انهيار غير مبرر لكهرباء العراق تزامناً مع حرارة 50 مئوية.. ماذا حدث؟ ولِمَ فشلت الوزارة في معالجة المشكلة؟
استغلال أمريكي للأزمة وترجيحات بـ"تخريب سياسي"
انهيار غير مبرر لكهرباء العراق تزامناً مع حرارة 50 مئوية.. ماذا حدث؟ ولِمَ فشلت الوزارة في معالجة المشكلة؟
انفوبلس/..
في ظل وصول درجات الحرارة إلى نحو نصف درجة الغليان (50) درجة مئوية، صُدِم العراقيون بانهيار منظومة الطاقة الوطنية لينقطع التيار عن أغلب محافظات الوطن، في ظل تبريرات واهية صدرت عن وزارة الكهرباء وفشل في معالجة المشكلة رغم مضي يوم كامل، وسط وعود بفتح تحقيق من قبل الوزارة ولجنة الطاقة البرلمانية للوقوف على خلفية الأزمة.
*خلل مفاجئ
وأصاب خلل مفاجئ، أمس السبت، منظومة الكهرباء وأدى لإطفاء شبه تام بعدة محافظات عراقية.
وقال مصدر في محافظة البصرة، إن "المنطقة الجنوبية من المحافظة تعرضت لانقطاع تام بالطاقة الكهربائية".
وأضاف، إن "حريقاً نشب في محطة البكر والذي تسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن محافظة البصرة بالكامل لأكثر من 15 دقيقة".
وذكر، أن "البصرة تمتلك 13 محطة كهربائية، وتنتج أكثر من 5 آلاف ميكا واط، وأي عطل بالمنظومة الكهربائية سيؤثر مباشرة على محافظتي ذي قار وميسان"، لافتاً إلى أن "المحافظتين الأخيرتين تعرضتا لإطفاء تام بالطاقة الكهربائية".
بدوره، أكد مصدر من نينوى، أن "التيار الكهربائي في مدينة الموصل انقطع في وقت محدد".
وقال، إن "المنظومة الكهربائية في مدينة الموصل بمحافظة نينوى تعرضت لإطفاء كامل، في وقت محدد".
الى ذلك، أشار مصدر آخر في النجف، إلى "انقطاع التيار الكهربائي في المحافظة بشكل كامل أيضا".
فيما بين مصدر من كربلاء المقدسة، أن المحافظة تعرضت لإطفاء تام بالتيار الكهربائي.
*حريق البكر
وعقب ذلك بساعات قليلة، أعلنت وزارة الكهرباء، عن تعرض محطة البكر التحويلية في محافظة البصرة إلى "حريق"، تسبب بانفصال خطوط المنطقة الجنوبية وتعرض المنظومة للإطفاء التام.
وذكر بيان للوزارة، أنه "في الوقت الذي تمر فيه المنظومة بظروف عصيبة، من شح الوقود وتزايد الطلب على الاستهلاك، وارتفاع درجات الحرارة الشديدة غير المسبوقة، وفي الوقت الذي تواكب فيه الوزارة وتشكيلاتها جميع الأزمات والمناسبات الدينية والوطنية، واضطلعت بتحسن ملحوظ بالطاقات المنتجة وساعات التجهيز، يكون للعوارض الفنية الطارئة أثر على المنظومة ومعداتها، حيث تعرضت المنظومة الكهربائية اليوم السبت في الساعة (الثانية عشرة وأربعين دقيقة ظهرا) لإطفاء تام؛ بسبب حصول حادث حريق بمحطة البكر التحويلية الثانوية ١٣٢ ك .ف بمحافظة البصرة".
وبينت الوزارة، أن "الحادث أدى إلى انفصال الخطوط الناقلة كارتباطات المنطقة الجنوبية بالمنطقة الوسطى، وبالتالي صعود ترددات المنظومة وانفصال الوحدات التوليدية بمحطات الإنتاج".
وأكدت، أنه "جاري العمل وبشكل سريع من مركز السيطرة الوطني والتنسيق مع مراكز السيطرة في المحافظات على إعادة الوحدات التوليدية المنفصلة، والخطوط الناقلة تباعاً، وسيعاود وضع المنظومة بشكل طبيعي خلال الساعات المقبلة".
*لجنتان تحقيقيتان
وشهدت المنظومة الوطنية منذ ظهر أمس السبت حوادث فنية متمثلة باحتراق محطة البكر في البصرة وكذلك تفجير ثلاثة أبراج ناقلة في صلاح الدين، ما أدى إلى انهيار منظومة الكهرباء في محافظات وسط وجنوب العراق كافة.
ووجه وزير الكهرباء زياد علي فاضل، بعد ذلك، بتشكيل لجنتين تحقيقيتين الأولى حول حريق محطة البكر في البصرة، والثانية بشأن الاستهدافات التي تطال أبراج وخطوط نقل الطاقة.
وذكر بيان للوزارة، أن الوزير "أوعز بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة تتولى التحقيق، وبيان أسباب الحريق الذي حصل بمحطة البكر التحويلية الثانوية، والتي أدت الى انفصال ارتباطات الخطوط الناقلة للمنطقة الجنوبية عن الوسطى، وتسببت بالانطفاء التام للمنظومة".
كما وجه الوزير، وفق البيان، "بتشكيل لجنة تحقيقية أخرى تتولى التحقيق بالاستهدافات التخريبية التي طالت أبراج وخطوط نقل الطاقة (صلاح الدين الحرارية - حديثة) جهد ٤٠٠ ك. ف بمنطقة القناطر بصلاح الدين".
ويُعد ملف الكهرباء ملفاً حساساً في العراق، حيث يعيش سكانه البالغ عددهم 43 مليون نسمة بشكل يومي انقطاعاً متكرراً للكهرباء قد يصل إلى عشر ساعات، ويزيد الأمر سوءاً ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.
*معاودة تدريجية
ثم، أعلنت وزارة الكهرباء، أمس، في بيان، أن "المنظومة الكهربائية تعاود وضعها تدريجياً، بإعادة عدد من الوحدات التوليدية والخطوط المنفصلة بسبب العوارض الطارئة إلى العمل وربطها بالشبكة الوطنية"، منوهة إلى، أنه "تجري إعادة تجهيز المحافظات والمناطق بالكهرباء تباعاً".
*ليست المرة الأولى!
وفي خضم هذه الأزمة، أصدرت لجنة الكهرباء والطاقة في مجلس النواب العراقي، بياناً حول الانقطاع العام لمنظومة الكهرباء.
وجاء في نص البيان:
"تعلن لجنة الكهرباء والطاقة النيابية عن تشكيل عدة لجان لمتابعة أسباب انقطاع المنظومة الكهربائية في عموم البلاد حيث إنها ليست المرة الأولى التي تتعرض لها المنظومة للانهيار، ومن خلال بعض المعلومات التي حصلت عليها اللجان تبين أن هناك حريقا نشب في إحدى محطات النقل في محافظة البصرة مما أدى إلى انهيار المنظومة بالكامل".
وأكدت اللجنة، "إعداد توصيات بعد انتهاء اللجان من عملها فيما ستشمل التوصيات تغيير المقصرين في عملهم وإحالتهم للتحقيق وكذلك استخدام التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحالات مستقبلا"، مطالبة وزارة الكهرباء "بمتابعة خطوطها كافة خلال الفترة المقبلة لتفادي هكذا حوادث".
*ارتدادات أخرى
كما تسبب أزمة انقطاع التيار الكهرباء، بأزمة أخرى تمثلت بانقطاع ماء الإسالة في عدة محافظات ما "زاد الطين بلة".
لكن وزارة الكهرباء، قالت في ليل أمس السبت، إنه تمت "إعادة تجهيز الكهرباء لجميع المستشفيات والمراكز الطبية، ومشاريع المياه، ومحطات تصريف المياه الصحية".
ويعود الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في العراق خصوصاً إلى التردّي في البنية التحتية الذي يعاني منه بسبب عقود من النزاعات وبسبب الفساد وسوء الإدارة. وعلى الرغم من أنه بلد غني بالنفط، لكن المحطات الكهربائية تعتمد في العراق بشكل كبير على الغاز المستورد.
ولسد النقص، يلجأ البعض إلى استخدام المولدات الكهربائية التي لا تكفي أحياناً لتأمين الاحتياجات اليومية، كتشغيل المكيّفات.
ولعلاج انقطاع الكهرباء، تحتاج المحطات العراقية إلى إنتاج 32 ألف ميغاواط يوميًا. لكن الإنتاج ما زال بعيدًا عن ذلك، وإن وصل في بعض الأحيان إلى 26 ألف ميغاواط، وفق السلطات.
*عودة غير موفقة!
وما أن بدأت العودة التدريجية للتيار الكهربائي، حتى تم استهداف محطة الكهرباء المغذية لمدينة الصدر "جميلة القديمة" شرقي العاصمة بغداد.
وقال مصدر أمني، إن "حريقاً اندلع بمحطة كهرباء جميلة ضمن مدينة الصدر في بغداد".
وأشار مصدر آخر، إلى أن الحادث آنف الذكر، هو "مفتعل".
لكن، قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى في تصريح صحفي، إن "فرق الصيانة عزلت العارض الفني الذي تعرضت له محولة رقم 1 في محطة جميلة بسبب ارتفاع درجات الحرارة"، مبيناً أن "المحولة تم إعادتها للعمل إلى جانب المحولات الرئيسية فيها".
*استهدافات سياسية
ويتوقع مراقبون، أن يكون سيناريو الكهرباء الكارثي الذي شهده العراقي يوم أمس، منظم سياسياً من قبل جهات معروفة بقصد إحراج حكومة محمد شياع السوداني، وإثارة الجمهور ضدها، خاصة مع تزامن ثلاثة أحداث جميعها استهدفت الطاقة، وفي وقت تشهد فيه البلاد ارتفاع في درجات الحرارة.
*استغلال أمريكي للأزمة
وتزامناً مع الأزمة، أخذت وسائل إعلام أمريكية تستغل الأوضاع الجارية، وتدفع لتظاهرات "عارمة" في مختلف المحافظات العراقية.
وقالت صحيفة بارونز الأمريكية أمس السبت (29 تموز 2023)، إنها تتوقع خروج "تظاهرات" شعبية في المدن العراقية خلال الساعات القليلة المقبلة، في حال استمرار انقطاع التيار الكهربائي في العراق.
وقالت الصحيفة عبر تقرير لها، إن وزارة الكهرباء العراقية أعلنت بشكل رسمي انقطاع التيار الكهربائي كلياً في المدن العراقية خلال يوم السبت الساعة الثانية عشرة ظهرا، نتيجة لحريق أصاب محطة نقل للطاقة في محافظة البصرة، واعدةً بـ "إصلاح الأعطال وإعادة الطاقة" خلال ساعات.
وأشارت الصحيفة إلى أن العوائل العراقية تعاني من انقطاع مستمر في الطاقة الكهربائية يصل إلى عشر ساعات يوميا في الظروف الاعتيادية، حيث تعتمد بعض العوائل على المولدات الخاصة لتعويض نقص الطاقة، الأمر الذي يُعد غير متاح لجزء كبير منها لتكلفتها العالية، بحسب وصفها.
الصحيفة توقعت "خروج تظاهرات شعبية" في حال استمرار انقطاع التيار الكهربائي في البلاد خلال الساعات القليلة المقبلة، معتبرة أن درجات الحرارة في بغداد ومدن الجنوب تصل إلى نحو خمسين درجة مئوية، الأمر الذي يساهم في زيادة الاحتقان الشعبي.