القبض على صدام حسين ومقتل نجليه.. المُخبِر عن مكان صدام وعدي وقصي "نواف الزيدان" يظهر للإعلام بعد 20 عاماً لكشف الملابسات.. الجزء الأول
انفوبلس..
عقود من الصمت والتكهنات حول تفاصيل القبض على صدام حسين ومقتل نجليه عدي وقصي ومرافقيهم، انتهت هذه الأيام بظهور الشخص الذي أخبر عن مكان تواجدهم لأول مرة على وسائل الإعلام عبر اتصال هاتفي مطوّل مع الإعلامي نزار الخالد، نُشر بثّه المباشر على صفحته الرسمية على يوتيوب، تحدث خلاله المخبر عن تفاصيل الأحداث ذلك الحين وهاجم البعث وذكر أسباب إخباره عن مكان تواجد صدام وعدي وقصي.
شبكة "أنفوبلس" تنقل لكم حديث المخبر نواف الزيدان على جزأين، فتابعوا معنا.
نواف الزيدان، أحد شيوخ محافظة نينوى ورجل أعمال وصديق مقرب من عائلة صدام (ويعتقد نواف أنه من عشيرة صدام وكان يقول ذلك لجيرانه، غير أن العشيرة نفت ذلك الانتساب).
كان نواف يُؤوي عدي وقصي وابن قصي مصطفى البالغ من العمر 14 عامًا وحارسَهما عبد الصمد الحدوشي في قصره في حي البريد شمال شرق الموصل لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا.
رقيب في المخابرات العسكرية الأمريكية والذي أجرى مقابلة مع الزيدان في برنامج تلفزيوني، في وقت سابق: "لقد كان نواف عصبيًا، رأيتُ علامات ذلك، وكان أشدّ الناس توترًا بين الذين تعاملتُ معهم. غير أنه كان واثقاً فيما يقول، أوثق من معظم الأشخاص غيره... كانت لديه مواقع محددة، وتمكن أيضًا أن يروي أوصافًا جيدة جدًا عن قصي وعدي، وعاداتهم. ووصفهما الجسدي المضبوط، ثم اجتاز الزيدان اختبار جهاز كشف الكذب، مؤكداً قصته. ثم اتُخذ قرارُ إرسال مفرزة من القوات الخاصة الأمريكية للقبض على الأخوين".
يروي الزيدان في حديثه مع نزار الخالد، إنه قبل سقوط بغداد بعدة أيام تمت دعوته رفقة المئات من شيوخ العشائر ورجال الدين إلى بغداد لمقابلة صدام، وبعد يوم طويل وانتظار كثير أرسل لهم صدام مبعوثاً عنه مع مئات الملايين من الدنانير (نُقلت بالرافعات لكثرتها) وتم توزيعها عليهم في خطوة لكسب ودهم بعد يقينه بأن حكمه زائل خلال أيام قليلة.
وخلال عودته إلى الموصل يكشف الزيدان أنه شاهد عجلات الجيش وهي منسحبة من المدينة باتجاه بغداد وأن أغلبها كانت معطّلة وبحالة فوضى كبيرة.
بعدها بمدة بسيطة، وبعد تأكيد سقوط النظام ودخول القوات الأمريكية إلى بغداد بثلاثة أيام، وخلال تجوال الزيدان وشقيقه في أزقة المدينة قابل "محمد الحدوشي" الذي يوصف بأنه "صدام تكريت" وخلال حديث جمع الثلاثة تم إبلاغ الزيدان بقدوم ضيوف لمنزله يوم غد ويبقون لعدة أيام دون إبلاغه بهويتهم.
في اليوم التالي وصلت سيارة (بيك آب دبل قمارة) فيها 3 أشخاص، وهم كل من سائق شاب (يدعى منعم الحدوشي)، وشخصان في المقاعد الخلفية لم يتعرف على هويتهم بسبب لحاهم الكثيفة، ليتبين فيما بعد أنهم عدي وقصي أبناء صدام، وعند وصولهم إلى المنزل يروي الزيدان الهيأة التي ظهرا بها، حيث الشعر الطويل ولحى (طولها شبر) وكثيفة ويرتدون الزي "الأفغاني"، وبحسب تعبيره فإنهم يشبهون (الدواعش) بشكل كبير وتسيطر على وجوههم ملامح التعب والخوف وطلبوا منه أكثر من مرة خلال الطريق أن يحاول تجنب الشوارع التي تسير فيها أرتال القوات الأمريكية.
ونوّه الزيدان قبل بدء حديثه أنه كان على خلاف كبير مع صدام، وأنه وشقيقه تم سجنهم أكثر من مرة وتعرضوا للتعذيب في سجون البعث، ولكن عند وصولهم تعامل معهم كضيوف، خصوصاً بعد الاتفاق أن مدة مكوثهم لن تزيد عن يومين فقط.
مرت 5 أيام وبدأ الزيدان بالانزعاج من وجودهم لأنهما تجاوزا مدة الاتفاق أولاً، وثانياً أن طلباتهما بدأت تزداد، حيث طلب عدي من الزيدان الذهاب إلى دهوك لجلب أغراض معينة من هناك كـ(فرشاة أسنان ونساتل "كيت كات" وكارت ستلايت لقنوات "شو تايم" وببسي وفواكه) وغيرها من الأمور التافهة و"أغراض الأطفال" بحسب تعبيره.
ويصف الزيدان شخصية الشقيقين بقول: أحدهم "أدبسز" والآخر خبيث، حيث كان الأول (عدي) يتعامل باستعلاء وكأنه لا يزال بمكانته التي كان عليها، والآخر (قصي) الذي كان يحاول أن يتعامل بذكاء وفقاً للوضع الذي كانوا عليه.
ويروي حديثا دار بينه وبينهم سألهم فيه عن معرفتهم بما جرى له ولعائلته والسجن والتعذيب الذي تعرضوا له، فأنكرا علمهم بكل الأحداث، وسأله قصي: لماذا لم تأتِ إلينا لنخلصكم من الذي حدث معكم.
وفي هذه اللحظة يقول الزيدان إنه بدأ بالشعور بالكره والحقد تجاه عدي وقصي لأنهم يحاولون استغفاله، حيث يؤكد أنهم كانوا على علم كامل بكل الأحداث التي جرت له ولعائلته.
في صباح اليوم السابع عاد للمنزل منعم الحدوشي ويحمل معه رسالة إلى قصي من زوجته، لم يعرف الزيدان محتواها لكنها أغضبت قصي كثيراً ودخل بسببها في شجار مع عدي، حيث قاما بإلقاء اتهامات على بعضهم البعض تخص وضعهم الحالي وأن كل واحد منهم هو المتسبب فقط بما هم عليه في ذلك الوقت.
وفي اليوم الثامن، أخبر عدي وقصي الزيدان أن سيذهبون ويعودون لاحقاً دون الإفصاح عن الوجهة التي ينوون الذهاب إليها، لكنهم طلبوا من الزيدان أن يرسل معهم ولده شعلان (17 سنة آنذاك) فوافق على طلبهم وهو يشعر بقلق وريبة كبيرين على حد قوله.
وعند عودتهم سأل نواف ولده زيدان عن المكان الذي ذهبوا إليه، فقال لا أعلم، لقد ذهبنا على طريق بغداد ووصلنا لمنطقة تلول الباج (وهي منطقة تقع بين بيجي والشرقاط وتبعد 120 كم عن مركز مدينة الموصل).
وأضاف، تركونا أنا ومنعم في السيارة، وذهب عدي وقصي (وكانوا ملثّمين) والتقوا بشخصين أحدهم ملثم والآخر غير معروف، وأكد (شعلان) لوالده في حديثه أن ذلك الشخص هو صدام حسين.
ولفت إلى أنهم جلسوا بين التلال الصغيرة يتحدثون لمدة قصيرة وعادوا بعدها إلى السيارة ورجعوا إلى المنزل.
الزيدان يرى أن طلب عدي وقصي باصطحاب شعلان معهم بحجة أن يكون دليل أو أن يقود السيارة كان الغرش الحقيقي منه هو اعتباره رهينة، لكي يضمنوا أني لن أبلغ عليهم أثناء ذهابهم.
أما اليوم التاسع، وقد كان يصادف يوم جمعة، وكان الزيدان معتادا أن يصلي صلاة الجمعة في الجامع المقابل لمنزله، لكنه في ذلك اليوم لم يذهب لأداء الصلاة بسبب وجود عدي وقصي في بيته، ويروي نواف أن خطيب المسجد (الشيخ المعتدل) بدأ بخطبته بذكر أحداث الأسبوع واحتلال العراق ودخول القوات الأمريكية وراح يسب صدام حسين كلما جاء ذكره، وبسبب ارتفاع صوت سماعات المسجد فإن جميع من في الدار سمعوا الخطبة بما فيهم عدي وقصي.
وعند جلوسهم على الغداء سأل عدي عن هوية خطيب الجامع، وقال: في الجمعة المقبلة سنقوم بتفجير الجامع.
الزيدان يقول: كنت أعلم أنه تهديد فارغ، لكن كل تفكري كان محصور بأنهم ينوون البقاء أسبوعا إضافيا في منزلي حتى يوم الجمعة المقبلة.
حلّ اليوم العاشر، وبدأت المحاورات السرية بين عدي وقصي ومحمد ومنعم الحدوشي وغيره من الأشخاص الذين يترددون عليهم، اتضح وعرف الزيدان أنهم يبحثون عن شخص يدعى (أياد)، وهو حسب نواف شريك عدي وقصي بتهريب السجائر والمشروبات الكحولية إلى العراق.
عدي طلب من الزيدان أن يعرف لهم مكان ذلك الشخص، والذي يسكن حي البريد أو "حي الفلاح" وهو الحي الذي فيه منزل نواف الزيدان.
وعند سؤاله في المنطقة عن "أياد" عرف أنه يبعد عن منزله 300 متر، ولكنه هرب لأربيل هو وعائلته مع دخول القوات الأمريكية إلى الموصل، وعند علم عدي بهذه المعلومات بدأ بسب أياد ويقول أنه: أخذ الأموال وهرب.
في اليوم التالي، طلب محمد الحدوشي من نواف الزيدان مرافقته إلى دهوك دون كشف الأسباب، وخلال طريق الذهاب بدأ الحدوشي بالحديث والتذمر من الأوضاع التي حلّت به وبعائلته ومنزله الذي احترق وغيرها من الأمور، ذاكراً أن السبب بكل ذلك هو صدام وعائلته ومرافقته لهم.
حينها بدأ الزيدان بالشك بأن الحدوشي يحاول استدراجه ومعرفة حقيقة ما يدور بداخله، فبدأ نواف بالتعامل بدبلوماسية و"أمسك العصا من المنتصف" لتجنب أية مشاكل محتملة.
وعند عودتهم بدأوا الحديث عن نيتهم بالهرب إلى سوريا ولكن بعلم الحكومة السورية، حينها تحدث قصي عن مسؤول سوري يحاول التواصل معه لترتيب الانتقال.
عندها أبدى صلاح الزيدان (شقيق نواف) الاستعداد بالذهاب لسوريا ومقابلة رئيسها بشار الأسد ونقل رسالتهم إليه، ولكن بعد خروجه من المنزل قال عدي لنواف: إن الله أعطى أخوك صلاح مؤخرة كبيرة وعقل صغير، الأمر الذي اعتبره الزيدان إهانة شخصية له ولأخيه وللمنزل الذي يستضيفهم لمدة أسبوعين تقريباً، ودخل بمشادة مع عدي بسبب ما قاله اضطرت الأخير إلى الادعاء بأنه كان يمزح.
التتمة في الجزء القادم..