انهيار بناية قيد الإنشاء في الأعظمية يثير تساؤلات حول جودة العمل ومعدل استجابة الدفاع المدني
انهيار بناية قيد الإنشاء في الأعظمية يثير تساؤلات حول جودة العمل ومعدل استجابة الدفاع المدني
انفوبلس/..
في ظاهرة جديدة، اتسعت حدتها مؤخراً في العراق، وأصبحت تمثل خطراً حقيقياً، تمثلت بانهيار مبان ٍ قديمة ومتهالكة وأخرى قيد الإنشاء، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول جودة العمل ومعدل استجابة فرق مديرية الدفاع المدني لمثل هكذا نوع من الحوادث.
*حادثة جديدة
وانهار ليل الأحد - الإثنين مبنى قيد الإنشاء، في منطقة الأعظمية، بالعاصمة العراقية بغداد، ما تسبب بخسائر مادية ووقوع مصاب.
المبنى المنهار، يقع بجوار مكتب عضو مجلس النواب العراقي، عائشة المساري، بالقرب من مستشفى النعمان، في منطقة الأعظمية، شمالي العاصمة بغداد.
وسارع الأهالي في المنطقة برفقة قوة أمنية الى مكان الحادث، للبحث عن أشخاص، يُقال أنهم تحت المبنى المنهار، في محاولة لاستخراجهم من تحت الأنقاض.
*السبب وقيمة الخسائر
وبحسب وسائل إعلام، أشارت إلى أن انهيار المبنى في الأعظمية جاء بسبب افتقاره لشروط السلامة، لافتة إلى أن صاحب المبنى شيّد طوابق إضافية رغم أن المبنى قديم وغير صالح لذلك، مؤكدة أنه جرت تنبيهات لعدم بناء طوابق في البناية لكن صاحب المبنى تجاهل ذلك.
وبينت، أن "خسائر انهيار المبنى قُدّرت بربع مليون دولار بعد سقوطه على أربع عجلات".
ونوهت بأن "الحادثة تسببت بإصابة شخص وإنقاذ 4 آخرين عالقين في حصيلة أولية، مضيفة أن صاحب المنزل المجاور للمبنى تعرض للإصابة ويرقد الآن بإحدى مستشفيات بغداد".
وبحسب هذه الوسائل الإعلامية، فإن "هناك دعوات لمحاسبة جميع المقصرين بانهيار المبنى"، مشيرة إلى "اعتقال صاحب المبنى والإفراج عنه وهنالك دعوات للقبض عليه مرة أخرى".
*موقف الدفاع المدني
كشف مدير إعلام وعلاقات الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن، اليوم الإثنين، آخر مستجدات حادثة انهيار البناية في منطقة الأعظمية ببغداد.
وقال عبد الرحمن، في تصريح صحافي، إنه "حصل فجر اليوم انهيار بناية مكونة من طابقين قديمة ومتروكة وغير مشغولة من قبل السكان، حيث انهارت البناية بسبب قِدَمِها ما أدى الى إصابة أحد المواطنين المارة وتضرر 4 عجلات مدنية".
وأكد أن "الدفاع المدني اتخذ إجراءات الحيطة والحذر ونقل المصاب ولا توجد أي أضرار مادية غير العجلات المتضررة وكذلك لا توجد أي خسائر بشرية باستثناء الإصابة الواحدة".
وتابع، أن "الوضع مطمئن وسيقوم صاحب البناية مع الجهات المعنية برفع الأنقاض".
وحتى اللحظة، لم يصدر أي بيان من الجهات الرسمية عن تفاصيل الحادثة.
*حوادث مشابهة
وخلال نيسان الماضي، سجلت محافظات العاصمة بغداد والأنبار (غرباً) وأربيل (شمالاً) انهيار 3 مبانٍ قيد الإنشاء في أقل من 24 ساعة، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات عن أسباب تكرار هذه الحوادث.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني (آنذاك) تسجيل انهيار مبنيَين قيد الإنشاء كانا مخصَّصَين لبناء مجمعات ومراكز تجارية في بغداد والأنبار، ووقع الحادث في منطقة زيونة (وسط العاصمة) أثناء أعمال البناء؛ مما أسفر عن إصابة 8 أشخاص من العمّال.
في حين سجلت محافظة الأنبار الحادث الثاني، وذلك أثناء صبّ خرسانة الطابق الرابع لمركز تجاري كبير في مدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار). وتمكنت فرق الإنقاذ من نقل المصابين إلى المستشفى، من دون تفاصيل أخرى عن أعدادهم وشدة إصاباتهم.
واستمراراً لسلسلة هذه الحوادث، نقلت وسائل إعلام محلية انهيار مبنى آخر قيد الإنشاء في محافظة أربيل بإقليم كردستان، مما أسفر عن إصابة 11 عاملا، حيث نُقل المصابون إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وخلال الفترة الماضية، مثّلت حوادث انهيار المباني المخالفة لشروط السلامة أحد أكبر التحديات والمخاطر التي تهدد حياة العراقيين، لاسيما بعد انهيار عدة أبنية وسقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح خلال الأشهر القليلة الماضية.
*تحذيرات
مديرية الدفاع المدني سبق وأن أطلقت تحذيرات حول وجود أكثر من 2500 مبنى حكومي وأهلي آيل للسقوط في محافظات البلاد، وهو ما يشكل خطراً كبيراً يهدد حياة ساكنيها، كما أشارت إلى إخلائها عدداً من تلك المباني.
وكان المدير العام للدفاع المدني اللواء محسن كاظم علك قد أكد -في تصريحات نقلتها صحيفة الصباح الرسمية- أنه قد تم تحديد الأبنية الآيلة للسقوط، وإعلام الأمانة العامة لمجلس الوزراء والدوائر الحكومية ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات.
*ملابسات تكرار انهيار المباني
يعزو نقيب المهندسين العراقيين السابق صبيح الغراوي، أسباب تكرار انهيار المباني، إلى الفساد المالي والإداري والفني، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
ويقول الغراوي "في المشاريع التي تُنفذ بالعراق يتم تمرير فحوص فاشلة، مع عدم الالتزام بتطبيق المواصفات الخاصة بمواد البناء أو إجراءات السلامة، إذ لا تتم مراعاة الخلطة الخرسانية بالشكل المطلوب، مع استخدام حديد تسليح بمواصفات سيئة".
ولتفادي تكرار حوادث الانهيار، سواء كان ذلك في القطاع الخاص أو العام، أكد نقيب المهندسين العراقيين السابق "ضرورة اعتماد التصاميم والمواصفات الفنية القياسية، واختيار المنفذين والمشرفين والمراقبين من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة، بعد منحهم الرواتب والأجور التي تتوافق مع الحجم المالي للمشروع"، في إشارة إلى إحالة تنفيذ المشاريع لشخصيات وشركات قليلة الكفاءة وعديمة النزاهة.
*توجيهات الأمانة
وتعليقا على ذلك، أكد المتحدث باسم أمانة بغداد محمد الربيعي، أن "الأمانة وجهت جميع مالكي العقارات غير المستوفية للشروط الفنية أو الآيلة للسقوط إلى التقدم بطلب الحصول على إجازة هدم وإعادة بناء موجها للبلدية المعنية بالرقعة الجغرافية التي تضم المبنى لتجنب أي حادث مشابه مستقبلا، مشيرا إلى استعداد أمانة بغداد وبلديات العاصمة الـ14 إلى تسهيل منح إجازات هدم وإعادة بناء المباني الآيلة للسقوط بالسرعة الممكنة".
وأكد الربيعي، أنه "تم توجيه المكاتب الهندسية الاستشارية ودوائر البلديات لمتابعة المباني المهددة، لاسيما تلك القديمة والتراثية، التي تحتاج إلى معالجة سريعة، لافتا إلى الحاجة لإخلاء هذه الأبنية لما تشكله من خطر".
وأضاف أن "أمانة بغداد فرضت على أصحاب المباني في المناطق ذات التخطيط العمراني الحضري ببغداد -بما فيها زيونة والكرادة والدورة- كتاب تعهد على تحمل مالكيها مسؤولية بقائها قائمة أو عدم التبليغ عنها، مشيرا إلى استثناء المباني التراثية التي تخضع لشروط خاصة بوزارة الثقافة وقانون التراث، والتي يمكن إعادة إحيائها وفق معايير خاصة".
*غياب إجراءات السلامة
بدوره، يقول المتحدث باسم المديرية العامة للدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن إن أسباب تكرار انهيار المباني يعود لإهمال العاملين وسوء التخطيط الهندسي، مبينا أن الأسباب الرئيسية تحددها الأدلة الجنائية وليس مديرية الدفاع المدني.
وأشار العميد إلى أن انهيار المباني الأخير في بغداد يُعزى لغياب إجراءات السلامة الفردية للعاملين والمتعلقة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومسؤولي السلامة المشرفين على مواقع هذه المشاريع، مشيرا إلى عدم توفر إحصائية بعدد الانهيارات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية.
ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سجلت البلاد العديد من الحوادث المشابهة، من بينها انهيار مبنى المختبر الوطني الصحي بمنطقة الكرادة (وسط العاصمة بغداد)، ليتبعه بعد ذلك انهيار مبنى مخصص لتخزين بضائع تجارية في منطقة الوزيرية إثر حريق ضخم اندلع فيه، في حين انهارت أجزاء من بناية مصرف الرافدين بمحافظة كربلاء أيضاً، وكانت حصيلة تلك الحوادث عشرات القتلى والجرحى، من ضمنهم أفراد من الدفاع المدني.
ورغم ذلك، لم تُفضِ التحقيقات الجنائية إلى محاسبة أي جهات مقصرة، كما لم تعلن الحكومة إحالة المسؤولين عن تلك المباني إلى القضاء رغم المناشدات الكبيرة والتحذيرات التي أطلقتها مؤسسات عديدة من أن كثيراً من المباني لا تحظى بأي شروط سلامة، خاصة تلك التي مضت على بنائها عقود من الزمن.