أزمة الغاز الطبيعي.. بين إيقاف حرق المصاحب والاعتماد على حقول إنتاج جديدة
انفوبلس/..
يسعى العراق إلى استثمار الغاز الحر في الصحراء الغربية، ضمن خطة تهدف إلى تصدير الغاز وإيقاف استخدام الوقود السائل في إنتاج الطاقة الكهربائية بحلول عام 2025، حيث يمتلك العراق مخزونا قدره 132 تريليون قدم مكعب من الغاز، جرى إحراق 700 مليار قدم مكعب منها، نتيجة ضعف القدرة على استغلاله.
وذكر وزير النفط العراقي في كلمة له خلال القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة، أن "العراق ماض في تعزيز قدراته لاستثمار الغاز الطبيعي الحر والمصاحب (للنفط) في حقوله، وبما يزيد من قدراته على تصدير الغاز البترولي المسال، ويعجل برامج إحلال الغاز كوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية بدلا من الوقود السائل.
ووفق تقديرات سابقة، لا يزال العراق يستورد الغاز من إيران، عبر أنبوبين بواقع نحو 20 مليون قدم مكعب يوميا، لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية في البلاد، فيما تبلغ حاجة البلاد نحو 70 مليون قدم مكعب يوميا، ولكون شراء الغاز والكهرباء من دول الجوار يؤثر على الاقتصاد العراقي فأن استثمار الغاز المصاحب والطبيعي سيجعل البلد يستغني عن الشراء وبتكلفة أرخص مع ضمان تحسين انتاج الطاقة الكهربائية بشكل أفضل.
وأعلنت وزارة النفط في وقت سابق، عن قرب التوقيع على عقود جديدة لزيادة إنتاج الغاز، مؤكدة انها وضعت خطة استثمارية بقيمة ثلاثة مليارات دولار لرفع الطاقة الإنتاجية لشركة غاز البصرة الى 1400 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم ليصل الإنتاج المحلي قرابة 900 الى ألف مليون متر مكعب قياسي من شركة غاز البصرة، وتمت إحالة عقد تطوير حقل المنصورية الغازي، وهو من الحقول التي تعرف بالغاز الحر في محافظة ديالى.
حقل المنصورية
تم عرض الحقل ضمن جولة التراخيص الثالثة 2010، وفاز عام 2010 ائتلاف شركات (تباو التركية، كويت إنرجي، كوكاز الكورية) وتعذر على الشركات المباشرة بعمليات التطوير، بسبب الأوضاع الأمنية التي شهدتها المحافظة عام 2014، ثم طرِحَ الحقل للتنافس في 2019 بالجهد الوطني، وبمشاركة إحدى الشركات العالمية المؤهلة (51% شركة نفط الوسط و49% الشركة الأجنبية) واعتماد العقد المعياري لجولة الحقول الحدودية (الجولة الخامسة) وفق مبدأ المشاركة بالربح، وشرعت وزارة النفط بتنظيم جولة للتنافس لتطوير الحقل باختيار عدد من الشركات العالمية المؤهلة ودعوتها للمشاركة بتطوير الحقل وعددها 16 شركة، أبدت 9 منها رغبتها في المشاركة بتطوير الحقل؛ أبرزها (بتروفاك، سينوك، غازبروم، توتال، سينوبك، بي بي إل آسيا، جيرا إنرجي غروب).
بحسب وثيقة المناقصة النهائية تم تحديد يوم 20 نيسان 2021 موعدًا لفعالية التنافس؛ حيث يلزم العقد الشركة المقاولة بتحقيق الإنتاج التجاري الأول بمعدل لا يقل عن 100 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الجاف يوميًا في غضون 4 سنوات من تاريخ نفاذ العقد، وتحقيق هدف إنتاج الذروة البالغ 300 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الجاف، في غضون 7 سنوات من تاريخ نفاذ العقد.
وجرى توقيع العقد بالأحرف الأولى بين دائرة العقود والتراخيص النفطية التابعة لشركة النفط الوطنية العراقية، وبين وشركة (سينوبك) الصينية، ويُعَد هذا عقدًا أوليًا، يتطلب الحصول على موافقة لجنة الطاقة الوزارية، ومجلس الوزراء الجديد، بعدها يتم التوقيع النهائي من قبل شركة نفط الوسط وشركة "سينوبيك الصينية" من أجل تفعيل العقد، والشروع في عمليات التطوير.
وأعلنت وزارة النفط ممثلة بشركة نفط البصرة، توقيع عقد بحصة 51 بالمئة/ وشركة ساينوبك الصينية بحصة 49 بالمئة/ لتطوير حقل المنصورية الغازي في محافظة ديالى الاستثمار الأولي سيكون بطاقة 300 مليون قدم مكعب يوميا
حقل عكاز
جرى عرض وإحالة عقد حقل عكاز الغازي، ضمن جولة التراخيص الثالثة، الخاصة بالحقول الغازية 2010 إلى شركة (كوكاز) الكورية، حيث باشرت الشركة أعمال تطوير الحقل والتعاقد على المواد ومعدات تكرير الغاز، ولم تستطِع الشركة إكمال أعمالها بسبب الأعمال الإرهابية لعصابات داعش، وأدت مجموعة المفاوضات إلى انسحاب الشركة.
ونظرا لأهمية محطة عكاز الحرارية للغاز، ومحطة الأنبار الحرارية في توليد الكهرباء، وتلبية جزء من الحاجة المحلية، تواصلت وزارة النفط مع عدة شركات إقليمية وعالمية، للتوصل إلى اتفاق يحقق الأهداف المخطط لها بتطوير الحقل وإنتاج الغاز، ولم بتم التوصل إلى اتفاق أو عقد مع أي من هذه الشركات.
احتراق الغاز المصاحب لإنتاج النفط
يعالج العراق حالياً 1,5 مليار قدم مكعب قياسي في اليوم من الغاز المصاحب، أي نصف الكميات التي تنبعث يومياً من هذه المادة، فيما كشفت وزارات النفط المتعاقبة عن أهداف زمنية لوقف حرق الغاز، وانضم العراق في العام 2017 إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي تقضي بوقف حرق الغاز بحلول العام 2030. فيها تعهد وزير النفط إحسان اسماعيل في عام 2021 بأن حرق الغاز بالحقول الجنوبية سينخفض بنسبة 90% نهاية عام 2024، لكن خلال العامين الماضيين زاد العراق بنسبة 5% فقط الكميات المعالجة من الغاز المصاحب، وفق وزارة النفط.
وتعدّ محافظة البصرة نقطة ثقل إنتاج النفط في العراق، وتطلق أكبر 5 حقول للنفط فيها نسبة 65% من الغاز المحروق حاليا، وفق البنك الدولي، وتعالج شركة غاز البصرة معظم الغاز المصاحب حاليا بمعدّل مليار مقمق، من 3 حقول نفط في البصرة. وغاز البصرة شركة خاصة تتوزع أسهمها على 3 أطراف: شركة "شيل" البريطانية بنسبة 44%، و"غاز الجنوب" الحكومية (51%)، و"ميتسوبيتشي" اليابانية بنسبة 5%..
منشآت الغاز في الجنوب العراقي
وتقدمت شركة توتال الفرنسية مع شركة لوك أويل عام 2018، بدراسات لجمع وتكرير الغاز المحترق في المنطقة الجنوبية ولم يتم المضي بالمشروع بسبب الظروف السياسية للبلاد.
قدمت توتال عام 2020 مقترحاتها لبناء منشآت الغاز في الجنوب العراقي المحترق منذ عشرات السنين، وفي عام 2021 اصدر مجلس الوزراء قرار ينص على قيام شركتي نفط البصرة وشركة غاز الجنوب بالتعاقد مع شركة توتال، لغرض تنفيذ مشروع الغاز المتكامل (المقصود 4 مشروعات) ونتائج المفاوضات النهائية وكل التفاصيل عُرِضَت على مجلس الوزراء والحصول على موافقته للتوقيع الأولي، بعدها صدر قرار مجلس الوزراء المرقم (307) لعام 2021 بالموافقة على تولي شركة غاز الجنوب ونفط البصرة مع شركة توتال الفرنسية للمشروعات، والمضي بالمشروع للنتائج التنموية التي يمثلها المشروع.
وتضمنت الاتفاقية مع شركة توتال الفرنسية 4 عقود مهمة تُسهِم في تحقيق التنمية المستدامة، عبر عقود استثمار الغاز بطاقة 600 مليون قدم مكعبة قياسية، ونقل ومعالجة مياه البحر بطاقة 5 ملايين برميل يوميًا؛ لإدامة وزيادة الإنتاج من الحقول النفطية، وعقد توليد 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، وأعلنت الوزارة في وقت حصول اتفاق على توقيتات تنفيذ عدد من المشاريع المشتركة، والتي تتضمن مشروع استثمار الغاز المصاحب في عدد من الحقول النفطية في جنوب العراق.