اتفاق عراقي – تركي يخص نهر الفرات.. بغداد تتحرك لدرء مخاطر الجفاف ومبادرة إقليمية برعاية السوداني

انفوبلس/ تقارير
مع تزايد الحديث عن مخاطر الجفاف لاسيما بعد أن وصل إلى الأهوار، تحرك العراق فعلياً للحد من تلك المخاطر عبر خطوتين تمثلت الأولى بتوقيع اتفاق مع تركيا اليوم السبت يقضي بإطلاق الأخيرة 500 متر مكعب بالثانية يوميا من مياه نهر الفرات، فيما تمثلت الخطوة الثانية برعاية السوداني للمبادرة الإقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، فما تفاصيل الخطوتين؟ وما مخاطر استمرار الجفاف على العراق؟
اتفاق عراقي – تركي
اليوم السبت، كشف وزير الموارد المائية عون ذياب، عن اتفاق عراقي تركي على إطلاق 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات يوميا، وفيما أكد أن العراق يعاني من انخفاض في مناسيب المياه جراء انخفاض الواردات من الدول المتشاطئة المجاورة، وقلة هطول الأمطار، شكا من مشكلة رمي النفايات في نهري دجلة والفرات.
وقال ذياب في مؤتمر صحفي على هامش مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، والذي انعقد بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومشاركة دول مجاورة، إن “العراق وتركيا اتفقا على إطلاق 500 متر مكعب بالثانية يوميا من مياه نهر الفرات، وأن هناك لجانا مشتركة مع كل من إيران وتركيا تواصل العمل على تأمين حصص البلاد المائية من كلا البلدين”.
وأضاف، إن “العراق مستمر بتنفيذ بنود الاتفاقية الإطارية مع تركيا، ومن ضمنها قيام الجانب التركي بتنفيذ مشاريع البنى التحتية في قطاع الري وضمان استمرار الإطلاقات المائية من الأراضي التركية”.
وأشار وزير الموارد المائية إلى أن “المبادرة الاقليمية التي أطلقها رئيس الوزراء لحماية نهري دجلة والفرات تهدف الى ضمان استمرار تدفق مياه النهرين وحمايتها داخليا”.
وبين أن “جهود الوزارة نجحت في الحفاظ على استدامة مياه الأهوار رغم الشح المائي الحاد الذي يعاني منها البلاد وعدم سقوط أمطار غزيرة”.
وعن حاجة العراق من إنشاء سدود جديدة للمياه، أوضح أن “العراق لا يحتاج فعليا لبناء سدود خزنية، وهناك فراغات خزنية كبيرة في السدود الحالية تقدر بحوالي سبعة مليارات لتر إضافية في سد الموصل، وأربعة مليارات لتر في سد الثرثار، فضلا عن ثمانية مليارات لتر إضافية في سد حديثة”، مردفا بالقول إنه “لا توجد أي حاجة فعلية لبناء سدود وخزانات جديدة في العراق”.
كما شكا ذياب، من “مشاكل وتحديات تواجهنا، ممثلة برمي النفايات في نهري دجلة والفرات وهي ثقافة خاطئة، في ظل زيادة الطلب على المياه، والنقص الكبير في الإمدادات المائية”.
مبادرة إقليمية
بدوره، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن المبادرة الإقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، لتحقيق أمن مائي راسخ.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان اليوم السبت تلقته شبكة انفوبلس، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، رعى مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، الذي ينعقد في العاصمة بغداد تحت شعار: "المياه والتكنولوجيا... شراكة من أجل التنمية"، وشهد حضوراً نوعياً للشركات والمؤسسات الدولية المعنية بالمياه".
وأعلن رئيس الوزراء، خلال المؤتمر عن "المبادرة الإقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، تحت شعار: "مياهُنا... مستقبلُنا"، وهي خطوة استراتيجية شاملة لحماية النهرين الخالدين من التدهور، وضمان جريانهما، وستكون منصّة لفهم الأدوار والواجبات والمسؤوليات، والمنفعة المشتركة، ومجالات التعاون المتاحة"، مؤكداً أنّ "المبادرة تستند إلى مساحة الابتكار التقني، وتوظيف العِلم والتكنولوجيا في مواجهة تغيرات المناخ".
وحيّا رئيس الوزراء، "جهود القائمين على هذا المؤتمر، الذي يؤكد الاعتماد على الشراكة، والتنمية، لتكونا مُنطلقاً لمواجهة المشكلات والتحديات في مجال المياه وتأمينها"، مبيناً "اعتماد العراق خلال العامين المنصرمين حلولاً تكنولوجية، لمعالجة تراجع الموارد المائية، كما حيّا سيادته جهود القائمين على استضافة بغداد ولأول مرة (مؤتمر الرّي الدقيق) بنسخته الـ11، الذي تنظمه اللجنة الدولية للرّي والبزل، وهو فرصة استراتيجية لتطوير قدرات الحوكمة في مجال إدارة المياه، والزج بالذكاء الاصطناعي لدعم تجربة العراق الحديثة في التحوّل الرقمي، والاستفادة من الخبرات العالمية في هذا الشأن".
وبين رئيس الوزراء، أن "الشراكة المسؤولة على المستويين الوطني والدولي في إدارة المياه، يمكن أن تفتح الطريق نحو الحلول المستدامة، وتقليل آثار التغير المناخي"، مؤكداً على "تحديد المسؤوليات في الجهود الوطنية والمشاركة المجتمعية في الحفاظ على ثروة المياه".
وأشار: "خطونا خطوات مهمة في مجال استخدام تقنيات الرّي الحديثة، والأتمتة في إدارة السدود والخزين المائي، والري المغلق، وتحلية المياه، ومعالجات الصرف الصحّي"، مردفاً: "أعددنا سياسات وطنية للتكيّف مع التأثيرات المناخية".
وتابع: "قدمنا إطار حل، ضمن مبادئ القانون الدولي، والأعراف التي تجمع البلدان المتشاطئة، خصوصاً في حوضي نهري دجلة والفرات"، مستذكراً "مقولة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته للعراق، في أن نهري دجلة والفرات شأن عالمي وليس شأناً محلياً".
ولفت الى أنه "حققنا خطوات مهمة في مجال حماية المياه، ومكافحة التلوث ووضع معايير صارمة للحد منه، والحفاظ على المياه الجوفية وعدم استنزافها، وتطوير برامج التوعية بهذه الجهود"، مستدركاً أن "الحكومة مصممة على تجاوز العقبات، نحو أمن مائي راسخ للعراق، وتطوير يجاري احتياجات المستقبل، ويراعي مصالح شعبنا، والانفتاح نحو المزيد من الشراكة والمصلحة المتبادلة مع دول الإقليم".
أزمة الجفاف والتغير المناخي وموقف الأمم المتحدة
تشتد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، بسبب سياسات مائية لإيران وتركيا، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.
ويُعد العراق من بين أكثر خمس دول تضررا من التغير المناخي بحسب تقارير للأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بالموضوع.
وقالت منظمة البنك الدولي، في نهاية العام 2022، إن العراق يواجه تحديا مناخيا طارئا ينبغي عليه لمواجهته التوجه نحو نموذج تنمية “أكثر اخضرارا ومراعاةً للبيئة”، لا سيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة، فإنه وبحلول العام 2040، “سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحاً فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخصر وشامل”، أي ما يساوي نسبة 6 بالمئة من ناتجه الإجمالي المحلي سنويا.
وكان مركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان قد افاد مؤخرا، بأن العراق فقد نحو 30 بالمئة من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل بسبب التغيرات المناخية خلال السنوات الثلاثين الأخيرة.
في الأثناء، أكدت الأمم المتحدة، اليوم السبت، دعمها للعراق بتحديث نظم الري وتعزيز السياحة البيئية وتنظيم الزراعة الذكية.
وقال نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق غلام اسحاق زاي، في كلمة له خلال مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه تابعتها شبكة انفوبلس، “من خلال الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة مع شركائها فإننا ندعم العراق لتحديث نظم الري وتعزيز السياحة البيئية وتنظيم الزراعة الذكية، وتعزيز قدرات العراق في مفاوضاته، في الوقت التي نعمل مع الحكومة على اللمسات الأخيرة للعمل بالتعاون في مجال التنمية المستدامة، إذ اننا نضع العمل المناخي والاستدامة البيئية في صميم رؤيتنا المشتركة”.
وأضاف زاي، أن “إطار التعاون في مجال التنمية المستدامة يضمن اعتماد شامل ومتكامل لإدارة الموارد المائية ويضمن الأمن المائي ويمنع النزوح في المستقبل ويدعم التنمية المستدامة لجميع العراقيين”، لافتا الى أن “هذه الجهود التصقت مع الخطة الوطنية التي قدمها العراق ومع التزاماته المناخية وأهداف التنمية المستدامة، ولاسيما الهدف السادس المتعلق بالمياه النظيفة”.
وأوضح أن “هناك ثلاثة مجالات رئيسية ستؤدي في هذا المجال إلى الاستثمارات الاستراتيجية وخلق دور أفضل في تعزيز التنسيق المؤسسي والإنفاق المالي”، داعيا الى “تعزيز إدارة المياه على الصعيد الوطني والتنسيق بين الوزارات والمؤسسات، وتسهيل وتيرة المسائل القانونية التي تعزز المشاركة وتنويع مصادر المياه، من خلال الاستثمار في أنظمة الري الحديثة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وتوسيع استخدام مياه الأمطار التي تساعد العراق على التكييف”.