بذكرى مجزرة حلبجة.. انفوبلس تستذكر الجرائم بحق الكرد منذ عام 1937

انفوبلس/ تقارير
واحدة من أبشع الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب الكردي،تشكّل رمزًا لمعاناة الكرد عبر التاريخ، وكانت وستبقى شاهداً على وحشية النظام البعثي، حيث مجزرة حلبجة بذكراها الـ37 واستذكار مفصّل من شبكة انفوبلس امتد ليشرح كافة الجرائم التي طالت الكرد منذ عام 1937 ولغاية الآن.
جرحٌ لن يندمل
في صباح يوم الجمعة الموافق 16 آذار عام 1988، ساد هدوء غريب مدينة حلبجة الكردية حتى الساعة 11.30 صباحاً، لكنه لم يدُم طويلاً، إذ سرعان ما انقلب إلى كابوسٍ مروعٍ مع بدء دوي انفجاراتٍ وصوت طائراتٍ حربية عراقية تحلّق فوق المدينة والقرى المجاورة.
وعلى مدار خمس ساعات، قصفت طائرات المقبور صدام،حلبجة بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى استشهاد نحو 5 آلاف شخص، بينهم نساء وأطفال، وإصابة ما بين 7 إلى 10 آلاف آخرين.
لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، ففي الأيام والأشهر التي تلت الهجوم، قُتل آلافٌ آخرون، بسبب المضاعفات الصحية الناجمة عن التعرض للغازات السامة.
واستخدم نظام المقبور صدام ذريعة وجود القوات الإيرانية بالقرب من حلبجة لتبرير هذه المجزرة، التي جاءت في إطار حملة "الأنفال" الواسعة، التي استمرت من عام 1986 حتى 1989، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 180 ألف كردي.
إبادة جماعية بالأسلحة الكيماوية
كانت منظمة مراقبة حقوق الإنسان، وهي منظمة أمريكية غير حكومية، قد ناصرت الادعاءات حول مجازر حلبجة، والإبادة الجماعية للأكراد في شمال العراق.
وقد نشرت المنظمة في 11 من مارس 1991 تقريرها عن مدينة حلبجة، وذكرت فيه أن نظام البعث قد استخدم الأسلحة الكيمياوية في أربعين محاولة لشن هجمات على أهداف كردية خلال حملة وصفتها بأنها إبادة جماعية.
ويُعد أهم هجوم ذُكر في تلك التقارير هو الهجوم بالسلاح الكيمياوي الذي وقع في آذار/مارس 1988 (مجزرة حلبجة)والذي ذهب ضحيته وفقا لدراسة أعدّتها المنظمة أكثر من 3,200 شخص أو ربما يصل عدد الضحايا إلى 5000 شخص أو حتى إلى 7000 شخص كما يؤكد جوست هلترمان كاتب التقرير لصالح منظمة مراقبة حقوق الإنسان الخاص بحلبجة والذي نشرته المنظمة في 11 آذار/مارس 1991
العواقب الطبية والجينية
بعد عشر سنوات في عام 1998 كان ما لا يقل عن 700 شخص لا يزالون يتلقون العلاج من الآثار الشديدة للهجوم، اعتبر 500 منهم بأنهم في حالة حرجة حتى وإن كانت الحالات الأشد خطورة ربما ماتت بالفعل.
وفي المسوح التي أجراها الأطباء المحليون عثر في حلبجة على نسبة مئوية أعلى من الاضطرابات الطبية، وحالات الإجهاض (عدد المواليد الأحياء و14 مرة أعلى من المعتاد)، وسرطان القولون (10 مرات أعلى من المعدل الطبيعي)، وأمراض القلب (أربعة أضعاف بين عامي 1990 و 1996) مقارنة بجمجمال.
بالإضافة إلى ذلك، فإن "السرطانات الأخرى وأمراض الجهاز التنفسي ومشاكل الجلد والعين والخصوبة واضطرابات الإنجاب هي أعلى بشكل ملحوظ في حلبجة ومناطق أخرى تعرضت لهجمات كيماوية.
بعض الذين نجوا من الهجوم أو أصيبوا على ما يبدو بجروح طفيفة فقط آنذاك أصيبوا لاحقا بمشاكل طبية يعتقد الأطباء أنها ناجمة عن المواد الكيميائية، وهناك مخاوف من أن الهجوم قد يكون له تأثير وراثي دائم على السكان الأكراد، كما أظهرت الاستطلاعات الأولية زيادة معدلات العيوب الخلقية.
وأشارت بعض التقارير إلى أن الناجين من هذا الهجوم بالذات يعانون من إصابات دائمة بما في ذلك الحروق، وبعضهم تظهر عليهم أعراض التلف العصبي رغم أنه لا يمكن تأكيد ذلك بشكل كافٍ حتى الآن.
تاريخٌ من الدماء
لم تكن مجزرة حلبجة سوى حلقة في سلسلة طويلة من المذابح التي تعرض لها الشعب الكردي، ففي 13 تموز 1930، قُتل أكثر من 15 ألف كردي في مذبحة وادي زيلان شمال كردستان، بعد أن لجأوا إلى الوادي هرباً من القمع.
وفي 13 تشرين الثاني1960، أودى حريقٌ في سينما عامودا بحياة أكثر من 280 طفلاً كردياً كانوا من طلاب المدارس.
كما شهدت مناطق كردستان الأخرى أحداثاً دمويةً مماثلة، مثل تهجير سكان بوطان من قراهم في شمال كردستان عام 1994، واستقر بهم الحال في مخيم مخمور في جنوب كردستان، فقد على أثر رحلة التهجير العشرات من الكرد أغلبهم من الأطفال، حياتهم، ومجزرة تل عران وتل حاصل في ريف حلب الشمالي والتي مهدت فيها قوات حكومة البعث الطريق أمام مجموعات مرتزقة بتوجيه من الاستخبارات التركية عام 2013، التي راح ضحيتها نحو 30 كردياً.
إبادة القرن الـ21
في 3 آب 2014، شهدت كردستان واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في القرن الحادي والعشرين، عندما هاجم تنظيم داعش الإرهابي قضاء شنكال في جنوب كردستان، حيث شنوا هجوماً واسعاً على المنطقة، والهدف بشكل رئيس كان المجتمع الإيزيدي.
بمساعدة وتوجيه من الاستخبارات التركية، تمكن تنظيمداعش الإرهابي من احتلال شنكال في غضون ساعات، حيث هاجم 10 آلاف مرتزق، وانسحبت قوات بيشمركة الديمقراطي الكردستاني من المنطقة. وأسفر الهجوم عن استشهاد أكثر من 6 آلاف إيزيدي، واختطاف 6417 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
وتعرض المختطفون لفظائع لا توصف، حيث تم بيع النساء في أسواق النخاسة، وتعرض الرجال والأطفال للتعذيب والإعدام. كما دُمرت العديد من القرى الإيزيدية بشكل كامل، وتم تدنيس المزارات والمقدسات الإيزيدية.
لتركيا دور أيضا.. من عفرين إلى كري سبي
في عام 2018، شن الاحتلال التركي هجوماً واسعاً على مقاطعة عفرين، بدأ بعمليات قصف جوي مكثف، تلاه اجتياح بري شارك فيه مرتزقة الاحتلال التركي. وأسفر عن احتلال عفرين وتهجير أكثر من 300 ألف كردي من منازلهم.
وتعرضت عفرين لعمليات نهب وتدمير ممنهجة، حيث تم استهداف المنازل والممتلكات العامة والخاصة. كما تم تغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة من خلال توطين عائلات من المرتزقة الموالية للاحتلال التركي في منازل الكرد المهجرين.
في عام 2019، تكرر السيناريو في مدينتي سري كانيه وكري سبي (تل أبيض)، حيث شن الاحتلال التركي هجوماً آخر. أسفر عن استشهاد العشرات من المدنيين وتهجير أكثر من 300 ألف شخص. كما تم احتلال المدينتين وتغيير معالمهما الديمغرافية والثقافية.
مجازر مستمرة ضد الكرد في شمال وشرق سوريا
لم تتوقف هجمات دولة الاحتلال التركي ضد إقليم شمال وشرق سوريا، فخلال الأشهر التي سبقت سقوط نظام البعث في سوريا، شنت هجمات، عبر قصف جوي وبري بشكل مستمر، أدت إلى وقوع عدة مجازر بحق المدنيين أبرزها مجزر السويدية التي راح ضحيتها 7 من عمال محطة الطاقة، يوم 23 تشرين الأول 2023.
ومنذ 7 كانون الأول 2024، يشن الاحتلال التركي ومرتزقته هجوماً جوياً وبرياً عنيفاً، مستهدفاً مناطق حيوية في شمال وشرق سوريا، بما في ذلك مدينة منبج ومنطقتي سد تشرين وجسر قرقوزاق.
وعلى الرغم من استخدام الطائرات الحربية والمسيّرة والدبابات والمدفعية، فقد فشل في التقدم أو السيطرة على أي قرية أو نقطة استراتيجية، بفضل التصدي البطولي لقوات سوريا الديمقراطية والمقاومة الشعبية.
الفشل العسكري دفع الاحتلال التركي ومرتزقته إلى ارتكاب سلسلة من المجازر بحق المدنيين، فمنذ بداية الهجمات، وثقت عدة مجازر في قرى واقعة في ريف مدينتي كوباني وصرين.
وبحسب سجلات هيئة الصحة في الإدارة الذاتية الديمقراطية، فقد أدت هجمات الاحتلال التركي منذ كانون الأول 2024 وحتى شباط 2025 إلى استشهاد 82 مدنياً، وإصابة أكثر من 250 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال. كما دُمرت عشرات المنازل والمزارع والبنى التحتية الحيوية، ما زاد من معاناة السكان.
مجازر أخرى في تاريخ الكرد
إلى جانب الأحداث المذكورة، تعرض الشعب الكردي لعددٍ من المجازر الأخرى التي لا تقل بشاعةً، منها وحرصت شبكة انفوبلس على ردسها بالتفاصيل وكما يأتي:
ــ مذبحة ديرسم (1937-1938)؛ في منطقة ديرسم في شمال كردستان، قامت الحكومة التركية بحملة عسكرية واسعة ضد السكان الكرد العلويين، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتدمير مئات القرى. وقد وُصفت هذه الحملة بأنها واحدة من أبشع عمليات التطهير العرقي في تاريخ تركيا الحديث.
ــ مجزرة مهاباد (1947)؛ بعد إعلان جمهورية مهاباد الكردية القصيرة الأمد في شرق كردستان عام 1946، قامت السلطات الإيرانية بإعدام قادتها، بما في ذلك قاضي محمد، في ساحة عامة في مهاباد.
ــ مجزرة روبارى (1989)؛ في إيران، قامت القوات الحكومية بقمع مظاهرات كردية في منطقة روبارى، ما أدى إلى مقتل العشرات من المتظاهرين.
ــ مجزرة قامشلو (2004)؛ في12 آذار 2004، شهدت مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا انتفاضة امتدت إلى عدة مدن ووصلت إلى دمشق، جابهتها الأجهزة الأمنية لسلطة البعث بالقمع، أسفر ذلك عن استشهاد 38 مواطناً كردياً.