البشرية تدخل عصر الذكاء الاصطناعي من أوسع أبوابه عبر تقنية "Chat GPT"
انفوبلس..
في كل خطوة يخطوها الإنسان على هذه الأرض يصنع تطوراً، وفي كل يوم يمر على البشرية نتقدم خطوة، فبعد الثورة الصناعية وما أنتجه البشر من قفزة حضارية عملاقة، دخلنا عصر السرعة، العصر الذي تدخل فيه التكنولوجيا في أبسط تفاصيل حياتنا، وربما يمكننا القول إن البشر الذين عاصروا هذه الحقبة على كوكب الأرض هم الأكثر حظاً حيث عاشوا عصر نهضة التكنولوجيا وشهدوا نشأتها وتمتعوا بمميزاتها منذ خطواتها الأولى.
خلال الأعوام القليلة الماضية دخلنا حقبة "الذكاء الاصطناعي (AI)"، وهي الأنظمة أو الأجهزة التي تُحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسّن من نفسها استنادًا إلى المعلومات التي تجمعها.
إن الذكاء الاصطناعي يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة، وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم صورًا عن الروبوتات عالية الأداء الشبيهة بالإنسان التي تسيطر على العالم، إلا إنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر، إنه يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير، مما يجعله أصلاً ذا قيمة كبيرة من أصول الأعمال.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحاً شاملاً للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية، مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو ممارسة لعبة الشطرنج، وغالبًا ما يُستخدم هذا المصطلح بالتبادل مع مجالاته الفرعية، والتي تشمل التعلّم الآلي والتعلّم العميق، ومع ذلك فهناك اختلافات.. على سبيل المثال، يُركّز التعلّم الآلي على إنشاء أنظمة تتعلم أو تُحسِّن من أدائها استنادًا إلى البيانات التي تستهلكها، ومن المهم ملاحظة أن كل سُبل التعلّم الآلي ما هي إلّا ذكاء اصطناعي، فإنه ليس كل ذكاء اصطناعي يُعد تعلماً آليًا.
للحصول على القيمة الكاملة من الذكاء الاصطناعي، تقوم العديد من الشركات باستثمارات كبيرة في فرق علوم البيانات. إن علوم البيانات، التي تُعد مجالاً متعدد التخصّصات يستخدم الأساليب العلمية وأساليب أخرى لاستخلاص القيمة من البيانات، تجمع بين المهارات المستمدّة من مجالات، مثل الإحصاء وعلوم الكمبيوتر، مع المعرفة العلمية لتحليل البيانات التي يتم جمعها من مصادر متعددة.
تقنية Chat GPT..
هو روبوت دردشة من تطوير شركة "OPIN AI" الأمريكية، والذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة على أسئلة المستخدِم بطريقة إبداعية وكتابة مقالات عندما يطلب منه ذلك، وتم تصميمه على أنه يقلّد الإنسان في المحادثات، وبحسب مبتكريه فإن أكثر من مليون شخص استخدموه خلال الأسبوع الأول منذ انطلاقه في نوفمبر 2022.
ووصل عدد مستخدميه إلى 100 مليون مستخدم نشط شهريا في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد شهرين فقط من إطلاقه، مما يجعله تطبيق المستهلك الأسرع نموّاً في التاريخ، حيث استغرق تطبيق تيك توك (TikTok) حوالي 9 أشهر بعد إطلاقه العالمي ليصل إلى 100 مليون مستخدم، في حين احتاج إنستغرام (Instagram) إلى فترة بين عام وعامين، وفقا لبيانات رويترز.
ويملك شركة "OPIN AI" عدّة جهات بينها الملياردير إيلون ماسك الذي وصف برنامج شات جي بي تي بأنه جيد بشكل مخيف، ومايكروسوفت التي تمتلك حالياً 30% من أسهمها، ورجل الأعمال وريد هوفمان مالك شركة لينكد إن.
ويمتلك Chat GPT العديد من المزايا المهمة، أبرزها الدقة العالية في فهم وإنشاء نصوص شبيهة بالنصوص البشرية، كما يمكن تحسينه للقيام بمهام محدّدة مثل إجابة الأسئلة وترجمة اللغة، وأيضا يمكنه معالجة مجموعة واسعة من الموضوعات، ويمكن استخدامه لمختلف التطبيقات، فضلا عن كونه سهل الدمج مع النُّظم والتكنولوجيا الأخرى، ويمكن دمج Chat GPT مع منصات متعددة مثل مواقع الويب وتطبيقات الأجهزة المحمولة وخدمات المراسلة مثل Slack و Facebook Messenger والمزيد، كما أنه يشرح الموضوعات المعقّدة بطريقة بسيطة، ويحل المعادلات الرياضية خطوة بخطوة، وبخلاف الترجمة من Google ، يوفر نموذج Chat GPT AI إنشاء محتوى بلغات متعددة في نفس الوقت.
ومع القفزة العملاقة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي عموماً و Chat GPTخصوصاً، يرى خبراء أنه يهدد الملايين من الوظائف في جميع أنحاء العالم، حيث سيتمكن خلال السنوات الثلاثة المقبلة من أن يحل محل ملايين البشر وينفّذ مهامهم بكل بساطة وخلال ثوانٍ، ما سيدفع الكثير من المؤسسات والشركات إلى الاستغناء عن موظفيها بسبب عدم الحاجة إليهم.
ومن بين الوظائف المُهدّدة:
* المؤلفون والمدونون: مؤلفو الإعلانات والمدونون وكُتّاب المقالات قد يكونوا من بين أول من سيسقطون في ثورة الذكاء الاصطناعي.
* موظفو التجزئة: سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى "خسائر جسيمة في الوظائف المتعلقة بقطاع التجزئة"، وأن بعض الشركات بدأت بالفعل استبدال موظفي تسجيل الخروج ومساعدي خدمة العملاء والمسوّقين بروبوتات ذكية.
* مهندسو البرمجيات: بالإضافة إلى إنتاج نصوص ومقالات وأبحاث، يمكن لـ Chat GPT أيضا كتابة أكواد البرمجة بلغات متعددة، مثل Python .
* خبراء الأمن السيبراني: أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤثر على وظائف محترفي الأمن السيبراني، حيث بإمكان " تشات جي.بي.تي"، على سبيل المثال، إنشاء "البرامج الضارة" وتطوير أسواق الويب مظلمة.
* مصممو الغرافيك: أدوات الغرافيك، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل "Dall-E" و"Stable Diffusion"، يمكن أن تؤثر على المصممين والرسامين، لأنها قادرة على إنتاج الصور بسعر رخيص وسريع.
منافسة Chat GPT و GOOGL..
بعد تجربة Chat GPT والانبهار بإمكانياته الكبيرة، بدأت التساؤلات تُطرح حول مصير رائد محركات البحث على شبكات الانترنت "GOOGLE"، فهل سيندثر أو يصبح محدودا أو تنهار الشركة، وغيرها من التساؤلات التي أجابت عنها شركة "GOOGLE" بأنها لن تستسلم ولن تتنازل عن مكانتها بسهولة، حيث إن إصدار (Google) منتجا منافسا لـ (Chat GPT) هو مسألة وقت لا أكثر، وتمتلك الشركة الأميركية مجموعة كبيرة من الخوارزميات المتقدمة جدا في مجال الذكاء الاصطناعي بشتّى المجالات، إلا إن "التزامها بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي" يؤخر إطلاق الخدمة للجمهور لغاية الآن، بحسبما أعلنت عدّة مصادر تقنية.
ومن المعروف أن "غوغل" تمتلك المعرفة التقنية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي الجاهزة التي تدخل في عمل العديد من التطبيقات، بدايةً من تحليل الصور واستخراج معلومات منها، وصولا إلى "خوارزميات اللغات الكبيرة" (Large Language Models).
وكانت (Google) طرحت مشروع "لامدا" (LaMDA) في العام 2022 وهو خوارزمية ذكاء صناعي من ابتكار علماء فريق "ديب مايند" (DeepMind) التابع للشركة الأميركية، والذي يتميز بقدرته على إجراء محادثات وإجابة أسئلة بدقة عالية جدا تتفوق على الإنسان في كثير من المجالات.
وحسب المصادر، فإن (Google) لا تريد طرح منتج منافس لبرنامج "شات جي بي تي" إلى حين التأكد من إمكانية إعطائه مرجعية صحيحة لأي جواب يقدّمه للمستخدم، وهو ما تفتقده خوارزمية (Chat GPT) اليوم.
كما أكدت المصادر، المعلومات التي أوردها تقرير سابق لموقع "سي إن بي سي" (CNBC) الأميركي، والذي أفاد بأن (Google) تختبر منتجات دردشة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي من المحتمل أن تكون تحضيرات مبدئية لإطلاق منتج للاستخدام العام مستقبلا، بحيث تتضمن روبوت محادثة جديدا وطريقة مُحتملة لدمجه في محرّك البحث الشهير.