انطلاق قانون الضمان الصحي.. تعرف على تفاصيل القانون والجهات المشمولة والمُستثناة من أجوره.. هل يتكفل بإصلاح المنظومة الصحية؟
انفوبلس..
مع وصول المسجَّلين إلى نحو 400 ألف مواطن، انطلق قانون الضمان الصحي شاملاً العديد من الفئات بعد المحاولات الكثيرة لتنفيذه بواسطة الحكومات المتعاقبة. المشروع الذي استبشرت به الفئات المشمولة واستفزَّ العديد من الجهات التي لا يتفق مع مصالحها الضيّقة.
يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت هيئة الضمان الصحي التابعة لوزارة الصحة ارتفاع عدد المسجلين على الضمان الصحي إلى 400 ألف ضمن المرحلة الأولى، فيما أشارت إلى أنه سيتكفل بإصلاح المنظومة الصحية كافة في البلد.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة إيهاب عبد الكريم، إن "قانون الضمان الصحي سيشمل كل مواطن عراقي"، معرباً عن أمله أن "يتكفل الضمان الصحي بإصلاح المنظومة الصحية كافة في البلد".
وأضاف، إنه "تم تسجيل 300 ألف مضمون كمرحلة وخطوة أولى في مشروع الضمان الصحي، و100 ألف من المشمولين في شبكة الحماية الاجتماعية"، لافتا، إلى أن "التسجيل على الضمان الصحي يتم عبر ملء استمارة في بوابة أور الإلكترونية".
تفاصيل القانون
وزير الصحة صالح الحسناوي كشف، في وقت سابق، عن تفاصيل قانون الضمان الصحي الذي تمت المباشرة في تطبيقه من قبل الأجنحة الخاصة في مستشفيات بغداد والتمريض الخاص.
وبرغم أهمية هذا القانون وحاجة المواطنين الملحّة إلا أنه لم يرتقِ، بحسب مراقبين، للمستوى المأمول نظراً لمحدودية الفئات المشمولة به. بينما هناك فئات وشرائح أخرى واسعة في المجتمع لم يشملها هذا المشروع.
ويؤكد أصحاب الاختصاص ضرورة أن تشمل الحكومة العراقية جميع فئات الشعب العراقي بالضمان الصحي، لا أن يقتصر ذلك على الموظفين في دوائر محددة، وهذا أسوة بما هو معمول به في دول الجوار، وليس دول العالم على أقل تقدير.
الوزير أوضح أن الوزارات المشمولة بقانون الضمان الصحي هي الكهرباء، والتعليم العالي والبحث العلمي، والاتصالات، ومكتب رئيس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، ومجلس الخدمة الاتحادي.
وأشار إلى أن "موظفي الوزارات المشمولة بالقانون في حال حاجتهم إلى الخدمات الصحية يتوجهون مع عوائلهم إلى المستشفيات المخصصة لهم، وسيتلقون خدمات طبية بأسعار مدعومة بشكل كبير، تصل أحياناً إلى 90% من قيمة الخدمات المقدَّمة في الأجنحة الخاصة".
وأضاف الحسناوي، "أما المشمولون في برنامج الرعاية الاجتماعية فستقوم الدولة بتغطية 99% من الخدمات المقدمة لهم"، مبيناً أن "الهدف من قانون الضمان الصحي هو الحد من مستوى الفقر وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين المشمولين بالرعاية الاجتماعية، إضافة إلى حماية الموظفين المشمولين بالقانون من أعباء مالية متراكمة من الخدمات الصحية".
ولفت الوزير إلى أن "المرحلة الأولى من القانون ستشمل 300 ألف موظف مع عوائلهم، إضافة إلى 100 ألف شخص من المشمولين بالرعاية الاجتماعية".
وتابع، أنه "بين الحين والآخر تنطلق مرحلة جديدة من مراحل تطبيق قانون الضمان الصحي لشمول وزارات ومؤسسات جديدة»، موضحاً أن «نسبة الاستقطاع من راتب الموظف المشمول بالقانون تكون 1% من الراتب الاسمي".
الفئات المشمولة
المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، سيف البدر كشف عن الجهات المشمولة بالضمان الصحي، قائلا إن، "رئاسة الجمهورية والتشكيلات المرتبطة بها، رئاسة وأعضاء مجلس النواب والتشكيلات المرتبطة به وتشمل: المفوضية العليا لحقوق الإنسان - الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة - مجلس الخدمة العامة الاتحادي - هيئة دعاوى الملكية، ورئاسة مجلس الوزراء والتشكيلات المرتبطة به وتضم: مكتب رئيس مجلس الوزراء الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعّة، والهيئة الوطنية للاستثمار، بيت الحكمة وسلطة الطيران المدني وهيئة المنافذ الحدودية، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مراكز وزارات المالية، الكهرباء، التعليم العالي، الإعمار والإسكان، الاتصالات، الزراعة".
وتابع البدر، إن "الجهات المشمولة بالضمان الصحي كمرحلة أولى هي (100) ألف مواطن من المشمولين بالرعاية الاجتماعية في بغداد وتحددهم وزارة العمل، والمصابون بمرض التوحّد من بغداد، إضافة للراغبين في التسجيل من المتقاعدين بنسبة لا تزيد على (10%) من المشمولين بالتعليمات من بغداد". وبالنسبة للمؤسسات الصحية المشمولة بالضمان الصحي كمرحلة أولى، قال إنها "الأجنحة الخاصة في مستشفى ابن سينا التدريبي - مستشفى دار التمريض الخاص بمدينة الطب - مستشفى الشهيد غازي الحريري بمدينة الطب - مستشفى أطفال العلوية التعليمي ـ مستشفى العلوية للولادة التعليمي - مستشفى الكندي التعليمي - مستشفى سعد الوتري للعلوم العصبية التعليمي - مستشفى ابن الهيثم للعيون - مستشفى ابن البيطار - مدينة الامامين الكاظمين الطبية ومستشفى الكرخ للولادة". وواصل حديثه قائلا ان العيادات الطبية الشعبية هي الاخرى مشمولة بالضمان، ويشمل ذلك: "عيادة الصدر الطبية الشعبية الثانية، عيادة الصليخ الطبية الشعبية، عيادة الاسكان الطبية الشعبية الثانية، وعيادة اسماعيل ناجي الطبية، بالاضافة الى العيادات التخصصية في مستشفيات مدينة الامامين الكاظمين الطبية - مستشفى اليرموك التعليمي - مستشفى الكندي التعليمي - مستشفى بغداد التعليمي بمدينة الطب".
وكذلك بالنسبة للعيادات الاستشارية في "دار التمريض الخاص بمدينة الطب ومستشفى العلوية للولادة التعليمي ومستشفى سعد الوتري للعلوم العصبية، والمركز الوطني لطب الاسنان في شارع الربيعي والمركز الطبي الاستشاري في اليرموك".
إيجابيات تطبيق قانون الضمان
إلى ذلك قالت رئيس مؤسسة ANN للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، نمارق جواد، إن الضمان الصحي يمثِّل ظاهرة حضارية تعكس مدى تطور البلد وفق مفهوم حق الفرد في العيش بكرامة. وقد سبقت كثير من التجارب في العالم المتقدِّم في الارتقاء بمفهوم الرعاية الصحية، لأنَّه يُعدُّ أحد أنواع التأمين ضد أخطار الظروف الصحية للفرد والمجتمع عموماً.
وأضافت جواد، إن الضمان "يتضمن تغطية تكاليف متعددة من بينها الفحص، والتشخيص، والعلاج، فضلاً عن الدعم النفسي والجسدي. برغم أننا نرى ذلك متوفرا لدى المؤسسات الصحية الحكومية، لكن فلسفة هذا النوع من الضمان تقوم وفقاً للجانب الاقتصادي والاجتماعي على مبدأ تجميع الأخطار وتقاسمها بين الأفراد بصورة متساوية، ممَّا يؤدِّي إلى تخفيف الأعباء والتكاليف على الفرد والمجتمع، بما يضمن الوصول إلى كامل الرعاية الصحية للمجتمع".
ونبّهت جواد الى ان أولى الخطوات التي وضعت للضمان الصحي في العراق كانت قبل 23 عاما، مردفة "لكن هذا الأمر لم يحظَ بالاهتمام الكافي"، مؤكدة أنها تأمل تطوير هذا القطاع والاستفادة منه، لا سيَّما في تقديم الخدمات الفضلى لعامة الناس، وتحسين واقع الخدمات الصحية لخدمة مستقبل الأجيال من الناحية الصحية.
ونوهت الى ان الضمان الصحي يساهم في "تقليل الأعباء الملقاة على مؤسسات الدولة الصحية في توفير الخدمات العلاجية للمواطنين عن طريق إنشاء صندوق لإدارة عائدات هذا الضمان، بدلاً من الأموال التي تُرْصَد سنوياً من الموازنة العامة، والتي من الممكن رصدها للبحوث والتطوير والنهوض بالمؤسسات الصحية وَفْق استراتيجيات وخطط متوسطة وطويلة المدى لرعاية صحية متكاملة وشاملة وآمنة للمرضى".
تصويت مجلس النواب
وكان البرلمان العراقي أقر قانون الضمان الصحي أكتوبر/تشرين الأول 2020، الذي يضم 12 فصلا و44 مادة، مع إلزامية تطبيقه في غضون 6 أشهر بعد المصادقة عليه في فبراير/شباط 2021 من قبل رئاسة الجمهورية.
ولم تفلح البلاد في تطبيق القانون ضمن المدة القانونية، بسبب الأزمات التي شهدتها طوال تلك الفترة مع عدم إقرار الموازنة العامة، وتعطل تشكيل الحكومة لأكثر من عام بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021 وحتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
انطلاق القانون
وفي مطلع العام الجاري، أعلن وزير الصحة صالح الحسناوي إطلاق استمارة الضمان الصحي في البلاد، قائلا "إن القطاع الصحي يعد أحد أهم برامج الحكومة وأولوياتها، وإن هناك 5 برامج مهمة، على رأسها تطبيق قانون الضمان الصحي"، مضيفا أن القانون يهدف لحماية المواطن من الإنفاق غير المستطاع على الخدمات الصحية من خلال مساعدة الدولة ومشاركتها بجزء من قيمة وكلفة الخدمات التي يتلقاها المواطن في القطاع والأجنحة الخاصة التابعة لوزارة الصحة.
وبيّن الحسناوي في مؤتمر صحفي أن "تكلفة العملية الجراحية الواحدة بالقطاع الخاص قد تبلغ 5 ملايين دينار عراقي (نحو 3450 دولارا) يدفعها المواطن في المستشفى الخاص، إلا أن المشترك بالضمان الصحي وهيئة الضمان سيدفع نسبة لا تتجاوز 25% من قيمة العملية، وأن الحكومة -من خلال صندوق الضمان- ستتكفل بقيمة 75% من قيمة العملية، وهو ما يحدث لأول مرة في البلاد".
أجور الاشتراك والفئات المستثناة
من جانبها، أوضحت عضو لجنة الصحة بالبرلمان العراقي، أسماء العاني، أهم بنود القانون ومراحل تطبيقه بالقول "قسمت الإجراءات لـ3 مراحل، إذ إن المرحلة الإلزامية تشمل كافة موظفي الدولة، فيما ستكون اختيارية بالنسبة للمتقاعدين وبقية فئات المجتمع، حيث سيمنح المشمولون بالضمان بطاقة خاصة بذلك، وإن الخدمات الطبية ستقدم بعد مرور 6 أشهر من تاريخ التسجيل".
وكشفت العاني أن ذلك سيجري بالتزامن مع تحويل المؤسسات الصحية للعمل بالنظام المحاسبي الموحد مع زيادة أعداد الأطباء في مجال طب الأسرة والعمل بنظام الإحالة، لافتة إلى أن المرحلة الثالثة ستضم جميع العراقيين في هيئة الضمان الصحي مع حصولهم على بطاقة الضمان.
وفي ما يتعلق بأجور الاشتراك، أشارت العاني إلى أنها ستكون بين 10- 50 ألف دينار بما يعادل (7-32 دولارا) شهريا، وذلك حسب الدرجة الوظيفية للموظف، أما القسط الشهري فلن يتجاوز 1% من الراتب الكلي للموظف، وأن هناك عديدا من الفئات التي ستُعفى من دفع الاشتراك الشهري كالمشمولين بنظام الرعاية الاجتماعية وبعض المصابين بالأمراض المزمنة.
في السياق، قالت الدكتورة ربى فلاح حسن -من إعلام وزارة الصحة –إن الفئات المعفية من دفع الاشتراك الشهري هم المشمولون بنظام الرعاية الاجتماعية، والمصابون بأمراض السرطان والأمراض النفسية وأمراض الدم الوراثية وعجز الكلى، والعوق الجسدي والذهني وداء التوحد، إضافة لمعاقي جميع فئات القوات الأمنية، والذكور من غير الموظفين، فضلا عن المتقاعدين ممن تتجاوز أعمارهم 60 سنة، والإناث من غير الموظفات والمتقاعدات ممن تتجاوز أعمارهن 50 سنة، إضافة إلى الأطفال دون سن الخامسة.
وعن تنفيذ القانون، أوضح نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي أنه سيبدأ بعد إكمال مؤسسات الضمان والبيانات والمستلزمات الإلكترونية، حيث سيتم تزويد المواطنين ببطاقة إلكترونية تستخدم في عيادات الضمان ضمن ضوابط محددة، لافتا إلى إمكانية مراجعة المشمولين بالبطاقة الصحية عيادات الضمان الصحي، وأن قسما من هذه العيادات سيكون تابعا للقطاع العام وبعضها للخاص، مع إمكانيات طبية متساوية بين القطاعين، وهو ما ينطبق على المختبرات والصيدليات.
ورغم ما تقدم، فإن العزاوي لا يخفي وجود صعوبات وتحديات حقيقية تعرقل العمل بالقانون وتطبيقه، مشيرا للحاجة إلى جهود تثقيف طبي وإعلامي بالقانون، وأن على الحكومة تهيئة متطلبات القانون ومشاركتها في التمويل اللازم، مبينا أن التنفيذ سيكون على 3 مراحل أو إجراءات؛ لافتا إلى أن المرحلة الأولى بدأت قبل أيام، وأن جميع الإجراءات ستنتهي في غضون 5 أعوام.
وتتفق مع هذا الرأي أسماء العاني التي تضيف أن "من جملة التحديات التي ستواجه تنفيذ القانون ضعف قواعد بيانات الفئات المستهدفة، فضلا عن ضعف الحوكمة الإلكترونية وتحديد حجم الفئات المستثناة، وحجم الفجوة المالية المتوقعة بداية تطبيق القانون وضعف نظام الاعتمادية، وفق المعايير الدولية لعمل المؤسسات الصحية الحكومية والقطاع الخاص وحجم النشاط والسيطرة على آلية الدفع في القطاع العام والخاص".
مزايا القانون
وفي ما يتعلق بالمزايا التي سيوفرها قانون الضمان الصحي، أشارت العاني إلى تأمينه التغطية الصحية الشاملة للمشتركين في القانون مع تحقيق مبدأ العدالة والتكافل الاجتماعي، فضلا عن تقليل الأعباء المالية على المواطن والحد من الفقر، وتعدد مصادر تمويل القطاع الخاص وخلق بيئة جيدة للتنافس.
وأضافت أن القانون سيسهم في تطوير أداء العاملين والمؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص مع تحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة من خلال تنظيم العمل في القطاع الصحي والمنافسة في تقديم الخدمات الطبية، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال الخدمات الصحية.
أما عن الأسباب الموجبة للقانون، فقد بينت أنها تتمثل في قلة موارد تمويل النظام الصحي وقلة الموارد البشرية ذات الكفاءة، فضلا عن مشكلات البنى التحتية غير الكافية من مستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وعدم توفر الخدمات الصحية التي تتوافق مع حاجة المرضى، لافتة إلى أن القانون سيضمن خفض تكاليف الرعاية الصحية التي يتحملها المريض العراقي.