أعشاب وخلطات محلية تغزو مواقع التواصل في العراق.. هل تحتوي منتجات التنحيف على مواد مخدرة؟
انفوبلس/ تقرير
بمجرد التصفح بمواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تظهر إعلانات لـ"أعشاب" أو "خلطات محلية" لعلاج الأمراض الجلدية ومشاكل البشرة والشعر والتنحيف، وأصبح بالفترة الأخيرة الإقبال على هذه العلاجات المحلية الصنع، كبيراً من قبل الفتيات والشباب حتى أصبحت هناك معامل لإنتاجها، لكن أطباء متخصصين أكدوا وجود مواد مخدرة فيها، داعين الأجهزة الأمنية لمتابعة الصفحات التي تروّج لتلك المنتجات، من أجل حماية المواطنين من "الإرهاب الأبيض".
تعرض الكثير من الفنانات والبلوغرات على صفحاتهن في مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانات لمنتجات تهتم بالرشاقة والتنحيف والتجميل، إلا أن أيّاً من هؤلاء لم يتأكد من مدى مطابقتها للشروط الصحية، وما يمكن أن تسببه مضاعفاتها.
تقول إخلاص طالب، صاحبة إحدى الصفحات الالكترونية التي تبيع من خلالها المنتجات الطبيعية من الزيوت والأعشاب للعناية بالبشرة والشعر، إنها "تخرجت قبل أربع سنوات من كلية التربية قسم التاريخ ولم تجد فرصة مناسبة للعمل بعد التخرج سواء كان وظيفة حكومية أو في القطاع الأهلي، الأمر الذي جعلها تفكر في عمل مشروع بسيط يكون مصدر دخل وتقضي وقتها به".
وتضيف، "في إحدى الجلسات النسائية مع الأهل والصديقات بدأت تتحدث لي صديقتي عن معالجة تساقط شعرها وداء الثعلبة من خلال استخدامها خلطات للزيوت، حتى أصبحتُ بعدها أفكر في فتح صفحة إلكترونية أعمل من خلالها على بيع الزيوت الطبيعية 100 بالمئة".
وتتابع، "بالفعل بدأت العمل بالمشروع حتى تمكنت من شراء الآلة الخاصة بعصر الزيوت واستخراجها وعرضها بالصفحة التي قمت بترويجها حتى يتمكن الزبائن من الاطلاع على العروض والشراء".
وتكمل، "بدأت بـ30 متابعا لصفحتي الإلكترونية التي أقوم من خلالها بعرض المنتجات وبيعها حتى وصلت الآن إلى 22 ألف متابع وأصبحت وسيلة لعلاج مشاكل البشرة والشعر وبأسعار مناسبة لجميع طبقات المجتمع ومصدر دخل لي والكثير من الكادر الذي يعمل معي".
وباتت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا من حياة الإنسان في السنوات الأخيرة، وأصبحت مصدرا مهما لدى الكثير من متابعيها، وتحولت إلى لاعب مؤثر في صناعة الرأي العام، سواء كان هذا التأثير سلبيا أم إيجابيا، إلا أن الخطورة في هذا الواقع الجديد تكمن بظهور قنوات وحسابات تقدم معلومات قانونية وطبية غير دقيقة وبعضها مغلوطة، ما يؤدي بالنتيجة إلى مخاطر صحية وتوقع البعض في مشاكل أمنية.
بدوره يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن "الحكومة الحالية لها توجُّه واضح نحو تفعيل الصناعات الدوائية محلية الصنع، ومنذ سنوات ونحن نتحدث ونطالب بعملية تفعيل الصناعة المحلية والعلاجية سواء بالمواد الكيميائية أو الأعشاب المحلية".
ويؤكد، أنه "ليست هناك رغبة فقط للإنتاج الدوائي المحلي بل إن العديد حصلوا على إجازات استثمارية مسهلة لتنفيذ مشاريعهم، كما أن الدعم من قبل الحكومة وشراء بعض المنتجات من شركة كيماديا دفع الكثير من المستثمرين للدخول بهذا القطاع".
ويلفت إلى، أن "إنتاج الأدوية العراقية أصبح يسيرا بشكل جيد لاسيما أن هناك مصانع أدوية قيد الإنشاء، وقد نشهد دخول إنتاجها قريبا إلى الأسواق العراقية، ويجب أن تأخذ الدولة دور التنظيم في تفعيل الأعمال والصناعات المحلية وبالتالي توفير قروض مصرفية وفرص استثمارية من أجل إنعاش الصناعة المحلية وتوفير فرص عمل من خلالها لملايين العمال".
ويلعب انتشار الفقر دورا في رواج العلاج بالأعشاب الطبية، بالإضافة لتراجع الخدمات الصحية، بسبب الارتفاع الباهظ في القطاع الصحي الخاص، وباتت عيادات الطب الشعبي مقصدا للعراقيين وانتشرت بشكل واسع في الأحياء الفقيرة.
لكن يحذر طبيب الجلدية أكرم السعدي، من أن "شراء هذه النوعيات من الزيوت واستخدامها على البشرة وفروة الرأس ممكن أن تسبب آثار جانبية سلبية".
وينوه إلى، أن "هذه الزيوت التي انتشر بيعها في الآونة الأخيرة بكثرة غير صحية وربما تكون مضارها أكثر من فائدتها على البشرة والشعر أيضا، فهي مواد ليست زيوتا خالصة وإنما يقومون بجمع الأعشاب المختلفة وعصرها واستخراج مادة منها هي ليست بزيت وإنما ألياف الأعشاب فقط ولا فائدة لها".
ويردف، إن "بيع هذه الزيوت من قبل بعض صفحات التسوق الإلكتروني وإقبال الزبائن على شرائها يعد كارثة حقيقية، حيث إن الناس يقومون بشراء هذه الزيوت وهم لا يعرفون إن كانت هذه الأعشاب نظيفة أم يقومون بعصرها مع الأتربة والأوساخ بالإضافة إلى عدم التأكد من العشبة نفسها هل هي مفيدة أم ضارة".
ويشدد السعدي، "تخيل أن تقوم بوضع مواد غير مغسولة جيدا وأعشاب ربما تسبب حساسية بالوجه أو فروة الرأس حيث بدلاً من معالجة التساقط ربما تسبب لك أمراضا جلدية كثيرة وفي فروة الرأس".
وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة قنوات وحسابات يدعي أصحابها أنهم من المختصين في المجال الصحي ويقدمون معلومات ونصائح طبية، أو يروجون لمنتجات طبية تعنى بالعناية بالبشرة والتنحيف غير خاضعة للرقابة الصحية، وهناك من يتابع هذه الحسابات ويأخذ بما تقدمه من نصائح.
من جانبه، يكشف رسول كاظم، صاحب إحدى محلات العطارية والأعشاب، عن "زيادة الأرباح بعد انتشار بيع الزيوت والأعشاب الطبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ويبين، "الناس في كل الأوقات يُقبلون على شراء المواد الطبيعية من الأعشاب والزيوت لمعالجة بعض الأمراض الجلدية وتقوية بصيلات الشعر للحد من التساقط، لكن في الآونة الأخيرة انتشرت بشكل كبير بعد الترويج لها من قبل بعض صفحات التسوق الإلكتروني". موضحاً، "أرباحي زادت للضعف بعد الإقبال الكبير من قبل الزبائن على شراء هذه الأعشاب والزيوت الطبيعية، لا سيما أنه في السابق كانت فقط فئة قليلة تستخدم هذه الأعشاب".
وكانت وزارة الداخلية وبالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى، قد أعلنت مطلع العام 2023 إطلاق حملة مكافحة المحتوى الهابط، وتم إلقاء القبض على العديد من أصحاب القنوات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وصدرت بحقهم أحكاما بالسجن، وما زالت الوزارة تعلن بين وقت وآخر عن اعتقال أشخاص ضمن هذا العنوان، إلا أن الحملة لم تشمل الحسابات التي تروج أو تقديم معلومات طبية وصحية غير صحيحة.
وكان المركز العراقي لمحاربة الشائعات، أصدر بيانا العام الماضي، ودعا فيه وزارة الصحة ونقابة الفنانين العراقيين، إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحق شركات بيع المنحفات والمستحضرات التجميلية التي تروج لمنتجات غير خاضعة للموافقات الصحية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذكر في بيان صحفي أن بعض هذه الشركات تمارس عمليات تضليل للمواطنين بواسطة بيع منتجات منحفة دون عرض الموافقات الصحية ويتم الإعلان عنها بواسطة بعض الفنانين والمشاهير على أنها منتجات ناجحة ومجربة، وتعد هذه مخالفات قانونية وصحية يجب على الجهات المعنية اتخاذ اللازم بحقهم.
أما اليوم الاحد، فقد حذر المركز العراقي لمحاربة الشائعات، مما وصفه بإعلانات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، لمنتجات تنحيف يحتوي بعضها، على مواد مخدرة من بينها "الكبتاغون"، فيما يشير إلى أن أطباء متخصصين أكدوا وجود مواد مخدرة فيها، كما دعا الأجهزة الأمنية لمتابعة الصفحات التي تروج لتلك المنتجات، من أجل حماية المواطنين من "الإرهاب الأبيض".
ويقول المركز، في بيان ورد لـ"انفوبلس"، إن منصات التواصل الاجتماعي انتشر فيها خلال الفترة الأخيرة، إعلانات عن منتجات منحفة (خلطات المنحفات) وبشكل غزير، من دون أي رقيب أو حسيب، مبيناً أن المركز تابع تلك الإعلانات ووجد أنها مضللة، بل وذهب إلى أكثر من ذلك من خلال التواصل مع أطباء متخصصين، أكدوا وجود مواد مخدرة من بينها "الكبتاغون" ضمن تلك الخلطات المنحفة.
ويتابع المركز، أن المتاجرين بتلك المواد، يجعلون من المواطنين ضحية لهم، عبر تعاطيهم للمواد المخدرة من دون علمهم، حتى يصلون إلى مرحلة الإدمان، ليتم رفع الأسعار عليهم لاحقاً"، لافتا الى أن "الكبتاغون" مخدر يستخدم كقاطع للشهية ومساعد على تنزيل الوزن، وهو ما تم استخدامه في عدد من الدول الخليجية في مقدمتها السعودية، قبل العراق.
وبحسب البيان، يدعو المركز العراقي لمحاربة الشائعات، الأجهزة الأمنية المختصة إلى متابعة هذه الصفحات والشركات التي تسوّق لتلك المنتجات، وفحص موادها وحماية المواطنين من "الإرهاب الأبيض".