أزمة مياه بين ذي قار والبصرة سببها رد فعل أهالي "الدچة" الغاضبين.. ماذا حصل في "قناة البدعة"؟
انفوبلس/ تقرير
تعالت الأصوات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في محافظة البصرة، بعد قطع المياه عنها وذلك إثر حدوث مشاكل بـ"قناة البدعة" في محافظة ذي قار، وسط دعوات حكومية ومحلية للترشيد بالاستهلاك لحين الانتهاء من حل المشاكل.. فما قصة التظاهرات "الحاشدة" والاعتصام المفتوح من قبل أهالي منطقة "الدچة"؟
وأُنشئت "قناة البدعة" في تسعينيات القرن الماضي وهي عبارة عن ممر مائي بطول 220 كيلومترا يربط نهر الغراف (أحد فروع نهر دجلة) بمحطة "آر زيرو" لتصفية المياه التي تُعد الأكبر في البصرة.
*تظاهرة حاشدة
أقدم العشرات من اهالي منطقة الدچة الواقعة عند حدود قضاء الغراف في محافظة ذي قار بالتظاهر والاعتصام المفتوح، مطالبين بتحسين الواقع الخدمي من شبكات الماء، كما قاموا بقطع المياه عن محافظة البصرة من المصدر "قناة البدعة"، بحسب مصدر محلي تحدثت لشبكة "انفوبلس".
وقال المصدر، ان أهالي المنطقة الدچة قاموا بالتحشيد لتظاهرة خلال الأيام الماضية، وذلك بسبب شحة المياه التي تعاني منها تلك المنطقة، مشيرا الى ان ليلة أمس نظموا تظاهرة "حاشدة" طالبوا من خلالها بحل مشكلة المياه.
وبحسب المصدر فإن قوات من شرطة محافظة ذي قار وصلت الى مكان التظاهرة، وذلك قائد الشرطة اللواء مكي الخيكاني وبعض اعضاء من مجلس المحافظة، لكن رغم ذلك حدثت صدامات بين المتظاهرين والقوات الأمنية لتتحول التظاهرة الى اعتصام مفتوح لحين توفير المياه.
* نقص حاد في إطلاقات المياه يهدد مشاريع ذي قار المائية
الى ذلك، أصدرت مديرية ماء ذي قار بيانا رسميا حذرت فيه من نقص في إطلاقات المياه الواصلة إلى المشاريع والمجمعات المائية في المحافظة. وأوضحت المديرية في البيان الذي اطلعت عليه شبكة "انفوبلس"، أنها تعمل حاليا على توزيع الخزين المتوفر من المياه، داعيةً المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك اليومي واستعمال المياه بشكل مقنن.
وأكدت المديرية – بحسب البيان - أنها تبذل جهودا حثيثة من خلال كوادرها الفنية والإدارية لتوفير خدمة المياه الصالحة للشرب على مدار الساعة، رغم الظروف الحالية الصعبة.
أما معاون محافظ ذي قار لشؤون الخدمات، سلامة السرهيد، فقد قال، "توجد أزمة حقيقية في الماء نتيجة ما حصل من تجاوز اليوم على نهر الوفاء قرب البدعة في قضاء الشطرة، مضيفا، "قام بعض المتجاوزين بكسر الأنابيب والتجاوز على نهر الوفاء مما تسبب بتوقف إيصال المياه إلى محافظة البصرة ومشاريع المياه في محافظة ذي قار التي أيضا تعرضت إلى أزمة كبيرة".
وأضاف، "نحن في ذي قار حالياً يتم تشغيل مشاريع الماء على المخزون المائي الموجود في مديرية الماء، ويوجد تواصل بين البصرة وذي قار لإيقاف التجاوزات وإعادة الماء إلى البصرة.
ويبلغ معدل نصيب الفرد العراقي من المياه المجهزة الصالحة للشرب وفقا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2021 نحو 405 لترات للحضري و251 للريفي وبشكل كلي يبلغ 356 لترا يوميا للفرد وأن أكثر من تسعة وعشرين مليونا و513 ألفا لديهم خدمات شبكة توزيع المياه الصالحة للشرب، وقد انخفض استهلاك الفرد العراقي من نهري دجلة والفرات بمقدار 38.7% للعام 2020-2021 عن العام 2019-2020 إذ كان يستهلك 1237 متر مكعب في السنة.
المحافظة التي تقع جنوب العراق في ذنائب الأنهر كما يعبر عنها ذوو الاختصاص بدأت المناسيب المائية فيها تنخفض بشكل غير متوقع حتى بات يشكل هذا الانخفاض مصدر قلق لدى الدوائر المعنية بتغذية المياه لموطني المحافظة الذين يربو نفوسهم على مليونين و200 ألف نسمة فهم مهددون بتقليص الحصص المائية التي تصلهم بشكل يومي في الوقت الذي لا تجد الموارد المائية حلولا واقعية غير إلغاء الخطة الزراعية للموسم الصيفي ومصادرة المضخات المائية الموضوعة عند الأنهر والمملوكة للمزارعين وردم بحيرات الأسماك.
ومنذ قرابة العامين، تعرض العراق إلى موجة جفاف كبيرة، دفعته إلى تقليص الأراضي الزراعية، وهو كان أول إجراء اتخذته الحكومة وما زال مستمرا لغاية الآن.
ويعود أساس أزمة المياه، إلى قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد أن بنت تركيا السدود على النهرين، على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة "رامسر" للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران، وأصبحت سارية المفعول في العام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.
وأثرت الأزمة المائية بشكل مباشر على الأهوار جنوبي العراق، وهددت بعضها بجفاف كبير، وخاصة هور الحويزة، فضلا عن تأثيرات أخرى على الحيوانات المستوطنة في الأهوار مثل الجاموس والطيور، حتى بلغ الأمر وصول بعضها إلى مرحلة الانقراض.
يشار إلى أن غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، حيث تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى أراض قاحلة.
*الأصوات تتعالى في البصرة
ونشر مدونو محافظة البصرة على مواقع التواصل الاجتماعي، نداءً الى مواطني المحافظة بالاستعداد واخذ الاحتياطات اللازمة بسبب قطع المياه من المصدر نهر الوفاء "قناة البدعة" من قبل أهالي مناطق الدچة، بحسب ما رصدته شبكة "انفوبلس".
ويقول الناشد أحمد فاخر عبر صفحته في الفيسبوك، "قطع الماء عن البصرة الفيحاء من المصدر نهر الوفاء (قناة البدعة) في الشطرة من قبل أهالي مناطق الدچة بتظاهرات حاشدة واعتصام مفتوح منذ ليلة البارحة".
كما وجهت مديرية ماء محافظة البصرة، نداء للأهالي بشأن ترشيد المياه، بسبب مشكلة في قناة البدعة. وذكرت المديرية في تدوينة تابعتها شبكة "انفوبلس"، "الى أهالي محافظة البصرة نود اعلامكم بحصول مشاكل بقناة البدعة من المصدر بمحافظة ذي قار، وهذا سيؤثر على تجهيز المياه بالكمية والنوعية، راجين من الاخوة المواطنين ترشيداً في استهلاك المياه.. شاكرين تعاونكم معنا".
وقد فقد العراق 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية أيضاً.
ومع حلول كل فصل صيف تضرب الأهوار والأراضي الزراعية أزمة مائية تؤدي إلى انحسار مساحات كبيرة في الأهوار وتقليص الخطط الزراعية بسبب شح المياه الواصلة إلى البلاد من دول المنبع، وأحيانا تبلغ الأزمة ذروتها في بعض المحافظات وتؤثر سلبا على تغذية محطات مياه الشرب بالكميات الكافية لانخفاض مناسيب الأنهار المغذية لها وتحولها إلى ضحلة يعصب تنقيتها.
يذكر أنه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، أن العراق يواجه أزمة مياه خطيرة بسبب تغير المناخ، وجفاف الأراضي الرطبة المدرجة على قائمة اليونسكو ضمن لائحة التراث العالمي.