الكتل الكردية تتحد لإلغاء قرارات البعث وانفوبلس تشرح لك: هذا أصل المشكلة وتاريخها وإمكانية حسمها
انفوبلس/ تقارير
لم يكن اتحاد الكتل الكردية الخمس اليوم لإلغاء قرارات البعث بشأن الأراضي الزراعية في كركوك، هو الحراك الأول وربما لن يكون الأخير، فالقصة طويلة وتعود إلى ما قبل عام 2013 عندما تدخل حتى هادي العامري بها، وهذا يعني أن الإصرار الكردي على إلغاء هذه القرارات عمره أكثر من عقد، وما بين اتحاد هذه الكتل وآمال الخارجية النيابية بشأن الحسم، سلّطت انفوبلس الضوء على هذه القضية وشرحت بالتفصيل ما الذي يعنيه إلغاء قرارات البعث هذه، وسبب ذلك الإصرار عليه، مع استعراض أبرز الآراء النيابية بشأن إمكانية تمرير القانون ولماذا وُصِف بالمجحف للمكون العربي.
الكتل الكردية تتحد بحضور العامري
نبدأ من آخر تطورات الموضوع، ثم نستعرض خلفياته وأبعاده وإمكانية تمرير قانونه، إذ أعلن النائب عن محافظة السليمانية سوران عمر، اليوم الخميس، أن الكتل الكردية الخمس في مجلس النواب قد اتفقت على توحيد موقفها لدعم مشروع قانون يهدف إلى إلغاء قرارات حزب البعث المتعلقة بالأراضي الزراعية في المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.
وأوضح، أن هذه الكتل تعهدت بالتصويت لصالح المشروع، مشددًا على ضرورة عدم عرقلة تمريره من قبل الكتل الشيعية والسنية.
وقال عمر، في منشور على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، اطلعت عليه شبكة انفوبلس، إن "الكتل الكردية الخمس في مجلس النواب، بحضور نائب رئيس البرلمان، عقدت اجتماعًا مع هادي العامري، رئيس لجنة تنفيذ المادة 140 الحكومية، لمناقشة مشروع قانون إلغاء قرارات حزب البعث المتعلقة بالأراضي الزراعية في كركوك والمناطق الأخرى ضمن المادة 140"، مبينا أن "هذه القرارات كانت دائمًا تشكل عائقًا أمام إعادة الحقوق لأصحابها."
وأضاف، "لقد عقدنا ستة اجتماعات حتى الآن مع الكتل الشيعية والسنية، بحضور محسن المندلاوي، رئيس مجلس النواب بالوكالة، وشاخوان عبد الله، نائب رئيس المجلس، وخالد شواني وزير العدل، وهادي العامري رئيس لجنة تنفيذ المادة 140، لضمان تمرير هذا المشروع دون معارضة من الكتل الأخرى."
وشدد عمر على أن المشروع يحظى بدعم كامل من جميع الكتل الكردية، مؤكداً الحصول على وعود بعدم الاعتراض على التصويت لصالحه.
وأوضح، أن هذا المشروع يمثل فرصة تاريخية لإنهاء المظالم الناتجة عن قرارات حزب البعث المتعلقة بمصادرة الأراضي الزراعية في كركوك والمناطق الأخرى المشمولة بالمادة 140، والتي كانت تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لهذه المناطق.
ليس الاتحاد الأول.. إليك بداية الحراك
كما ذكرنا، لم يكن اجتماع الكتل آنف الذكر واتحادها لإلغاء تلك القرارات، هو الخطوة الأولى بهذا الموضوع، إذ يرجع الأمر إلى أكثر من عقد من الزمان، ففي عام 2013 طالب وزير النقل آنذاك هادي العامري، بإلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال لحزب البعث المنحل الخاصة بمحافظة كركوك.
وطالب هادي العامري، رئيس لجنة تنفيذ المادة 140 في مذكرة رفعها الى رئيس الوزراء حينها نوري المالكي، بـ“الإسراع في إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال لحزب البعث المنحل". مردفا "وبعكس ذلك نتحمل المسؤولية التاريخية أمام الله وأمام أهالي منطقتي تسعين وحمزلي في كركوك".
بعد العامري وفي العام ذاته، قال المهندس مهدي مبارك، مدير دائرة الزراعة في محافظة كركوك آنذاك، إن "قرار إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال صدر قبل أكثر من عام – أي في عام 2012 - من قبل مجلس الوزراء الاتحادي وهذا ولَّد حالة من الفرح والسرور لدى الفلاحين الكرد والتركمان لاستعادة حقوقهم، لكن وبعد مرور كل هذه المدة لم يتم تنفيذ القرار لحد الآن".
وأشار مبارك إلى أنه "لو كان القرار نافذاً لاستعاد الفلاحون الكرد والتركمان المئات من الاراضي الزراعية التي صادرها النظام البعثي البائد". مبينا، "أن وزارة العدل في الحكومة الاتحادية تضع العراقيل أمام تنفيذ هذا القرار".
سبب العرقلة وعدم الحسم طيلة الفترة السابقة
ولكون القضية مضى عليها أكثر من عقد كما ذكرنا، فقد تقصت انفوبلس عن سبب عرقلتها وعدم حسمها لغاية الآن، إذ وفي عام 2013 أيضا، قال كاكه رش صديق، مسؤول مكتب المادة 140 في كركوك عام 2013، إن العراقيل التي يضعها وزير العدل أمام إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال هي عراقيل سياسية.
وأضاف صديق، "خلال اجتماعنا الأخير مع وزير العدل أوضحنا له هذا الموضوع وطالبنا بضرورة الإسراع في إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال لحزب البعث المنحل، لكن وزير العدل أخبرنا بأنه تجب إعادة هذا القرار إلى السلطة التشريعية في العراق".
وتابع: "نحن نعتقد بأن هناك عراقيل توضع من قبل وزارة العدل أمام إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال لحزب البعث المنحل".
أما في أيار الماضي أي قبل نحو 4 أشهر، رفضت الأطراف العربية التصويت على مشروع قانون إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحلّ ما لم يُدرج عدد من مقترحاتها ضمن مشروع القانون، ونتيجة لذلك لم يتم التصويت على مشروع القانون.
مشروع القانون الذي يتضمن عدداً من المواد المتعلقة بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة الصادرة في سبعينيات القرن الماضي، أُدرج بتاريخ 22 أيار ضمن جدول أعمال البرلمان لكنه لم يُقرّ.
النائب عن محافظة كركوك من كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، صباح حبيب، قال تعليقا على عدم التصويت، "بعض الكتل العربية قالت خلال الجلسة إن العرب أيضاً تعرضوا لظلم كبير إبان فترة حكم حزب البعث وقدمنا شهداء وتم الاستيلاء على قسم من أراضينا في عدة مناطق، لذا لدينا بعض المقترحات، منها إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة التي استُولي بموجبها على أراضي المكون العربي أيضاً".
وأضاف حبيب، إن "هذا المقترح أدى الى عرقلة التصويت على مشروع القانون حيث تأجلت الجلسة لحين التمكن من إدراج المقترح ضمن مشروع القانون وستحدد اللجنة القانونية موعداً جديداً لعقد الجلسة، فيما أكد أن كافة أعضاء البرلمان طلبوا استلام مقترح الكتل العربية وستتولى لجنة قانونية هذا العمل".
كما أجل مجلس النواب، في 16 أيلول سبتمبر الجاري، التصويت على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لحين توصل الكتل السياسية الى صيغة توافقية.
ماذا يعني إلغاء قرارات البعث في كركوك؟
جميع الحراكات آنفة الذكر، تأتي في إطار الجهود المستمرة للكتل الكردية لاستعادة الأراضي الزراعية التي صادرتها حكومة البعث في المناطق المشمولة بالمادة 140، والتي تشمل كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان.
وتُعد ملكية الأراضي الزراعية من الملفات الشائكة في محافظة كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها والتي بقيت معلّقة طوال 21 عاماً.
فبعد سقوط نظام البعث في 2003، أُعيدت معظم العوائل الكردية المرَحّلة الى مناطقها، فيما أُعيد العرب الوافدون الى مناطقهم، وتم تعويض الجانبين بمبالغ مالية وأراض، إلا أنه بعد عامين، بموجب الدستور العراقي، تحديداً المادة 140، تم تثبيت مسألة حسم ملكية الأراضي الزراعية كجزء من المراحل الأولية لتنفيذ المادة تحت مسمى التطبيع، لكنها لم تشهد خطوات عملية تذكر.
إجحاف للمكون العربي
بدوره، يؤكد النائب عن محافظة كركوك، وصفي العاصي بعد تأجيل التصويت على مشروع القانون، أن "هذا المشروع فيه إجحاف للمكون العربي في كركوك كونهم المتضررين الوحيدين منه".
وقال العاصي في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "محاولة تمرير مشروع القانون مجافي للحقائق التي تؤكد أن أصحاب هذه العقارات والأراضي غير مشمولين بالمادة 140 كونهم من سكان مدينة كركوك الأصليين حسب سجلات تعداد 57 ولديهم مئات القرارات القضائية المكتسبة الدرجة القطعية بأحقيتهم بهذه الأملاك".
كما يؤكد صباح حبيب، "بأن العرب أيضاً من حقهم أن تكون لهم مطالب، لكننا ككرد، في حال عدم تمرير مشروع القانون، لن نصوت على مشروع قانون الميزانية العامة"، مشيراً الى أن "البرلمان أصبح سبب تأخر حسم ملكية الأراضي نتيجة لتعطل الجلسات".
هل يتم تمرير القانون؟
في النهاية، أعربت رئيسة العلاقات الخارجية النيابية ديلان غفور، أمس الأول الثلاثاء، عن أملها بتشريع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، مؤكدة أن ذلك سيعمل على إنهاء الصراع في كركوك.
وقالت غفور في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن “مقترح إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المتعلق بمحافظة كركوك والخاصة بالأراضي الزراعية كان مقدماً من الاتحاد الوطني الكردستاني عند تشكيل الكابينة الحالية لحكومة محمد شياع السوداني وكان عليه اتفاق سياسي وتم التصويت عليه في مجلس الوزراء".
وأضافت، إن “هناك مشكلة حقيقية في كركوك تواجهنا سنويا وهي النزاع على الأراضي الزراعية بين العرب والتركمان والكرد”، مبينة أن “هذه الأراضي تمت مصادرتها من قبل النظام السابق بقرارات مجحفة بحق الكرد وبعد ذلك تم التعاقد فيه على عشائر عربية في المحافظة بدون تعويض الكرد".
وأشارت إلى، أن “الاجتماعات حتى الآن مستمرة ونأمل أن يتم تشريع القانون وتنتهي المشاكل بشكل جذري في المحافظة”.