استنفار بمدينة الصدر بعد وفاة مواطن بسبب التعذيب.. عشيرة السواعد تتهم ضابط بالأمن الوطني بقتل "أمير الصخراوي".. تعرف على قصة الابتزاز ودور "مقدم محمد"
انفوبلس..
في قطاع 60 بمدينة الصدر شرقي بغداد، تستنفر عشيرة السواعد (بيت صخر) بسبب وفاة أحد أبنائها تحت التعذيب بعد 12 يوماً على اعتقاله من قبل جهاز الأمن الوطني، دون أي إعلان أو موقف من الجهات الرسمية.
تفاصيل أولية
مصادر محلية ومقربة من الضحية كشفت لشبكة "انفوبلس" أنه بتاريخ 17/1/2024 داهمت قوة من الأمني الوطني منزل المواطن "أمير عبد السادة ناصر الصخراوي الساعدي" ، في الخمسينات من العمر، بقطاع 60 في مدينة الصدر بتهمة الاتجار بالأسلحة واعتقلته دون الكشف عن مكان اعتقاله.
وأضافت، إنه بعد التحرك من قبل عائلته اتضح أن عبد السادة محجوز في مقر تابع لجهاز الأمن الوطني يقع بالقرب من جامع النداء حيث بدأت عائلته بالتحرك في محاولة لإطلاق سراحه، خصوصاً بعد وجود سوابق ومشاجرات بينه وبين أحد ضباط الأمن الوطني ويدعى (مقدم محمد) ما ولّد خوفا لدى ذوي المعتقل من وجود عملية انتقامية.
وبينت، إن عبد السادة كان يمتلك قطع سلاح بسيطة (بندقية كلاشنكوف ومسدس صوتي عدد 2) تمت مصادرتها أثناء عملية الاعتقال، ويصعب تصنيفه كـ(تاجر سلاح) لكنه كآلاف المواطنين في المناطق الشعبية وخصوصاً مدينة الصدر الذين يمتلكون أسلحة في منازلهم ويقومون ببيعها وشراء غيرها بين فترة وأخرى.
شهادة عائلية
أحد أبناء عائلة أمير عبد السادة تحدث لـ"انفوبلس" كاشفاً تفاصيل وفاة قريبه وما سبقها من أحداث، وقال إن الضحية تعرض قبل نحو عام للابتزاز من قبل أحد ضباط الأمن الوطني ويدعى (مقدم محمد) وذلك بعد اعتقال الجهاز أحد أبناء أمير بتهمة حيازة سلاح غير مرخص.
وأضاف، إن مقدم محمد طلب رشوة من أمير لإطلاق سلاح ولده وللتغاضي عن تجارته بالسلاح، الأمر الذي تنفيه عائلة الضحية بشكل مطلق وتؤكد أن الأمر كله يتمركز حول ابتزاز ضابط فاسد لمواطن بسيط.
وتابع المصدر العائلي، إن المتوفي تمكن من الاتصال بأهله مرة واحدة أثناء فترة اعتقاله وأبلغهم بمكان الاعتقال (قرب جامع النداء)، لكنه انقطع بعدها حتى تم الاتصال بعائلته من قبل الجهات الأمنية، يوم أمس الأحد، لإبلاغهم بالقدوم إلى مطار المثنى لتسلم جثمان أمير الذي توفي بسبب المرض، بحسب إبلاغ الجهة الأمنية المتصلة.
الفحص الأولي لجثة عبد السادة بحسب المصدر أوضح وجود كدمات على جسده وازرقاق واضح في منطقة الرقبة، ما ولّد قناعة تامة لدى عشيرة المتوفي بإنه فارق الحياة نتيجة للتعذيب وأوصلهم ليقين بأن قاتله هو (مقدم محمد) بعد أن رفض أمير الانصياع لابتزازه ودفع الرشوة له، وفقا لقناعة ذوي المتوفي.
وبحسب الإجراء الروتيني في دائرة الطب العدلي بوزارة الصحة فإن نتيجة تشريح الجثة تظهر بعد شهر كامل، الأمر الذي جعل عشيرة عبد السادة تهمل نتيجته مهما كانت فضلا عن تخوفها من وجود أذرع للضابط الفاسد في وزارة الصحة تعمل على تغيير نتيجة التشريح وتثبت أن الوفاة طبيعية ليتمكن قاتل أمير من الإفلات من العقاب.
المصدر تحدث عن قيام القوة التي داهمت منزل عبد السادة واعتقلته قامت بـ"سرقة" أموال كانت موجودة في المنزل وصادرت سيارة المتوفي أثناء تنفيذ مذكرة القبض.
وفي صباح اليوم الاثنين، جرى تشيع جثمان أمير عبد السادة الصخراوي في قطاع 60 بمدينة الصدر وسط أجواء عشائرية مشحونة ومطالبات كبير من ذويه وأبناء عشيرته بالقصاص من قاتله بجميع السبل المتاحة، مع وجود أصوات عقلانية تدعو للتهدئة واتباع السبل القانونية وانتظار نتيجة تقرير الطب العدلي والتصرف بناءً عليه وعدم الانجرار وراء الظنون غير المؤكدة بشكل قاطع لغاية هذه اللحظة.
التعذيب في السجون
لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ذكرت في ملاحظاتها الختامية التي نُشرت في 15 حزيران/ يونيو الماضي عن بواعث قلقها إزاء استخدام التعذيب على نطاق واسع، لاسيما خلال مراحل التحقيق، في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في شتى أنحاء العراق، وافتقار السلطات القضائية المكلفة بالتحقيق في شكاوى التعذيب إلى الحياد، بحسب المنظمة.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2022 فتحت الحكومة العراقية الباب أمام استقبال شكاوى كل من تعرض للتعذيب وانُتزعت منه اعترافات بالإكراه، لكن لم تنشر أي نتائج بشأن ما توصلت إليه أو عدد الشكاوى التي تلقتها.
وقال مكتب السوداني الإعلامي، إنه "لأهمية توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق، ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسرا، وفقا لما جاء بالدستور، فإننا نُهيب بمن تعرض لأي صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززة بالأدلة الثبوتية".
وعمل رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، وزيرا لحقوق الإنسان خلال حكومة المالكي الثانية.
حادثة قديمة تسببت بضجة
في تموز من عام 2021، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بحادثة وفاة شاب اعتُقل بسبب تشابه الأسماء في محافظة البصرة، وسط مطالبات بفتح تحقيق عاجل، وتحديد الأشخاص المتورطين بذلك، فيما قالت السلطات إنه كان "متهما بالقتل".
ولقي الشاب هشام محمد مصرعه، في ظروف غامضة، عندما كان محتجزا لدى مديرية مكافحة الإجرام في البصرة، حيث تعرض للتعذيب والضرب المبرح، والركل الشديد على رقبته، وفق مصادر محلية، وأقرباؤه الذين تحدثوا عن ذلك.
وفي تفاصيل الحادث، الذي فتح ملف "التعذيب" داخل السجون العراقية من جديد، قال أحد أقرباء الشاب: "ما حصل بالضبط هو اعتقال الشاب هشام بداعي تشابه الأسماء، عندما كان عائدا من بغداد، وتم اقتياده مع آخرين إلى قيادة شرطة البصرة".
وأشار إلى أن الشاب "تعرض للتعذيب والضرب منذ انطلاق السيارة العسكرية، وصولا إلى المخفر، في مسافة قدرها نحو 40 كليومتر، وقد فقد الوعي إثر ذلك".
ويضيف قريب محمد: "بعدها بيومين طلبت الشرطة حضور ذويه، لتسليمه إليهم، وذلك بعد إخلاء سبيله من القاضي، الذي أكد أنه ليس الشخص المعني والمطلوب، حيث تسلمه أولاد عمه وهو فاقد للوعي، وفي بطانية، وعند انطلاقهم من مركز الشرطة، إلى المستشفى لإسعافه، فارق الحياة في منتصف الطريق".
ولفت إلى وجود "علامات تعذيب على أجزاء من بدنه، حيث تعرض للضرب المبرح من قبل المنتسبين، فيما ركله أحد الضباط على رقبته، كما تحدث لنا شهود عيان، عندما طالبه الضحية بالماء، حيث أفقدته تلك الضربة الوعي، وبقي يتألم منها، وتوفي على إثرها كما نعتقد".
وفي تعليق رسمي، قالت مديرية شرطة محافظة البصرة إن المتوفي كان مطلوبا إلى الجهات الأمنية عن جريمة قتل وليس تشابه أسماء، كما تحدث أقرباؤه.
وينتقد حقوقيون ومنظمات مختصة، استمرار الانتهاكات الإنسانية في العراق بشكل عام، خاصة تلك التي تصدر عن جهات حكومية، على رأسها مديريات مكافحة الإجرام في المحافظات التابعة لوزارة الداخلية.