المجمعات السكنية وسوق العقارات في بغداد.. الأفقي أغلى من العمودي وقروض العقاري ليست متاحة للجميع.. انفوبلس تستعرض ذلك بالأرقام
انفوبلس/ تقرير
يشهد سوق العقارات والمجمعات السكنية في العاصمة بغداد منذ مدة طويلة قفزة كبيرة في الأسعار وُصفت بأنها غير مسبوقة، واعتبرها البعض غير منطقية، إذ تجاوزت أسعار العقارات في بعض أحياء بغداد خصوصاً قرب مطار بغداد وفي مطار المثنى نظيرتها في عواصم أوروبية وعربية، رغم تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على أبرز التكتلات في المجمعات السكنية قرب مطار بغداد وفي مطار المثنى وجنوب الدورة
توجهت شريحة واسعة من الأثرياء الجدد، الذين هم نتاج تعاملات اقتصادية مختلفة مع مؤسسات الدولة العراقية تؤشر عليها الكثير من الشبهات في الآونة الأخيرة، إلى شراء عقارات وبمبالغ كبيرة في أحياء راقية داخل العاصمة والموجودة قرب مطار بغداد وفي المثنى وجنوب الدورة، مما تسبب بارتفاع الأسعار إلى عدة أضعاف خلال العام الواحد.
وحسب تقرير لشركة عقارات رائدة في المجال بالعاصمة، فإن أسعار العقارات في بعض المناطق وصلت إلى 20 ألف دولار للمتر الواحد وفي مناطق أخرى تتراوح ما بين 3500 إلى 14 ألف دولار للمتر الواحد كحد أدنى. كما أن الأفقي أغلى من العمودي في أغلب مناطق العاصمة.
وأدرج تقرير الشركة العقارية جانبا من قيمة سعر المتر الواحد في بعض أحياء العاصمة العراقية. وبلغ سعر المتر الواحد في حي اليرموك ما بين 4000 و20000 دولار، بينما في حي الحارثية المجاورة، تراوح بين 3500 و14000 دولار، وفي القادسية بين 3200 ولغاية 14000 دولار، بينما تراوح في المنصور وزيونة والجادرية بين 3300 و13000 دولار، وفي حي الجامعة بين 2500 ولغاية 11000 دولار، بينما تقل القيمة كلما كانت المنطقة باتجاه أطراف العاصمة، أما جنوب الدورة فقد شهدت في الآونة الأخير ارتفاعا قياسيا بالأسعار.
والتجمعات السكنية الاستثمارية الموجودة حالياً وخصوصاً قرب مطار بغداد الدولي، ومطار المثنى العسكري ومناطق جنوب الدورة أصبحت تمثل ثقلا على كاهل المواطن البغدادي؛ لأنه لا يستطيع شراء هكذا وحدات سكنية او شقق، والتي اضرت بشكل كبير على دخله، حيث ان المواطن العراقي سواء كان بسيطا او موظفاً فليس بمقدرته على شراء شقة سكنية وجودة في بغداد؛ نتيجة الاسعار الباهظة جداً، وفق اقتصادين تحدثوا لـ"انفوبلس".
وفي السياق، يقول عاملون في قطاع العقارات إن أدنى سعر للمتر في بغداد بلغ ألف دولار وهو في مدينة الصدر شرقي العاصمة، وهناك أراض مُصنفة على أنها زراعية وليست سكنية، إذ يجري البناء عليها بشكل مخالف، لكن يأمل أصحابها فرض الأمر الواقع على الحكومة بعد تحولها لأحياء سكنية كاملة في تغيير جنس الأرض من زراعية إلى سكنية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه خبراء اقتصاد وعقارات على ضرورة وجود رقابة حقيقية من الدولة على قطاع العقارات والأراضي ليس ببغداد فقط، بل في مختلف المحافظات التي تشهد هي الأخرى ارتفاعا مماثلا
وفي تقرير لمركز "ذي سنتشوري فاوندشن The Century Foundation" للأبحاث، يشير الباحث العراقي سجاد جياد إلى أنّ "أكثر من مليار دولار" من أموال الضرائب المسروقة البالغة 2.5 مليار، "استثمرت في 55 عقاراً في بغداد، ومليار دولار أخرى وزعت بين ممتلكات، وأراضٍ، وأصول أخرى".
وشدد المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية على أن "الحكومة العراقية مطالبة بشكل عاجل بالتحرك ووضع خطط تستطيع من خلالها السيطرة على ارتفاع أسعار العقارات التي وصلت إلى أسعار فلكية وتتجاوز أسعار عقارات فاخرة بعواصم أوروبية وخليجية، وعدم التحرك الحكومي يعني أن هناك مصالح ما بين قوى السلطة على غسل أموال سرقاتها عبر هذه الطرق".
ماذا عن القروض العقارية؟
أعلن البنك المركزي، قرب موعد فتح التقديم على القرض العقاري، وفيما كشف عن الفئات المشمولة بالتقديم، أكد أن الحد الأعلى للقرض تصل الى 150مليون دينار.
وقال نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد خلف، إن "البنك المركزي العراقي أطلق مبادرات مهمة للاقتصاد العراقي منذ عام 2015، منها مبادرة 1 ترليون دينار ومبادرة 5 ترليونات دينار".
وأوضح أن "المبادرات توسعت ووصلت الى أكثر من 13 تريليون دينار"، مبيناً أن "البنك المركزي وبسبب الظروف الاقتصادية قرر خلال العام الماضي أخذ اتجاه مغاير بأداء السياسية النقدية واتباع سياسة انكماشية تضمنت تحديد المبادرات المطلقة منذ العام 2015".
وأشار الى أن "البنك المركزي لاحظ وجود طلب قليل على قروض القطاعات الزراعية والصناعية وقطاع السياحة وغيرها"، منوهاً بأن "الطلب تركز على قطاع الإسكان، وهناك طلب كبير على هذا النوع من القروض".
وأضاف أن "المصرف العقاري في إطار القيام بإحصاء وترتيب القروض السابقة ومراجعتها، ومن ثم فتح رابط التقديم على القرض العقاري"، مؤكداً أن "الحد الأعلى للقرض يصل الى 150 مليون دينار، وستشمل الموظفين والمنتسبين من القوات الأمنية". ولفت الى أن "الكثير من المواطنين سيستفادون من هذه المبادرة والطلب على هكذا نوع من القروض مستمر".
*أزمة السكن
تتسع ظاهرة السكن العشوائي في مختلف المدن العراقية مع استمرار أزمة السكن، وغلاء أسعار المنازل والأراضي. وهي تتأثر أيضاً باستمرار تزايد عدد السكان، والهجرة من القرى إلى المدن لأسباب أمنية واقتصادية وبيئية.
وفي وقت تعتبر فيه أزمة السكن في العراق واحدة من أكبر الأزمات في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية واستشراء البطالة والفساد، تؤكد الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني أن حل أزمة السكن يندرج ضمن أولوياتها، لكن إجراءاتها لا تزال غير منسجمة مع حجم الأزمة المتفاقمة، وغير قادرة على التعامل مع تهديداتها الكبيرة والخطيرة.
وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قدّرت وزارة الإعمار والإسكان في العاصمة بغداد نسبة المواطنين الذين يقطنون في مساكن عشوائية بنحو 9 في المائة من السكان، ما يعادل 5 ملايين مواطن ينتشر غالبيتهم في مناطق العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية.
ووفقاً لوزارة الإعمار والإسكان، يوجد 4679 تجمعاً عشوائياً في عموم مدن العراق، وتستقبل العاصمة بغداد العدد الأكبر من هذه التجمعات، والذي يتجاوز 1000. وانتشرت العشوائيات أو المنازل العشوائية بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وشيّد عشرات آلاف الفقراء منازل سكنية من الطوب والطين والصفيح في أراض تملكها الدولة.
لكن أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مؤخراً قرب الإعلان عن 11 مدينة جديدة في العراق.
من جهته يؤكد مصدر مقرب من الحكومة، بأن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يعمل بالاتفاق بين وزارة المالية وبقية الوزارات فضلا عن امانة بغداد على تحويل جنس الاف الدوانم الزراعية الى سكني في أطراف العاصمة بغداد لإطلاق مشاريع سكنية مخدومة بالكهرباء والماء والطرق ومنح قروض ميسرة للمواطنين لشرائها وتشييدها وفق خطة للسكن تعتمدها الحكومة".