أطفال العراق... مشاكل متعددة بسبب الفقر والحرمان وانفوبلس تكشف ارقام "مخيفة"
انفوبلس/..
عمّقت سيطرة تنظيم "داعش" الارهابي على مدن شمالي العراق وغربها في منتصف عام 2014، وما أعقبها من معارك طاحنة وموجات نزوح وجائحة كورونا التي خلفت آثاراً سلبية واضحة داخل المجتمع العراقي، وبعدها أزمة الجفاف والتغيّر المناخي، المشاكل التي يواجهها أطفال العراق في حياتهم اليومية والنواحي المختلفة لتطورهم.
ويوضح المتحدث باسم فرع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بالعراق ميغيل ماتيوس مونوز أن "يونيسف ساعدت 4.2 ملايين طفل وطالب عراقي في استكمال تعليمهم إلكترونياً خلال فترة جائحة كورونا، ونفذت خططاً ناجحة لمواجهة تحديات التغيّر المناخي وندرة المياه في البلاد، والتي سمحت لـ1.5 مليون شخص بالحصول على مياه شرب صحية وآمنة، ووفرت خدمات الصرف الصحي لمليون آخرين".
ويشير إلى أن "2.5 مليون شخص، بينهم 1.1 مليون طفل، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في العراق. وقد أثرت جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية وندرة المياه على الزراعة وتجهيزات المياه المحلية، ما أدى إلى مخاطر صحية وحالات فقر شديدة وهجرة حتمية. وزاد الوضع سوءاً خلال العام الحالي".
ويكشف عن تأثر 4.7 ملايين طفل عراقي بسيطرة تنظيم "داعش" على عدة مدن، والتي تسببت في مشاكل جمّة لهم ارتبطت بالنزوح وعدم تلقيهم لقاحات وفقدانهم ذويهم وتعرضهم لأضرار جسدية، وإجبار 3.5 ملايين منهم على ترك الدراسة. ووثقت اليونيسف 1496 حالة خطف أطفال في المدن التي سيطر عليها تنظيم داعش في عامي 2014 و2015، وتعرضهم إلى أنواع بشعة من الإساءات والاستغلال، "وبحسب إحصاءاتنا، أجبر 1.5 مليون طفل على الفرار من منازلهم الأصلية مع ذويهم".
وحول ملف تجنيد تنظيم "داعش" الارهابي للأطفال واستخدامهم لحمل السلاح في النزاعات، يؤكد مونوز أن تقرير "يونيسف" العالمي بعنوان 25 عاماً من النزاع المسلح، والذي صدر في يونيو/ حزيران الماضي، يصنف العراق بين أعلى ثمانية بلدان في العالم على صعيد عدد الأطفال المحتجزين بسبب النزاعات المسلحة.
ويعتبر أن الأطفال الذين ينتمون إلى الأسر الأكثر فقراً وأولئك النازحين هم الأكثر عرضة لمخاطر الانتهاكات الجسيمة. ويظهر تقرير "يونيسف"، بحسب الجنس، أن "حالات أكيدة من الانتهاكات الجسيمة أثرت بشكل بالغ على الأولاد، وتعرض الطفل الواحد للعديد من الانتهاكات في الوقت ذاته"، كما يظهر أن المخلفات الحربية غير المنفجرة بين الأسباب الرئيسية لمقتل الأطفال أو تشويههم، كما أصبح استخدام الأطفال في حمل العبوات الناسفة توجهاً يثير قلقاً بالغاً.
وفي السنوات الخمس الماضية، تعرض 519 طفلاً عراقياً للقتل أو الإعاقة، بحسب "يونيسف"، بانفجار ألغام أرضية وذخائر متروكة، وأكثر من 80 في المائة من الأطفال المصابين من الذكور.
وشهد عام 2021 تسجيل المعدل الأعلى بمقتل 52 طفلاً وتعرض 73 منهم لإعاقات نتيجة مخلفات الحرب غير المنفجرة.
ويؤكد مونوز أنه "منذ أوائل عام 2021 خضع أكثر من 2000 طفل عراقي عادوا من مخيم الهول في سورية إلى برامج لحمايتهم فكرياً، والحصول على تعليم وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية".
وحول آثار جائحة كورونا، فهي دفعت 4.5 ملايين عراقي يشكلون نسبة 11.7 في المائة من السكان إلى ما دون خط الفقر، وألحقت خسائر كبيرة بالأعمال والوظائف، أما ارتفاع الأسعار فزاد معدل الفقر الوطني من 20 في المائة عام 2018 إلى 31.7 في المائة عام 2021.
ومع إضافة نسبة من وقعوا تحت خط الفقر، والتي بلغت 15.8 في المائة، كان الأطفال الأكثر تأثراً بالأزمة. ففي السابق عانى طفل واحد من أصل خمسة من الفقر، أما حالياً فتضاعف الرقم إلى طفلين من أصل خمسة، أي بنسبة 37.9 في المائة، وبات نحو نصف عدد الأطفال في البلاد يواجهون أشكالاً متعددة من الحرمان سواء في التعليم أو الصحة أو ظروف المعيشة أو الأمن المالي.
ويتابع مونوز أن "طفلاً واحداً من كل 5 في العراق يعانون من التقزم، ويشكل سوء التغذية المزمن تحدّياً كبيراً ذا تأثيرات طويلة المدى، إذ إنّه يقلّل من فرص بقاء بعض الأطفال على قيد الحياة، ويُعرقل نموّههم ويتسبب في تدهور صحتهم، ويحتمل أن تكون له عواقب وخيمة وطويلة الأمد على قدراتهم الإدراكية وأدائهم المدرسي، علماً أنّ ممارسات تغذية الرضع والأطفال الصغار في العراق ضعيفة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، أما ممارسات الرضاعة الطبيعية بعد الولادة فمنخفضة للغاية ولا تتجاوز 19.6 في المائة، حيث يتلقّى معظم الرضع حليباً إضافياً وسوائل أخرى بعد وقت قصير من ولادتهم. ولا تدوم الرضاعة الطبيعية فترة طويلة، حيث تفيد إحصاءات "يونيسف" بأن 22.7 في المائة فقط من الأمهات أرضعن طبيعياً حتى بلوغ الطفل 24 شهراً.
وعن عمالة الأطفال في العراق، يقول مونوز إن "ثلث أطفال العراق يمرون بظروف اقتصادية صعبة تضعهم أمام متطلبات العمل لإعانة عائلاتهم. وهم يواجهون أعلى زيادة في معدلات الفقر، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال، وتعتبر جائحة كورونا بين أسباب تفاقم مشاكل الفقر".
وبالانتقال إلى تأثيرات التغيّرات المناخية، يرى المتحدث الأممي أنها "تمثل تحدياً آخر لأطفال العراق باعتباره بين البلدان التي تشهد حالياً أعلى معدل لتعرض الأطفال لدرجات حرارة عالية، وتؤكد التوقعات الجوية الأكثر إثارة للقلق لعام 2050 أن هذا البلد سيكون من بين الأكثر تأثراً حول العالم. ووفقاً لتقرير اليونيسف الخاص بحماية الأطفال من الآثار المتفاقمة لموجات الحر يتعرض 9 من كل 10 أطفال لحر شديد يهدد حياتهم وصحتهم بشكل واضح".
وتصيب موجات الحر الأطفال خصوصاً بأضرار شديدة، كونهم أقل قدرة على التحكم بدرجة حرارة الجسم مقارنة بالبالغين. وكلما زاد تعرض الأطفال لموجات الحر ترتفع احتمالات إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة والربو وأمراض القلب.
ويعتبر مونوز أن "مستوى شح المياه في العراق ينذر بالخطر. ووفقاً لتقريرنا الأخير الذي صدر العام الماضي، لا يملك حوالى 3 من أصل 5 أطفال القدرة على الوصول إلى خدمات آمنة للمياه، وأقل من نصف المدارس لا تملك خدمات الماء الأساسية، ما يعرض صحة الأطفال لخطر، ويهدد تغذيتهم ونموهم المعرفي وسبل عيشهم المستقبلية".