أزمة مجلس ديالى من الألف إلى الياء.. تعطل أكثر من شهرين والصراع الـ"سني" يفاقم الأوضاع

الحلبوسي والخنجر يتحملان المسؤولية
أزمة مجلس ديالى من الألف إلى الياء.. تعطل أكثر من شهرين والصراع الـ"سني" يفاقم الأوضاع
انفوبلس/..
شهران بالتمام والكمال انقضت ولا تزال أبواب مجلس محافظة ديالى موصدة، فلا جلسات تُعقد ولا خلافات تُحل، فالتفاهمات بين الأطراف السياسية هناك غائبة، وكل جهة تُدير تتمسك برؤاها بعيداً عن المصلحة، ليكون الضحية بذلك المواطن الذي لم يرَ أي إنجاز يذكر من هذا المجلس سوى الصراعات والمآزق.
*بداية الخلاف
شرارة التعطيل اندلعت بعد تصويت الكتل السياسية على إقالة رئيس مجلس ديالى عمر الكروي التابع لتحالف السيادة في 29 تشرين الأول 2024 من منصبه، واختيار نزار اللهيبي مرشح رجل الأعمال سلمان اللهيبي والمنضوي تحت مظلّة حزب تقدم، ومن ثم إصدار القضاء لأمر ولائي بإيقاف قرار إقالة الكروي وإعادته لمنصبه نتيجة عقد جلسة الإقالة بلا استجواب.
*صراع المصالح بين القوى السنية
الخلافات هذه بين القوى السنية لم تكن بدايتها من ديالى، فعودة إلى الماضي القريب، نجد أن مجلس النواب العراقي مَر بفترة سكون في الجلسات، وضجيج بالصراعات عندما أُقيل رئيسه محمد الحلبوسي (رئيس حزب تقدم) من الرئاسة بتهم تتعلق بالتزوير، لتبدأ هذه القوى رحلة صراع استمرت لأكثر من سنة بحثاً عن رئيس جديد.
الصراع حينئذ كان بين ذات الجهتين اللتين تتصارعان اليوم داخل مجلس ديالى، أي تقدم الذي يرأسه الحلبوسي والسيادة الذي برئاسة خميس الخنجر، لتمضي أكثر من ستين يوما على آخر جلسة عقدها المجلس المحلي هناك.
وفي خضم اشتداد الأزمة، يبقى أعضاء مجلس محافظة ديالى، منقسمين إلى جزأين بين من يؤيد عودة الجلسات بشرط إقالة الكروي، أما الشق الثاني من الأعضاء فيذهب نحو البدء بأعمال المجلس دون العودة إلى الرئيس السابق والإبقاء على الكروي. وما بين هذين الرأيين يبقى مجلس ديالى عاجزا عن عقد جلساته.
*محاولات فاشلة
في الرابع من آذار الجاري، ولدت محاولات ميتة لعقد جلسة رسمية يترأسها الرئيس المختلف عليه عمر الكروي، لكن التأجيل كان هو الخيار الأمثل عقب عجز المجلس عن تحقيق نصاب عقد الجلسات، فتم تأجيلها إلى الأسبوع الجاري دون موعد محدد، وعلى الرغم من وصولنا إلى نهاية الأسبوع فلا توجد أي بوادر لعقد جلسة جديدة.
وحتى لو تم تحديد موعد جديد للجلسة المقبلة، فيتوقع مراقبون، أن يكون مصيرها الفشل طالما لا تزال الخلافات تتسيّد الموقف، ولا تفاهمات تُجرى بين الأطراف المتخاصمة
*الهيمنة على السلطة وعلاقتها بالانتخابات
وفي وقت سابق، قال رئيس مجلس ديالى، عمر الكروي، في مؤتمر صحفي، إن "هناك جهة سياسية تحاول الاستحواذ على منصب رئيس المجلس وتتخذه معبراً للوصول إلى منصب المحافظ والسيطرة عليه".
وأضاف الكروي، إن "إقالة رئيس المجلس أو أي عضو أو حتى المحافظ يجب أن تكون وفق القانون، وإن كانت هناك إقالة ثانية فأهلاً". مؤكداً، إن "بعض الجهات تحاول الهيمنة على السلطة في ديالى واستغلالها مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية لتحقيق مصالحها الخاصة"، في إشارة إلى حزب تقدم.
*3 مخاطر.. رسالة عاجلة
استمرار هذا العجز بعقد الجلسات، دفع تيار الحكمة الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم، إلى تحديد 3 مخاطر قد تُهدد استقرار محافظة ديالى، فيما وجه رسالة عاجلة إلى بغداد.
وفي هذا الصدد، قال أمين عام تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، "مجلس ديالى معطل منذ 13 أسبوعًا على التوالي، وهذا الأمر يثير قلق الأوساط السياسية والشعبية، خصوصًا مع تصاعد الخلافات يومًا بعد آخر، ما سيؤدي إلى ارتدادات على الشارع"، مؤكدًا أن "تعطيل جلسات المجلس أدى إلى تأخير البتّ في قوانين وملفات ضرورية ينتظر حسمها لوضع حلول عملية للكثير من المشاكل".
وأضاف، إن "الخلافات السياسية ستنعكس حتمًا على الاستقرار السياسي، وسيكون لها آثار سلبية على الشارع والأمن، كما ستسبب استياء شعبيًا"، مشيرًا إلى "ضرورة تدخل القيادات السياسية في بغداد، والتي كانت مشرفة على ملف تشكيل الحكومة المحلية قبل 8 أشهر، من خلال خارطة طريق لوضع حل لهذه الخلافات الحادة ودفع جميع الأطراف السياسية للالتزام بالاتفاقيات السياسية وعدم نسفها، لأن ذلك سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار والانقسام، مما ينعكس سلبًا على نشاط الحكومة المحلية".
وأفاد التميمي بأن "هناك قوى تسعى للحصول على مناصب إضافية، مما يؤدي إلى إثارة المزيد من الأزمات في مسعى لتحقيق حصص إضافية، دون اكتراث لما قد يترتب على ذلك من خطر، خصوصًا أن ديالى تُبنى على توازنات سياسية ومكوناتية بعيدًا عن محاولات فرض الإرادات".
وفي ظل بقاء مجلس ديالى معطلاً دون عقد جلسات، تأثرت قطاعات مختلفة في المحافظة نتيجة غياب دور أعلى سلطة تشريعية رقابية فيها، إذ أدى تعطيل المجلس إلى عدم إقرار أي قانون أو إصدار أي قرار، فضلاً عن ضعف الرقابة على عمل الدوائر الحكومية أو حتى تطبيق قراراته السابقة من بينها قرار خفض أجور ساحات وقوف العجلات من 3000 دينار الى 1000 دينار للحكومي و1500 دينار للأهلي، فهي لا تزال على حالها الى اليوم.
*تصحيح المسار
ومع اشتداد الأزمة، دعا النائب عن محافظة ديالى أحمد الموسوي إلى تصحيح المسار العملية السياسية بعد أن عجز مجلس المحافظة من عقد جلسات رسمية خلال الفترة الماضية.
وقال الموسوي في منشور على صفحته الرسمية الفيسبوك، "بعد عجز مجلس ديالى ولأكثر من شهرين مرّت دون عقد جلسة بنصاب كامل ولأسباب عدة وأهمها الخلل الواضح في رئاسة المجلس وبعد إعطاء الفرصة الكافية والدعم طيلة الفترة الماضية لرئيس المجلس من أجل احتواء الأزمة وترطيب الأجواء بين الأعضاء وعقد الجلسات بشكل منتظم للقيام بالواجبات المناطة بالمجلس تجاه أبناء المحافظة وخدمتهم من خلال قرارات تُلزم الحكومة المحلية ودوائرها لتغيير الواقع المرير الذي تمر فيه محافظة ديالى".
وأضاف، "لاحظنا أنه لا بد من العمل على إجراء تغيير والجلوس مع الكتل السياسية لوضع حلول حقيقية وعاجلة لتصحيح المسار السياسي وعودة الروح لمجلس ديالى الذي مات سريرياً وبات من الضروري إجراء معالجة سريعة تضمن التئام المجلس وعقد جلساته الطبيعية وتحمل المسؤولية أمام أبناء المحافظة".
*خلفية الأزمة
وبدأت الأزمة السياسية في مجلس ديالى عقب اختيار رؤساء الوحدات الإدارية التي فجّرت صراعات حزبية بين عدة جهات بضمنها رئيس المجلس عمر الكروي حول منصب مدير ناحية "جلولاء" ونواحي أخرى بينها "قرة تبة" و"جبارة".
ولاقت عملية اختيار رؤساء الوحدات الإدارية في ديالى انتقادات شعبية كبيرة حينها، حيث وصفها الشارع بحكم العوائل نتيجة اختيار عدد من القائمّقامين ومديري النواحي من أقارب وعوائل أعضاء المجلس ونواب البرلمان عن المحافظة.
وصوت مجلس ديالى، في 23 تشرين الأول 2024، على اختيار عدد من رؤساء الوحدات الإدارية في حين استكمل التصويت على بقية رؤساء الوحدات الإدارية في جلسات لاحقة.
وتبلغ الوحدات الإدارية في ديالى أكثر من 20 قضاء وناحية.
وبدأ مجلس ديالى أولى أعماله فعلياً في ليلة 1 آب 2024 بعد التصويت على عمر الكروي رئيساً له، وعدنان محمد عباس الشمري محافظاً لديالى، في جلسة وُصِفت بالمثيرة نتيجة عقدها بعيداً عن وسائل الإعلام في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد.
وجاء تشكيل حكومة ديالى بعد صراع دام أكثر من 6 أشهر نتيجة الانقسام الحزبي بين الكتل على اختيار المحافظ ورئيس المجلس، الذي بدأ أثناء محاولة المجلس عقد أول جلسة له في 5 شباط 2024 لتشكيل الحكومة المحلية، والتي رُفعت نتيجة عدم التوصل لاتفاق وتمسك المحافظ السابق مثنى التميمي بالمنصب.
وحاول المحافظ السابق قيادة تحرك سياسي يجدد له منصبه، لكنه لم يحظَ بإجماع المجلس على اختيار نزار اللهيبي رئيساً للمجلس في الجلسة الأولى التي عُقدت في 5 شباط 2024 والتجديد له، جراء رفض عدد من الكتل.
وانقسم المجلس في الجلسة الأولى حينها إلى فريقين الأول من 8 أعضاء وهو مؤيد لاختيار نزار اللهيبي رئيساً للمجلس والتجديد للمحافظ السابق مثنى التميمي، فيما يتألف الفريق الآخر الرافض لفكرة التجديد للتميمي من 7 أعضاء.
بقيت الجلسة الأولى مفتوحة منذ 5 شباط وحتى جلسة تشكيل الحكومة الحالية في 1 آب 2024، فيما شهدت الفترة بين تاريخ عقد الجلسة الأولى وتاريخ استكمالها في فندق الرشيد عدة محاولات للتجديد للتميمي، لكنها لم تنجح جراء عدم اكتمال النصاب القانوني.
وخرج العشرات من عشائر "بني تميم" قبل جلسة اختيار عدنان محمد عباس الشمري محافظاً لديالى، للمطالبة بالتجديد للمحافظ السابق مثنى التميمي وإبقائه في منصبه.
وتبوّأ مثنى التميمي، منصب محافظ ديالى لنحو 9 سنوات، منذ منتصف عام 2015 وحتى العام الماضي 2024.