استفتاء انفوبلس.. منصات التعليم الإلكتروني العراقية في اختبار الثقة والانتشار

انفوبلس..

في ظل التحوّل المتسارع الذي يشهده قطاع التعليم في العراق، وتنامي الاعتماد على الفضاء الرقمي بوصفه بديلاً أو مكمّلاً للتعليم التقليدي، أعلنت شبكة انفوبلس نتائج استفتائها الجماهيري لاختيار أفضل منصة تعليم إلكتروني عراقية لعام 2025. الاستفتاء، الذي حظي بتفاعل واسع، لم يكتفِ بترتيب المنصات وفق نسب التصويت، بل قدّم قراءة واضحة لميول الطلبة وأولياء الأمور، وكشف حجم الثقة التي تحظى بها التجارب التعليمية الرقمية في البيئة العراقية.

أظهرت النتائج النهائية للاستفتاء تصدّر منصة نور التعليمية المشهد التعليمي الرقمي، بعد حصولها على نسبة 38% من مجموع الأصوات، لتحتل المرتبة الأولى بوصفها المنصة الأكثر تفضيلاً لدى الجمهور العراقي خلال عام 2025. هذا التقدّم يعكس، وفق متابعين، قدرة المنصة على بناء حضور راسخ، وتقديم محتوى تعليمي يواكب احتياجات الطلبة، ويتلاءم مع الواقع الدراسي المحلي.

وجاءت منصة أبواب التعليمية في المرتبة الثانية بنسبة 30% من الأصوات، مؤكدة موقعها كمنافس رئيسي في سوق التعليم الإلكتروني، وقدرتها على استقطاب شريحة واسعة من المستخدمين، ولا سيما من طلبة المراحل الدراسية المختلفة، ممن يبحثون عن بدائل مرنة للدروس الخصوصية أو الدعم المدرسي التقليدي.

في المرتبة الثالثة حلّت مرماز أكاديمي بنسبة 29%، في نتيجة تعكس تقارباً كبيراً بين المنصات الثلاث المتصدّرة، وتدل على أن المنافسة في هذا القطاع لم تعد محسومة لطرف واحد، بل تقوم على تفاصيل دقيقة تتعلق بجودة الشرح، وتنظيم المحتوى، وسهولة الاستخدام، والتفاعل مع الطلبة.

أما بقية المنصات المشاركة في الاستفتاء، فقد جاءت بنسب متواضعة، حيث حصلت Ta3leem على 1% من الأصوات، وهي النسبة نفسها التي نالتها كل من منصة ريشا التعليمية و**ماكس أكاديمي**، ما يشير إلى محدودية انتشار هذه المنصات أو ضعف حضورها الجماهيري مقارنة بالمنافسين الكبار.

وشارك في الاستفتاء 848 مصوّتاً، وهو رقم يعكس اهتماماً ملحوظاً بملف التعليم الإلكتروني، ويمنح النتائج بعداً تمثيلياً مهماً، خصوصاً أن التصويت جاء من مستخدمين لهم تماس مباشر مع هذه المنصات، سواء بصفتهم طلبة، أو أولياء أمور، أو مهتمين بالشأن التعليمي.

وتكشف قراءة معمقة للنتائج أن الجمهور العراقي بات أكثر قدرة على التمييز بين المنصات، ولم يعد يكتفي بعناوين عامة أو وعود تسويقية، بل بات يقيم التجربة التعليمية الرقمية بناءً على معايير ملموسة، من بينها وضوح الشرح، ومطابقة المحتوى للمناهج الرسمية، واستقرار المنصة تقنياً، فضلاً عن كفاءة الكادر التعليمي.

ويرى مختصون في شؤون التعليم أن تقارب النسب بين المنصات الثلاث الأولى يعكس حالة صحية من التنافس، يمكن أن تنعكس إيجاباً على جودة المحتوى وتطوير الأدوات التعليمية، في حال استثمرت هذه المنصات نتائج الاستفتاء بوصفها مؤشراً على نقاط القوة والضعف.

في المقابل، تطرح النتائج المتواضعة للمنصات الأخرى تساؤلات حول قدرتها على الاستمرار في سوق سريع التغيّر، لا يرحم التجارب غير القادرة على التحديث والتفاعل مع احتياجات المستخدم. فالتعليم الإلكتروني، بحسب المتابعين، لم يعد مساحة للتجربة، بل أصبح خياراً أساسياً لآلاف الطلبة في مختلف المراحل.

وأكدت شبكة انفوبلس أن هذا الاستفتاء يأتي ضمن إطار نشاطها الإعلامي الهادف إلى قياس نبض الشارع، وتسليط الضوء على القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر، وفي مقدمتها قطاع التعليم. كما شددت على أن النتائج لا تمثل تصنيفاً أكاديمياً رسمياً، بل قراءة جماهيرية تعكس الانطباع العام وتجربة المستخدم.

ويرى مراقبون أن مثل هذه الاستفتاءات تمثّل فرصة مهمة لصنّاع القرار التربوي، ولإدارات المنصات التعليمية، لفهم اتجاهات الطلب الحقيقي، والعمل على تطوير أدوات التعليم الرقمي بما يتناسب مع الواقع العراقي، بعيداً عن استنساخ نماذج جاهزة من بيئات مختلفة.

وفي المحصلة، تعكس نتائج استفتاء “أفضل منصة تعليم إلكتروني عراقية لعام 2025” مشهداً تعليمياً رقمياً يتشكّل بسرعة، تتقدّمه منصات استطاعت أن تحجز مكانها في ثقة الجمهور، فيما تقف أخرى عند مفترق طرق حاسم. وبين هذا وذاك، يبقى صوت المستخدم هو العامل الأهم في رسم مستقبل التعليم الإلكتروني في العراق، في مرحلة يبدو فيها هذا القطاع مرشحاً لمزيد من التوسع والتأثير خلال السنوات المقبلة.