أسعار أغلى بـ54% وشبه أجباري!.. الاتصالات "تكبل" العراقيين بالكابل الضوئي
انفوبلس/..
تقترب شركة إيرثلنك من الاستحواذ الكامل على قطاع الإنترنت في العراق، بعد أن أصبحت الوكيل الرئيسي والشريك الأقوى لوزارة الاتصالات بمشروع الإنترنت الوطني "الكابل الضوئي"، وبصفتها المزود الأكبر للإنترنت في العراق من بين الشركات الأخرى، حيث أنّ نحو 60% من مستخدمي الإنترنت في العراق يستخدمون شركة إيرثلنك وذلك غالبًا بفعل "انتشارها" لا بفعل الجودة التنافسية، كما يؤكد مختصون.
تلقى بعض المشتركين في إحدى مناطق الكرخ بلاغًا من قبل مزود الإنترنت في المنطقة بأنه سيتم قطع الإنترنت عنهم وأنهم ملزمون بالتحويل على الكابل الضوئي "إجباريًا"
ومنذ أن امتدت منظومات الكابل الضوئي في مدن مختلفة من العراق، والحديث عن المميزات التي يقدمها المشروع فضلًا عن السرعات الكبيرة والتي تعادل 10 أضعاف سرعة إنترنت الأبراج، تدور مخاوف من استحواذ الكابل الضوئي على قطاع الإنترنت في العراق، خصوصًا وأنه يدار من قبل "شركة إيرثلنك" حصرًا بالتعاون مع وزارة الاتصالات، وما إذا كانت ستحتكر القطاع وتبعد عن طريقها باقي شركات الإنترنت، وأصحاب الأبراج.
وتم بالفعل تسجيل عمليات تخريب للكابل الضوئي في بعض المناطق والمحافظات، وكانت أصابع الاتهام تشير إلى وقوف بعض أصحاب الأبراج وراء هذا الأمر خوفًا من أن "يفقدوا أعمالهم".
إلا أنّ شركة إيرثلنك حاولت "احتواء" بعض مشغلي الأبراج ولا سيما وكلائها، فاشركتهم بالمشروع بصفة مشغل، وهو ما أكدته الشركة في تصريح صحفي، نافية أن يتم إلغاء الأبراج أو إقصاء الشركات الأخرى وأن الأمر سيُترك "للمنافسة" وتقديم الخدمة الأفضل وخيار المواطن المستهلك.
وفي تموز/يوليو الماضي، تداولت أنباء عن وجود توجه لإلغاء جميع الأبراج في العراق بعد اكتمال مشروع الكابل الضوئي، الأمر الذي نفته وزارة الاتصالات في بيان حينها.
لكنّ الأمر يبدو أنه يقترب من وقوعه فعلًا، حيث تلقى بعض المشتركين في إحدى مناطق الكرخ بالعاصمة بغداد بلاغًا من قبل مزود الإنترنت في المنطقة، بأنه سيتم قطع الإنترنت عنهم، وأنهم ملزمون بالتحويل على الكابل الضوئي "إجباريًا".
"ترهيب" وتحويل "شبه إجباري"
وبحسبما تحدث أحد سكان المنطقة، فإنّ مزود الإنترنت "والذي أصبح وكيلًا جديدًا لإيرثلنك في الكابل الضوئي"، أبلغهم بأنهم ملزمون بدفع 30 ألف دينار لشراء جهاز وكابل ليتم تزويدهم بالخدمة عبر الكابل الضوئي، وأن الاشتراك القديم الذي كان يزودهم به غير متوفر بعد الآن في تغيير إجباري قد لا يرغب به الكثير من المشتركين، خصوصًا وأن أسعار الاشتراك ستكون أغلى بنسبة 54% عن اشتراكاتهم السابقة.
وحين حاججوه بأنهم يمكنهم تغيير الاشتراك منه، إلى شركة أخرى أو صاحب برج آخر، أبلغهم بأن "جميع الأبراج سيتم إزالتها قريبًا، وبقوّة حكومية وعبر القوات الأمنية، لأنها ستعتبر متجاوزة".
وتحرى مسؤولون الأمر مع موظفين في شركة إيرثلنك، الذين لم يؤكدوا وجود "توجيه رسمي بإزالة أبراج الشركات الأخرى"، ولكنهم لم ينفوا أن هذا الأمر يحصل وسيحصل بطريقة أو بأخرى.
ويبيّن الموظفون، أنّ "بعض وكلاء الشركات الأخرى ألغوا أبراجهم ومنظوماتهم واشتركوا في خدمة الكابل الضوئي وأصبحوا وكلاء لشركة إيرثلنك، مما يجبر مشتركيهم على تحويل نوع اشتراكهم إلى الكابل الضوئي".
وأوضحوا أنّ "الأبراج ستزال قريبًا وأن لم يكن هنالك توجيه رسمي واضح بهذا الأمر، فالمشروع تابع لوزارة الاتصالات، وستقوم بالتضييق على أصحاب أبراج الشركات الأخرى في المربعات التي تم إدخال الكابل الضوئي إليها"، ولعلّ هذه المعلومات تندرج في إطار "ترهيب" يمارسه موظفو إيرثلنك بالاشتراك مع وكلائهم المشغلين في المناطق، لإجبار المواطنين على الاشتراك بخدمة الكابل الضوئي سريعًا دون تفكير.
وتحدث بعض الموظفين عن معلومات "غير واضحة"، تفيد بأنّ "المناطق تم تقسيمها بين شركات معدودة مساهمة في المشروع الوطني للإنترنت"، وهو أمر يعني "انعدام المنافسة وعدم السماح بدخول شركات أخرى بخدمات إنترنت وأسعار تنافسية، لأن أي مشروع إنترنت مقبل أو شركة جديدة، ستكون ملزمة بالمرور عبر بوابة وزارة الاتصالات بمشروعها الوطني للإنترنت، وبنفس الأسعار وجودة الخدمة".
وتواصل مسؤولون مع وزارة الاتصالات بهذا الشأن، غير أنّ المتحدث باسم الوزارة رعد المشهداني الذي تحدث على عجل لانشغاله باجتماع تحضيري لمؤتمر، اكتفى بالقول متعجلًا بأنه "لا يوجد شيء كهذا"، تعليقًا على سؤال "ألترا عراق" بشأن وجود تغيير إجباري للمشتركين بالإنترنت إلى الكابل الضوئي.
أسعار أغلى بأكثر من 50%.. وسرعة أقل بـ40% من المعلن
واعتاد عدد كبير من العوائل العراقية على الاشتراك "اللايت" وهو أرخص سعر اشتراك يبلغ 35 ألف دينار، ورفعتها بعض الشركات إلى 40 ألف دينار بعد رفع سعر صرف الدولار.
وخرجت وزارة الاتصالات مرارًا بتصريحات تتحدث عن أنّ سعر اشتراك الكابل الضوئي سيكون أرخص من أسعار الإنترنت للشركات الأخرى، وبمبلغ 35 ألف دينار لأقل سعر اشتراك وهو 12 ميغابت/ثانية.
إلا أن هذا الاشتراك يبدو أنه تم إلغاؤه، حيث يظهر موقع شركة إيرثلنك أنّ أقل اشتراك هو بسرعة 40 ميغابت/ثانية، وبسعر 46 ألف دينار عراقي، وفي الحقيقة، رصد بعض مستخدمي الكابل الضوئي عبر مواقع وتطبيقات قياس سرعة الإنترنت، أن السرعة لا تصل في أحسن الأحوال إلى 25 ميغا بايت/ثانية، مايعني وجود "سرقة" بنحو 15 ميغا بايت/ثانية من كل مستخدم، بحسبما يقول مختصون.
ولا يقف السعر هنا، حيث سيضاف إليه ضريبة تقدر بـ20%، مما سيرفع سعر أقل اشتراك شهري للإنترنت إلى 54 ألف دينار عراقي، وهو مبلغ تجده بعض العوائل العراقية كبيرًا ولا يتناسب مع دخلها ومتطلباتها الحياتية الأخرى، في الوقت الذي أصبح الإنترنت جزءًا ضروريًا من الحياة اليومية ويوجد في العراق 30 مليون مستخدم للإنترنت في بلد يبلغ عدد نسماته أكثر من 40 مليون نسمة، الأمر الذي ضرب "التطمينات" السابقة لوزارة الاتصالات بشأن "الأسعار المناسبة".
علمت "مصادر مطلعة" أنّ أبراج الإنترنت ستزال قريبًا بشكل شبه إجباري
ووجد عدد من سكان المناطق التي دخل إليها الكابل الضوئي، أنفسهم أمام خيارات قليلة ومحدودة، فمعظم أصحاب الأبراج والشركات الأخرى أنهوا ارتباطاتهم بتلك الشركات ولم يبق أمامهم سوى أن يكونوا مشغلين في مشروع إيرثلنك والشركات الأخرى المعدودة الشريكة لوزارة الاتصالات بهذا المشروع، وأصبح لزامًا على المواطنين الحصول على خدمة إنترنت، بشراء جهاز وسلك جديد بـ30 ألف دينار عراقي، وبسعر اشتراك شهري للإنترنت أغلى بنسبة 54%.