بعد أعوام من تأجيله.. انطلاق التعداد التجريبي تمهيداً للتعداد السكاني العام في العراق.. والاستمارة ستكون خالية من المذهب والقومية
سيعتمد على التقنيات التكنولوجيّة
انفوبلس/..
تعداد تجريبي، انطلقت نشاطاته أمس الجمعة، من ضمن استعدادات العراق التي تسبق التعداد العام للسكان والمساكن المقرر إجراؤه في الـ 20 من تشرين الثاني من العام الحالي، بعد أعوام من التأجيل، إذ سيعتمد فيه للمرة الأولى على التكنولوجيا باستخدام الأجهزة اللوحية "التابلت" لملء استمارة التعداد.
ويؤكد مراقبون للشأن المحلي العراقي، أن المضي في إجراء التعداد السكاني وفق التوقيت المقرر، سيسهم في تحديث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية على أساس بيانات إحصائية موثوقة وحديثة إلى حد كبير، وبالتالي تحسين عملية صنع القرار.
حيث باشرت هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية في وزارة التخطيط، أمس الجمعة 31 آيار 2024، أولى خطوات التعداد السكاني في العراق بعد تأجيله لأربع مرات متتالية خلال الـ27 عاما الماضية، بسبب الخلافات السياسية المحلية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنه "انطلقت الجمعة أولى خطوات التعداد السكاني في العراق بعد إخفاق دام أكثر من 16 عاماً، وتأجيله أربع مرات متتالية، بسبب خلافات سياسية حول المذهب والدين، وهو ما جرى تجاوزه فعلياً بالإعلان عن بدء إجراءات الإحصاء التجريبي في الحادي والثلاثين من أيار الجاري، وتستمر مدة 14 يوما في 18 محافظة عراقية و86 منطقة".
وأضافت المصادر، إنه "ويتوجّه الموظفون الذين يتولون عملية التعداد السكاني في العراق إلى المناطق لزيارة المنازل وإحصاء عدد الغرف والأفراد، وكذلك توجيه أسئلة عن معاش العائلة وعدد العاملين فيها، وعدد الذكور والإناث، بالإضافة إلى مسح الأمراض الموجودة".
لن يشمل الطائفة أو المذهب
ولن يشمل التعداد، وهو الأول في العراق منذ 27 عاما، الطائفة أو المذهب، كما كانت تُصر بعض الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد على ضرورة تصنيف الإحصاء العام للسكان حسب المذهب، إذ جرى حذف السؤال من الاستمارة الإلكترونية التي ستُملأ من قبل موظف التعداد الحكومي عبر الجهاز اللوحي "تابلت" المخصص لهذا الغرض.
ومن المقرر أن ينفّذ التعداد التجريبي في 86 منطقة موزعة بين 18 محافظة ويستمر 14 يوماً، ويشارك فيه 764 موظفا من دائرة الإحصاء بوزارة التخطيط، على أن يبدأ التعداد العام شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في عموم المدن والمحافظات العراقية في وقت واحد، وستشارك قوات الجيش والشرطة بتأمين عملية التعداد.
وقال وزير التخطيط محمد تميم، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الأربعاء الماضي، إنَّ "الباحثين والعدّادين سيصلون إلى المناطق المشمولة بين الساعتين الثامنة والتاسعة صباحاً، ويستمر عملهم يومياً إلى غاية الساعة الرابعة بعد الظهر، طيلة أيام التعداد التجريبي"، مبينا أنَّ "الموظفين سيرتدون ملابس تعريفية عبارة عن سترة وقبعة، مثبّت عليهما شعار التعداد العام للسكان، ويحملون هوية تعريفية".
تفاصيل الإحصاء التجريبي
الخبير الفني بوزارة التخطيط العراقية طه الحيالي أوضح أن "الإحصاء سيشمل الأمور الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للعراقيين، وهو إجراء عملي لمعرفة عدد سكان العراق الدقيق، ووضع كل محافظة واحتياجات كل منطقة، بحيث يكون تخطيط الدولة مستقبلا مبنيا على أسس علمية ودقيقة وليس تخمينية"، مبينا أن "الإحصاء لن يشمل عدد العراقيين المذهبي، ولا علاقة له بانتماء أو تفكير الفرد العراقي".
وتمثل خطوة إلغاء الطائفة أو المذهب والانتماء الديني علامة مهمة للعراقيين الذين يطالبون باعتماد معيار المواطنة والمدنية في الدولة العراقية، ويُعد التعداد السكاني في العراق ملفاً سياسياً شائكاً، أكثر من كونه إجراء تنظيمياً، بسبب ارتباطه بالانتخابات والطائفية التي قامت عليها العملية السياسية منذ زمن الدكتاتورية.
ويعتمد العراق حاليا في نظام الانتخابات على أن لكل 100 ألف شخص نائباً، ويمنح تقديرات السكان بشكل تقريبي لكل دائرة انتخابية، وفقاً لبيانات وزارة التجارة.
تقديرات أولية وأسباب التأجيل
ويُقدر حاليا العدد الإجمالي لسكان العراق ممن يعيشون داخله بـ43 مليون نسمة، في حين تبلغ أرقام عراقيي المهجر أكثر من 6 ملايين يتوزعون على نحو 40 دولة.
وآخر تعداد سكاني أجراه العراق كان في عام 1997، واستُثنت منه محافظات إقليم كردستان الثلاث (أربيل، السليمانية، دهوك) لأنها كانت خارج سيطرة النظام العراقي في ذلك الوقت، وأظهر أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة.
ويجرى التعداد السكاني في العراق مرة واحدة كل عشر سنوات، وكان من المفترض أن يجرى عام 2007، لكنه تأجل إلى العام 2009 بسبب الظروف الأمنية، ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشاكل الأمنية ودخول تنظيم "داعش"، وفي 2019، أُرجئ مُجدداً بسبب خلافات سياسية تخص المناطق المتنازع عليها وعدم وجود تخصيصات مالية وجائحة كورونا.
في وقت تواصل وزارة التخطيط العراقية استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن في العراق يوم الـ20 من نوفمبر 2024.
الاستعدادات التقنية والتكنولوجية
المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي، أكد في تصريح صحافي، أن "بعض الاستعدادات اكتملت وبعضها الآخر سيكتمل بحسب التوقيتات الزمنية للخطة خلال ما تبقى من المدة التي تفصلنا عن موعد تنفيذ التعداد العام للسكان".
ونوه إلى أن "المتطلبات الفنية واللوجستية اكتملت تقريباً وهي المتمثلة بالتعاقد مع شركة عالمية لتصنيع الأجهزة اللوحية (التابلت)، وبدأت الشركة المعنية بالتصنيع واستلمت أول وجبة من هذه الأجهزة مطلع مايو (أيار) الجاري، وستستخدم هذه الأجهزة في تنفيذ التعداد التجريبي الذي سينفذ قبل نهاية الشهر الجاري".
وأضاف، أنه "هناك شركات أخرى تم التعاقد معها، وهي تواصل عملها في ما يتعلق بإنشاء مراكز للبيانات وللاتصالات وكذلك التطبيقات والبرامجيات، وتم إكمال الصور الفضائية والخرائط للوحدات الإدارية على مستوى المحافظة والقضاء والناحية والقرية، وسيربط نظام الاستمارة بنظم المعلومات الجغرافية لتكون حركة العداد وفقاً لهذا النظام بالوصول إلى المسكن أو المكان المحدد للعداد".
وأكمل أن "عمليات تدريب العدادين ستبدأ خلال العطلة الصيفية المقبلة، إذ سينخرط العدادون وهم من الكوادر التعليمية والتدريسية في وزارة التربية في دورات تدريبية مكثفة لتعلم كيفية ملء الاستمارة واستخدام الأجهزة اللوحية وغيرها من التفاصيل. كما ستتم عمليات الحزم والترقيم والحصر التي تستمر لمدة شهرين (أغسطس / آب وسبتمبر / أيلول 2024). هذه العملية تتضمن ترقيم جميع الدور والمباني والمنشآت في عموم العراق، وعند إكمال هذه المراحل والعمليات ستكتمل الاستعدادات لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في موعده المقرر في الـ20 من نوفمبر 2024".