أمريكا تواجه دعوى قضائية عراقية على خلفية جريمة استعمال اليورانيوم في قصف العراق
انفوبلس/ تقرير
توجد أمام محكمة ستوكهولم السويدية، دعوى قضائية عراقية رسمية رفعها المستشار القانوني لمجلس النواب، الدكتور هاتف الركابي، ضد الولايات المتحدة الامريكية بسبب استخدامها المتكرر لذخائر اليورانيوم المنضب في العقود الأخيرة، تتضمن مطالبة بتعويض عن الأضرار البشرية والمادية، ويسلّط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على هذه الدعوى وحيثياتها.
دعوى قضائية ضد أمريكا على خلفية جريمة استعمال اليورانيوم في قصف العراق
رفع العراق، دعوى قضائية رسمية ضد الولايات المتحدة بسبب استخدامها المتكرر لذخائر اليورانيوم المنضب في العقود الأخيرة، بما في ذلك ضد منشآت نووية سابقة في العراق.
وإن الدعوى قد رُفعت أمام محكمة ستوكهولم في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2021 من قبل هاتف الركابي، مستشار لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي السابق، والمستشار القانوني لمجلس النواب الحالي.
وبحسب ما ورد تتضمن الدعوى مطالبة بتعويض عن تفجيرات استهدفت منشآت نووية سابقة للبلاد في التسعينيات وأوائل القرن العشرين، بالإضافة إلى تعويض عن استخدام القذائف والقنابل والصواريخ التي تحتوي على اليورانيوم المنضب في الحملات الأمريكية ضد العراق على مدى عقود.
ويقول الركابي، إن الدعوى جاءت نتيجة دعوات متكررة للتحرك من قبل أكاديميين عراقيين مغتربين في فرنسا وكندا والدنمارك وبلجيكا، الذين أبدَوا استعدادهم لمساعدة الفريق القانوني، لاسيما فيما يتعلق بالتفجيرات الأمريكية والمنشآت النووية العراقية.
يسعى الفريق القانوني للحصول على قرار من الأمم المتحدة يلزم الولايات المتحدة بدفع تعويضات.
ومن المفارقة أن الدولة العراقية لم تحرّك ساكناً طيلة هذه السنوات. ويبين الركابي أنها لم تنظّف البلد من التلوث، ولم تطالب المجتمع الدولي بإلزام أمريكا وحلفائها بتنظيف التلوث أو المطالبة بتعويضات، مشيرًا إلى أن العراق "قُتل ثلاث مرات" - في عام 1991، 1999 و2003، عن طريق استخدام اليورانيوم المنضب في الولايات المتحدة. ويشير الركابي، أن "تسجيل المئات من الإصابات بالسرطان في الشهر الواحد دليل واضح على حجم الضرر الذي ارتكبته القوات الاميركية المحتلة".
*أميركا تتهرب
في المقابل، أفاد تقرير لموقع برناسا لاتينيا، بأن الولايات المتحدة تصمُّ آذانها تجاه دعوى قضائية رفعها العراق ضد استخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب في إطار غزو واحتلال الدولة العربية عام 2003، لافتا الى أن "الحكومة العراقية تقدمت بشكوى بهذا الخصوص الى محكمة في السويد، لكن لايزال الإجراء القانوني مسكوتاً عنه لدى الرأي العالمي والدولي".
ويرى الكثير من العراقيين أن تحويل شوارعهم إلى ساحات قتال من قبل الجنود الأمريكيين وقتل الآلاف من الأبرياء يجب أن لا يمر دون عقاب ويجب أن تتحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية المادية والمعنوية عن تلك الجرائم.
ووفقا للإحصائيات الرسمية العراقية، قُتل أكثر من 100 ألف مدني في العراق أثناء الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003، ومع ذلك فإن العدد الفعلي للمدنيين الذين قُتلوا بسبب الأعمال العسكرية غير معروف ولكنه في الغالب أعلى من ذلك بكثير.
*اليورانيوم الذي أُلقي بالعراق يساوي 250 قنبلة ذرية
كشفت دراسة جديدة عن تأثير استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب على أطفال العراق، عن إطلاق الولايات المتحدة الأميركية ما بين 1000 الى 2000 طن متري من اليورانيوم المنضب في العراق بعد غزو 2003.
وذكرت الدراسة التي نشرها موقع war is crime الامريكي، أن "الجيش الامريكي اتخذ بعد غزو العراق عام 2003 حوالي 500 قاعدة عسكرية الكثير منها قريب من المدن العراقية، وقد عانت هذه المدن من آثار القنابل والرصاص والأسلحة الكيميائية وغيرها من الأسلحة، كما عانت أيضًا من الأضرار البيئية لحفر الحروق المفتوحة في القواعد الأمريكية والدبابات والشاحنات المهجورة وتخزين الأسلحة، بما في ذلك أسلحة اليورانيوم المنضب او المستنفد".
وأضاف الموقع، أن "الدراسة وثقت نتاجاً أُجريت بالقرب من قاعدة الإمام علي الجوية في مدينة الناصرية جنوب العراق، حيث بيّنت الدراسة التي أُجريت على الأطفال الرُضّع الذين وُلِدوا بين شهري آب وأيلول من عام 2016 لأبوين عاشا في الناصرية استمرار العيوب الخلقية لدى الاطفال حديثي الولادة والتي شملت الدماغ والشذوذ في الأطراف السفلية واستسقاء الرأس وتشوهات أخرى متعددة".
وتابع، أن "الدراسة وجدت علاقة عكسية بين المسافة التي يعيش بها المرء بعيدا عن قاعدة الإمام علي والتشوهات الخلقية لدى الاطفال وكذلك مستويات الثوريوم واليورانيوم في شعر الفرد، حيث يعتبر الثوريوم نتاج تحلل لليورانيوم المنضب والمركبات المشعة"، مبيناً أن "أسلحة اليورانيوم المنضب لم تُخزن في العراق فحسب بل استُخدمت ايضاً حيث تم إطلاق ما بين 1000 و2000 طن متري من اليورانيوم المستنفد في العراق وفقًا لتقرير صدر عام 2007 عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة".
*ما هو اليورانيوم المنضب؟
وأوضحت الدراسة، أن "اليورانيوم المنضب هو معدن ثقيل سام إشعاعي وهو المنتج الثانوي للنفايات في عملية تخصيب اليورانيوم عند إنتاج الأسلحة النووية واليورانيوم للمفاعلات النووية، لأن هذه النفايات المشعة وفيرة و1.7 مرة أكثر كثافة من الرصاص حيث تستخدم حكومة الولايات المتحدة اليورانيوم المنضب في الذخيرة الفعالة للغاية في اختراق المركبات المدرعة. ومع ذلك، تترك كل جولة من ذخيرة اليورانيوم المنضب بقايا من غبار اليورانيوم المستنفد على كل ما تصيبه، مما يؤدي إلى تلويث المنطقة المحيطة بالنفايات السامة التي يبلغ عمرها الافتراضي 4.5 مليار عام".
وبينت الدراسة، أن "إطلاق النار بالذخيرة التي تستخدم اليورانيوم المنضب يحول ميدان المعركة الى موقع للنفايات السامة في مثل هذه المناطق، حيث يمكن استنشاق غبار اليورانيوم المستنفد أو بلعه أو امتصاصه من خلال الخدوش في الجلد، يرتبط اليورانيوم المنضب بتلف الحمض النووي والسرطان والتشوهات الخلقية والعديد من المشكلات الصحية الأخرى. تصنف الأمم المتحدة ذخائر اليورانيوم المنضب على أنها أسلحة دمار شامل غير مشروعة بسبب تأثيرها طويل الأجل على الأرض التي تُستخدم فيها والمشاكل الصحية الطويلة الأجل التي تسببها عندما يتعرض الناس لها".
وأشارت الدراسة الى، أن "تخزين أسلحة اليورانيوم المنضب في العراق من قبل الجيش الامريكي ينتهك اتفاقية حظر الأسلحة العسكرية الذي تفرضه اتفاقيات جنيف وكذلك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بسبب تأثيراتها المميتة والطويلة الأجل".
وبحسب كتاب صدر عن منظمة المجتمع العلمي العربي تحت عنوان "التلوث الإشعاعي والمضاعفات الصحية لحروب الخليج" للدكتور كاظم المقدادي، وهو أكاديمي وباحث طبي وبيئي عراقي مقيم في السويد، فإن اليورانيوم المنضب الذي استُعمل في العراق يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية.
والعلماء استنتجوا أن الحربين الدوليتين بقيادة الولايات المتحدة على العراق في عامي 1991 و2003، واللتين استخدمت فيهما قذائف اليورانيوم المنضب، قد تركتا إرثاً وخيماً على صحة المدنيين العراقيين بشكل عام، وزيادة في السرطانات والتشوهات الخلقية لدى المواليد بشكل خاص، وفقا للكُتاب.
ويضيف، أنه ثمة أدلة قاطعة على أن استخدام اليورانيوم المنضب هو سبب الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بالسرطانات في العراق، مثل سرطان الدم لدى الأطفال وسرطان الثدي لدى الفتيات في بعض مناطق العراق بعد حرب 1991 وخلال احتلال العراق عام 2003 وما بعده، كما تشير الإحصاءَات إلى زيادة كبيرة في الولادات المشوهة في المناطق القريبة من ساحات المعارك.
ويوضح الدكتور المقدادي في كتابه، أنه أُطلقت على العراق خلال الحربين 1991 و2003 كمية هائلة من ذخائر اليورانيوم خلّفت أكثر من 2200 طنا متريا من اليورانيوم المنضب، وهذا اليورانيوم المنضب الذي استُعمل في العراق يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية، وهذا وفقا لما قدّره البروفسور ياغازاكي Katsuma Yagasaki من الهيئة العلمية في جامعة ريوكيوس في أوكيناوا في اليابان.
كما أكد تقرير لموقع "كومون دريم" الأمريكي، أنه في الوقت الذي دفع فيه العراق مليارات الدولارات كتعويضات لغزو الكويت عام 1990، فإن الولايات المتحدة لم تدفع فلساً واحداً كتعويض عن كل الدمار الذي تسببت به في العراق.
واستخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا -لأول مرة في تاريخ الصراعات الدولية- الأسلحة الإشعاعية ضد القوات المسلحة العراقية للفترة من 17/1/1991 إلى 28/2/1991 وللفترة من 1 إلى 3/3/1991 وذلك بعد إعلان وقف إطلاق النار.
يذكر، أنه خلال غزو العراق "تعرضت مدينة الفلوجة إلى قصف شديد باستخدام قذائف اليورانيوم المنضب من جانب القوات الأمريكية".
ويقول النائب في البرلمان العراقي عامر الفايز، إنه "لا يختلف اثنان على أن معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية في العراق، وبخاصة محافظة البصرة، مرتفعة، وتثير القلق منذ سنوات، بخاصة مع إحصاءات تتضمن أرقاماً تعكس مأساة تشمل فئات عدة منها الأطفال". مشيرا إلى، أن "نسبة كبيرة من الأمراض السرطانية سببها استخدام الجيش الأميركي الأسلحة المحرمة في العراق".
يشار إلى أن وزارة الصحة العراقية كشفت في نهاية العام الماضي عن وجود أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج في البلاد.