انفوبلس تجري تحليلا رقميا لحالات الزواج والطلاق في العراق.. ماذا عن ظاهرة "الطلاق الوهمي"؟
انفوبلس/ تقرير
منذ سنوات عدة وحالات الطلاق في العراق بارتفاع مستمر، لأسباب عديدة منها الصعوبات الاقتصادية والتدخل الأسري والزواج المبكر، فضلاً عن الخيانة، في حين يبقى الطفل الضحية الأولى من تلك الصراعات الأُسرية، ولهذا يسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على إحصائيات الزواج والطلاق خلال السنة الحالية والسنوات السابقة.
ينشر مجلس القضاء الأعلى شهريا أعداد الطلاق والزواج، لكن لا تشمل تلك الإحصائيات حالات الطلاق المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، مما يعني أن الرقم أكبر بكثير عند احتساب كافة الحالات في العراق ككل.
*الطلاق والزواج خلال الشهر الماضي
كشف مجلس القضاء الأعلى، اليوم الاثنين 24 حزيران/ يونيو 2024، إحصائية الزواج والطلاق لشهر أيار/ مايو الماضي 2024، حيث بلغ عدد الزيجات الجديدة 28505 حالات زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق 6666 حالة.
وبحسب هذه الأرقام الرسمية، فقد أجرى فريق "انفوبلس"، تحليلاً رقمياً وتبين أن العراق سجل 222 حالة طلاق يومياً في المحاكم العراقية، وأكثر من 9 حالات في الساعة الواحدة، خلال شهر أيار/ مايو الماضي، في المقابل شهد العراق 38 حالة زواج في الساعة الواحدة خلال المدة نفسها، حيث تصدرت العاصمة بغداد القائمة بحالات الزواج والطلاق.
وتصدرت محكمة الرصافة محاكم العراق في تسجيل حالات الزواج بـ 4852 حالة، بينما تصدرت محكمة استئناف الكرخ حالات الطلاق بـ1397 حالة، بحسب الأرقام التي كشفها مجلس القضاء الأعلى.
وبحسب مراجعة لفريق انفوبلس، تبين أن شهر كانون الثاني الماضي، شهد تسجيل 7,453 حالة طلاق، في حين سجل شهر شباط 6,324 حالة، وشهد شهر آذار تسجيل 6,222 حالة، بينما سجل شهر أبريل 5,537 حالة طلاق، وهو ما يعني تسجيل 25,536 حالة طلاق خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024.
ومنذ سنوات عدة شخّص متخصصون تزايد معدلات الطلاق في العراق عاماً بعد آخر، وقرعوا جرس الخطر إلا أنه لم يتم اتخاذ أية معالجات لهذه الظاهرة، وحددوا عدة أسباب لتنامي ظاهرة الطلاق، أبرزها الزواج المبكر والوضع الاقتصادي ومواقع التواصل الاجتماعي وتدخلات ذوي الزوج أو الزوجة أو الأصدقاء بحياتهما الخاصة.
وبحسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، فإن نسبة الطلاق ترتفع في فصل الصيف مقارنة بالفصول الأخرى، وبحسب دراسات علمية، فإن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من الشعور بالعصبية والتوتر، مما يؤدي إلى زيادة في حالات الطلاق، مشيرا الى أن ارتفاع حرارة الجسم يرفع من ضغط الدم ويجعل الإنسان عرضة للقلق وعدم الاتزان النفسي، مما يؤثر سلباً على التوافق العاطفي والزوجي.
ويشير الغراوي إلى أن أهم أسباب ارتفاع حالات الطلاق تشمل قلة الثقافة الزوجية وعدم التفاهم بين الزوجين، بالإضافة إلى العنف الأسري والتدخلات من قبل الأهل والأصدقاء، والزواج المبكر، والظروف الاقتصادية، وارتفاع معدلات الخيانة الزوجية، والاستخدام السيئ للاتصالات، وضعف الوازع الديني، وتعدد الزيجات، وضعف منظومة القيم المجتمعية، والتفكك الأسري، ووجود أكثر من عائلة في بيت واحد مما يزيد من المشاكل.
ويدعو الغراوي، الحكومة، إلى إطلاق حملات وطنية توعوية بالتعاون مع الفعاليات الدينية والمجتمعية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للحد من ارتفاع حالات الطلاق. كما يطالب الحكومة بتوفير دور سكنية منخفضة الكلفة أو أراضٍ مدعمة بقروض بدون فوائد للمتزوجين حديثاً، وتوفير فرص عمل للحد من البطالة والمشاكل السكنية.
*إحصائيات حالات الطلاق في العراق خلال السنوات السابقة
سجّل العراق، خلال العام الماضي 2023، أكثر من 70 ألف حالة طلاق، وفق بيانات مجلس القضاء الأعلى رصدتها "انفوبلس".
وبحسب جردة قام بها فريق "انفوبلس"، تبين أن في الشهر الأول (كانون الثاني) من العام الماضي 2023، سجل العراق 6335 حالة طلاق، وفي شهر شباط 6147 حالة، وفي آذار 6491 حالة وفي نيسان 4643 حالة وفي أيار 6723 حالة وبشهر حزيران 5880 حالة، أما في شهر تموز 5808 حالة وفي آب 6973 حالة، بينما في أيلول 5462 حالة، بالإضافة الى أن شهر تشرين الأول تم تسجيل 6934 حالة، وفي تشرين الثاني 6620 حالة، كما في شهر كانون الأول 4423.
فيما سجل العراق قرابة 70 ألف حالة طلاق في العام 2022 وفق إحصائية رسمية من موقع مجلس القضاء الأعلى، الذي كشف ايضاً أن تم تسجيل أكثر من 73 ألف قضية طلاق خلال العام 2021 في العراق البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، وهي حصيلة مماثلة لحصيلة العام 2018.
وأشار الموقع إلى أنه خلال العقد الممتد بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من بين كل خمس زيجات بالطلاق، وسجل خلال الفترة نفسها 516 ألفاً و784 طلاقاً من بين 2,6 مليون زواج.
وكشفت إحصائية رسمية حصلت عليها انفوبلس، تسجيل المحاكم العراقية 4092 حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة خلال عامي (2020-2021)، فيما ذكر قضاة متخصصون بقضايا الأحوال الشخصية أن الزواج المبكر أحد الأسباب الرئيسية التي تضاعف نسب الطلاق في العراق. وذكرت الإحصائية أن "العام 2020 سجل 1498 حالة، بينما ازداد العدد إلى 2594 في عام 2021".
وبحسب تقارير مجلس القضاء الأعلى فإن الزواج المبكر يفتقر إلى اكتمال النضوج العقلي للزوج والزوجة فيما يتعلق بتحمل أعباء الزواج وتكوين أسرة، إضافة إلى البطالة وتفاوت المستوى الثقافي والعلمي بين الزوجين.
"تشكل الحالة الاقتصادية ما نسبته 50 في المئة من أسباب الطلاق"، وفقاً لبحث نشره مجلس القضاء الأعلى على موقعه الإلكتروني، لكن تردي الوضع الاقتصادي هو جزء من أسباب كثيرة أخرى أهمها "التدخلات الاجتماعية، وتفاوت المستوى العلمي والثقافي بين الشريكين".
وكشفت اللجنة القانونية النيابية مؤخراً، عن تجاوز حالات الطلاق في البلاد حاجز الـ 300 حالة يومياً في ظل مساعي تعديل المادة 57 الخاصة بحضانة الطفل.
إذ قال عضو اللجنة محمد الخفاجي، إن "هناك الكثير من حالات الطلاق تسجل يوميا، حيث تم تسجيل أكثر من 300 حالة طلاق في اليوم الواحد"، مشددا أن "لا أحد يتقبل المضي بهذه الاحصائيات، كونها تؤثر على المجتمع العراقي".
ورأى الخفاجي، أن في "تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية حلاً ناجحاً ومناسباً لحفظ حقوق جميع الأطفال"، موضحاً أن "تعديل المادة سيكون بعد إدراجها على جدول اعمال مجلس النواب".
وأشار إلى أن "هناك بعض المشاكل والعقبات والضغوط التي تحول دون إدراج تعديل المادة على جدول اعمال مجلس النواب”، موضحا أنه "لا يوجد أي تعديل لسلب حقوق المرأة إنما هي إنصاف للرجل".
وأشار الخفاجي، إلى أن "تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية يتكلم عن إنصاف الرجل والمرأة بحق حضانة الطفل، لأنها أشبه ما تكون بالحضانة المشتركة، وما موجود حاليا هو حضانة متكاملة وكاملة للأم فقط، وهذا الشيء غير صحيح"، مبينا، "ليس هناك حضانة متكاملة للأب".
وبين، أن "اللجنة القانونية النيابية تعمل على ان تكون حضانة الطفل منصفة وعادلة بين الأب والأم ويضمن حق الطرفين، والغاية من هذا التعديل انصاف الاثنين وعدم التفرقة وانسجام الأسرة".
ولفت إلى أهمية أن "تكون هناك إجراءات قانونية في حال حدث خلاف ذلك، حتى لا يكون الطفل ضحية صراعات الأبوين وأن يكون روح القانون هو الفيصل في مصلحة الطفل أولاً".
وأثار مشروع تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وتحت قبة البرلمان، خصوصاً بعد إعلان مجموعة من أعضاء مجلس النواب وقوفهم ضد تمرير هذا التعديل.
ويأتي هذا الجدل كون تعديل هذه المادة سيقضي بحضانة الطفل للأب، وهو ما يدفع إلى استغلال الأطفال في الخلافات الأسرية، ويزيد من حالات الطلاق في البلاد، وفق مشرعين.
وينص قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188/ لسنة 1959 على "منح حق الحضانة إلى الأم استنادا الى نص المادة (57) فقرة 1 والتي نصت على أن (الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك، كما يشترط القانون أن تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون وصيانته، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، وتقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون، كما تنص فقرات المادة المذكورة على أنه إذا أتم المحضون الخامسة عشرة من العمر، يكون له حق الاختيار في الإقامة مع مَن يشاء من أبويه أو أحد أقاربه لحين إكماله الثامنة عشرة من العمر إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار.
وفي كل مرة، تثير التعديلات المقترحة غضباً عارماً لدى الأمهات المطلقات، ووقفت منظمات المجتمع المدني إلى جانب الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة، بالضدّ منها، وشرعنَ في حملات إعلامية أكدن فيها أن تعديل سنّ الحضانة سيكون قراراً مجحفاً بحق الأطفال الذين يعانون من عدم الاستقرار النفسي بعد طلاق الوالدين، بالإضافة إلى حاجتهم الماسّة إلى الأم في مرحلة الطفولة.
وردّ الرجال بحملات إعلامية معاكسة ووقفات احتجاجية محاولين التأكيد على مقدرتهم على تحمّل مسؤولية رعاية صغارهم، ومقدرتهم على توفير حياة كريمة لهم أكثر من أمهاتهم، وبعضهم يرى أن القوانين العراقية تغلب مصلحة النساء على الرجال، لاسيما في ما يخص مسألة الحضانة للأطفال، وطالبوا بقراءة ثانية لتعديلات القانون وإقراره في أقرب وقت، لرفع الظلم عن الرجال، وفقاً لما يقولون.
ويمنع قانون الأحوال الشخصية الساري، الآباء من رؤية أبنائهم إلا في المحكمة ولساعات محدودة كل فترة.
وانتشرت خلال الشهرين الماضيين، ظاهرة الطلاق الوهمي، للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، حيث تخصص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، راتبا شهريا لكثير من الفئات المستحقة، ومنها المطلقات والأرامل، وفق بيانات يتم التأكد من صحتها شهريا، وهناك 109 آلاف و567 مطلقة مشمولة بالمعونة، و244 ألفاً و689 أرملة.
يشار إلى أن رجال الدين، أكدوا في استفتاءات سابقة، على أن المراجع الدينية لا تحلل مخالفة القانون، ويصنفون الطلاق الوهمي بأنه غير شرعي، باعتبار أن المطلقة ترتكب صوريا أفعالا محرمة، منها التزوير والتحايل على الدولة والقانون، ومعاشرة الزوج الذي طُلقت منه بمخالفة للشرع والقانون بينما هي لم تعد جائزة لمعاشرته.