الكهرباء تلجأ لحلول أخرى بعد فشل الجباية.. التسعيرة بالإقليم أغلى بنسبة 1460% وهذه أسعار العالم مقارنة بالعراق
انفوبلس/ تقارير
لقد تسبب الفشل المتكرر لجباية الكهرباء في العراق، وعدم وجود ثقافة الترشيد لدى المستهلكين، إلى تعقيد ملف الطاقة الكهربائية بالبلاد، وهذا ما أجبر وزارة الكهرباء على التفكير في حلول أخرى، كان تفعيل الدفع الالكتروني للجباية والتعاقد مع شركات أهلية لهذا الغرض، من أبرزها. انفوبلس سلّطت الضوء على هذا الملف وتوصلت إلى أن نسبة جباية الكهرباء في العراق 7% وقد يكون أدنى من ذلك، وتوصلت أيضا إلى أن تسعيرة الكهرباء في كردستان أغلى بنسبة 1460% من باقي محافظات العراق. فما هو فرق سعر الكهرباء المدعوم في العراق عن الأسعار بالعالم؟ إليك كل ما تريد معرفته عن ذلك وبالأرقام.
*فشل جباية الكهرباء في العراق
غالبًا ما تواجه دعوات وزارة الكهرباء وخطواتها للتشديد على ملف الجباية، اعتراضات وغضبًا شعبيًا، هذا الأمر، دفع وزير الكهرباء الحالي للتصريح بشكل علني أن إجراءات وزارته لا تستهدف "الفقير"، بل المولات والمنشآت الكبيرة والتجارية والمدارس والكليات التي تستهلك أحمالًا كبيرة من الطاقة، دون أن تدفع الجباية، مقارنة بالمواطنين الذين أحمالهم واستهلاكهم قليل ولا يؤثر كثيرًا على الوزارة.
وبهذا الصدد، يرى الباحث المختص في مجال الطاقة مصطفى قصي، أن تفعيل الجباية لن يؤدي إلى تعظيم الموارد المالية لوزارة الكهرباء فحسب، بل يؤدي إلى تقليل الاستهلاك المحلي للكهرباء، فيما يشير إلى مشكلة وجود مجمعات سكنية ومولات ومدارس متجاوزة ولا تدفع الجباية، فضلًا عن مؤسسات حكومية ووزارات.
ويشير قصي في حديث له، إلى أنّ "قطاع الكهرباء في العراق يُعد من القطاعات الخاسرة وخاصة في ملف الجباية بين وزارة الكهرباء والمستهلك بشكل عام بسبب أن نسبة الدعم تصل إلى 90%".
ويضيف، أنّ "أنواع الطاقة لدينا هي الطاقة المقروءة والطاقة المستهلكة والطاقة المجباة، وفي حال تمت جباية أجور الكهرباء من كافة الأصناف نصل إلى 4 تريليونات دينار عراقي سنويًا"، معتبرًا أن "هذا الرقم من المستحيل الحصول عليه بسبب أن الطاقة المستهلكة تذهب لمستهلك رسمي وغير رسمي والمتمثلة بالعشوائيات و تُقدر أعدادها بـ 4 آلاف عشوائية يسكنها 3 ملايين و 500 ألف شخص في 522 ألف وحدة سكنية، حصة بغداد وحدها هي 1030 عشوائية بالإضافة إلى المجمعات السكنية و المولات و المدارس الأهلية من ضمن المتجاوزين".
والمشكلة بالنسبة لقصي لا تتعلق بالعشوائيات فقط، لأنّ "وزارة الكهرباء العراقية تطلب الدوائر الحكومية فقط في بغداد 883 مليار دينار عراقي، قيمة الطاقة المجهزة لها، ما عدا المبالغ في بقية المحافظات".
*الوزارة تلجأ لحلول أخرى.. الدفع الالكتروني أولها
بعد الفشل المذكور، لجأت وزارة الكهرباء إلى حلول أخرى لاستحصال أموال الكهرباء، إذ أعلن وزير الكهرباء زياد علي فاضل، في العاشر من شباط الماضي، عن إطلاق مشروع الدفع الإلكتروني للجباية.
وقال فاضل في تصريح آنذاك للوكالة الرسمية تابعته شبكة انفوبلس، إنه "امتثالاً للبرنامج الحكومي وبتوجيه من دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلنت وزارة الكهرباء اليوم وبشكل رسمي عن إطلاق تطبيق الدفع الالكتروني لدفع فواتير الكهرباء من خلال بطاقات الدفع الالكتروني"، لافتاً الى أن "التطبيق سيشمل محافظة بغداد بشكل كامل وسوف تعمم التجربة على جميع المحافظات العراقية".
وأضاف، إنه "أصبح بإمكان المواطن دفع فاتورة الكهرباء بأي مكان باستخدام أي بطاقة الكترونية من دون الانتقال الى دائرة الكهرباء، وبنفس الوقت يتأكد من دفعها من خلال وصول إشعار عبر الهاتف"، مشيراً الى أن "الاستقطاع سيكون بمبلغ قليل جداً ولا يتعدى ألف دينار، وسعر القائمة ثابت".
*دخول الجباية الالكترونية حيز التنفيذ
بعد أحد عشر يوما من إطلاق مشروع الدفع الالكتروني للجباية وبتاريخ 21/ شباط، أعلنت وزارة الكهرباء، دخول مشروع الجباية الإلكترونية حيز التنفيذ، فيما شددت على أهمية التزام المواطنين بدفع الجباية عن طريق الدفع الإلكتروني.
وقال رئيس اللجنة الوزارية للإشراف على مشروع الدفع الإلكتروني والتحول الذكي في وزارة الكهرباء، أحمد مرتضى للوكالة الرسمية، إن "وزارتنا باشرت بمشروع الدفع الإلكتروني منذ قرابة سنتين ونصف من السنة الماضية، لكن حدث تلكؤ بسيط في العمل، والآن المشروع دخل حيز التنفيذ"، مؤكداً أن "المشروع سيحل مشاكل المواطنين والوزارة والحكومة بشكل عام، منها مشاكل تتعلق باستحصال مبالغ الجباية، التي تشكل الواردات الأساسية لوزارة الكهرباء".
*أهمية الجباية الالكترونية
وبين مرتضى، أن "الجباية الإلكترونية هي أهم مرتكز لضبط الواردات والسيطرة عليها في الوزارة، كما أنها ستعيد ثقة المواطن بمؤسسة الدولة العراقية، من حيث تسديده لكل مستحقاته من رسوم وجباية مترتبة على استهلاكه للطاقة الكهربائية، وستوفر عليه عناء الذهاب إلى دوائر الوزارة لدفع مبالغ الجباية بشكل مباشر، فضلاً عن إنهاء مشاكل أخرى كثيرة من خلال اعتماد الجباية الإلكترونية ".
وشدد على أهمية "التزام المواطنين بدفع الجباية عن طريق الدفع الإلكتروني، والابتعاد عن كل المخاوف بشأن زيادة أسعار الجباية" مؤكداً أنها "مخاوف لا تمت للواقع بصلة".
واستدرك بالقول: إن "التحول للدفع الإلكتروني هو خطوة مماثلة لدفع مستحقات البنزين وغيرها من الوقود، وهو نظام حديث لطي صفحة الأنظمة القديمة التي استمرت عليها مؤسسات الدولة العراقية منذ أكثر من 60 عاماً".
*الحل الثاني.. شركات أهلية للجباية
بعد إطلاق الدفع الالكتروني للجباية بنحو شهرين، لجأت وزارة الكهرباء إلى حل أخرى لاستحصال الأموال من المستهلين تمثل في التعاقد مع شركات أهلية لهذا الغرض.
لاقت هذه الخطوة لغطا كبيرا بسبب وجود موظفين داخل الوزارة معنيين بهذا الأمر، لكن وزارة الكهرباء سارعت بتوضيح الأمر، حيث قال المتحدث باسمها أحمد موسى، إن "هذه الشركات هي لتقديم الخدمة وليس لجباية أجور الكهرباء فقط، كما أن العقود تضمنت بنوداً والتزامات على الطرفين، جزء منها على وزارة الكهرباء والآخر على الشركات المعنية بالخدمة والجباية".
وأوضح موسى في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، أن "عقود شركات الخدمة والجباية من فقراتها تشغيل 80 بالمائة من كادر موظفي وزارة الكهرباء مع تأمين رواتبهم ضمن نسبة محددة التي هي 12.9 بالمائة، فهذه المبالغ تستحصل مقابل لقاء ما تُقدم هذه الشركات من خدمة وجباية، أما المبالغ المتبقية فهي تذهب لصالح وزارة الكهرباء".
وأشار إلى أنه "لا استغناء عن موظفي وزارة الكهرباء حتى مع وجود شركات الخدمة والجباية، إذ يعمل الموظفون الباقون ضمن مقررات العقود أو مع الوزارة".
*حجم المبلغ المستحصل من الجباية
ويوضح قصي أنّ "نسبة جباية الكهرباء في العراق 7% حسب لجنة الطاقة النيابية، إلا أن واقع الحال يشير إلى أنها أدنى من ذلك، لأن بعض موظفي الجباية في بغداد يأخذون الجباية بشكل تقريبي من المولات وغيرها من المنشآت التجارية".
ويؤكد أن "العدادات الذكية هي مشكلة أخرى تعاني منها الوزارة، حيث أن تجربة العداد الذكي هي إحدى حلول الجباية ولعل أقرب مثال لدينا هو إقليم كردستان، ففي بداية عام 2022 تم نصب مليون عداد ذكي من أصل 1.5 مليون مجهزة من قبل شركات يابانية وأوروبية بتكلفة إجمالية بلغت 150 مليون دولار".
*ما هو فرق سعر الكهرباء المدعوم في العراق عن الاسعار بالعالم؟
حلَّ العراق بالمرتبة العاشرة، ضمن قائمة أرخص سعر للكهرباء في عام 2023 بحسب ما أورده global petrol prices.
ووفق جدول نشره الموقع الاقتصادي المتخصص، اطلعت عليه شبكة انفوبلس، فإن العراق جاء بالمرتبة العاشرة من بين 142 دولة مدرجة بالجدول بأرخص أسعار للكهرباء لعام 2023، حيث بلغ سعر الكهرباء في العراق 0.015 دولار لكل كيلوواط ـ ساعة.
وجاءت إيران في المرتبة الاولى بأرخص الدول حيث بلغ فيها سعر الكهرباء 0.002 دولار لكل كيلوواط في الساعة، تليها سوريا ثانيا بسعر 0.003 دولار لكل كيلوواط في الساعة، ومن ثم إثيوبيا 0.006 دولار، ثم جاءت السودان بسعر 0.006 دولار وجاءت ليبيا بسعر 0.008 دولار.
وجاءت ايرلندا "وليختنشتاين" بالمراتب الأخيرة بأغلى سعر للكهرباء، حيث بلغ فيهما سعر الكهرباء 0.517 دولار و 0.519 دولار على التوالي لكل كيلوواط في الساعة .
*الفرق بين تسعيرة الكهرباء في بغداد وإقليم كردستان
بحسب تقرير لوزارة الكهرباء، بلغ عدد مشتركي الكهرباء في جميع محافظات إقليم كوردستان اعتبارا من 31 كانون الأول 2020 (1،674،764) مشتركا، مقسمين على عدة فئات (المنازل، التجمعات السكنية، التجارية، الصناعية ،الزراعية والحكومية)، بحسب التقرير، يبلغ عدد المشتركين في محافظة أربيل (610 آلاف و617) مشتركا وفي محافظتي السليمانية وحلبجة (624 ألفا و123) مشتركا، وفي محافظة دهوك (366 ألفا و376)، وفي إدارة كرميان (73 ألفا و 648 ) مشتركا، وعدد المشتركين لدى وزارة الكهرباء في تزايد مستمر.
لو استهلك مشتركو الكهرباء في العراق وإقليم كردستان 1500 وحدة كهرباء شهريا، ستكون القيمة بالشكل التالي:
ـ سيدفع المشترك في العراق (15) الف دينار ويدفع المشترك في إقليم كوردستان مقابل نفس الوحدة المستهلكة ( 44 الف و 100) دينار وهي أغلى بنسبة (194٪) من العراق.
ـ سيدفع المواطن الذي يسكن في المجمعات السكنية في العراق مقابل نفس الوحدة المستهلكة من الكهرباء ( 15 ) الف دينار، أما في إقليم كوردستان سيدفع المواطن الذي يقطن في المجمعات السكنية مقابل نفس الوحدة الكهربائية المستهلكة، مبلغ (234 ألف دينار)، أي أكثر من( 1،460 في المئة).
ـ المواطنون الذين يشتركون في التيار الكهربائي بالتسعيرة التجارية في العراق يدفعون (1000) الف دينار، وفي الإقليم يدفع المواطن الذي يشترك في الكهرباء بالتسعيرة التجارية ( 234) الف دينار. السعر التجاري للوحدة الكهربائية في الإقليم أغلى من العراق بنسبة 134%.
ـ تُحسب للدوائر الحكومية في العراق نفس الوحدة الكهربائية المستهلكة بـ( 180 الف) دينار، في الإقليم تدفع الدوائر الحكومية ( 270) الف دينار، تسعيرة الدوائر الحكومية في الإقليم أغلى من الحكومة الاتحادية بنسبة(50%).
ـ التسعيرة الزراعية للتيار الكهربائي في العراق لنفس الوحدة، تبلغ ( 90) الف دينار، وفي إقليم كوردستان تبلغ ( 54%) أقل بنسبة( 40 % )عن الحكومة الاتحادية.
ـ التسعيرة الصناعية في العراق تبلغ ( 90 الف) دينار، وفي الإقليم تبلغ( 180 الف دينار)أي أغلى من تسعيرة الحكومة الاتحادية بنسبة (100%).
*أسعار الجباية الالكترونية والمناطق المشمولة بها
وفيما يخص أسعار الجباية الالكترونية في العراق، فقد حددت وزارة الكهرباء، إيجابيات مشروع التحول الذكي (الجباية الإلكترونية) وأثره على المواطنين، وفيما أكدت أن الأسعار ستكون ذاتها المدعومة من الدولة، لفتت إلى أنه سيتضمن تحويل الشبكات الهوائية إلى أرضية لتقليل التجاوزات والضائعات.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، إن "الوزارة ستشرع بالعمل في 10 مناطق منتخبة كمرحلة أولى 4 منها في بغداد و6 أخرى في المحافظات تتوافر فيها الشروط الأولية لتحويل إمدادات الكهرباء فيها إلى شبكات ذكية وأيضا نصب السمارت ميتر أو المقاييس الذكية والعدادات الإلكترونية".
وتابع، أن "مجلس الوزراء خول وزارة الكهرباء اختيار شركات متخصصة لتطبيق المشروع عبر خيار الاستثمار ونحن ندرس الآن ملفاتها وسيتم اختيار 50 ألف مشترك لكل منطقة، وستحال للشركات المنفذة في كل منطقة من المناطق المنتخبة العشرة مما يعني أنه سيشمل 500 ألف مشترك في مرحلته الأولى وستكون الأسعار بذات الدعم المقدم للمواطنين".
ولفت، إلى أن "العمل سيتضمن نصب العدادات الإلكترونية الذكية وتحويل الشبكات الهوائية إلى أرضية لمعالجة الاختناقات الموجودة في تلك الشبكات والحد من الاستخدام أو التعامل البشري معها".