الوارثون.. حركة تم إعدام قياداتها في زمن صدام ومؤسسة الشهداء تسلط عليها الضوء فمَن هم؟
خططوا للانقلاب على حكم "التكارتة"
الوارثون.. حركة تم إعدام قياداتها في زمن صدام ومؤسسة الشهداء تسلط عليها الضوء فمَن هم؟
انفوبلس/..
دفعت السياسة "الحقيرة" التي اتبعها رئيس النظام البائد صدام حسين ضد الشيعة على وجه التحديد إبّان فترة حكمه للعراق، من خلال التركيز على استهدافهم وتصفيتهم ومحاصرة شخصياتهم البارزة وإحاطتهم بستار الشك والرقابة المشددة، كل ذلك دفع إلى بروز حركة "الوارثون" للدفاع عن المكون والبلد وإيقاف هذه الانتهاكات الصدامية الإجرامية.
*مَن هم؟
والوارثون حركة سياسية منظمة أسَّسها وقادها واستُشهد عليها عددٌ من أبرز وأشجع وأكفأ قيادات الجيش العراقي وعقوله، ومعهم شخصيات مؤثرة من المدنيين الأحرار من مدن العراق ومحافظاته المختلفة.
وقد انبثقت حركة (الوارثون) عن تنظيم عسكري وطني سري تم تأسيسه بين عامي 1982 و 1983 من خيرةِ الضباط القادة وأصحاب الرتب العليا والكفاءات المهنية وخريجي المدارس الأكاديمية العليا في (بغداد وروسيا وباكستان ومصر) ودول عديدة أخرى، بقيادة الكاتب والمفكر القائد الشهيد (هلال عبد المطلب أبو رغيف) وكوكبة من القادة المؤسسين (كما سيأتي مفصلاً)، الى جانب شخصيات اجتماعية وأكاديمية ورجال أعمال من مناطق ومستويات وخلفيات اجتماعية مختلفة آمنت جميعها بفكرة التخلص من الطغيان الصدامي وقيادة البلاد نحوَ بر الأمان على أساس الفهم الوطني العادل والمتوازن لدولةٍ تتخذ من القرآن الكريم دستوراً لها ومنهاجَ حياة.
*الهدف الذي تبنّته
تبنّى قادةُ الحركة إسقاطَ عصابة صدام ونظامه الإجرامي، وكانَ العمل على وفق رؤيةٍ وطنيةٍ عسكريةٍ متوازنة تحسبُ دقائقَ الأمور، وتأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الظروف التي يشهدها العراق بشكلٍ عام وجيشُهُ الباسل بشكلٍ خاص، ولذلك لم يُقدم قادةُ (الوارثون) على أيةِ خطوات يمكن أن تنعكسَ على الدولة سلباً، طيلة سنوات الحرب العراقية الايرانية.
*كيف خططوا للانقلاب
كاد اليوم السادس من كانون الثاني عام 1990 أن يغيّر مجرى تاريخ العراق، بل تاريخ المنطقة والعالم بأسره عندما كان مقرراً في ذلك اليوم ساعة الصفر لتنفيذ انقلاب عسكري خطط له عسكريون وضباط من الجيش ومن داخل القصر الجمهوري برُتب مختلفة.
كان ذلك اليوم هو يوم الاستعراض العسكري بمناسبة الاحتفال العلني بذكرى تأسيس الجيش، وكانت الخطة تقضي بأن يقع الهجوم أثناء العرض العسكري على الهواء مباشرة وكانت القوات المشاركة من الحرس الجمهوري على الأَهِبَة لتوجيه ضرباتها للمنصة التي يجلس فيها الرئيس ورفاقه، وأثناء مرور فرقة الدبابات كان عدداً منها ستقصف المنصة وبعض الطائرات الحربية المشاركة في الاستعراض الجوي كانت ستطلق صواريخها على المنصة، وكان عدداً من الجنود في الساحة سيشاركون أيضاً بأسلحتهم، وكان لواء الحماية المنوط بحراسة القصر الجمهوري هو ذاته المُكلّف بالاستيلاء على القصر وتصفية كل من فيه من قيادات البعثيين، وكان في كل الوحدات العسكرية فرقة مكلّفة بالسيطرة على وحدتها، وكل شيء كان سيحدث في توقيت واحد، وفرقة من حرس مبنى الإذاعة والتلفزيون كانت سوف تحتل المبنى لإعلان البيان رقم (1)، وعلى أن يستمر بث وقائع الانقلاب على الهواء مباشرة.
*كشف الحركة
تم كشف الحركة واختراق تنظيمها السري بمساعدة المخابرات الدولية، عام 1990 بعد تعذيب أحد أعضاء قيادته من المدنيين وكان بدرجة (مدير ناحية) بأساليب بشعة ودنيئة أمام عشيرته وأُسرته، مما أوصل أجهزة الأمن الصدامي الى معرفة أسماء قيادات التنظيم وأعضائه والاعتقال الفوري لقياداته الأساسية والأعم الأغلب من رجاله الذين ضُربوا أثناء التعذيب والاعتقال أسمى الأمثلة في البطولة والثبات وأروع صور الرجولة في الصمود والمواجهة".
وكانت الحصيلة إعدامَ أكثر من (112) بطلاً، حيثُ كان شرف العسكريين هو الاستشهاد رمياً بالرصاص، والمدنيين شنقاً حتى الموت، واختفى البقية في ظروف غامضة وملتبسة لاتزال قيدَ البحث والمتابعة والتنقيب.
إنها قصة (الوارثون) وهي البداية لعمل تدريجي ممتد، وصولاً الى لحظة خلاص الوطن، فهي حركة سياسية منظمة أسسها وقادها واستشهد في سبيل تحقيق اهدافها عدد من قيادات الجيش العراقي وعقولهِ وشخصيات مؤثرة من المدنيين الأحرار من مدن العراق ومحافظاته المختلفة.
*مؤسسة الشهداء تستذكر
ومؤخراً، أقامت مؤسسة الشهداء مأدبة إفطار لجمعٍ من ذوي الشهداء استذكاراً لحركة الوارثون.
رئيس المؤسسة عبد الإله النائلي استذكر الشهداء بكلمة مجّد فيها بطولاتهم: "نلتقي في هذه الأُمسية الرمضانية المباركة بخليط من عوائل الشهداء ممن راحوا ضحية الـبـعـث قبل عام 2003 وشهداء فاجعة الكرادة الأليمة، ونخبة ممن قـطـع الـبـعـث أيديهم، لنستذكر هذا الحدث التأريخي الكبير وهو استشهاد مجموعة من شهداء حركة الوارثون الأبطال الذين كان همهم الوحيد هو إسقاط طـاغـيـة الـبـعـث المـجـرم وتخليص الشعب العراقي من الاضطهاد والظلم. هؤلاء الأبطال كانت طموحاتهم كبيرة واستعداداتهم قوية".
وأكد، "سنبقى نستذكر هؤلاء الأبطال ونكرّم ذويهم إكباراً لتضحياتهم، ولكي تبقى بطولاتهم حاضرةً في إذهان الأجيال سعَت المؤسسة بخطوات ثابتة لإدخال جـرائـم الـبـعـث المباد ضمن المناهج الدراسية للجامعات الاهلية والحكومية وجاري العمل على تدريسها ضمن المناهج الدراسية للمدارس ولجميع المراحل إكراماً لتضحيات أبناء الشعب العراقي من شبابنا الذين قادوا عدة حركات للوصول الى الحرية منها الانتفاضة الشعبانية وحادثة الكرادة، فما أشبه جـرائـم أمس باليوم نفس الأيادي التي أجـرمـت وقـتـلـت أبناء الشعب قبل عام 2003 هم من قـتـلـوا الشعب بعدها كون الـبـعـث هو الوكر الحاضن لأفاعي القـاعـدة و داعـش وكل التشكيلات الإرهـابـيـة".
من جانبه رثى ممثل شهداء حركة الوارثون نوفل أبو رغيف، شهداء الحركة، مشيداً ببطولاتهم ومؤكداً أن العراق لم يشهد حركة انقلاب عسكري منظمة ودقيقة حمل لواءها خيرة من شباب العراق فقد كانت حركة الوارثون نابعة من ضباط أحرار.
وشهدت الأمسية عرض فلم وثائقي يوضح بطولات الشجعان من ضباط حركة الوارثون، كما تكلم حسن حسين، أحد الضحايا ممن قـطـع البـعـث يده عن كمية التـعـذيـب التي تعرض لها، واصفاً تلك الفترة بالفترة المظلمة التي لا يمكن نسيانها والتي لابد أن نظل نستذكرها جيلاً بعد جيل.