الأمن الوطني يخترق حركة منحرفة.. سرية وغامضة تدعو أعضاءها للانتحار بطريقة خاصة.. تعرف على سلوكها ومناطق وجودها
جماعة "القربان" تبرز مجدداً
انفوبلس/..
برزت في الأيام الأخيرة، مجدداً، في العراق جماعة "القربان" التي تتبنى فكرة الانتحار لدوافع عقائدية منحرفة، مع تسجيل محافظة ذي قار خلال الأيام الماضية أربع حالات انتحار لأشخاص، تركوا أوراقاً تؤكد انتماءهم إلى الجماعة التي ظهرت في أكثر من مناسبة، واختفت لأسباب أمنية، إلى جانب غيرها من الجماعات التي تحمل أفكاراً "منحرفة"، ويُعاقب عليها القانون.
وتتعامل أجهزة الأمن العراقية بجدية، معاملة وُصفت بأنها متأخرة في ملف جماعة "القربان" أو "العلاهية" التي تنفذ طقوساً قاسية تتضمن تقديم أشخاص بصفة قرابين، من خلال انتحارهم، حيث اعتقلت قوات الأمن عدداً من رموز هذه الجماعة وأحالتهم على القضاء، ما سبّب اضطرابات اجتماعية وأمنية في محافظات الجنوب.
ويكثر وجود أعضاء هذه الجماعة في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، وينتشرون باعتبارهم دُعاةً في محافظات قريبة، منها محافظات ميسان والبصرة والديوانية، ويتخذون من منازل وجوامع مقارّ لهم، في حين تتعامل السلطات معهم باعتبارهم "جماعة دينية منحرفة".
الأمن الوطني يخترق الحركة
وكشف جهاز الأمن الوطني العراقي، تمكنه من اختراق إحدى الحركات الدينية المنحرفة في البلاد، والتي تنشط في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية، وهي حركة "القربانيين" التي تُعرف أيضاً بـ"العلي اللهيّة" الداعية إلى اتباع سلوكيات منحرفة، تسببت في انتحار مجموعة من الشباب جنوب البلاد.
وقال الناطق الإعلامي باسم جهاز الأمن الوطني، أرشد الحاكم، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن "عناصر الجهاز نفذوا عملية استخبارية ناجحة، تمثلت في اختراق إحدى الحركات التي تدعو إلى سلوكيات وأفكار منحرفة".
وأضاف، إن "عملية المتابعة والاختراق جرت بعد أن سُجل أكثر من 5 حالات انتحار في محافظة واسط لشباب تقل أعمارهم عن 22 عاماً".
وأوضح الحاكم، إن "مفارز الجهاز كثّفت من جهودها الاستخبارية لتتمكن من إلقاء القبض على أحد أفراد هذه الحركة قبل أن يُقدم على الانتحار" مبيّناً أنه "بعد التحقيق معه اتضح أنه ينتمي إلى حركة سلوكية منحرفة تطلق على نفسها اسم (القربانيين) أو (العلي اللهية)".
وأضاف، إن "المتهم كشف في أثناء إدلائه باعترافاته عن أن "أعضاء هذه الحركة يمارسون سلوكاً غريباً عن طريق إجراء قرعة بينهم، ومن يقع عليه الاختيار ينتحر أو يشنق نفسه".
ونوه المتحدث الى، أنه "بعد التحري ومقاطعة المعلومات، جرى إلقاء القبض على 31 متهماً في هذه القضية نشطوا في محافظات: واسط، والبصرة، وذي قار"، مؤكدا أن "التحقيقات لا تزال جارية معهم لمعرفة دوافع هذه الحركة، ومن يقف وراءها، ومصادر تمويلها".
حوادث سابقة
وتناقلت مواقع إلكترونية ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، في أوقات سابقة، أنباء عن الجماعة التي تُطلق على نفسها "القُربان" في قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار، فيما أشارت منصات تناقلت الخبر، الى تسجيل 3 حالات انتحار في ذات المكان، جنوبي الناصرية.
وذكرت مصادر إعلامية، أن "ثلاثة من أفراد هذه الجماعة أقدموا على الانتحار داخل أحد المواكب الحسينية المتواجدة في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، كان آخرهم رجلا شنق نفسه بحبل".
ولم تعلّق الجهات الرسمية والحكومة المحلية في ذلك الحين، على الأنباء حول حالات الانتحار تلك، وكذلك على المجموعة التي لا يزال يلفّها الغموض.
حركات منحرفة
وتؤكد مصادر محلية، أن “هذه الجماعة، تبدو للوهلة الأولى، منشقة عن التيار الصدري، وهذا ما يظهر من خلال تسمية موكبهم بشهيد الجمعة، وهي ذات التسمية لموكب التيار الصدري، بالإضافة إلى رفعهم صور الشهيد محمد الصدر، والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مناسبات عديدة”.
وبرزت بعد عام 2003 عدة حركات على الساحة العراقية، ابرزها حركة جند السماء وأتباع أحمد بن الحسن اليماني والحركة الصرخية من أتباع رجل الدين محمود الحسني الصرخي وتمتلك هذه الحركات أجنحة مسلحة خاصة بها.
ومؤخرا، برزت حركة تسمى “أصحاب القضية”، وأفرادها جزء من تلتيار الصدري، وأعلنوا عن نيتهم مبايعة زعيم التيار مقتدى الصدر بانه “الإمام المهدي”، ما دفع الصدر إلى تعليق نشاط التيار لمدة عام وغلق أبواب مرقد والده الصدر الثاني.
كذبة إعلامية
ويؤكد مراقبون للشأن المحلي، أن الحديث عن هذه الجماعة لا أثر له في الواقع، وحالات الانتحار في ذي قار أساساً بنسب مرتفعة تقريبا لأسباب مختلفة، وهناك منصات وصفحات تعمّدت بثّ شائعة وجود هذه الجماعة "القربان" بوصفها مجموعة تدعو أتباعها إلى قتل أنفسهم قُرباناً للإمام علي "عليه السلام".
أفادت مصادر من محافظة ذي قار، أن الأخبار المتداولة في هذا الشأن كذبة إعلامية لا صحة لها، وحالات الانتحار لأسباب متعددة ومختلفة، لا علاقة لها بما يُشاع حول جماعة اسمها "القربان".
معدلات انتحار عالية
وكشفت محافظة ذي قار عن تسجيل 102 حالة انتحار في عام 2023 معظمها بين أوساط الشباب، مؤكدة تضاعف معدلات الانتحار خلال السنوات الخمسة المنصرمة ودعت إلى إعادة العمل لمعالجة أسبابه.
وأعلنت منظمة محلية في محافظة ذي قار، حصيلة بعدد حالات الانتحار منذ مطلع العام 2023، فيما أكدت رصدها حوادث جنائية سُجِّلت على أنها حالات انتحار.
وذكر مدير منظمة التواصل والإخاء الاجتماعية، علي الناشي، أن "منظمته سجلت خلال الربع الأول من العام الحالي 2023، أكثر من 24 حالة انتحار انتهت بوفاة أصحابها في مدينة الناصرية وضواحيها، فيما تم تسجيل العشرات من الحالات غير المكتملة".
وأضاف الناشي، أن "هذا العدد من حالات الانتحار يشكل رقما كبيراً مقارنة بالأعوام الماضية"، لافتاً إلى "تسجيل العديد من الحوادث الجنائية على أنها حالات انتحار وخاصة من جانب النساء".
خلية أزمة في ذي قار
وكانت محافظة ذي قار، قد شكلت في عام 2016 خلية أزمة يترأسها المحافظ، وتضم في عضويتها ممثلين عن دوائر الصحة والشباب والرياضة ومديرية الشرطة وجامعة ذي قار ومفوضية حقوق الإنسان والعمل والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.
وتدعم خلية الأزمة ضحايا حالات الانتحار الفاشلة بتقديم فرص عمل أو زجّهم في دورات تدريبية في مركز التدريب المهني أو التدخل لحل المشاكل الأُسرية التي تدفع الضحايا للانتحار، ومهتمة بمتابعة هذه حالات والوقوف على دوافعها فضلاً عن تقديم الدعم والمساعدة لضحايا محاولات الانتحار الفاشلة حتى لا يعاودوا تكرارها.
وقد توقف عمل تلك الخلية منذ عام 2019 والأعوام المنصرمة التي أعقبت جائحة كورونا وهو ما حال دون الحد من تلك المظاهر.