العراق يكتفي من الأسمنت.. هل نجح استثمار القطاع الخاص بالتعاون مع وزارة الصناعة؟ ماذا عن عدد المصانع؟
انفوبلس/..
نجح العراق في تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة الأسمنت، رغم التوقعات بزيادة الطلب على هذه المادة 6 أضعاف بسبب كثرة مشاريع البنى التحتية والبناء.
*مرحلة الاكتفاء
يوم أمس الأربعاء، أكد وزير الصناعة خالد بتال، أن العراق وصل إلى مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة الأسمنت.
وقال بتال، إنه "أجرينا اليوم زيارة الى مقر الشركة العامة للأسمنت العراقية، وعقدنا اجتماعا مع مجلس الإدارة وتحدثنا بأهمية توفير مادة الاسمنت للمستقبل"، مبينا أنه "في السنوات القادمة سيكون هنالك طلب متزايد على مواد البناء الأساسية كالطابوق وحديد التسليح والأسمنت والسيراميك".
وأضاف وزير الصناعة، أن "الأسمنت له خصوصية الآن، وهناك اكتفاء ذاتي مع زيادة في الطلب خلال الأشهر الماضية، حيث وجدنا هناك مؤشرات على هذه الزيادة بسبب كثرة مشاريع البنى التحتية والبناء وسيزداد الطلب في الاشهر والسنوات القادمة"، مشيرا الى ان "الطلب على مواد البناء سيزداد الى الضعف في الـ5 او الـ6 سنوات المقبلة، بعد إحالة مدينة الجواهري قبل أيام، إضافة الى أربع مدن أخرى ستتم إحالتها فضلا عن مشاريع البنى التحتية التي هي في زيادة بنسب الانجاز، والمشاريع الموجودة حاليا والمشاريع التي ستُحال خلال السنوات القادمة".
وأوضح أنه "تم وضع خطة واضحة في أعقاب مؤتمر الاستثمار المعدني والصناعات البترو كيمياوية والاسمدة والاسمنت الذي عُقد يوم 3-4 أيار الماضي، وتمت إحالة بعض الفرص الاستثمارية عن طريق التنمية الصناعية، وأعطينا ايضا مجموعة من الفرص لهيئة الاستثمار الوطنية لتوزيعها على الرقعة الجغرافية، حيث وجدنا ان هنالك إشكالية في التوزيع الجغرافي لصناعة الاسمنت وهذا بطبيعة الحال يعتمد على توفر المواد الأولية والاستهلاك"، لافتا الى "أننا قمنا بإعادة توزيع المصانع جغرافياً، وكذلك لتلبية الحاجة المتزايدة كما ذكرتُ لصناعة الاسمنت".
وأكد "هناك إشكاليات في بعض المصانع، ووجهنا بحل جزء منها وستُستكمل هذه الحلول في الفترات المقبلة"، موضحا أن "هناك مشكلة في تقادُم او قِدم المصانع التابعة للاسمنت العراقية، حيث إن أحدث مصنع تأسس بسنة 1985 وما يتبعه من تقادم في التكنولوجيا".
وبين، أن "هناك مصنعين مازالا يعملان في الطريقة الرطبة، حيث إن المختصين يميزون بين الطريقة الرطبة وشبه الرطبة والجافة، وهما مصنعا الكوفة والنجف واللذان يستهلكان طاقة اكبر والإنتاج ضمن مستويات محدودة"، لافتا الى "امكانية معالجته وتحويله من الطريقة الرطبة الى طريقة شبه الرطبة مع زيادة الانتاج لتلبية المتطلبات بشكل سريع".
وذكر "ناقشنا مع مجلس الإدارة في الشركة بوضع خطة مستقبلية لخمس سنوات ولعشر سنوات لزيادة الإنتاج من جهة وللتغلب على الاندثار الذي قد يحدث بالمعامل لـ5 أو 10 سنوات المقبلة".
وشدد على "ضرورة وضع رؤية استراتيجية واضحة لتلبية الإنتاج والحفاظ على الاكتفاء الذاتي الذي يتمتع به البلد حاليا".
*ثاني أكبر صناعة حيوية
بحسب مدير عام الدائرة الفنية في وزارة الصناعة، ورئيس جمعية الإسمنت في العراق، ناصر المدني، فإنَّ "صناعة الإسمنت ثاني أكبر صناعة وطنية ستراتيجية حيوية، وركيزة أساسية في عملية البناء والإعمار، حيث يعتبر العراق الرائد الأول في الشرق الأوسط في إنشاء هذه الصناعة ومؤسس أول شركة في هذا المجال في ثلاثينيات القرن الماضي وأول معمل في بغداد خلال أربعينيات القرن المنصرم أيضاً".
ولفت المدني إلى أنَّ صادرات الإسمنت العراقي ومنذ ذلك الحين وصلت إلى بعض دول الخليج العربي وتركيا نتيجة توفر المواد الأولية بكثرة إضافة إلى وجود الوقود والطاقة والأيدي العاملة والخبرة الكبيرة"، مبيناً أنَّ "العراق تمكن من إنشاء ثمانية عشر معملاً حكومياً وعدد كبير من معامل القطاع الخاص وإنتاج أنواع أخرى بمواصفات عالمية، كإسمنت الآبار النفطية وإسمنت فائق النعومة سريع التصلب الذي يُستخدم لتحشية السدود والتربة وفي طور إنتاج أنواع أخرى".
*ما قبل 2003
وتابع المدني، "قبل عام 2003 كانت صناعة الإسمنت مقتصرة على المعامل الحكومية، ونتيجة لزيادة العدد السكاني والتطور العمراني، وكون معظم المعامل الحكومية قديمة كان للقطاع الخاص أثر كبير في تطور هذه الصناعة بإنشاء 10 معامل متكاملة وثلاثة معامل طحن إسمنت، وأصبح إنتاجه يشكل 65 % من إنتاج العراق"، مبيناً أنَّ "النجاح في توفير تلك المادة دون الاعتماد على المستورد يأتي نتيجة تظافر جهود القطاعين العام والخاص في الإنتاج كمّاً ونوعاً وبمواصفات عالمية".
واكد، "العزم على الوصول إلى الطاقة التصميمية البالغة نحو 42 مليون طن سنوياً".
*طفرات إنتاجية
وذكر مدير عام الدائرة الفنية في وزارة الصناعة أنَّ "العراق حقق الاكتفاء الذاتي بهذه المادة وبأسعار مناسبة ومنع الاستيراد للإسمنت الأجنبي بموجب قرار أصدره مجلس الوزراء، وساهم بشكل أساسي في تحقيق طفرات إنتاجية خلال السنوات الأخيرة تمثل بإنتاج أكثر من 32.4 مليون طن العام الماضي 2022، موضحاً المضي بتطوير هذه الصناعة من خلال تأهيل المعامل الحكومية بالتعاون مع القطاع الخاص وكذلك في مجال زيادة الإنتاج، وتقليل الانبعاثات الكربونية.
*ثلاث مراحل
ويقول المدير العام للشركة العامة للإسمنت العراقية، باسم محمد أمين، إن "صناعة الإسمنت تمر بثلاث مراحل هي جمع المواد الأولية والحرق والطحن، وكل المواد الأولية متوفرة في العراق ولا تحتاج إلى مراحل تصنيع متعددة كما هو الحال في بقية الدول، بسبب جودة المواد المتوفرة محليا".
*عدد المصانع
ويبين، أن "العراق يضم 18 معملا حكوميا لصناعة الإسمنت، موزعة بواقع 8 معامل في المحافظات الجنوبية و4 في الغربية و6 في نينوى، إضافة إلى 8 معامل أهلية".
ويتابع، أن "العراق حقق الاكتفاء الذاتي من الإسمنت منذ بداية 2016 حتى الآن، وهذا يعني أن أكثر من 4 مليارات دولار كانت ستُنفق على الاستيراد ولكن تم توفيرها خلال 6 سنوات ونصف من بداية تطبيق قرار المنع إلى وقتنا الحالي"، مشددا على ضرورة أن "تدعم الحكومة معامل الإسمنت، لتكون هذه الصناعة الاستراتيجية بدايةً لانطلاق باقي الصناعات المحلية في توفير احتياجات البلد محليا، وإيقاف هدر العملة الصعبة في استيراد المنتجات المماثلة لما تستطيع معاملنا بكوادرها وخبراتها المتراكمة إنتاجه".
وتُعد صناعة الإسمنت من الصناعات الاستراتيجية في العراق، وكل موادها الأولية وخبراتها متوفرة محليا، فقد بدأت منذ 85 عاما، حيث تأسس أول معمل في العراق عام 1936 باسم معمل بغداد، وفي ثمانينيات القرن الماضي، كان العراق من أوائل المصدِّرين في الشرق الأوسط للإسمنت، حيث كانت تصل صادراته إلى 7 ملايين طن قبل الحصار الاقتصادي، وكان يحقق اكتفاءً ذاتيا، كما أنه بعد حرب العام 1991، تمت إعادة بناء جميع الجسور والطرق المدمرة اعتمادا على الإسمنت العراقي، وهي الصناعة الأولى في العراق التي حققت الاكتفاء الذاتي، وذلك وفق حديث سابق للمدير العام للشركة العامة للإسمنت العراقية علي زيدان.
وبهدف توحيد السياسات وتقليص الصرفيات أعلنت وزارة الصناعة والمعادن في 19/ 1/2016 عن دمج شركات الإسمنت الجنوبية والإسمنت العراقية والإسمنت الشمالية كشركة واحدة باسم الشركة العامة للإسمنت العراقية بعد موافقة الأمانة العامة لمجلس الوزراء على تقليص ودمج الشركات في وزارة الصناعة والمعادن وحسب تشابه التخصص في نوعية الإنتاج ابتداءً من 1/1/2016.