امتعاض كبير بسبب كثرة العطل.. 140 يوما بلا دوام تكلف الدولة 34 تريليون دينار سنويا!

انفوبلس/ تقارير
امتعاض، واعتراض وسخط، تدخل على إثره رئيس الوزراء، لقد أسرف العراق كثيرا في عُطَلِهِ الرسمية حتى باتت "مودة" كما يصفها البعض، نحو 140 يوماً في السنة بلا دوام، وتكاليف باهظة تصل لـ34 تريليون دينار سنويا جرّاء ذلك كفيلة بكسر ضلع الاقتصاد العراقي وفق المختصين الذين طالبوا بـ"حصر العطل بيد الدولة" فَبِمَ تمثلت تحذيراتهم أيضا؟
عطل بالجملة
خلال الأسبوع الجاري وعقب الانخفاض الكبير في درجات الحرارة وبلوغها تحت الصفر في عدد من المحافظات، قرر محافظوا هذه المحافظات تعطيل دوام المدارس وهو ما أثار ردود فعل متباينة بين رافض ومؤيد لهذه الخطوة.
إذ قررت عدد من إدارات مدن ومحافظات العراق وإقليم كردستان، أمس الاثنين، تعطيل الدوام الرسمي لليوم الثلاثاء، بسبب برودة الطقس وسوء الأحوال الجوية.
وأعلن محافظ نينوى عبد القادر الدخيل تعطيل الدوام الرسمي في المدارس فقط بسبب انخفاض درجات الحرارة، ووجه أن يكون دوام الموظفين في الدوائر الحكومية عند الساعة التاسعة صباحاً بدلاً من الساعة الثامنة صباحاً.
إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي لمحافظ صلاح الدين أن “المحافظ بدر الفحل اطلع على التقرير الصادر عن الأنواء الجوية في المحافظة، والذي أشار إلى انخفاض حاد وغير مألوف في درجات الحرارة، “وبناءً على ذلك، وجّه بتعطيل الدوام الرسمي في جميع المدارس في المحافظة ليوم غدٍ الاثنين حفاظًا على سلامة الطلبة”، كما تقرر تقليص الدوام الرسمي، حيث سيبدأ الدوام في جميع الدوائر الحكومية الساعة التاسعة صباحًا بدلًا من الثامنة صباحًا.
وفي كركوك، وجه المحافظ ريبوار طه بتعطيل الدوام الرسمي برياض الأطفال والمدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية مع الهيئات التدريسية فقط ليومي ليوم أمس الاثنين واليوم الثلاثاء حفاظاً على سلامة الطلبة بسبب انخفاض درجات الحرارة الشديد.
كما دعت لجنة التربية النيابية وزير التربية إلى تعطيل الدوام الرسمي في كل مدارس العراق، بسبب موجة البرد الحالية.
أما في إقليم كردستان، فقد قررت عدة مدن تعطيل الدوام لليوم الثلاثاء إثر موجة البرد.
حيث أعلنت مديرية تربية سوران تعطيل الدوام في جميع المدارس والمعاهد بسبب الجليد وعدم استقرار الأحوال الجوية، مشيرةً إلى أن العطلة لا تشمل أداء الامتحانات التمهيدية للصف الثاني عشر الإعدادي.
كما قرر قائمقام قضاء جومان تعطيل الدوام في جميع المدارس والدوائر الحكومية باستثناء الامتحانات الخارجية، إثر تساقط الثلوج انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 9 – 20 درجة تحت الصفر.
في ذات السياق، أعلنت إدارات بيارة وتويلة والقرى التابعة لهما في محافظة حلبجة تعطيل الدوام.
السوداني يعترض بشدة
بعد العطل آنفة الذكر، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي اليوم الثلاثاء، إن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه المحافظين بضرورة توافر أسباب حقيقية وموجبة لتعطيل الدوام الرسمي عموماً، وخلال تقلبات أحوال الطقس، وعلى وجه الخصوص، تعطيل دوام المدارس”.
وشدد العوادي في بيان ورد لشبكة انفوبلس على "ضرورة الأخذ بعين الاهتمام توفير الوقت الكافي لإتمام المناهج التربوية والتعليمية، والالتزام بالتوقيتات المثبتة للعام الدراسي”.
140 يوما عطلة في السنة!
تزامنا مع كثرة العطل واعتراض السوداني، سلّطت انفوبلس الضوء على عدد ايام العطل في العراق خلال السنة الواحدة.
ووفق متابعة دقيقة، فيسجل العراق سنويا، قرابة 140 يوما كعطلة رسمية وغير رسمية نتيجة المناسبات التي يشهدها البلاد، فضلا عن عطلتي نهاية الأسبوع الجمعة والسبت.
وبحسب مختصين، فإن كثرة تعطيل الدوام في العراق جعله يحتل صدارة دول العالم بعدد أيام العطل الرسمية وبتنوع مناسباته الوطنية والدينية، فضلا عن عطل غير رسمية تفرضها ظروف خاصة، وهي ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة.
وبهذا الصدد، يؤكد الخبير الإقتصادي نبيل المرسومي الرقم المعلن بشأن عدد أيام العطل، ويقول: إن “مجموع الرواتب السنوية للموظفين وسواهم يبلغ 90 ترليون دينار”، مبينا أن “مجموع أيام الجمعة والسبت 104 أيام في السنة، فيما أشار إلى أن “مجموع العطل الرسمية في العراق عدا العطل الخاصة يبلغ 16 يوما، فيما يبلغ مجموع العطل غير الرسمية 20 يوما تقريبا، فيما يبلغ مجموع العطل الرسمية وغير الرسمية 140 يوما”.
كُلف العطل اليومية والسنوية
يؤكد المرسومي، أن “عدد أيام العمل الفعلية في السنة يبلغ 225 يوما، فيما تبلغ الكلفة اليومية للعطل الرسمية وغير الرسمية مع يومي الجمعة والسبت 246 مليار دينار”، مؤكدا أن “الكلفة السنوية للعطل الرسمية وغير الرسمية تبلغ 34 ترليون دينار”.
ويوضح، أن “الكلفة السنوية للعطل الرسمية وغير الرسمية عدا يومي الجمعة والسبت تبلغ 9 ترليونات دينار تقريبا، فيما بلغت الكلفة السنوية للعطل غير الرسمية 5 ترليونات دينار تقريبا”.
خسائر مالية كبيرة للعراق
وبحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أيضا، فإن “العراق هو الدولة الأولى في العالم بالعطل الرسمية وغير الرسمية وهو الأعلى في العالم في حين توجد 8 عطلات رسمية في إنكلترا، وويلز”.
ورأى أن “العطل بنوعيها تسبب خسائر مالية كبيرة للعراق وبالذات العطل غير الرسمية التي تُمنح لأسباب مختلفة من بينها المطر وارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها".
ولفت إلى أن "هذه الخسارة في العطل غير الرسمية تعادل الموازنة السنوية لسوريا”، موصياً “حصر صلاحية منح العطل الرسمية وغير الرسمية برئاسة مجلس الوزراء”.
ماذا يشمل تعطيل الدوام الرسمي؟
تعطيل الدوام الرسمي في العراق، يشمل بدوره كافة السفارات والقنصليات في دول العالم، وهو ما أثر سلبا على الدول التي تحتوي جالية عراقية كبيرة، حيث تأثرت هذه الجالية بتوقف عمل السفارات، لاسيما بقضايا منح الجوازات المرتبطة بالإقامة في تلك الدول، وبعض الأوراق الرسمية الأخرى التي يحتاجها المقيم العراقي، وهو ما لم تضعه تلك الدول في الحسبان، خاصة في المعاملات التي فيها موعد محدد لإنجازها.
ووفقا لقانون الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2023، و2024، و2025، يبلغ عدد الموظفين في العراق أربعة ملايين و74 ألفا و697 موظفاً وموظفة، وحدد القانون نفسه عدد موظفي إقليم كردستان بـ658 ألفا و189 موظفاً وموظفة.
أين تكمن المشكلة بالضبط؟
من جانبه، فقد قلل المستشار الاقتصادي علاء الفهد، من أهمية ما طرح من أرقام بشأن عدد العطل الرسمية، مشيرا إلى أنها لا تمثل المشكلة الأساس في هدر أموال الدولة العراقية.
وقال الفهد في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن العطل تكلف ميزانية الدولة مبالغ كبيرة، لكن المشكلة أن دوام الموظفين دون إنتاجية هو ما يكلف مبالغ مالية كبيرة سواء من تشغيل مولدات الطاقة الكهربائية والوقود وخطوط النقل وغيرها من أبواب الإنفاق، وجميعها أعلى من الخدمة المقدمة والإنتاجية.
وأضاف، أننا لا نستطيع حساب تكلفة العطل فقط، بل يجب علينا حساب الإنتاجية مقارنة بمبالغ الصرف في الموازنات العامة. وشدد على أهمية معالجة الكثير من المشاكل التي تكلف نفقات لا توازي الإنتاجية.
وأشار الفهد إلى أن "المشكلة الأساسية هي انخفاض الإنتاجية للموظف في المؤسسات الحكومية والتي تحتاج إلى معالجة سريعة ومعالجة قضية الترهل الوظيفي، منوها إلى أن العطل هي ظاهرة طبيعية في معظم دول العالم، خاصة الشركات العالمية التي تمنح العطل لـ3 أيام في الأسبوع، مع تطبيق العمل عبر الإنترنت ونظام الحوكمة الإلكترونية لزيادة الإنتاجية وتقديم الخدمات بشكل أفضل".