أسباب عديدة وراء استمرار الاعتداءات على العراقيين في تركيا.. قائمة بأبرزها وهذا موقف بغداد
انفوبلس/ تقرير
كثيرا ما تتكرر حوادث الاعتداء على العراقيين في تركيا المقيمين منهم والسياح، أخرها قبل أيام، عندما لقي خمسة أكراد عراقيين من عائلة واحدة مصرعهم برصاصات في الرأس على يد مسلحين مجهولين في ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية العراقية وشهود عيان.
وشيّع المئات من أهالي محافظة دهوك في إقليم كردستان، أمس الجمعة، جثمان الضحايا الذين سقطوا بحادث إطلاق نار في حدود مدينة ماردين التركية، وسط مطالبات بكشف المتورطين بالحادث وتقديمهم للقضاء.
ويبلغ عدد العراقيين المقيمين في تركيا وفقا لأحدث تقديرات وزارة الهجرة العراقية، أكثر من 700 ألف شخص، وبهذا يُعد العراقيون ثاني أكبر جالية في تركيا بعد الجالية السورية التي يبلغ عددها 3.6 ملايين وفقا لآخر إحصائية أعلنتها دائرة الهجرة التركية، ويتوزعون بكثافة في 12 من أصل 81 ولاية في تركيا، وهي بحسب الترتيب: إسطنبول وأنقرة، إضافة إلى سامسون وسكاريا ويالوفا وبورصا وأسكي شهير وغازي عنتاب وألانيا وجورم وبولو وكوتاهيا.
*أبرز الاعتداءات
لقي خمسة أكراد عراقيين من عائلة واحدة مصرعهم قبل أيام برصاصات في الرأس على يد مسلحين مجهولين في ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية العراقية وشهود.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إن "أربعة مواطنين عراقيين قُتلوا وأُصيب خامس في حادث إطلاق نار استهدف سيارة كانت تقلّهم على طريق نصيبين - ماردين قرب الحدود العراقية السورية في جنوب شرقي تركيا".
وفي تموز 2021، قُتل سبعة أفراد من عائلة كردية واحدة في هجوم مسلّح استهدف منزلهم في قونية بوسط تركيا، في جريمة قال ناشطون حقوقيون إنّ دوافعها عنصرية.
ووفقاً لوسائل إعلام تركية فإنّ أفراد عائلة ديدي أوغلو السبعة قُتلوا على أيدي مسلحين هاجموا منزلهم وحاولوا إحراقه.
وكان أفراد هذه العائلة أُصيبوا بجروح خطيرة في أيار/مايو 2021، في هجوم شنّه عدد من جيرانهم بسبب قوميتهم الكردية، قائلين لهم "ليس مسموحاً للأكراد بالعيش هنا"، بحسب ما نقل موقع "غازيت دوفار" الإخباري، عن أحد أفراد هذه العائلة الذي قُتل أيضاً.
وبتاريخ 14 مايو 2021، تعرّضت عائلة كردية عراقية من محافظة أربيل، لاعتداء "عنصري" أثناء زيارتها لتركيا بقصد السياحة، من قبل مجموعة من الأتراك ممن اعترضوا سيارتهم على الطريق الواصل ما بين ميرسين وأنطاليا، ليقوموا بعدها بالاعتداء عليهم بالحجارة والضرب المبرح، مما أدى إلى إصابة رب الأسرة وابنه الصغير بجروح بليغة.
وروى شهود عيان لوسائل الإعلام تفاصيل ما حدث، مؤكدين أن دوافع الاعتداء "عنصرية بحتة"، كون المعتدين كانوا يطلقون الشتائم بحق العرب والأكراد، أثناء شروعهم في الاعتداء على العائلة العراقية في منطقة ميرسين التركية.
وفي عام 2019، يظهر في مقطع الفيديو تجمع عدد من المواطنين الأتراك، حول سائحين عراقيين رفعوا علم كردستان، فيما انهال بعضهم بالضرب والسحل على السائحين العُزّل، بينما اكتفت سيارة الشرطة التركية بمراقبة الحدث دون تدخل، بحسب موثِّق الفيديو.
وفيما لم يتم توثيق دوافع الهجمات الذي من المرجح أن يكون ذو خلفية "عنصرية"، حيث تشهد تركيا بين الفترة والأخرى مثل هذه الحوادث.
وبحسب وزير الخارجية فؤاد حسين، فإن الاعتداءات التركية على السيادة العراقية، بلغت 22 ألفاً و700 اعتداء، وذلك منذ عام 2018.
*أسباب الاعتداءات
هناك جملة من "العوامل المحرِّضة" للمشهد الذي تعيشه تركيا في الوقت الحالي، بينها حسب مراقبين حملات الكراهية، التي تقودها بعض التيارات من أحزاب المعارضة، إضافة إلى غياب الموقف الحازم من جانب الحكومة التركية، وعدم اتخاذ إجراءات قانونية وتجريمية بحق كل من يمارس السلوك العنصري.
وتحدّث الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن "العنصرية موجودة منذ زمن داخل المجتمع التركي، لكنها تصاعدت في الوقت الحالي مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي"، مضيفاً، "بدأنا نلاحظ حالات العنصرية بشكل واضح وأكبر، لأن الإعلان المرئي والمكتوب والمسموع لم يتناول هذه الظاهرة كما يجب في السابق".
ويضيف جوناي: "هذه الظاهرة كانت موجودة منذ دخول اللاجئين بحالات منفردة إلى البلاد، وبينما لم تتم معالجتها أصبحت مثل الثلج تتضاعف وتتكاثر وتنتشر بكثافة"، موضحاً، "الكراهية والعنصرية شيء مُعدٍ، هي مثل الفيروس، هذا الفيروس ينتشر في المجتمع التركي في الآونة الآخيرة، ليشمل جنسيات مختلفة".
ويرى الباحث "ما نراه أن معالجة هذه الظاهرة من قبل الحكومة ضعيفة، يتم التغطية على هذه الظاهرة ويكون هناك نفياً للعنصرية، وأن هناك حالات منفردة، هكذا يتم تبريرها، إن جئنا على الحقيقة فالموضوع غير ذلك".
ويرى مراقبون دوليون أن هذه الممارسات "مسيئة لتركيا بالدرجة الأولى ولسمعتها كبلد سياحي"، وأن تنامي المشاعر العنصرية في البلاد مردّه "الضخ المهول للأفكار والممارسات الاستعلائية والعنصرية الذي يقوم به النظام الحاكم في تركيا، المكوَّن من تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، الذي هو بمثابة الجناح السياسي لمنظمة الذئاب الرمادية المتطرّفة، التي تُصنّف حول العالم منظمة إرهابية".
وتعكس حالات الاعتداءات والمضايقات المتتالية التي يتعرّض لها السائحون والمقيمون العرب والخليجيون تردي الأوضاع الأمنية في تركيا، وعدم ملاءمتها لقضاء الإجازات سواء القصيرة أو الطويلة، وهو ما دعا المغردون لتدشين حملات لمقاطعة السياحة في تركيا.
*موقف العراق
دائما ما تكون المواقف الحكومية "خجولة" تجاه الاعتداءات على العراقيين في الدول الأخرى والسيادة العراقية بشكل عام، وبخصوص الحادث الأخير قالت الخارجية الداخلية العراقية، إنها تتابع الحادث مع الجانب التركي وعبر السلطات المعنية، للوقوف على دوافع وتفاصيل هذا الحادث.
إلى ذلك، طالب نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبدالله أحمد، الحكومة التركية بملاحقة مرتكبي جريمة قتل العائلة العراقية الكردية على أراضيها، كذلك دعا رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، الحكومة التركية إلى توضيح أسباب هذه الجريمة في أقرب وقت ممكن ومحاكمة المجرمين.