"الغوارق" تلوث المياه العراقية.. انفوبلس تسلط الضوء على آثارها وتكشف إحصائيات حول أعدادها
الحلول الفعالة غائبة
"الغوارق" تلوث المياه العراقية.. انفوبلس تسلط الضوء على آثارها وتكشف إحصائيات حول أعدادها
انفوبلس/..
تسببت الحروب التي خاضها النظام البائد برئاسة صدام حسين، بكوارث على العراق لا تزال تبعاتها مستمرة حتى الآن، ومن بين هذه السلبيات هي "الغوارق" في المياه العراقية، حيث تعرضت العديد من السفن للقصف وغرقت في المياه وشكلت مصدر قلق للبواخر القادمة إلى موانئ البلاد.
*مشكلة
يؤكد خبير الحدود والمياه الدولية جمال الحلبوسي، إن “هذه الغوارق معظمها كانت بسبب الحروب التي خاضها النظام السابق"، مشيراً إلى أن "بعض الغوارق الموجودة في المياه الإقليمية هناك مشكلة في انتشالها، حيث إنها تقع في خطوط حدودية مع الكويت في خور عبد الله، ومع إيران أيضا، كما أن انتشال هذه الغوارق يحتاج الى تخصيصات مالية وجزء من هذه التخصيصات ينبغي أن يكون من موارد الموانئ، بما معناه أن إدارة الموانئ ينبغي أن تأخذ بنظر الاعتبار عملية صيانة الممرات من المخلفات وتخصيص مبالغ كافية لذلك”.
ويتابع الحلبوسي، أن “هذه الغوارق لها آثار سلبية على البيئة الإقليمية، منها التأثير السلبي على مياه البحار وهذا الأمر يخلق مشكلة كبيرة في الموانئ والبحار، وهناك اهتمام متفاوت بشأن التلوث البيئي في المياه الإقليمية والموانئ شبه متروكة بسبب زخم العمل التجاري فيها من استقبال البواخر وتفريغ شحناتها”.
ويستدرك “ولكن في جميع الأحوال هذا لا يمنع من القيام بمعالجة صحيحة لهذه الغوارق والحد من التأثير البيئي وتأمين المرور الآمن للبواخر والسفن في مياهنا الإقليمية”.
ويمتلك العراق منفذا بحريا وحيدا في محافظة البصرة، وفيه ثمانية موانئ هي: أم قصر التجاري الشمالي، وأم قصر التجاري الجنوبي، وخور الزبير، وأبو الفلوس، والمعقل، والبصرة النفطي، وخور العمية النفطي، وميناء الفاو الكبير الذي ما زال قيد الإنشاء.
*تأثير متنامٍ
من جهته، يشير خبير الجغرافية والدراسات التنموية في جامعة ذي قار، الدكتور حسين الزيادي، إلى أن “الغوارق تؤثر على البيئة تأثيراً متنامياً، ويمكن اعتبارها من أهم أسباب التلوث البيئي بما تحمله من مواد كيماوية ومن نفط خام”، لافتاً إلى أن بعض الملوثات تحتاج مئات السنين للتخلص منها وفقا لدراسات علمية.
ويضيف الخبير البيئي أن “الغوارق تتحول بعد اسابيع الى حديد غائر في الاعماق، لكن تأثيرات ما تسرب منها سوف يبقى مدة أطول خصوصاً أن عملية المد والجزر في شط العرب تساهم في نشر التلوث وتركيزه في أماكن معينة”.
*الاحصائيات
من جانبه، يوضح المتخصص بدراسة المياه الإقليمية مالك المالكي، أن “الغوارق الموجودة في المياه الإقليمية منتشرة من بداية شط العرب وصولا إلى خور عبد الله، ولحسب إحصائية قسم الإنقاذ البحري هناك 113 غارقا مختلفا”.
ويؤكد المالكي، “لغاية الآن لا توجد حلول فعالة على الرغم من أن الدولة قد تعاقدت مع الكثير من الشركات، لكنها لم تتمكن من انتشال تلك الغوارق، فمثلا توجد ناقلتيّ النفط الضخمتين العراقيتين، الرميلة، وعين زالة، وكلاهما غرقتا في العام 1991 في مياه خور عبد الله بين جزيرتيّ بوبيان ووربة الكويتيتين، وكانتا محملتان بالنفط حين تم قصفهما خلال ما أطلق عليه في حينها (حرب الناقلات) بين العراق وإيران”.
ويشدد على أن “هذه الغوارق تمثل مصدر تلويث لمياه البحار، ولغاية الآن لم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة من انتشالها على الرغم من وجود شركات كفوءة مختصة بهذا المجال لكن المحسوبيات تعرقل ذلك”.
ويذكر المالكي، أن “قسم الإنقاذ البحري وظيفته الأساسية هي انتشال الغوارق من المياه العراقية لتسهيل حركة الملاحة البحرية، بالإضافة إلى أن هذه الغوارق تشكل تهديدا للبيئة والأسماك والحياة البحرية لكونها مصدر تلوث بما تحمله من حمولات”.
*جدول زمني
في حزيران 2022، أقرتْ الشركة العامة للموانئ جدولاً زمنياً لإزالة وانتشال القطع البحرية الغارقة في المياه الإقليمية وشط العرب والقنوات البحرية، فضلا عن واجهات الأرصفة لتسهيل عملية الإبحار الآمن للسفن والناقلات النفطية.
وقال مدير الشركة فرحان الفرطوسي للصحيفة الرسمية، إن "خطة متكاملة وُضعت من قبل الشركة لإزالة ورفع جميع الغوارق في المياه الإقليمية والقنوات الملاحية وشط العرب، إلى جانب واجهات الأرصفة، لغرض تسهيل عملية الإبحار الآمن للسفن والناقلات النفطية الخارجة والداخلة للبلاد".
ولفت إلى أن "الفرق الهندسية والفنية في الشركة مستمرة بعمليات الكشف وانتشال الغوارق والأهداف في ميناءي خور الزبير والمعقل، وقد تم الكشف عن عدد منها ونقلها إلى مكان مخصص لها، فضلا عن رفع عدد من الركائز الخشبية بواسطة الرافعة حمرين في ميناء المعقل، مؤكدا أن العمل مستمر لرفع جميع الغوارق وفق جداول زمنية معدة لإتمام هذه العملية بشكل علمي وصحيح يؤمن إبحارا آمنا باتجاه موانئ البلاد".
وأشار إلى أن القطع الغارقة تعمل على إعاقة الملاحة في شط العرب، فضلا عن تأثيرها في البيئة البحرية والنهرية، لذلك قامت الشركة باطلاق أولى حملاتها لانتشال الغوارق قرب المياه الإقليمية بعد عام 2003، مبينا أن الحملة شملت خور عبد الله وخور الزبير وميناءي أم قصر الشمالي والجنوبي، وقد تم انتشال أغلب الغوارق في تلك المناطق بالاستعانة بالرافعة (أبا ذر) التي تمتلك قدرة 2000 طن.
ونبه الفرطوسي على أن العراق يتميز بامتلاكه الرافعة المذكورة التي لا يوجد مثيل لها في دول منطقة الخليج، مفيدا بأنه تم الاعتماد عليها بانتشال القطع البحرية العملاقة والكبيرة التي تعيق الملاحة في مناطق الإبحار، في حين تم الاعتماد على الرافعة حمرين لانتشال الغوارق ذات الأحجام المتوسطة والصغيرة التي تعيق الخط الملاحي لقناة شط العرب.
وكان المتحدث باسم الشركة العامة لموانئ العراق أنمار الصافي، قد أوضح في شباط / فبراير 2022، أن قسم الإنقاذ البحري هو المسؤول عن انتشال الغوارق سواء كانت داخل مياه شط العرب أو المياه الإقليمية أو في الأجزاء الأخرى من المياه البحرية في خور عبد الله، وخور الزبير، وقناة شط العرب، لافتا إلى أن هذا القسم يضع سنويا خطة لانتشال الغوارق في ضوء الأهداف المسجلة والأماكن المحددة وفق توقيتات زمنية.
كما أعلن المدير العام للموانئ فرحان الفرطوسي في كانون الأول ديسمبر/ 2023، أن الرافعات التابعة لقسم الإنقاذ البحري تواصل أعمال رفع الغوارق والمخلفات البحرية في مياه شط العرب، مبينا أنه تم انتشال غارق يتجاوز وزنه 1000 طن.