الحكومة تنسى هدرها من المياه وتقرّع المواطن.. العراقي يستخدم أقل من حصته بـ 34%
انفوبلس/..
تتفق الجهات المسؤولة في العراق مع بيانات الخبراء بوجود نسبة هدر كبيرة للمياه في البلاد، ولعلّ الهدر يأخذ من المياه أكبر بكثير مما يأخذه الاستخدام الفعلي ويعدّ أحد أكبر أسباب الجفاف جنبًا إلى جنب مع التغير المناخي وتقليل الحصص المائية من قبل دول الجوار وتحديدًا تركيا وإيران.
تتسبّب الجهات الرسمية بتبخر قرابة 8 مليار متر مكعب سنويًا من المسطحات المائية أو رمي 3 مليار متر مكعب سنويًا إلى البحر
دراسات متعددة تتطرق لأبواب الهدر في المياه، الجزء الأكبر منه تتحمله الجهات الحكومية المسؤولة في العراق، وفي تقارير سابقة تطرّق لجزء كبير من أبواب الهدر بين الطرق المتخلفة للسقي، فضلًا عن الكميات التي تتبخر من المسطحات المائية والخزنية في العراق، حيث أظهرت الحسابات أن العراق يهدر ماءً يعادل 145% من الكمية المقطوعة عبر جيرانه.
وفي تقرير آخر، توصل إلى أنّ العراق يرمي 15% من إيراداته المائية السنوية إلى البحر، في محاولة "بدائية" لإيقاف زحف وتمدد اللسان المحلي من الخليج العربي إلى داخل شط العرب في محافظة البصرة، وهو باب آخر من أبواب الهدر المائي، والذي يعدّ من أهم مؤاخذات الجانب التركي على العراق بدعوى ترك مياهه تذهب إلى البحر دون فائدة.
الحكومة تنسى هدرها وتقرّع المواطن.. العراقي يستخدم أقل من حصته بـ34%
وبالرغم من هذه البيانات، تتفق الجهات الحكومية بالفعل على وجود هدر، إلا أنها تحمّل مسؤولية ذلك الهدر إلى المواطن، وتقوم بـ"تقريعه" باستمرار بسبب هدره المياه، وبالرغم من وجود سوء استخدام للمياه بالفعل من قبل المواطن، إلا أنّ نسبته سواء بغسل العجلات أو غيرها من الاستخدامات اليومية، لا تعادل شيئًا مقارنة بما يتمّ هدره بفعل سوء الاستخدام "الحكومي" مثل تبخر قرابة 8 مليار متر مكعب سنويًا من المسطحات المائية أو رمي 3 مليار متر مكعب سنويًا إلى البحر، أو طرق السقي المتأخرة المستخدمة في الزراعة التي تعترف الجهات الحكومية أنها مسؤولة عن هدر أكثر من 75% من المياه، حيث أنّ "استخدام المرشات سيؤدي للاكتفاء بثلث المياه القادمة من تركيا" بحسب تصريح لوزارة الزراعة.
وفي مثال شديد الغرابة على ذلك، أوردت أمانة بغداد رقما "خرافيًا" عن كميات المياه المستخدمة لكل فرد، لتحمله مسؤولية الهدر، حيث يقول المتحدث باسم الأمانة، محمد الربيعي، في تصريح أوردته الوكالة الرسمية، إنه "بحسب الدراسات والرقابة فقد أظهرت أن معدل الاستهلاك اليومي للفرد العراقي من المياه الصافي يصل إلى 800 لتر"، مشيرًا إلى أنّ "هذا الرقم غير طبيعي، حيث أنّ المعدل الطبيعي والوارد بدراسات أمانة بغداد والمتوقعة عالميًا عن طريق الدراسات الإقليمية والعالمية والواقعية، هو أنّ معدل استهلاك الفرد من المياه يوميًا في الشرق الأوسط وتحديداً في العراق 250 لترًا".
وفق تصريح الربيعي، فإنّ الفرد العراقي يستخدم أكثر من حاجته المفترضة بـ320%، وبوجود أكثر من 40 مليون مواطن في العراق، فهذا يعني أنّ كمية الاستخدام اليومي للمياه يبلغ 32 مليار لتر، أو 32 مليون متر مكعب، وسنويًا يبلغ قرابة 12 مليار متر مكعب.
العراق يهدر ماءً يعادل 145% من الكمية المقطوعة عبر جيرانه
ومن المفترض أن هذه الكميات هي لاستخدامات الفرد العراقي اليومية، بحسبما يتبيّن من تصريح الربيعي، في الوقت الذي تبلغ إيرادات العراق المائية في حاليًا 20 مليار متر مكعب، وهذا يعني أنّ 60% من إيرادات المياه يتم استخدامها من قبل الأفراد العراقيين باستخدامات يومية، وهذا يناقض الحقيقة التي تثبتها الدراسات التي تشير إلى أنّ 80% من استخدامات
المياه في العراق تذهب للزراعة.
وعلى ما يبدو أنّ الدراسات التي تحدث عنها الربيعي، تشير إلى أنّ معدل الاستهلاك العام في كل المجالات بالعراق من بينها الزراعة، تبلغ ما يعادل استهلاك 800 لتر لكل فرد، أي أن مختلف الاستخدامات المائية في العراق حاليًا تبلغ 12 مليار متر مكعب سنويًا، من بينها استخدامات الزراعة التي تعادل 80% من استخدامات المياه في العراق، ما يشير إلى أنّ الزراعة لوحدها تستهلك 9.6 مليار متر مكعب سنويًا.
ويتبقى من ذلك 2.4 مليار متر مكعب، إذا تم تقسيمها على عدد الأفراد العراقيين، سيتضح أنّ حصة استهلاك الفرد سنويًا تبلغ 60 متر مكعب أو 60 ألف لتر، أي قرابة 165 لتر يوميًا لكل فرد، وهي بالأساس أقل بنسبة 34% من الحصة المفترض أن يستخدمها الفرد العراقي وفق معلومة الربيعي، والبالغة 250 لترًا يوميًا.