اعتداء على الكادر الطبي في مستشفى الشهيد الصدر.. والشرطة الاتحادية تلقي القبض على المتهمين
انفوبلس/..
أفادت الشرطة المحلية، اليوم الأحد، بإلقاء القبض على مجموعة أشخاص لاعتدائهم على كادر طبي داخل مستشفى شرقي العاصمة بغداد.
وقال مصدر في الشرطة، إنه "تمّ القبض على 6 أشخاص قاموا بالاعتداء بالضرب والسب والشتم على الكادر الطبي في مستشفى الشهيد الصدر شرقي العاصمة بغداد".
وعزا المصدر، أسباب المشاجرة بسبب وفاة "خال" المُلقى القبض عليهم.
وتداولت صفحات في مواقع التواصل الإجتماعي، مقاطع فيديو وثّقت اندلاع نزاع مسلح من قبل مسلحين مجهولين، داخل مستشفى الشهيد الصدر، في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد.
وبعد ليلة متوترة في أجواء المستشفى المذكور عاد الهدوء إلى اليه بعد سيطرة قوات الشرطة الاتحادية على الموقف.
وقد أعلنت الشرطة الاتحادية، أن قطعاتها نفذت واجبات أمنية في إطار جهودها لملاحقة الخارجين عن القانون والمطلوبين للقضاء، حيث ألقت قوة من اللواء 18 في مدينة الصدر القبض على 6 أشخاص قاموا بالاعتداء على الكوادر الطبية في مستشفى الصدر.
وذكرت الشرطة الاتحادية، أن المتهمين تمت إحالتهم أصولياً إلى الجهات المختصة.
وتسجل مستشفيات العراق عامة، حوادث اعتداء متكررة تجاه الكوادر الطبية والموظفين وحتى عناصر أمنها، وسط مطالبات مستمرة بتحمل الجهات المعنية المسؤولة واجبها إزاء حماية الأطباء.
موقف القانون العراقي من الاعتداءات
ووفقًا لإحصاءات رسمية، فإن 72 ألف طبيب عراقي لا زالوا خارج البلاد، إذ دفعت بهم الظروف الأمنية والاعتداءات والتهديدات التي تعرضوا لها إلى الهجرة.
ويعاقب قانون العقوبات العراقي في المادة 229 و230 و231 وكذلك المادة 6 من قانون حماية الأطباء 26 لسنة 2013 بالحبس 3 إلى 5 سنوات في حالة الإيذاء أو الاعتداء، أو الغرامة من 200 ألف دينار إلى مليون دينار.
ويفرض القانون العراقي، عقوبات على كل من يعتدي على موظف حكومي في أثناء أدائه واجبه، ومنهم الأطباء. حيث ذكر خبير قانوني أن "قانون العقوبات العراقي حدد العقوبات الخاصة بالاعتداء على المكلّفين بخدمة عامة، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات".
وأوضح، أن "العقوبة تكون مشددة في حال تعرض المعتدى عليه للأذى أو أُصيب بجروح أو إعاقة مستديمة، ويمكن أن تكون العقوبة ضعف تلك المدة"، مشيراً إلى أن "أسباب ارتفاع نسبة الاعتداء على الموظفين والأطباء في أثناء أداء الواجب خلال الفترة السابقة يرتبط بجهل المواطنين بتلك العقوبات، فضلاً عن انعكاسات الظرف الراهن الذي يعيشه البلد".
اعتداءات مستمرة على الكوادر الطبية
تتعرض الجهات المسؤولة في العراق لانتقادات كبيرة على إثر تلك الاعتداءات، لعدم توفيرها الحماية اللازمة للكوادر الطبية، وعدم توفير أجواء صحية للعمل.
وخلال الأعوام الماضية، سجلت مستشفيات العراق اعتداءات مستمرة، طالت عشرات الأطباء والطبيبات، إثر عدم نجاح عمليات جراحية، أو اتهامهم بالتقصير في أداء واجبهم، وتعرض كثيرون للضرب المبرح والجروح والكدمات من قبل ذوي المرضى أو عشائرهم، في وقت شكا فيه الأطباء عدم وجود حماية أمنية لهم خلال ممارسة العمل، وخارجه.
وتتعرض الجهات المسؤولة في العراق لانتقادات كبيرة على إثر تلك الاعتداءات، لعدم توفيرها الحماية اللازمة للكوادر الطبية، وعدم توفير أجواء صحية للعمل.
من جهته، أكد عضو نقابة الأطباء العراقيين، مازن الموسوي، "ضعف الإجراءات المتبعة لتوفير الحماية للأطباء داخل مستشفياتهم". مبيناً أن "المسؤولية كاملة تقع على وزارة الصحة والجهات الأمنية، إذ لم يتم اتخاذ الإجراءات الكافية للحماية داخل المستشفيات، وهذا جزء من الخلل الكبير الذي يجب إصلاحه". وأضاف، أن "الجزء الآخر هو العقوبات القانونية التي يجب أن تُفرض على المعتدين، والتي يجب أن تُشدّد". معتبراً أن "إهمال ذلك هو سبب في عدم انتهاء تلك الاعتداءات".
وقال أيضا عضو نقابة الأطباء العراقية، هشام المحمدي، إن "ملف الاعتداء على الأطباء تتحمل مسؤوليته وزارة الصحة والجهات الأمنية". مبيناً أنه "يجب أن تكون هناك إجراءات رادعة داخل المستشفيات توفر الحماية للكوادر الطبية من أي اعتداء قد يتعرضون له".
كما أكدت صحيفة الغارديان البريطانية، تزايد حالات الاعتداء على الأطباء في العراق، ما يهدد بهجرة المزيد منهم إلى الخارج، وقالت في تقرير نشرته العام الماضي، إن "قسمًا كبيرًا من الأطباء يفكر بالهجرة إلى الخارج بسبب تزايد حالات الاعتداء عليهم، ويرفض بعضهم إجراء العمليات الجراحية المعقّدة بسبب الخوف من الملاحقة العشائرية التي ينتج عنها دفع مبالغ عالية إلى ذوي المريض في حال وفاته".
وكشف التقرير عن تعرّض 87% من أطباء العاصمة بغداد للعنف، وأن غالبية هؤلاء الأطباء ذكروا بأن حالات العنف ضدهم قد تصاعدت منذ بدء وباء جائحة كورونا، وأن ثلاثة أرباع الهجمات والاعتداءات كانت تُرتكب من قبل مرضى وعائلاتهم، محمّلين السلطات الحكومية المسؤولية بسبب ضعف إجراءاتها الأمنية. ولفت أن دراسة أُجريت عام 2017 أظهرت أن 77% من الأطباء المبتدئين يفكرون بالهجرة، وأن 20 ألف طبيب غادروا البلاد عام 2019، مشيرا إلى أن عامل العنف هو أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحالة.
نقص الخدمات الطبية والفساد
غالباً ما يتم الاعتداء على الطبيب بسبب نقص الخدمات الطبية التي هي بالأساس خارج إرادته، فيظنّ المواطن أن التقصير سببه الطبيب لا المؤسسة التي أرهقها الفساد في الفترات الماضية
بعد أن تفاقمت ظاهرة الفساد في المؤسسات الصحية في الفترة السابقة، وانعكست بشكل كبير على نوعية الخدمات المقدَّمة للمرضى، حيث يقول الدكتور وسام عكَاب إنه "غالباً ما يتم الاعتداء على الطبيب بسبب نقص الخدمات الطبية التي هي بالأساس خارج إرادته، فيظنّ المواطن أن التقصير سببه الطبيب لا المؤسسة التي أرهقها الفساد في الفترات الماضية".
أما الدكتور عقبة الزبيدي فيقول، إن "سبب الاعتداء على الأطباء ضعف القانون وغياب هيبة الدولة، وشيوع مفهوم اللا دولة، فهناك جهات أقوى من الدولة بإمكانها الدفاع عن المعتدي".
من جهة أخرى، ترى الممرضة الجامعية بلقيس الزاملي أن "الاعتداءات المتكررة من ذوي المرضى تؤثر سلباً في تقديم الخدمات العلاجية". وتوضح أن "حالات الاعتداء تنامت مع تفشي جائحة كورونا وازدياد حالات الإصابة، والحاجة الملحّة إلى الأوكسجين والأجهزة الطبية الأخرى، فأصبح الاعتداء روتيناً يومياً"، وتكمل الزاملي "نعمل أيام العطل والأعياد من دون الحصول على أبسط حقوقنا، ومن ضمنها تشريع قانون لنقابة التمريض. وبرغم كل ما نواجه علينا التحلي بالصبر من أجل سلامة المريض، وسير العمل بشكل منتظم".
أما تقني التخدير وليد كاظم فيقول "لم نتخيل أن يكون التعامل معنا مبنياً على أساس الانتقام". ويسرد كاظم قصصاً عن اعتداءات يشهدها باستمرار، ويروي أن "مريضاً كان يعاني موتاً سريرياً رقد ما يقارب 72 يوماً في العناية المركزة، وعندما أعلنت الوفاة قام أهل المريض بتكسير زجاج الردهة، والاعتداء على كل المنتسبين حتى الذين لا يعملون في العناية المركزة". ويوضح كاظم أن "غياب قانون يحمي الكوادر الطبيبة يفاقم هذه الحالات، فلابد أن يُضمّن القانون الحق العام وليس الشخصي فقط، كي لا تُغلق القضية في حال تنازل صاحب الدعوة بسبب التهديدات".