الصحة تسمح للأطباء المستقيلين وتاركي العمل بالعودة والخريجين يطالبون بالتعيين.. ماذا عن قانون التدرج الطبي؟
انفوبلس/ تقرير
فتح إعلان وزارة الصحة عن استقبال طلبات الأطباء المستقيلين أو مَن ترك العمل منهم بكافة الاختصاصات الراغبين بإعادة تعيينهم في الدرجات المخصصة للوزارة ضمن قانون موازنة 2024، فتح موجة غضب وجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وأبرزها تساؤلات دفعة 2023 الذين لايزالون ينتظرون تعيينهم حسب قانون التدرج الطبي.
العراق فقد مئات الأطباء، بسبب الظروف الأمنية أو فايروس كورونا أو تفشي ظاهرة الاعتداء عليهم من قبل ذوي المرضى وخاصة الذين يتوفون نتيجة لأسباب طبيعية ويتم تحميل الطبيب المسؤولية، وهو أمر تمنعه السلطات بشدة وتوجه القوات الأمنية باعتقال المعتدين، إلا أن الأمر لم يتوقف.
*بيان وزارة الصحة
أعلنت وزارة الصحة، اليوم الخميس 18 تموز/ يوليو 2024، عن استقبال طلبات الأطباء الراغبين بالعودة لكافة الاختصاصات من المستقيلين او من ترك العمل. الوزارة ذكرت في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إنه "سيتم استقبال طلبات الأطباء المستقيلين أو من ترك العمل منهم بكافة الاختصاصات الراغبين بإعادة تعيينهم في الدرجات المخصصة للوزارة ضمن قانون موازنة 2024 بتقديم طلباتهم الى قسم شؤون المواطنين في مقر الوزارة بدءاً من يوم الأحد المقبل الموافق 21 تموز 2024 ولغاية أسبوعين من تاريخ موعد استلام الطلبات المذكور في الإعلان".
وهذا الإعلان الحكومي الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، خلّف موجة "غضب" كبير خصوصاً من قبل دفعة 2023، إذ طالب خريجين في تعاليق على منشور الإعلان بتعيين جميع خريجي المهن الطبية والصحية والتمريضية لدفعة 2023 ضمن قانون التدرج الطبي.
وقال أحد الخريجين في تعليق تابعته، "دفعه 23 أين حقهم؟ من المفترض تعيينهم قبلهم لأن لهم الحق بالتعيين فأين الوعود وأين وعد المباشرة 1/9؟ أين القانون؟". وكتبت الخريجة هند مراد ايضا، "من المفترض أكو نقص بالدرجات الوظيفية وقانون الموازنة الثلاثية لا يسمح بإعادة المتغيبين عن عملهم ومهملي الوظيفية يرجع يطالب بتعيينهم على أي مادة او قانون استند؟ او ضرب القانون عرض الحائط؟؟ واطباء دفعة ٢٠٢٣ لحد الآن بدون تعيين مع المهن الطبية والصحية والتمريضية الأخرى؟؟.. هناك العراق وهناك القضاء وهناك المحكمة الادارية وهناك حق التظاهر السلمي الذي كفلة لنا الدستور العراقي لا تستفزوا الخريجين وأرزاق العوائل".
كما قال آخرون، "وزير الصحة (وعد الحر دين) والأحرار لا يتراجعون في وعودهم، خرجت في واجهة الأعلام وقلت 9/1 يتم تعيين جميع خريجي المهن الطبية ماذا حدث الآن لماذا تراجعت في الكلام سيادة الوزير، اليوم الخريجون يُضربون من قبل القوات الأمنية ما هو السبب حتى يُهانون؟ السيد الوزير المحترم، المجموعة الطبية والمهن الصحية دفعة 2023، يناشدونكم على تعيينهم جميعا استنادا إلى قانون التدرج الطبي بالتعيين المركزي، مع الشكر والتقدير".
وهذه التعاليق "الغاضبة"، دفعت وزارة الصحة الى تقييد التعليق على منشور الإعلان في الفيسبوك بشأن استقبال طلبات الاطباء المستقيلين او من ترك العمل، بحسب ما رصدته شبكة "انفوبلس".
وشهد العراق بعد عام 2003 ارتفاعاً كبيراً في عدد الجامعات الأهلية بنسبة أكثر من 500%، وصولاً إلى 66 تحظى باعتراف وزارة التعليم العالي، وتضم هذه الجامعات أكثر من 570 قسماً في اختصاصات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية، أما عدد الجامعات الحكومية فهو 35 فقط.
وتثير الأعداد الكبيرة لكليات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة الأهلية، التي تستحدث في العراق خلال الحكومات السابقة، التي تخرج سنوياً آلاف الطلاب، ممن ينافسون خريجي الكليات الحكومية على التعيينات والعمل، جدلاً سنوياً، لما له تأثير في تعطل إمكانية التعيين الحكومي.
ويضطر العشرات من خريجي التخصصات الطبية في العراق للانتظار سنوات عديدة قبل حصولهم على وظيفة في المؤسسات الصحية الحكومية، رغم الوعود المتكررة بضمان التعيين المركزي لهذه التخصصات.
*مطالبات بتعديل قانون التدرج الطبي
صرح رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية، ماجد شنكالي، بأن لجنته قدمت مقترح التعديل الرابع لقانون التدرج الطبي رقم 6 لسنة 2000. وقال إن من أهم بنود هذا المقترح "أن يكون التعيين حسب الحاجة في المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة للطلاب الذين سيلتحقون بالدراسة في العام الدراسي 2024-2025، بينما يتم تعيين خريجي السنوات السابقة وفقاً للقانون الحالي الذي يلزم الحكومة بتعيين جميع خريجي الكليات الطبية والمعاهد الصحية".
وأضاف شنكالي: "تفاجأنا بقرار مجلس الوزراء بتخصيص 29 ألف درجة وظيفية فقط هذا العام لوزارة الصحة، في حين أن عدد المتقدمين من خريجي الكليات الطبية والمعاهد يبلغ حوالي 61 ألفا، باستثناء خريجي العلوم"، مؤكدا أن هذا الوضع سيؤدي إلى مشكلات كبيرة ومطالبات واسعة من قبل الخريجين وذويهم والنقابات، مشيراً إلى ضرورة أن تعمل الحكومة مع مجلس النواب على تشريع القانون بما يتناسب مع مصلحة الدولة والخريجين والمواطنين والمؤسسات الصحية.
وأوضح أن "الحكومة تحتاج إلى التعاون مع وزارة الصحة لحل هذه الإشكالية وتعيين الخريجين، خاصة أن العديد منهم التحقوا بالكليات الأهلية بمقابل مالي وأيضاً أصحاب معدلات عالية التحقوا بهذه الكليات والمعاهد لغرض التعيين"، لافتا الى ان "المؤسسات الصحية لا تستطيع تحمل هذا الكم الهائل من الخريجين، وأن تعديل قانون التدرج الطبي كان يجب أن يتم منذ سنوات لضمان حقوق الطلاب والمواطنين على حد سواء".
وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة العراقية أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيرا، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الإنفاق 161 دولارا في المتوسط بالمقارنة مع 304 دولارات في الأردن و649 دولارا في لبنان وفقا لتقرير سابق.
وكان أحد الأطباء الاخصائيين في العاصمة بغداد، قد بين أن المؤسسة الصحية في العراق لم تتم متابعتها منذ عام 1962 في حين أن المنظومة الصحية في بريطانيا تقوم بعمل متابعة لنظامها كل عامين، وعلى سبيل المثال أن مستشفى القادسية في مدينة الصدر الذي يغطي حوالي أكثر من مليوني نسمة يضم خمسة أطباء اختصاص باطنية فقط، في حين كان لدينا سنة 1989، نحو 13 طبيبا اختصاصياً.
يشار إلى أن أغلب العراقيين باتوا يتجهون إلى خارج العراق لغرض تلقي العلاج، وخاصة إجراء العمليات الصعبة، ومن بين الدول إيران وتركيا والهند، وغالبا ما تأتي نصيحة السفر من قبل الأطباء أنفسهم، في حال وجدوا الحالة المرضية صعبة وتحتاج إلى أجهزة وعلاجات وإمكانيات كبيرة.