المسدس الكولمبي في العراق: ظاهرة "محيّرة" للعبة تتحول إلى آلة قتل يمكن أن تنفجر بيدك!
انفوبلس/ تقرير
انتشر في الآونة الأخيرة، ما يسمى المسدس الكولمبي، خصوصاً لدى الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 والفئات التي تتعاطى المخدرات، وذلك بسبب أن سعره لا يتجاوز 300 ألف دينار عراقي، في وقت تلتزم الجهات المختصة الصمت حيال الظاهرة الخطيرة التي قد تؤدي إلى إزهاق حياة المواطنين.
وتنشط على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، لاسيما فيسبوك، تجارة الأسلحة المختلفة التي باتت تجذب الكثير من الشباب، في ظاهرة تنذر بخطر انفلات مستمر للسلاح في البلاد، وسط انتقادات للأجهزة الأمنية بعدم اتخاذ تدابير أمنية للحد من تلك الظاهرة التي تمثل تهديداً أمنياً للمجتمع.
وقال مختصون في مجال الأسلحة في حديث لـ "انفوبلس، إن "المسدس الكولمبي انتشر بشكل واسع خلال الفترة الأخيرة خصوصاً لدى الشباب الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 وكذلك متعاطي المخدرات، عازين السبب لسعره المنخفض حيث لا تتجاوز قيمته 300 ألف دينار عراقي".
وأضافوا في حديثهم، إن "المسدس هو تركي الصنع، يقوم البعض بتحويره لمسدس صوت وإضافة له بعض الأدوات والقطع الحديدية، كما يقومون بحفر البدن الداخلي لإضافة سبطانة حديدية".
وتابعوا، إن "المشاكل الأساسية للمسدس أنه يقوم بإطلاقات نارية متعددة وليست إطلاقة واحدة بعد فترة من استخدامه دون دراية المستخدم له، وذلك بسبب عدم تحمّل قطعة الألمنيوم المُضافة له صدمة رصاصة الـ 9 ملم وهو ما يولّد انفجارا في أي لحظة".
وقالوا، إن "من يقومون بتحويل هذا المسدس هدفهم استغلال المواطنين كونه لا يمكن الوثوق به وقد يؤدي إلى قتل مستخدمه وفيه مشاكل كثيرة، والحقيقة هو مسدس تركي فاشل".
كما نصحوا، خلال حديثهم لـ "انفوبلس"، المواطنين بعدم شرائه أو بيعه وذلك لأسباب ومشاكل ذكرناها ولم تُذكر عنه، كما طالبوا الجهات المختصة بمتابعة الأمر.
كما قال مدونون، إنه "من الضروري متابعة الجهات المختصة كوزارة الداخلية لهذا الأمر الخطير الذي يؤدي لقتل العديد من المواطنين وكذلك استخدامه بطرق إجرامية من قبل الشباب الصغار ومتعاطي المخدرات".
ولا تزال الجهات الحكومة المختصة تلتزم الصمت حول انتشار هذا المسدس داخل المجتمع العراقي، دون خطوات أمنية رادعة.
كما أصبح الحصول على قطعة سلاح في العراق أمرا ليس بالصعب، فبمجرد دخولك على مواقع التواصل الاجتماعي يمكنك رصد عمليات بيع وشراء السلاح بأنواعه، فضلا عن وجود جماعات متخصصة ببيع السلاح تتمركز في الأماكن والأسواق الشعبية.
ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد السلاح المنتشر في البلاد، إلا أن دراسة أعدّتها مراكز بحثية أممية عن مقاييس الدول العربية في ظاهرة انتشار السلاح بين عامة الناس، كشفت أن العراق تخطى تلك المقاييس حول أعداد وأشكال السلاح المتاح وبأسعار قياسية. كما أن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 إلى 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق الكلاشنكوف، و"بي كي سي"، و"آر بي كي" الروسية، إلى جانب مدافع الهاون وقذائف الـ "آر بي جي" التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية جنوب ووسط البلاد.
ولأكثر من مرة حاولت الحكومة العراقية السيطرة على هذا الأمر، تارة بفتحها مراكز لشراء السلاح من المواطنين، وتارة أخرى بإعطاء الموافقات لإنشاء محال مرخصة لبيع الأسلحة النارية الشخصية، لكنها لم تستطع حتى الآن كبح مبيعات الأسلحة غير القانونية في البلاد.
وعلى الرغم من الحملات الأمنية والمداهمات التي تنفذها القوات الأمنية بين وقت وآخر على مناطق أنشطة تجارة السلاح في بغداد ومدن عدة من البلاد، أبرزها البصرة وبابل وميسان وكركوك، واعتقال الكثير من المتورطين في الفترة الأخيرة بعمليات بيع السلاح والذخيرة، إلا أن اقتناء سلاح خفيف أو حتى متوسط لا يزال سهلا لمن يملك ثمنه. وينتشر تجّار السلاح في الكثير من المناطق الشعبية ويوفرون الأسلحة القديمة أو الحديثة مع عتادها مقابل مبالغ مالية قد لا تكون باهظة على العراقيين، فيما يؤكد مراقبون أن معظم المتاجرين بالسلاح يحظون بغطاء أمني من قبل بعض الجهات النافذة.
وعمد المتاجرون بالأسلحة إلى تأسيس مجموعات خاصة على فيسبوك تروّج لبيع وشراء السلاح، ويجرى فيها بيع أنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة، وحتى المتوسطة أحياناً، مع تحديد أسعارها، وبعد الاتفاق إلكترونياً على السعر، يُجرى التبادل في المكان الذي يتفق عليه الطرفان.
واعتبر الناشط في مجال حقوق الإنسان جلال السلطاني أن مجرد عرض الأسلحة والترويج لها عبر مواقع التواصل هو نشر لثقافة العنف في المجتمع، محمّلاً الأجهزة الأمنية مسؤولية ذلك. وقال السلطاني: "أُتابع تلك المجموعات الخاصة، وكيف تحولت إلى سوق رائجة لبيع وشراء الأسلحة، وأغلب العراقيين حالياً يحصلون على السلاح عبر تلك المجموعات".
وينص قانون الأسلحة رقم (15) لسنة 2017 على أن يُعاقَب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة لكل من حمل أو باع أو اشترى أسلحة نارية أو عتادها من دون إجازة من سلطة الإصدار، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف دينار (350 دولارا) ولا تزيد على مليون دينار (700 دولار أميركي).
كما أجاز القانون المشرِّع من قبل البرلمان العراقي إمكانية فتح محلات خاصة ببيع الأسلحة النارية من مقتنيات المواطنين والموجودة محليا، وذلك بإجازة من سلطة الإصدار المتمثلة في وزارة الداخلية.