أسباب انفجار مصفاة الصمود تظهر للعلن.. هكذا احترقت الوحدة 109 على لسان لجنة الصحة

انفوبلس/ تقارير
جدل منذ الأحد الماضي عن أسباب الانفجار الذي وقع في مصفاة الصمود (بيجي سابقا) بمحافظة صلاح الدين، وكيفية احتراق الوحدة 109، واليوم صارحت لجنة الصحة والبيئة الرأي العام بذلك، مواد مستعملة تم طلاؤها وسُجلت جديدة كان أحد أبرز أسباب الانفجار وفق اللجنة، فما الذي كشفته بالضبط؟ وهل ستستجيب الجهات العليا بفتح تحقيق "دقيق وعاجل"؟
انفجار في الوحدة 109
الأحد الماضي، أكد مصدر أمني، أن انفجارا وقع في إحدى الوحدات داخل مصفاة الصمود بمحافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد.
وقال المصدر، إن "انفجارا وقع في الفرن التابع للوحدة 109 في مصافي بيجي وتحديدا مصفى الدهون".
يُشار إلى أن مصفاة الصمود -التي كانت تسمّى سابقًا "بيجي"- تُعدّ من أبرز المنشآت النفطية العراقية، إذ أُنشئت عام 1978، وتبلغ طاقتها التصميمية 280 ألف برميل يوميًا، وهي تنتج ثلث إنتاج المصافي العراقية، وتضم وحدتين رئيستين، هما مصفاة صلاح الدين/1 وصلاح الدين/2، بالإضافة إلى مصفاة الشمال، التي أُعيد تشغيلها بالكامل في عام 2024 بعد سنوات من التوقف بسبب الأوضاع الأمنية.
ولم يتم الكشف عن المزيد من التفاصيل وحجم الخسائر وأسباب الانفجار حينها.
ويقع المصفی في محافظة صلاح الدين على بعد نحو 130 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، وسيطر تنظيم "داعش" على مصفاة بيجي عام 2014، ولكن القوات الأمنية تمكنت من استعادة المصفاة من قبضة التنظيم الإرهابي عام 2015.
في السياق، أفادت مصادر ميدانية أن العاملين المصابين تلقّوا العلاج في الموقع، وأن الإصابات لم تستدعِ نقلهم إلى مراكز طبية خارجية.
ليس عملا إرهابيا
الانفجار وقع صباح الأحد الماضي (18 أيار 2025)، وتصاعدت أَلسنة اللهب والدخان من محل الانفجار، وأشارت المعلومات حينها إلى إصابة ثلاثة أشخاص في الحادث.
عضو مجلس محافظة صلاح الدين، ياسين الداوودي، أعلن عقب الحادث أن الانفجار وقع في الفرن رقم (109) في المصفى، وهو الفرن الخاص بإنتاج الزيوت.
ونفى عضو مجلس محافظة صلاح الدين أن يكون الانفجار ناجماً عن عملية إرهابية، وأكد أنه جاء نتيجة مشكلة فنية.
ومصفاة بيجي يستطيع تصفية ما بين 250 إلى 300 ألف برميل من النفط يومياً.
"مواد مستعملة تم طلاؤها وسُجلت جديدة"
توالت ردود الفعل على الانفجار إلى اليوم، حيث طالبت لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب، ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة والادعاء العام، بفتح تحقيق "دقيق وعاجل" في حادثة انفجار مصفى الدهون في مصفى بيجي، والذي تسبب بخسائر بشرية ومادية جسيمة.
وأشارت اللجنة في وثيقة رسمية وقّعها رئيسها النائب ماجد شنكالي، ووردت لشبكة انفوبلس، إلى أن "التقارير البيئية أظهرت أن المصفى والمناطق المحيطة به تحتوي على كميات كبيرة من المواد الكيميائية، وأن منظومة "Hot oil" داخل المصفى، التي تعمل بضغط مرتفع وحرارة عالية، قديمة ومتهالكة، ورغم ذلك ما زالت تُستخدم دون صيانة دورية".
وأوضحت اللجنة أن "هذا الإهمال أدى إلى تسرب خطير تسبب بانفجار في وحدة رقم 109 داخل المصفى، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين قتيل وجريح، فضلاً عن أضرار مادية كبيرة"، مؤكدة أن "على الجهات المعنية تحديد المسؤولين عن هذا التقصير ومحاسبتهم، لا سيما في ظل وجود مؤشرات على سوء الإدارة والإهمال المتكرر"، مشددة على "ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات لمعالجة أسباب الحادث ومنع تكراره".
وأكد شنكالي بحسب الوثيقة، أن "المعلومات تفيد بأن سبب الانفجار في منظومة الـ Hot oil ، وهي معدات مستعملة وتم طلاؤها ومسجلة على أنها جديدة ولكون الانفجار سبّب تلوثا نفطيا وكيميائيا كبيرا وأدى إلى تفحم الوحدة 109 بشكل كامل والتي تمت صيانتها قبل فترة وجيزة وصرف مبالغ كبيرة".
وتقع وحدة الدهون المتضررة ضمن النطاق الثانوي داخل مصفاة الصمود، إذ أكدت وزارة النفط أن الحادث لم يؤثّر في العمليات التشغيلية للمصفاة، التي واصلت عملها بطاقة اعتيادية، وهو ما يشير إلى فاعلية نظم الاستجابة السريعة والطوارئ لدى شركة مصافي الشمال.
وزارة النفط: حادث الحريق لم يؤثر على عمليات الإنتاج
من جانبها، أصدرت وزارة النفط بيانا أكدت فيه عدم تأثر الإنتاج في المصفاة جرّاء الانفجار.
وذكرت الوزارة في بيان مقتضب ورد لشبكة انفوبلس، أنه تمت السيطرة على الحريق الذي اندلع في إحدى الوحدات الثانوية في مصفاة "الصمود" في قضاء بيجي.
وأضافت، أن الحادث لم يؤثر على عمليات الإنتاج في المصفاة، ولا توجد إصابات في الملاكات العاملة في المصفاة.
مصفاة الصمود بين الماضي والحاضر
لا يخلو تاريخ مصفاة الصمود في بيجي من التحديات، فقد تعرضت المنشأة لدمار واسع، عقب سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على قضاء بيجي في مايو/أيار 2014، ما أدى إلى توقُّف الإنتاج كليًا.
وبعد تحرير قضاء بيجي في عام 2015، تعرضت المصفاة لعمليات نهب وفقدان معدّات وأجهزة رئيسة، الأمر الذي أعاقَ جهود إعادة التشغيل.
وكشفت السلطات لاحقًا استعادة أجزاء كبيرة من المعدّات المسروقة، كما بدأت في تأهيل وحدات التشغيل على مراحل.
وتتبع مصفاة الصمود شركة مصافي الشمال، لكنها تعمل حاليًا بسعة 140 ألف برميل يوميًا فقط، لتعرُّضها إلى هجمات إرهابية من تنظيم داعش عام 2014، وهو السبب وراء تغيير اسمها.
الطاقة التكريرية لمصفاة الصمود
منذ عام 2021، وضعت وزارة النفط خطة لرفع الطاقة التكريرية لمصفاة الصمود إلى 280 ألف برميل يوميًا، من خلال تشغيل وحدتين جديدتين، بالإضافة إلى مشروعات تطوير وحدة تحسين البنزين.
وقد بدأت وحدة صلاح الدين/2 فعليًا بالإنتاج في يناير/كانون الثاني 2021، بطاقة 65 ألف برميل يوميًا، وشُغّلت مصفاة صلاح الدين/1، لاحقًا، بطاقة 60 ألف برميل يوميًا.
وفي فبراير/شباط 2024، افتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رسميًا مصفاة الشمال في بيجي بطاقة 150 ألف برميل يوميًا، معلنًا عودة الإنتاج بعد توقُّف دام أكثر من 10 سنوات.
وأشار السوداني آنذاك إلى أن هذه الخطوة ستسهم في تغطية احتياجات البلاد من المشتقات النفطية، وتُغني عن الاستيراد الخارجي، مما يوفر مليارات الدولارات التي يمكن إعادة توجيهها لمجالات خدمية واقتصادية.