الحرائق تعددت والتحقيقات لم تفض إلى نتائج.. من يتحمل المسؤولية؟
انفوبلس/..
شكل حريق الوزيرية وسط بغداد، علامة فارقة في الحرائق شبه اليومية التي تشهدها البلاد، نظرا لاتساعه وتسببه بانهيار المباني وفقدان وإصابة عشرات المواطنين، وفيما رمت مديرية الدفاع المدني بالمسؤولية على الجهات البلدية وأمانة بغداد لعدم متابعتها تلك المباني خلال مرحلة الإنشاء، واكتفائها بغرامات ضئيلة غير رادعة لإجراءات السلامة، في المقابل أوضح خبير قانوني آلية استحصال الضحايا للتعويضات وكيفية رفعهم دعوى قضائية، وسط وعود نيابية بمتابعة ملف خلو الأبنية من إجراءات السلامة.
ويقول المتحدث باسم مديرية الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن، إن "الكثير من المباني تم بناؤها بشكل غير رسمي ومن دون إجازات رسمية وموافقات رسمية للبناء، وهذه المباني يعاني الدفاع المدني كثيرا منها كونها تخلو من شروط السلامة والأمان، وهذا ما يسبب كوارث".
ويشير عبد الرحمن إلى أن "أصل ومتابعة وتفاصيل البناء من اختصاص دوائر أمانة بغداد في العاصمة ودوائر البلدية في المحافظات، وليس لمديرية الدفاع المدني أي علاقة بقضية إنشاء المباني، أما عمل وتدخل الدفاع المدني يكون بعد بناء العمارة بشكل كامل، للبحث حول شروط السلامة والأمان".
ويبين عبد الرحمن أن "مديرية الدفاع المدني لديها سلطة لفرض شروط السلامة والأمان على المباني التي تخلو من هذه الشروط، ومن لم يوفر تلك الشروط تفرض عليه شروط تصل من 250 ألفا إلى مليون دينار، وهذا المبلغ يعتبر زهيدا لكثير من التجار والمخالفين، ولهذا هم يدفعون تلك الغرامة ولا يطبقون شروط السلامة والأمان مع شديد الأسف".
يذكر أن حريقا كبيرا نشب في بناية فيها مخازن عطور ومواد تجميل في منطقة الوزيرية ببغداد، أمس الأول، واستمر لغاية يوم أمس، حيث أعلن عن إخماد الحريق بمشاركة 50 فرقة إطفاء.
وتسبب هذا الحريق بدمار هائل، خاصة بعد أن انهارت البناية بسببه، فضلا عن حالات الهلع بين المواطنين والإصابات والمفقودين، حيث عمدت فرق الدفاع المدني إلى استخدام أجهزة الاستشعار ومعدات الإنقاذ الثقيلة والخفيفة لإنقاذ المفقودين في قبو البناية.
وكان من المصابين وعددهم 32 شخصا، مدير عام الدفاع المدني وضباط آخرون، تعرضوا للإصابة نتيجة لانهيار البناية، فيما بلغ عدد المفقودين بين 10 – 11 شخصا.
يذكر أنه في الخامس من الشهر الحالي، اندلع حريق كبير في المدينة المائية بمحافظة النجف، وسط استنفار لفرق الدفاع المدني التي تمكنت من إخماده بعد ساعات طويلة، بمشاركة 50 فرقة إطفاء أيضا.
وفي هذا الصدد، يوضح الخبير القانوني سالم حواس، أن "تعويض المتضررين من الحرائق من أصحاب المحال التجارية يكون عبر طريقتين، الأولى من خلال شركة التأمين إذا كانت المحال مؤمنة من السرقة والحرائق، لكن مع الأسف غالبية أصحاب المحال لا يقومون بتأمين على محالهم وبضائعهم".
ويلفت حواس إلى أن "طريقة تعويض أصحاب المحال ممكن أن تكون من خلال طلب التعويض المادي والجزائي من صاحب البناية، إذا كانت بنايته تفتقر لشروط السلامة والأمان، وهذا يعتمد على طريق الدفاع المدني بعد الحريق، وطلب التعويض يكون من خلال تقديم شكاوى رسمية لدى الجهات القضائية والتعويض يكون بشكل مادي أو جزائي بمحاسبة صاحب العمارة".
ويتابع حواس أن "أمانة بغداد، وكذلك مديرية الدفاع المدني، تتحمل مسؤولية بعض الحرائق التي تحصل في المباني كونها سمحت ببناء هذه المباني وبقائها خالية من شروط السلامة والأمان".
يشار الى أن عدد الحرائق خلال النصف الاول من العام الحالي، بلغ 13 ألف حريق، وتصدرت العاصمة بغداد الإحصائية، فيما شكل "التماس الكهربائي" 47 بالمئة من أسباب الحرائق.
وكان مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان، صرح سابقاً، بأن صلاحيات الدفاع المدني محدودة، وهناك تعديل في قانون الدفاع المدني، سيعطي صلاحيات أوسع في حال إقراره، ومن شأن هذه الصلاحيات أن تساهم بانحسار المخالفات.
من جانبه، يفيد رئيس لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية محما خليل، بأنه "خلال الأيام المقبلة سيتم استضافة الجهات ذات العلاقة من مديرية الدفاع المدني وأمانة بغداد ودوائر البلديات في المحافظات، من أجل مناقشة قضية خلو المباني من شروط السلامة والأمان".
ويضيف خليل أنه "سيتم إصدار توصيات برلمانية من أجل تشديد الإجراءات لفرض شروط السلامة والأمان على المباني وستكون هناك محاسبة شديدة بحق المخالفين والعقوبة قد تصل إلى الإغلاق لمنع وقوع أي كوارث".
ويشير خليل إلى أن "لجنة الخدمات تدعو أصحاب المحال إلى التأمين على بضائعهم ومحالهم لدى هيئة التأمين لضمان حصولهم على التعويضات، فهذا أمر مهم، وسنعمل على تعزيز هذه الثقافة خلال المرحلة المقبلة".
يذكر أن الحرائق تتصاعد سنويا، فإحصائية عام 2016، كانت 15 ألفا و140 حريقا، في حين سجل العام الماضي 31 ألفا و400 حريق.
ومن أبرز الحرائق، هو الحريق الذي طال مركز عزل المصابين بفيروس كورونا في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد، في نيسان أبريل الماضي، ومن ثم لحقه في تموز يوليو حريق طال أيضا مركز عزل المصابين بالفيروس في مستشفى الحسين التعليمي بمحافظة ذي قار، وقد أدى الحريقان إلى وفاة وإصابة المئات.