احتجاجات وإضرابات في محافظات عراقية بسبب تأخر صرف الرواتب.. انفوبلس تكشف الأسباب الحقيقية
انفوبلس/ تقرير
شهدت محافظات عراقية في الشمال والجنوب، اليوم الثلاثاء 3 أيلول/ سبتمبر 2024، وقفات احتجاجية وإضرابات عن الدوام وإغلاق دوائر حكومية، وذلك على خليفة تأخر صرف رواتب الموظفين، في مشكلة بدأ يشتكي منها العديد من موظفي الدولة في مختلف الوزارات، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الأسباب الحقيقية "غير المعلنة" وراء ذلك.
تحتاج الدولة العراقية 7.5 تريليون دينار شهريا لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية، وفق تقديرات اللجنة المالية، وهو حجم سيولة كبير قد لا يمكن للمالية امتلاكه وتحقيقه شهريا.
*وقفات احتجاجية وإضرابات
أعلن موظفو دوائر الكهرباء في محافظتي البصرة وذي قار الإضراب عن الدوام وإغلاق الدوائر، احتجاجاً على تأخر إطلاق الرواتب، حيث قام موظفو محطة كهرباء البصرة بوقفة احتجاجية على تأخر رواتبهم، فيما أقدم موظفو صيانة كهرباء البطحاء في ذي قار على إغلاق الدائرة والإضراب عن العمل.
كما تجدّدت احتجاجات الموظفين في إقليم كردستان عقب تأخر وصول رواتبهم على مدى الشهرين الماضيين (يوليو/تموز وأغسطس/آب 2024). وهدّد موظفو عدد من المؤسسات الحكومية في محافظتي السليمانية وحلبجة، ببدء إضراب شامل في حال استمرار تأخر صرف رواتبهم.
وأفادت أنباء واردة من السليمانية وحلبجة بأن موظفي الجوازات والصحة قرروا التوقف عن تقديم الخدمات للمواطنين بشكل كامل. جاء ذلك بعدما أضربت عن العمل معظم المؤسسات الحكومية، وكاد يتسبب إضراب المعلمين بإلغاء العام الدراسي للسنة الماضية.
وتأتي الاحتجاجات في وقت يعاني الموظفون في إقليم كردستان منذ سنوات من تأخر وصول رواتبهم، نتيجة الخلافات المالية والسياسية بين بغداد وأربيل.
وبحسب مراقبين تحدثوا لشبكة "انفوبلس"، فإن التأخير المتواصل في وصول الرواتب يؤدي إلى استياء شعبي عام ينعكس بين فترة وأخرى على شكل تظاهرات وإضرابات، كما أنه يتسبب بتراجع كبيرة في حركة الأسواق، بيعاً وشراءً، مشيرين الى أن مشكلة تأخر الرواتب تكررت لعديد من القطاعات والوزارات والجهات، حيث طال الأمر بدايةً موظفي إقليم كردستان وتكرر الأمر كذلك مع منتسبي هيئة الحشد الشعبي، فيما طالت مؤخرا موظفي وزارة الكهرباء.
ما الأسباب؟
كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم الثلاثاء 3 أيلول/ سبتمبر 2024، سبب تأخر تسديد رواتب موظفي وزارة الكهرباء، فيما أشار الى أن التأخير المستمر يرهق الموظفين الذين لا دخل لهم سوى الراتب ويدفعهم الى الاستنكار والاحتجاج والتظاهر.
وقال المرسومي في تدوينة تابعتها شبكة "انفوبلس"، إنه بسبب الدعم الحكومي الكبير جدا للكهرباء فإن أموال الجباية (إيرادات الكهرباء) لا تكفي لتسديد رواتب الموظفين وجزء من نفقاتها ولذلك تقوم وزارة المالية شهريا بتمويل 50% من رواتب موظفي الكهرباء.
وأضاف، إنه في كل شهر تتأخر الرواتب بسبب أن وزارة المالية تطالب بقوائم الجباية نهاية كل شهر حتى يمكن لها تمويل نصف رواتب الموظفين وفي العادة يستغرق الأمر عدة أيام ولذلك يتأخر تسديد الرواتب، لافتا الى أنه يمكن لوزارة المالية أن تعتمد على أموال الجباية للشهر السابق كأساس في تسديد الرواتب من دون تأخير ثم تجري مقاصة لتخصيصات رواتب الموظفين بين رواتب الشهر السابق والشهر الذي يليه لأن هذا التأخير المستمر يرهق الموظفين الذين لا دخل لهم سوى الراتب ويدفعهم الى الاستنكار والاحتجاج والتظاهر.
كما نأت وزارة الكهرباء، بنفسها عن تأخير صرف رواتب الموظفين والعاملين لديها، محملة وزارة المالية المسؤولية بهذا الشأن.
أما بالنسبة للحشد الشعبي، فقد أكد النائب مصطفى سند اليوم، أنه بطلب من رئيس أركان هيئة الحشـد، صوت مجلس الوزراء على إضافة مبلغ 367 مليار دينار لحساب (تعويضات الموظفين للهيئة) لغرض سد النقص بالرواتب، وبذلك تنتهي مشكلة نقص الراتب التي نوهنا عنها سابقاً.
بالمقابل، يؤكد نواب أن تأخر الرواتب وراؤه نقص في السيولة المالية، أدت لتأخر صرف الرواتب لأيام، في حين تؤكد الجهات الحكومية عدم تأثر رواتب الموظفين، إلا أنها لم تنفِ بشكل او بآخر بشكل مباشر وجود أزمة سيولة.
وبحسب خبراء بالشأن الاقتصادي، فإن مسألة تأخر الرواتب بين احتمالين، الأول عدم توفر سيولة كافية وانتظار وزارة المالية الحصول على الدينار من خلال إيرادات الشركات العامة والوزارات وما يأتيها من رسوم وضرائب، أما الاحتمال الثاني هو الإمعان بتدقيق القوائم خصوصا مع ارتفاع الإنفاق الكبير للدولة، أو أن تكون مسألة تدقيق القوائم هي "حجة" أو مبرر تتخذه المالية لتضييع الوقت لحين توفر السيولة وإطلاق الرواتب.
وفي سياق معالجة أزمة الرواتب، التقى رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، مساء يوم الأحد الماضي، مع الوزراء الأكراد في الحكومة الاتحادية ورؤساء الكتل الكردية في البرلمان الاتحادي.
وعقب الاجتماع، قال وزير الخارجية فؤاد حسين، في مؤتمر صحافي، إن "الاجتماع كان جيداً وتم تناول الميزانية والرواتب، وبحث المشاكل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان". وأضاف أنه "تقرر أن يعمل البرلمانيون بكل الكتل الكردستانية معاً، وأن يتواصلوا مع وزارة المالية الاتحادية لحسم رواتب أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر (أيلول) إلى نهاية العام، وأن يقوم الوزراء بأخذ دورهم مثل السابق".
وتحدث حسين عن أن "مشكلة راتب شهر يوليو تم حلها، ونحاول حل مشكلة رواتب شهر أغسطس في أقرب وقت ممكن، وإذا تم حل المشاكل الفنية (بين بغداد وأربيل)، فإن الرواتب ستستمر كما ورد في قانون الموازنة".
ونشرت حكومة إقليم كردستان، أمس الاثنين، جدولاً يتضمن توزيع مرتبات الموظفين لشهر يوليو خلال ثلاثة أيام. وقالت وزارة المالية في الإقليم، في بيان، إن "رواتب المتقاعدين لشهر يوليو الماضي سيتم توزيعها وفق قانون التقاعد الموحد وبعد المعادلة مع الرواتب لدى الحكومة الاتحادية". وأضافت أن عملية توزيع الرواتب ستبدأ يوم الثلاثاء وستنتهي بنهاية عملية توزيع الرواتب لهذا الشهر.
وأكدت، أن "جميع الوزارات، بالإضافة إلى الموظفين والمستفيدين من الرواتب، يجب عليهم الالتزام بتواريخ توزيع الرواتب وفقاً للجدول الزمني المحدد".