الأسواق المركزية في العراق.. هجر لعقدين من الزمن وغبار ينتظر المشاريع لـ"نفضه".. إليك أسباب التعطيل وأبرز خطط التطوير
انفوبلس/ تقارير
في عام 2003 توقف الزمن عندها، بعد أن كانت محطة تسوّق كبرى تضم بضاعة عالمية، تنوعت بين المواد الغذائية والأثاث والساعات والمواد الاستهلاكية وغيرها، لكن أيادي متعددة شاءت أن تُبقي تلك المراكز التجارية بهذا الحال، لما لها من إيجابيات كبرى بالنسبة للطبقة الفقيرة بأسعارها المدعومة. الأسواق المركزية في العراق، حكاية مجمعات تجارية مهجورة منذ 20 عاما وموظفون لا يعملون، ما هي أسباب التعطيل؟ وما هي الخطط لاستغلال المواقع الاستثنائية؟.
*الأسواق المركزية في العراق
في كل سنة أو أكثر تخرج علينا وزارة التجارة ببيان أو تصريح يتعلق بتوجهها لإحياء الأسواق المركزية في بغداد، وفي كل مرة تختفي هذه التحركات فجأة من دون معرفة الأسباب، فلا الأسواق عادت للعمل ولا الخطة قُدمت وقُبلت، وهكذا الحال منذ نحو 20 عاماً، في وقت شهدت فيه العاصمة إنشاء عشرات المولات الاستثمارية بين كبيرة وأخرى صغيرة، بينما ما زالت أقدم مولات الشرق الأوسط مهملة تملؤها الأتربة وتعشش فيها العناكب، بانتظار مَن يزيل عنها غبار الإهمال المتعمد أو غير المتعمد.
*إهمال وعدم استثمار
ويقول المواطن يوسف عمار: “منزلنا بالقرب من الأسواق المركزية في منطقة الشعب، وفي كل يوم عندما أرى هذا المبنى الجميل من حيث التصميم أشعر بالحزن والحيرة بشأن إهماله وعدم استثماره، خاصة أنه كان في يوم يُعد الأحدث في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف، إن “الأسواق كانت تتألف من طوابق عدة، كل طابق منها يختص ببيع سلع معينة، وكانت تملك “كراجات” كبيرة وتتضمن مصاعد حديثة وسلالم كهربائية، إلا أننا لا نعرف سبب تركها هكذا، لاسيما أن السلع التي كانت تُباع فيها مدعومة وأرخص من السوق”، داعياً وزارة التجارة لإعادة افتتاحها وبيع السلع المدعومة فيها، أفضل من تسيير شاحنات صغيرة تبيع السلع في المناطق، ما يؤدي إلى حدوث زحامات، فضلاً عن مشكلات أخرى".
*عدد الأسواق
وعن عدد الأسواق في العراق، أكدت الشركة العامة للأسواق المركزية، وجود تسعة أسواق مركزية توفر الواحدة منها 7 آلاف فرصة عمل.
وقالت مدير عام الشركة، زهرة الكيلاني، للقناة الرسمية، إن "الأسواق المركزية تعاني من عجز في عدد الموظفين، إذ إن آخر تعيين بشركة الأسواق المركزية كان في عام 2002"، مبينة أنه "لا يوجد أي إيراد من الأسواق المركزية".
وأضافت، إن "تجربة الاستثمار كانت سيئة مع الاسواق المركزية، ولقد قمنا بتحويل جميع عقود الاستثمار الى عقود مشاركة فيما يتعلق بالأسواق المركزية، كما أن تأهيل بنايات الاسواق المركزية سيتحملها القطاع الخاص".
*مساحة الأسواق
وتابعت، إن "مساحة أقل سوق مركزي لا تقل عن 10 دوانم، فيما سيوفر سوق مركزي واحد 7000 فرصة عمل، حيث لدينا 9 أسواق مركزية في بغداد موزعة بين الرصافة والكرخ، إذ نحاول إعادة جزء بسيط من مهام الاسواق المركزية".
وأكدت، إن "مطبعة الاسواق المركزية ساهمت بطبع المناهج الدراسية".
*أسباب التعطيل وعدم الاستثمار
وفق الخبير الاقتصادي منار العبيدي، فإن "إجراءات الشد والجذب بملكية هذه العقارات بين مختلف الجهات الحكومية وعدم القدرة على استثمارها كانت السبب الرئيسي لعدم استثمار هذه المراكز التجارية المهمة لفترة طويلة"، مشيرا الى أنه "بعد فترة طويلة تم التوقيع في عام 2019 مع شركة دايكو والمعروفة ايضا بشركة داماك الاماراتية لاستثمار خمس مواقع على أساس هدم تلك المراكز بالكامل وبناء مراكز تجارية أخرى بدلا منها".
واستغرب العبيدي "عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى الاتفاق على هدم هذه المراكز بالرغم من كون المراكز حديثة ومبنية بأساليب جيدة وتحتاج الى إعادة تأهيل فقط"، موضحا أن "الشركة تلكأت في إنجاز الاستثمار لأسباب علّلتها بضعف التجاوب من أمانة بغداد آنذاك".
*خطة حكومية لإعادة تأهيل الأسواق المركزية
في مايو الماضي، أعلنت وزارة التجارة، عن خطتها بشأن الأسواق المركزية، فيما أشارت إلى أن تأهيلها سيُضاهي النموذج العصري العالمي في الدول المتقدمة.
وقالت مدير عام الشركة العامة للأسواق المركزية زهرة الكيلاني، للوكالة الرسمية، إن "خطة وزارة التجارة بشأن ملف الأسواق المركزية، يتضمن إعادة تأهيل وتشغيل الأسواق المركزية عن طريق إبرام عقود مع القطاع الخاص وبتوليفة جديدة ونموذج جديد يضاهي النموذج العصري العالمي في الدول المتقدمة".
وأشارت إلى، أن "المسألة تحتاج إلى وقت، كون الأسواق المركزية متروكة منذ 20 عاماً، بغية مصادقة المخططات ومراجعة بعض الدوائر البلدية وأمانة بغداد".
وتابعت الكيلاني: "أُطمئن المواطن والشعب وفئات المجتمع كافة، بأن الأسواق المركزية وضعت خطة مبرمجة للسير عليها".
*السوق الحرة
وبخصوص تجربة السوق الحرة، بينت مدير عام الشركة العامة للأسواق المركزية أن "السوق الحرة خارج المطارات والمنافذ نشاط من أنشطة الأسواق المركزية وتُرك لفترة طويلة منذ أيام الحصار عام 1990 ولله الحمد تمكنا من إعادة هذه التجربة بافتتاح سوق في مقر شركتنا بالتعاون مع وزارة المالية والهيئة العامة للجمارك. ونحاول أن نفتتح سوقاً حرة آخر في جانب الكرخ ببغداد ونواصل التحرك لتعميم هذه التجربة بالمدن، أما فيما يتعلق بالمنافذ فنعتزم فتح سوقين في منفذي طريبيل وزرباطية".
*موظفون لا يعملون
وعن العقبات الموجودة أوضحت، إن "الشركة تعاني من تبعات قرار مجلس الوزراء المرقم 128 لسنة 2017 الذي حدد طريقة استغلال الأملاك التابعة لشركة الأسواق المركزية ومنع الشركة من التصرف بها وأيضا منع التعيين والتعاقد والأجراء اليوميين وهذا سبّب نتائج سلبية جداً على الشركة كما يتضمن أيضا إحالة موظفي الشركة جبراً على التقاعد وتم تسريح الكثير من الموظفين والخبرات والكوادر ولم يبقَ سوى 700 موظف من أصل 6 آلاف".