بعد افتتاح كردستان لسد چمرگه.. لجنة نيابية توجه سهام الانتقاد وتحذر من كارثة خطرة على العراق
ابتزاز بغداد هو الهدف
بعد افتتاح كردستان لسد چمرگه.. لجنة نيابية توجه سهام الانتقاد وتحذر من كارثة خطرة على العراق
انفوبلس/..
تتواصل الانتقادات والمخاوف من إقدام إقليم كردستان على إنشاء سدود جديدة، فيما تحذر لجان نيابية من كوارث قد تحل على البلاد نتيجتها، في وقت لم تستبعد فيه المساومات المائية التي قد تبدر مستقبلاً من الإقليم الواقع أقصى شمالي البلاد، لاسيما مع النظر إلى أن المشروع جاء رداً على تشديد الحكومة الاتحادية بإطلاق أموال كردستان.
*الافتتاح
قبل يومين، أكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أن بناء السدود في الإقليم خطوة نحو الاستفادة المثلى من الموارد المائية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مراسيم افتتاح سد چمرگه في منطقة قشتبة بمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، مؤكدا أن بناء هذا السد يأتي في إطار برنامج حكومة الإقليم لتطوير الاستفادة من الموارد المائية.
وأوضح بارزاني، أن الحكومة نفذت بناء عدة سدود كبيرة وصغيرة في مناطق مختلفة من الإقليم، مؤكداً على مواصلة هذه الجهود لتحقيق أهداف متعددة، أهمها منع التأثيرات السلبية للفيضانات التي تهدد حياة المواطنين في بعض المناطق.
وأشار بارزاني إلى، أن هذه السدود تلعب دوراً مهماً في دعم الفلاحين والمزارعين في إقليم كردستان، بالإضافة إلى توفير فرص سياحية للمواطنين في بعض المناطق.
وأكد، أن السدود تساهم أيضاً في توفير المزيد من الطاقة، مشدداً على أهمية الاستفادة القصوى من المياه السطحية وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية التي بدأت تتناقص بشكل خطير.
وأضاف بارزاني، أن "هذه الثروات الطبيعية ليست لنا فقط، بل للأجيال القادمة أيضاً، لذا يجب علينا الحفاظ عليها والاستفادة منها بأفضل الطرق الممكنة".
وأعرب عن سعادته برؤية انتهاء مشروع سد چمرگه، مؤكداً أن حكومة الإقليم تولي أهمية كبيرة للاستفادة من المياه بطريقة مستدامة وفعالة.
*محتوى المشروع
وبحسب شركة هابيكا للمقاولات العامة، فإنه يقع سد جمركه في محافظة أربيل، وهو عبارة عن سد ترابي بارتفاع 17م وطول 250 متراً، وعرض عند القمة 7 أمتار، أما سعة بحيرة السد 1.5 مليون متر مكعب.
ووفق الشركة، سيستخدم السد لري الاراضي الزراعية أسفل السد، كما يستخدم لتأمين مياه الشرب للقرويين القريبين منه ومواشيهم، كما يمكن استخدام بحيرة السد كمزرعة لتربية الأسماك.
*انتقاد
وفي هذا الصدد، انتقدت لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية، خطوة حكومة اقليم كردستان بإنشاء سد اروائي للمياه سيلحق الضرر بمحافظات البلاد الاخرى، مشيرة إلى ان هذه الخطوة تدل على ان كردستان تتعامل مع العراق وكأنها دولة مجاورة.
وفي هذا الشأن، ذكر عضو اللجنة ثائر مخيف، أن “اقليم كردستان، وفي اكثر من مرة يحاول الضغط على الحكومة الاتحادية من اجل الحصول على مطامع اضافية، حيث تتعامل حكومة الاقليم مع الحكومة الاتحادية وكأنه دولة منفصلة ولها حدود مستقلة عن العراق، وهذا ما يظهر ويتضح من خلال تصريحات واحاديث النواب والمسؤولين الكرد”.
واضاف، أن “لجنة المياه النيابية، زارت في وقت سابق محافظة اربيل والتقت بالمحافظ والمسؤولين وكان حديثه واضحا بما يتعلق بمشروع السد”، مؤكداً ان “المشروع وبحسب كلام المحافظ، جاء رداً على تشديد الحكومة الاتحادية باطلاق اموال كردستان، وهذا ما دفع باللجنة إلى الضغط لايقاف المشروع آنذاك الا ان حكومة الاقليم لم تلتزم بقرارات الحكومة الاتحادية”.
واردف مخيف، أن “كردستان، ستستغل ملف المياه للضغط على بغداد شأنها كشأن الدول المجاورة وبالأخص تركيا، للحصول على بعض المصالح ومن بينها الاموال”، مشيراً الى ان “هناك انواعا من السدود يتم انشائها ومن بينها السدود الاروائية التي تعد اخطر السدود وهذا ما عملت على تنفيذه حكومة الاقليم لغرض سقي الاراضي طوال الزمن، على عكس من السدود الاخرى الخاصة بخزن المياه في فترة الفيضانات والكوارث”.
وتابع، أن “مشروع سد چمرگه، سيمنع من تدفق المياه نحو المحافظات الاخرى، الامر الذي يعد انتهاكاً من قبل حكومة كردستان على حقوق محافظات الوسط والجنوب، وسيكون له تأثيراً بالغاً وكبيراً جداً”.
*6 سدود
وفي 22 حزيران من العام المنصرم، أكدت حكومة إقليم كردستان، دخول 6 سدود بالإقليم حيز التنفيذ، لمواجهة الجفاف، لافتة إلى جهود مبذولة بهذا الشأن للتنسيق من خلال اللجان الفنية والوفود التفاوضية في البرلمان والحكومة العراقية.
وقال مدير عام السدود في وزارة الزراعة والموارد المائية، في حكومة الإقليم، رحمن خاني، في بيان، إن "الاستمرار في إنشاء السدود يعد من المبادئ الأساسية التي تعمل عليها التشكيلة الوزارية التاسعة لحكومة إقليم كردستان، لتعزيز البنية التحتية والحفاظ على الثروة المائية".
وأوضح، أن "4 سدود بسعة تخزينية تبلغ 30 مليون متر مكعب تم الانتهاء من إنشائها العام الماضي، انتهى العمل بها وهي سد جمركة في أربيل، وسد ديوانه في السليمانية، وسد خنس في دهوك"، بالإضافة إلى "سد تورجار في كرميان".
وبين، أن "تنفيذ السدود في إقليم كردستان حقق خطوات جيدة، وفي أواخر 2021، حيث تم تخصيص الميزانية لإنجازها، وشملت سدود زلان، وجقجق-2، وديوانه في السليمانية، وسدي خورنوزان، وتوجار في كرميان، وكذلك سدود جمكرة، وبانوي طالبان، وشوكير، وكومسبان، ونازنين، وآقوبان في أربيل، وسدود خنس وسبندو وكلي في دهوك".
وأضاف خاني، أن "عام 2022 شهد استئناف العمل في أربعة سدود، وتم إنجاز نسبة كبيرة من العمل في سد كومسبان، بسعة تخزينية 97 مليون متر مكعب في أربيل، وسد شوكير بسعة تخزين 2 مليون متر مكعب في كويا، وسد آقوبان بطاقة تخزينية تبلغ 2 مليون متر مكعب في أربيل".
وزاد قائلاً، إن "سد سبندو بسعة تخزينية 2 مليون متر مكعب في دهوك، والسدود التي دُشنت في أوائل عام 2023 هي سد بانوي طالبان بسعة تخزينية 3 ملايين متر مكعب، وسد نازنين بسعة تخزين 2 مليون متر مكعب".
وأشار إلى، أن "الحكومة العراقية بدأت منذ عام 2014 بإنشاء العشرات من سدود التخزين الكبيرة والصغيرة والطاقة الكهرومائية ضمن المخطط الرئيسي ماستر بلان والدراسة الاستراتيجية للمياه والأرض، وهي خطة ستستمر حتى عام 2035، جزء كبير منها في كوردستان بما ينسجم مع خطة إقليم كردستان".
ولفت إلى، أنه "ثمة جهود مبذولة بهذا الشأن للتنسيق من خلال اللجان الفنية والوفود التفاوضية في البرلمان والحكومة العراقية، وفي عام 2022، تم عقد سلسلة اجتماعات بين وزيرة الزراعة والموارد المائية، ورئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية العراقية ووزير الموارد المائية في الحكومة الاتحادية بشأن إعادة تأهيل السدود الكبرى وإنشاء سد استراتيجي جديد، حسب الخطة في إقليم كوردستان".
وأضاف، أن "إنشاء السدود الصغيرة لغرض حل مشاكل الجفاف وتجميع مياه الأمطار كان موضوعا آخر للمباحثات، ومن الأمثلة على السدود التي جرى النقاش بشأنها هي سد منداوة بسعة تخزينية 330 مليون متر مكعب في أربيل".
واسترسل خاني قائلاً: "سد دلكة بسعة تخزين 100 مليون متر مكعب في السليمانية وسد طقطق بسعة تخزين 1000 مليون متر مكعب في كويسنجق، وسد باكرمان بقدرة تخزينية تبلغ 500 مليون متر مكعب في دهوك، فضلا عن "سد كلار (بردسور) بسعة تخزين 170 مليون متر مكعب".
*عواقب كارثية
في السياق، حذرت لجنة الزراعة والمياه النيابية، من العواقب الكارثية بشأن استمرار الإقليم بإنشاء السدود والمحطات الكهربائية على نهر دجلة.
وطالب عضو اللجنة النائب رفيق الصالحي في تصريح صحفي "الحكومة ووزارة الموارد المائية بالتدخل لمنع الإقليم من إنشاء سدود صغيرة ومتوسطة في الإقليم لأنها ستتسبب بكارثة مائية للوسط والجنوب".
وقال، إن "العراق يعاني من أزمة حقيقية جراء منعه من حصته المائية وفق القوانين الدولية، وما زاد الطين بلة أن الإقليم شرع ببناء سدود صغيرة ومتوسطة خارج نطاق الخطة الاتحادية في توزيع المياه بشكل عادل لعموم العراق".
ابتزاز بغداد بمساعدة أنقرة
مراقبون أكدوا أن تلك المشاريع والسدود، ورغم ظاهرياتها الإيجابية، إلا أنها تأتي ضمن مخطط بعيد الأمد لابتزاز العراق ماليا من قبل الإقليم وسلطاته بالتنسيق مع تركيا الدولة التي تقطع الماء على العراق منذ أعوام وتبتزه لتنفيذ أجندات خاصة على الأراضي العراقية.
ويضيفون، أنه يمكن ملاحظة أن أربيل تعمل على موضوع السدود على الروافد التي تصبّ في دجلة جميعها وعلى نهر دجلة ذاته، ولابد أن الجهد المنظَّم منذ الخطة الأولى لإنشاء 13 سداً على دجلة وروافده الذي أصبح واقعاً عملياً الآن بعد أن كان مشروعا على الورق فقط، يُخفي خلفه موقفا سياسياً واقتصاديا حاسماً سيكون له دور في الهيمنة على السياسة العراقية وتعطيش المنطقة الجنوبية والوسطى.. فأين تختفي حكومة بغداد والبرلمان العراقي من هذا الموضوع الحيوي؟
لقد باتت ندرة المياه قضية تؤرّق السياسيين والاقتصاديين وبعض أعضاء مجلس النواب والباحثين بقضايا المياه، وذلك في ضوء عدم كفاية الموارد المائية المتاحة لسدّ احتياجات السكان، الذين يتزايدون باضطراد وأيضا في ضوء مخططات دول الجوار الجغرافي لحرمان العراق من نصيبه القانوني من مياه الأنهار المشتركة، وهذا ما قد يُفضي إلى صراعات سياسية وربما عسكرية مستقبلا على هذا المورد.
ويعاني العراق من ضعف إدارة الموارد المائية، وعدم سبق النظر بتوقعات المتغيرات المناخية وقلة واردات المياه أثّر بشكل مباشر على الأمن المائي العراقي، فضلا عن ضعف التوعية المائية للمواطنين، وعدم ترشيد استهلاك المياه بسبب رخص أثمانها، وجميعها عوامل اختلال الأمن المائي.
سيُعاني العراق من موضوع نوعية المياه وكميتها، بسبب تلوثها وعدم قيام دولة المنبع (تركيا) بمعالجة المياه الراجعة من المشاريع الصناعية والزراعية العالية الملوحة، قبل وصولها إلى مجاري نهري دجلة والفرات.