العراقيون في المركز السابع بالنسبة لمشتري العقارات في تركيا بعد أن هيمنوا على المركز الأول لسنوات.. ما الذي تغير؟ وهل كان الاستثمار العقاري غسيلا للأموال؟
انفوبلس/..
تراجع كبير في نسبة إقبال العراقيين على شراء العقارات في تركيا، فبينما كانت الهيمنة واضحة لأبناء الرافدين ودائما ما كانوا يتربّعون على صدارة قائمة مشتري العقارات التركية، أظهرت الإحصائية الأخيرة وجود العراق في المرتبة السابعة خلال شهر تشرين الثاني الماضي.
*الإحصائية
بلغ عدد العقارات المُباعة إلى الأجانب في تركيا خلال شهر تشرين الثاني الماضي، ألفين و342 عقارا.
وبحسب مؤسسة الإحصاء التركية، فقد سجلت مبيعات المساكن في تركيا عموما (أجانب ومواطنين) تراجعاً بـ 20.6 بالمائة في شهر تشرين الثاني، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وبلغت 93 ألفاً و514 مسكناً.
وبشأن المبيعات للأجانب، فقد تراجعت في شهر تشرين الثاني 61.5 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وبلغت ألفين و342 مسكناً.
حل المواطنون الروس في مقدمة الأجانب الذي اشتروا مساكن في تركيا الشهر الماضي، بواقع 637 مسكناً، تلاهم الإيرانيون بالمركز الثاني بـ 234 منزلاً، ومن ثم الأوكرانيون بـ 128 منزلاً، وبعدهم الكازاخستانيون بالمركز الرابع بـ 117 مسكناً.
في المركز الخامس جاء السعوديون بواقع 110 منازل، ومن ثم المانيا بالمركز السادس بـ 106 منازل، ومن بعدهم جاء العراقيون بالمركز السابع بواقع 90 منزلاً.
وتُعد الجالية العراقية في تركيا ثاني أكبر جالية عربية بعد الجالية السورية، فوفقاً لإحصاءات سابقة لوزارة الهجرة العراقية هناك أكثر من 700 ألف عراقي مقيم في تركيا، ويتوزعون بكثافة في 12 من أصل 81 ولاية في تركيا، وهي بحسب الترتيب، إسطنبول، أنقرة، سامسون، سكاريا، يالوفا، بورصا، أسكي شهير، غازي عنتاب، ألانيا، جورم، بولو، وكوتاهيا.
وبحسب معطيات هيئة الإحصاء التركية، فقد تم بيع 2535 منزلاً للأجانب خلال شهر تشرين الاول الماضي، حيث بلغت حصة مبيعات المساكن للأجانب خلال الشهر ذاته 2.7 بالمائة من إجمالي المبيعات.
وقد احتلت أنطاليا رأس القائمة بين الولايات التركية في عدد المنازل المباعة للأجانب بواقع 931 منزلاً، تلتها إسطنبول بـ 758 منزلاً، ثم مرسين بـ 294 منزلاً.
وفي ترتيب الجنسيات الأجنبية الأكثر شراءً للمنازل في تركيا تصدر الروس القائمة بواقع 713 منزلاً، تلاهم الإيرانيون بـ 235 منزلاً، ثم الألمان بـ 152 منزلاً، ومن ثم الاوكرانيين بالمركز الرابع بواقع 138 منزلاً، وجاء العراقيون بالمركز الخامس بواقع 134 منزلاً.
وبحسب معطيات شهر تشرين الاول الماضي، مقارنة بشهر أيلول الماضي، فقد انخفضت نسبة شراء العراقيين للمنازل في تركيا، حيث كانت في شهر أيلول 191 منزلاً.
وفي شهر أيلول، جاء العراقيون بالمركز الثالث، بعد الروس بواقع 722 منزلاً، ومن ثم الإيرانيون بالمركز الثاني بواقع 327 منزلاً.
وكان العراقيون قد احتلوا المركز الرابع في قائمة مشتري الشقق السكنية في تركيا، خلال شهر نيسان الماضي، بحسب هيئة الإحصاء التركية، التي ذكرت في بيان أن تركيا شهدت بيع 2557 شقة للأجانب خلال شهر نيسان الماضي، وأن إجمالي مبيعات المنازل في البلاد بلغ 85 ألفا و652 شقة سكنية.
وحلّ الروس في المركز الأول بشرائهم 817 شقة سكنية، تلاهم الإيرانيون بـ377 شقة، ثم الأوكرانيون بـ136 شقة، والعراقيون بـ124 شقة سكنية.
*صدارة عراقية
وخلال سنوات 2016 و 2017 و 2018 و 2019 كان العراق بالمرتبة الأولى من بين الدول الأكثر شراءً للعقارات في تركيا.
وحافظ العراقيون على صدارة شراء المنازل في تركيا منذ العام 2015، إلا أن الترتيب تراجع إلى المركز الثاني بعد الإيرانيين مطلع 2021، ثم تراجع للمركز الثالث هذا العام بعد تصدر الروس لمشتري العقارات التركية.
ويبين المدير العام لشركة إسطنبول هايتس العقارية خالد العمر، أن العقارات التي اشتراها العراقيون تنوعت بين مبانٍ وشقق وفلل ومحال تجارية ومكاتب، مؤكدا أن نحو 40% منها في إسطنبول و24% في أنطاليا، وتوزعت 36% منها على محافظات إزمير وأيدين وسكاريا وموغلا ومرسين وبورصا ويلوا.
ورأى أن وجود مكتب الأمم المتحدة في تركيا، الخاص باللاجئين وإعادة توزيعهم على دول العالم، دفع الكثير من العراقيين للجوء إلى تركيا لتكون محطتهم الأولى والانطلاق منها إلى أوروبا أو أميركا، معلقاً "لكنهم قرروا الاستقرار في تركيا لسهولة المعيشة وتقارب عاداتها وتقاليدها".
*غسيل أموال
دقَّ اقتصاديون وعقاريون، ناقوس الخطر جراء تفاقم جريمة غسيل الأموال، واتخاذ العقارات والأراضي وسيلة لتحويل هذه الأموال التي تم الحصول عليها من نشاطات غير مشروعة إلى أموال نظيفة، وإضفاء الصفة الشرعية عليها من خلال شراء أراضٍ وعقارات بأضعاف أثمانها الحقيقية.
ويسمح قانون "العفو عن الثروة" في تركيا للأفراد والشركات بإعادة الأصول الخارجية التي لم يتم التصريح عنها سابقًا والإعلان عن الأصول المحلية التي لم يتم التصريح عنها سابقًا أيضا، اي إن الأموال المشبوهة أياً كان مصدرها داخليا أو خارجيا فإن هنالك من يستقبلها في تركيا ويوفر لها غطاءً قانونياً.
أصبح أول عفو ساري المفعول في نوفمبر 2008 واستمر حتى نهاية عام 2009. أصدر أردوغان مرسومًا في 31 ديسمبر 2021، يمدد قانون العفو عن الثروة في البلاد حتى 31 مارس 2023. كان هذا المرسوم هو الثامن من نوعه الذي أعلنه أردوغان منذ 2008.
واتهم وزير المالية السابق في تركيا ونائب حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي عبد اللطيف شينر حزب العدالة والتنمية باستخدام تركيا كمركز لغسيل الأموال منذ عام 2009.
*آلاف العراقيين يهجرون تركيا
وسجلت إحصائيات مغادرة العراقيين لتركيا أرقاماً متزايدة خلال العامين الأخيرين، مع تزايد الصعوبات الاقتصادية في تركيا وتأشير تحسُّن جزئي في القطاع الاقتصادي وفرص العمل والأمن في العراق، وبالرغم من وجود عودة طوعية، إلا أنها مدفوعة بتضييق شعبي وحكومي تركي ضد المهاجرين العراقيين والعرب الآخرين.
ووفقاً لإحصائيات الحكومة التركية، فقد غادر 46 ألف عراقي البلاد في العام الماضي، وهو أعلى عدد من المغادرين على الإطلاق من جنسية واحدة، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 275 ألف عراقي ما زالوا في تركيا، بحسب صحيفة "ذا ناشيونال".
وتشير الصحيفة، في تقريرها إلى أن "العديد من المغادرين يعودون إلى العراق"، مبينة أن "تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، وزيادة الصعوبات في الحصول على وثائق الإقامة، وأحياناً العنصرية، دفع الآلاف إلى العودة لوطنهم".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الحكومة العراقية قوله: "إنها ليست عودة قسرية، بل عودة طوعية، ولكن بسبب الوضع المتوتر".
ويمر الاقتصاد التركي بفترة طويلة من عدم الاستقرار، حيث أدّت أسعار الفائدة المنخفضة إلى التضخم الجامح، الذي يبلغ حاليا 62%، بالمقابل يعود آخرون إلى العراق بسبب تحسن الأمن وفرص العمل في وطنهم.
وتشير الصحيفة الى أن من بين العائدين، الآلاف من الأقلية التركمانية في العراق الذين يعودون إلى المناطق التي فروا منها أثناء سيطرة داعش الإجرامي.
ووفقا لجهات تركمانية، فقد فرَّ حوالي 120 ألف تركماني من شمال العراق إلى تركيا في عام 2014، معظمهم من الموصل ومدينة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية.
خلال العام الماضي، تمت مساعدة حوالي 3000 من التركمان العراقيين على العودة إلى العراق، بما في ذلك الدعم في الحصول على نسخ جديدة من وثائق الهوية الشخصية المفقودة، والمساعدة في استعادة الممتلكات من واضعي اليد وتوفير وسائل النقل عبر الحدود.
بالنسبة للسياسيين التركمان، هناك حافز لتشجيع العودة إلى العراق، فهم يخشون من أن غيابهم سيسمح لمجموعات أخرى في المشهد السياسي العراقي، المنقسمة على أُسس عِرقية وطائفية، بالسيطرة على تلعفر، بدلاً من ذلك، وينتقل عراقيون آخرون من تركيا إلى بلدان ثالثة، بحسب الصحيفة.
وفي حين يغادر العديد من العراقيين تركيا طوعاً، يتم احتجاز آخرين وترحيلهم في بعض الأحيان، وفقا لمحامي حقوق الإنسان ومراقبي الهجرة.
وتم احتجاز حوالي 7800 عراقي باعتبارهم “مهاجرين غير نظاميين” هذا العام – وهو أعلى رقم منذ عام 2019، وفقًا لأرقام الحكومة التركية.
وأصبح طلب اللجوء شبه مستحيل في تركيا، بحسب محامي حقوق الإنسان محمود كاجان، وقد ترك ذلك المهاجرين، بما في ذلك العديد من العراقيين، عرضةً للاحتجاز والترحيل.