تقديم الخدمة لهم في تلك المناطق، كما قامت تلك الشركات باستخدام ترددات وأجهزة مايكروية غير مرخصة تؤثر سلباً على تخصيصات الشركات المرخصة التي تعمل بصورة أصولية، كما سجلت الفرق الفنية للهيئة عدداً من المخالفات القانونية بحق الشركات غير المرخصة والمخرّبة والتي سيجري التعامل معها وفقاً للسياقات القانونية المعتمدة، وفقاً للبيان.
وبحسب البيان، دعت الهيئة الأجهزة الأمنية إلى "إسنادها في الحد من عمليات التخريب التي تستهدف البنى التحتية للاتصالات والتي يتضرر منها المواطن بالدرجة الأساس، كما طمأنت، أصحاب الأبراج المرخصة أصولياً من قبل الهيئة وفقاً لقانون رقم 13 لسنة 2023، بأنها ستتابع هذا الملف واستعادة حقوقهم المشروعة وفقاً للقانون".
وتلفت الهيئة الى أنه "على جميع شركات مزودي خدمات الإنترنت غير المرخصة الالتزام بالقوانين واللوائح الصادرة من قبل الهيئة وتحذرهم من مغبة الاستمرار في خرق القوانين والتعليمات النافذة والإضرار المتعمد بقطاع الاتصالات في العراق، واستكمال إجراءات الترخيص الخاصة بهم وبخلافه تتحمل الشركات المخالفة جميع الإجراءات القانونية".
الاتصالات "تتحدى" قرار المحكمة الاتحادية العليا وتوجيه مكتب رئيس مجلس وزراء
وبحسب مسؤولين، فإن قرار الوزارة جاء تحدياً وعدم التزام بقرار المحكمة الاتحادية العليا، القاضي بمنح حق ترخيص خدمة الإنترنت عبر تقنية الوايرلس لهيئة الاعلام والاتصالات، فضلا عن كونه تحدياً من وزارة الاتصالات لتوجيهات مكتب رئيس الوزراء القاضية بالتنسيق بين الهيئة والوزارة لما قد يسببه الاختلاف من ضرر في قطاع الاتصالات، بحسب الكتاب الذي حصلت "انفوبلس" على نسخة منه.
وقد سبق للمحكمة الاتحادية العليا بالشهر الماضي، أن رفضت أمراً ولائياً لوزارة الاتصالات تحصل بموجبه على حق ترخيص الشركات لتقديم خدمة الانترنت عبر تقنية الوايرلس، الذي تعود سلطة منح تراخيصه لهيئة الإعلام والاتصالات بحسب قانون الموازنة العامة لعام 2023.
يذكر، أن قانون الموازنة العامة قد منح هيئة الإعلام والاتصالات الحق في منح الرخص، لكن وزارة الاتصالات تجاهلت القانون وبادرت بمنح الرخص بصورة منفردة من دون الرجوع الى الهيئة.
ويُثار في العراق مؤخراً، صراع بين وزارة الاتصالات المتمثلة بـ"هيام الياسري" وهيئة الإعلام والاتصالات، حول لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP)، وسط تأشير "ضعف حكومي" في إدارة ملف الاتصالات وغياب التنسيق بين المؤسسات المعنية.
* لجنة النقل والاتصالات البرلمانية تتدخل
أعربت لجنة النقل والاتصالات البرلمانية، اليوم السبت، عن استنكارها لقيام الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية بقطع خدمة الانترنت بشكل مفاجئ عن قضاء ابو غريب فجر الجمعة عن جميع شركات الانترنت العاملة في القضاء لمحاولة حصر تجهيز الخدمة بشركة واحدة بشكل احتكاري ومخالف للقوانين النافذة.
وتقول اللجنة في بيان ورد لـ"انفوبلس"، "نعرب عن استنكارنا لقيام الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية بقطع خدمة الانترنت بشكل مفاجئ عن قضاء أبو غريب فجر اليوم الجمعة عن جميع شركات الانترنت العاملة في القضاء لمحاولة حصر تجهيز الخدمة بشركة واحدة بشكل احتكاري ومخالف للقوانين النافذة". مشيرة الى أنها "سبق وأن أشّرت المخالفات القانونية الجسيمة وشبهات الفساد وهدر المال العام التي ارتكبتها الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية وتمت إحالتها الى قاضي النزاهة".
وتتابع، "سبق وأن خاطبت لجنتنا رئيس الوزراء مؤشرةً الخلل الواضح وتكرار الأخطاء في أداء وزارة الاتصالات وما أنتجه من تدهور لجودة خدمة الإنترنت والذي تصاعد الى الانقطاع التام لهذه الخدمة الحيوية في واحد من أهم أقضية العاصمة بغداد بطريقة غير نظامية وغير لائقة بإجراءات الحكومة وبدون تنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات"، داعيةً "رئيس الوزراء للتدخل العاجل لإيقاف هذا التدهور وتوجيه الشركة العاملة للالتزام بالقانون والتعليمات النافذة والتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات بما يضمن انسيابية إدارة هذا القطاع المهم والحيوي".
كما يأتي هذا بعد الجدل حول السياسة الجديدة التي ستتبعها وزارة الاتصالات في التقسيم الجغرافي للبلاد لتقديم خدمة (الواي فاي) وحصرها بشركات محددة وتأثيرها على اقتصاد العراق الإلكتروني، في وقت أكد فيه خبراء ومختصون، أنها تعزز الاحتكار ومخالفة للقانون.
وأقرّت هيئة الرأي في وزارة الاتصالات بجلستها الـ 131 التي عُقدت مؤخراً سياسة جديدة لتقديم خدمة الإنترنت عبر (الواي فاي) تتمثل بتقسيم المساحة الجغرافية للبلاد إلى مناطق محددة ويتم تقديم الخدمة في كل منها من قبل شركة أو اتحاد من الشركات الفائزة بالمواصفات التي سيتم الإعلان عنها قريباً.
ويشكو كثير من العراقيين سوء خدمة الإنترنت وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات والحد من ارتفاع أسعارها.
وتبدأ أسعار الاشتراكات الشهرية للإنترنت التي تقدمها الشركات الأهلية في العراق من 35 ألف دينار عراقي، وتصل أحيانًا إلى 180 ألف دينار، مقابل خدمة رديئة تمثل مثارًا دائمًا للسخط وانتقادات المواطنين.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم للإنترنت في عموم العراق، وإمكانية حصول كل مشترك على كامل الحزمة التي يختارها من دون نقص أو ضعف، بواقع 15 ألف دينار (11.5 دولاراً وفق السعر الرسمي) لكلّ 100 غيغا بايت، و30 ألف دينار لكلّ 200 غيغا بايت، و45 ألف دينار لكلّ 300 غيغا. وأشارت إلى منح 10 غيغا بايت مجانية للعائلات الفقيرة للاستفادة منها، وفي حال نفادها، يمكنهم الاشتراك بمبلغ 15 ألف دينار للحصول على 100 غيغا.
وعلى الرغم من وعود وزارة الاتصالات بتحسين الخدمة، فإنّها لا زالت سيئة ولم تصل إلى مراحل الجودة المعتمدة، وفق مشتركين وخبراء اتصالات، لافتين إلى أن خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها الوزارة لم تغير من واقع الخدمة المتاحة، لأنّ مصدر الإنترنت لا زال هو ذاته.
وجاء العراق في المرتبة 113 عالمياً في جودة خدمات الإنترنت، وفق مركز الإعلام الرقمي العراقي (منظمة غير حكومية).
ويخسر العراق –وفقاً لتقديرات- أربعين مليون دولار يوميا نتيجة ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها، بسبب توقف الأعمال لبعض الشركات منها المصارف ووسائل الإعلام وغيرها، حيث تنقطع خدمة الإنترنت بشكل مستمر.
كما أنه بين الحين والآخر تظهر دعوات لتحسين قطاع خدمات الاتصالات عامة في العراق، بما يتناسب مع التطور الحاصل حول العالم، وبما يلبّي طموح ملايين المستخدمين العراقيين، فيما يبين مختصون أن تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيا سينعكس إيجابيا على الاقتصاد العراقي.