انفوبلس تتَتبَّع شبهات المصرف العراقي للتجارة ورؤساءه.. "صندوق أسود" للفساد تحوّل كل من ترأسه إلى مطلوب بعد الاختلاس
انفوبلس/ تقارير
يعتبر المصرف العراقي للتجارة أو كما يُعرف بالـ TBIهو "الصندوق الأسود" للفساد في العراق، حيث إنه مصاب بـ"داء" السرقة المزمن، فكل من ترأسه تحول إلى مطلوب بعد الاختلاس، أمثال الأزري ومحمد الدليمي وفيصل الهيمص وعرّابتهم حمدية الجاف والقائمة تطول. بؤر للفساد وصفقات ورشاوى وعمولات بملايين الدولارات توحي بأن المصرف الذي أنشأه أحمد الچلبي لتأمين الواردات يضم تحته "دولة سرّية". فهل فعلاً يرتبط المصرف بالحكومة العراقية؟ وما هي حقيقة عمله لخدمة مصالح البلاد العليا؟ إليك كل ما تريد معرفته عن فساد رؤساء المصرف وأبرز ما يدور فيه.
*مصرف الـ TBI.. إيضاح وخلفية
يُعد مصرف الـ TBI من أهم وأكبر المصارف في العراق، أنشأه أحمد الجلبي بعد سقوط الطاغية صدام في تموز عام 2003 ككيان حكومي مستقل برأس مال قدره 100,000,000 مائة مليون دولار امريكي.
المدير العام الأول للمصرف هو حسين الأزري الذي قام بمخالفات مالية ضخمة جدا وهدر مئات الملايين الدولارات، ثم هرب الى وطنه في بريطانيا بعدما أكمل الرسالة التي كُلّف بها من أجل سرقة أموال العراق، وفق ما كشفه مختصون.
*فساد رؤساء المصرف.. من الأزري إلى حمدية الجاف بالتفصيل
بعد الأزري، تولت حمدية محمود الجاف ذات الأصول الكردية، إدارة المصرف المذكور وجاءت لتُتَمِّم ما قام به المدير السابق من عمليات سرقة وفساد أدت إلى إهدار مئات الملايين من الدولارات وتم عزلها لاحقا كسابقها ثم القبض عليها في الإمارات بعد إدانتها بالفساد.
ثم وبتاريخ 12/6/2016 تسلم فيصل وسام الهيمص، إدارة المصرف العراقي للتجارة من المديرة المقالة حمدية الجاف والتي أقالها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أجل مكافحة الفساد، ولكن الحقيقة اتضحت أن المدير الجديد هو أكثر المديرين السابقين فسادا وهدرا للمال العام، حيث قام هذا المدير بإبعاد جميع الكفاءات الذين يمتلكون خبرة مصرفية من إدارة المصرف وقام بتقريب مجموعة من الموظفين الصغار الذين لا يمتلكون أدنى خبرة في إدارة مصرف ضخم ومتطور مثل الـ TBI .
ويرى اقتصاديون، أن الأسباب التي دعت فيصل الهيمص في تقريب هؤلاء تعود لأسباب عدة منها أنهم لا يستطيعون الاعتراض على قراراته بسبب عدم كفاءتهم، وكذلك بتهديدهم بالفصل من الوظيفة.
كما قام المدير العام بتعيين عدد من أقاربه في المصرف ومنهم على سبيل المثال لا الحصر (حسين محي) حيث تولى هذا الشخص إدارة فرع المنطقة الدولية في الخضراء وبعد فشل المذكور في إدارة الفرع قام المدير العام بنقله الى إدارة فروع المنطقة الإقليمية الوسطى حيث يكون مسؤولا عن فروع منطقة الفرات الأوسط.
من مميزات المدير العام فيصل الهيمص تملّقه الى محافظ البنك المركزي وإلى النائب السابق المتهم بسرقة القرن هيثم الجبوري وإقامته الحفلات في نادي الصيد العراقي وفندق المنصور، وهذا جزء يسير من فساد هذا المدير التكنوقراط.
بعد ذلك، ابتدع الهيمص منتجاً يسمى (تستاهل)، هذا المنتج الفاشل من حيث الجدوى الاقتصادية فقط من أجل هدر المال العام بطرق مبتكرة وأن تكلفة هذا المنتج مقابل العوائد المالية له لا تصح المقارنة مطلقاً.
وكما ذكرنا، قام المدير العام فيصل الهيمص فصل عدد من مديري الفروع الذين يتميزون بالكفاءة والخبرة والنزاهة، ومن هؤلاء (السيد داوود السكران) مدير فرع البصرة نتيجة عدم الانصياع لأوامر المدير العام الذي يريد تمرير الصفقات المشبوهة.
أما سالم الجلبي الذي تسلم رئاسة المصرف بعد الهيمص، فقد كان محاميا عاديا، في إحدى شركات المحاماة، وقد اقتنص الفرصة إلى ولوج عالم الفساد في العراق، كي يجني الأموال الطائلة، ليصبح عرّاب صفقات القروض من بنك (تي بي آي)، ليصبح خليفة الجاف، في استعارة الوصف السيئ الذي اشتهرت فيه في فرض الكومشنات على الزبائن، لينال لقب (سيد الـ 5٪ ) لكل قرض يعطيه الى المستثمرين عن طريق سمسارته.
وسالم، اتكأ أيضا على لقبه الجلبي، حتى عدّ نفسه من “براند” آل الجلبي، وفي غرور صلف، اعتبر نفسه الأكثر فهما من عقول وكفاءات الداخل، باعتباره درس خارج العراق وابن عائلة ارستقراطية، ولهذا يجب أن تكون له الأفضلية، على حساب كفاءات الداخل الذين ينظر لهم بدونيّة، باعتبارهم عديمي الثقافة في السلوك والأخلاق والتعليم وناشئين من خلفيات فقيرة.
أما الرئيس الآخر وهو محمد الدليمي، فكما هو معروف أنه لم يسبق له أن عمل يوماً واحداً في أي قطاع وظيفي من قطاعات الدولة العراقي، وهو لم يكن غير مجرد لاجئ في رفحاء حصل على هجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بداية التسعينيات، وليس في جيبه غير جنسية أمريكية.
بعد ذلك، كشفت مصادر موثوقة عن صدور أوامر قبض ومنع سفر بحق رئيس المصرف العراقي للتجارة، محمد الدليمي، نظير مخالفات وانتهاكات ارتكبها خلال فترة إدارته، ويأتي هذا القرار في سياق التحقيقات التي تجريها هيئة النزاهة بشأن ملفاته.
وفي مطلع العام الحالي، أظهرت وثيقة حصلت عليها شبكة انفوبلس، صدور قرار بإنهاء تكليف محمد الدليمي من إدارة المصرف العراقي للتجارة.
وتضمن القرار تكليف بلال صباح الحمداني، مدير عام المصرف الصناعي، بمهام مدير عام المصرف العراقي للتجارة.
*تضخم ثروات الموظفين في المصرف بزمن الدليمي
وفي الوقت نفسه، كشفت المصادر عن ارتفاع التساؤلات حول الثروات الضخمة لبعض الموظفين في المصرف العراقي للتجارة، والتي تثير شكوكاً بشأن مصدرها ومدى انسجامها مع الدخل المشروع. وفي ظل هذه التساؤلات، دعا مراقبون وخبراء اقتصاديون إلى ضرورة إجراء تحقيق شامل لفحص مصادر هذه الثروات الهائلة والتحقق من شرعيتها.
تأتي هذه التطورات في إطار جهود الحكومة العراقية لمكافحة الفساد وتحقيق الشفافية في جميع المؤسسات الحكومية. ويعكس صدور الأوامر بحق رئيس المصرف وفتح تحقيق في ملفاته، التزام السلطات بمكافحة الفساد وتحقيق العدالة، وإرساء مبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون في البلاد.
وتفيد معلومات دقيقة عن تضخم الأموال والأصول لمجموعة من الموظفين خلال فترة إدارة محمد الدليمي للمصرف.
نائب: مدير مصرف (TBI) حرم العراق من ربح مبلغ كبير
بدورها، كشفت النائب الأول لرئيس لجنة النزاهة النيابية، عالية نصيف، عن مخالفة مالية كبيرة ارتكبها رئيس المصرف العراقي للتجارة (TBI) محمد محمد جواد الدليمي قبل إقالته، تتمثل في تحويل (كامل المبلغ) إلى حساب شركة توتال الفرنسية المتعاقدة مع وزارة النفط بدلاً من تحويله على شكل دفعات بحسب نسب إنجاز المشروع المتعاقد عليه، مما تسبب في حرمان خزينة الدولة من أرباح هذا المبلغ.
وقالت نصيف في بيان، إن “الدليمي ارتكب كارثة مالية فيما يخص المشروع الذي تعاقدت عليه وزارة النفط مع شركة توتال الفرنسية والذي تنص بنوده على تسليم المبلغ المتفق عليه على شكل دفعات بحسب نسبة الإنجاز، حيث أرسل المبلغ بالكامل وقام بتحويل مليار وأربعمائة مليون دولار بتاريخ 2/8/2023 الى مصرف ستاندر جارتد (الذي كان يعمل فيه سابقاً) قبل تسلمه رئاسة المصرف العراقي للتجارة (TBI) لتصبح أرباح هذا المبلغ الضخم هدية للمصرف الأجنبي ولشركة توتال الفرنسية، في حين حُرم العراق من هذه الأرباح”.
*مديران للمصرف التجاري محكومان بالسجن وهاربان
ومنذ سنوات، تلاحق اتهامات بالفساد المصرف العراقي للتجارة ومديريه العامين الذين حُكم على اثنين منهم بالسجن غيابيا لهروبهما الى خارج العراق وذلك بتهم فساد.
ففي 2 شباط/ فبراير عام 2020 أعلنت هيئة النزاهة العامة عن صدور حكمٍ غيابيٍّ بالسجن لمدة سبع سنوات بحقِّ المدير العامِّ للمصرف العراقيِّ للتجارة الأسبق حسين عصام الأزري لإحداثه ضررٍ بالمال العامِّ ومصالح الجهة التي يعمل فيها.
وفي 16 أيار/ مايو عام 2020 عاقب القضاء مديرة المصرف التجاري حمدية الجاف بالسجن 7 سنوات إثر إدانتها بإلحاق ضرر متعمد بالمال العام .
وقالت هيئة النزاهة العامة المعنية بملاحقة المتهمين بالفساد في العراق، إن هذا الحكم قد صدر غيابياً بحق المديرة السابقة للمصرف العراقي للتجارة الحكومي حمدية الجاف كونها "هاربة من وجه العدالة".
وأوضحت، إن الجاف أُدينت بـ"إحداث ضرر عمديّ بالمال العام عبر منح قرض مالي بقيمة 30 مليون دولار لإحدى الشركات عام 2014 دون أخذ الضمانات الكافية لذلك".