بنادق مطلية بالذهب وأموال لشيوخ عشائر!.. انفوبلس ترصد حديث عن هبات ثمينة من رئيس الوزراء
انفوبلس/ تقرير
بالتزامن مع تصدر ملف النزاعات العشائرية في العراق، اهتمامات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع استمرار وقوع الضحايا من القتلى والجرحى في المحافظات الجنوبية والوسطى نتيجة النزاعات العشائرية المسلّحة، ظهر حديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن قيام القائد العام للقوات المسلحة، بإهدائه بنادق مرصّعة بالذهب لشيوخ عشائر مع مبالغ مالية، فما القصة؟
يُعد ملف النزاعات العشائرية، من أبرز القضايا التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولاً جذرية، حيث يستمر تسجيل ضحايا ومصابين في المحافظات الجنوبية والوسطى، والتي تستدعي في بعضها تدخل قوات أمنية لفضّها.
*حديث مواقع التواصل الاجتماعي
يقول المدون علي الجنوبي في تغريدة في منصة أكس (تويتر سابقا) تابعتها شبكة، "مو بس المالكي يوزع مسدسات بحكومته السوداني هم، بس بنادق مرصعة بالذهب!". كما أرفق التغريدة بصورة للسلاح المُهدى.
كما كتبت المدونة عواطف مجيد الموسوي في تغردية أيضاً، "محمد شياع السوداني يلتقي مع (لو*كيه) شيوخ العشائر في ميسان، الهدام جان هم يلتقي بشيوخ العشائر وتم تسليم كل شيخ م س د س وسيارة وكانوا هم المفضلين لديه والآن نفس الحال.. محمد شياع البعثي قبل كم اليوم موزع لشيوخ العشائر ظرف بي 25$ ورقة إضافة إلى كلاشنكوف مطليه بالذهب".
أما حساب المقدس مرجعي على منصة "أكس"، فكتب تغريدة تابعتها شبكة، "على طريقة صدام حسين، محمد شياع السوداني يهدي شيوخ العشائر قطع سلاح مذهبة".
كما ذكرت حسابات أخرى في تغريدات، "على الطريقة البعثية الصدامية: محمد شياع السوداني يُهدي شيوخ العشائر قطع سلاح مذهبة بدلاً من سحب سلاحهم لتخليص المجتمع من آفات الاقتتال العشائري الهمجي في أي لحظة خلاف او نزاع فيما بينهم !!".
وبعد تدقيق مراجعة فريق شبكة "انفوبلس" للحداث واللقاءات الحكومية، تبين أن القصة تعود الى لقاء رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بجمع من شيوخ ووجهاء وممثلي مكونات محافظة ميسان وذلك في 20 تموز/ يوليو 2024.
وبحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، فقد استقبل الأخير يوم 20 تموز/ يوليو 2024، جمعاً من شيوخ ووجهاء وممثلي مكونات محافظة ميسان، مشيراً ـ السوداني ـ إلى المواقف المشرفة للمحافظة في تاريخ العراق وتضحيات أبنائها، كما أكد اطلاعه على واقع المحافظة وما عانته طيلة عقود من الزمن، سواء قبل 2003 حين قدمت الشهداء والمهجرين، أو ما بعدها حين ساهمت بتثبيت العملية السياسية وأعطت التضحيات، خصوصاً في الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء – بحسب البيان - أن ميسان لديها موارد طبيعية وبشرية كبيرة تؤهلها لكي تكون محوراً اقتصادياً مهماً، وهي في الوقت نفسه تشهد نمواً سكانياً يتطلب استدامة المشاريع الخدمية فيها، مؤكداً العمل على تحديد أولويات المحافظة لدعمها، والتواصل المباشر مع السيد المحافظ لمتابعة المشاريع التي أُدرجت ضمن الخطة، وستتم المباشرة بها تباعاً، بالإضافة إلى العمل على إدامة المشاريع النفطية واستثمار الغاز، وآخرها افتتاح محطة المعالجة التي ستؤسس لجملة مشاريع ستكون فاتحة خير لأبناء المحافظة.
وشدد السوداني على "دور شيوخ ووجهاء ميسان في استدامة الأمن والاستقرار ودعم مؤسسات الدولة"، مشيراً إلى "ما تمرّ به المنطقة من انعطافات خطيرة، وحفاظ الحكومة على التوازن في العلاقات وإدامة الأمن، مثلما حافظت على المواقف المبدئية ممّا يجري في غزة من عملية إبادة جماعية".
وبيَّن، أن العشيرة تشكل مكوناً اجتماعياً نفتخر به وصمام أمان للبلد، ومساندة للدولة منذ تأسيسها، ولا يمكن تقييمها من خلال تصرفات بعض أفرادها، معبراً عن ثقته الكبيرة بالشيوخ والوجهاء المتصدّين للمسؤولية، في مواجهة مختلف المشاكل ومبادرتهم لحلِّها قبل أن تبادر أجهزة الدولة بإجراءاتها. كما استمع رئيس مجلس الوزراء إلى طلبات الشيوخ والوجهاء المتعلقة بالجوانب الخدمية والإدارية للمحافظة، ووجه بمتابعة وحلِّ جميع الإشكالات التي تعترض الارتقاء بالواقع الخدمي لأبناء المحافظة.
كما لم يذكر أو يتطرق البيان الحكومي عن قضية البنادق المطلية بالذهب التي تم إهداؤها الى شيوخ عشائر في ميسان خلال اللقاء مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بالإضافة الى أنه لم يرد أي توضيح حكومي أو بيان حول المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي.
يشار الى أن السوداني ليس رئيس الوزراء الأول الذي يقوم بإهداء شيوخ عشائر قطع سلاح، بل فعلها نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون حاليا، وكذلك رئيس النظام البائد المقبور صدام حسين قبل عام 2003.
كما كان نوري المالكي الأبرز في هذه القضية حيث قام عندما كان رئيساً للوزراء، وكما يُذكر أنه بدأ حملة سابقاً لتوزيع هدايا ضخمة كالمسدسات الصربية والعباءات العربية والعطور الفاخرة وقطع القماش الثمينة واللابتوبات. وقد أثار توزيع الآلاف من المسدسات حفيظة الكثيرين آنذاك.
وبحسب مراقبين تحدثوا لشبكة "انفوبلس"، فإن المعلومات التي تتحدث عن إهداء شيوخ عشائر سلاح مطليّ بالذهب وأموال من قبل رئيس الوزراء، بالتأكيد ستخلف حملة انتقادات كبيرة لمحمد شياع السوداني بسبب أن العراق فيه عاطلون عن العمل كثيرين وفقراء وعند سماع ذلك سيغضبون بشكل مؤكد، مشيرين الى أن تصرف السوداني لم يكن موفقاً أبداً خصوصا في هذا التوقيت.
وللحد من النزاعات العشائرية التي تُسجل في محافظات العراق كلها، خصوصاً في الجنوب والوسط، والتي توقع ضحايا وتؤثّر على السلم المجتمعي، أطلقت وزارة الداخلية، وثيقة "العهد العشائري" المتضمّنة 7 بنود مهمة، سلطت شبكة "انفوبلس"، الضوء على أسرار وفحوى هذه الوثيقة وردود الفعل في تقرير سابق.
ووفقاً لإحصاء لدائرة الطب العدلي اطلعت عليه "انفوبلس"، فقد تسببت النزاعات العشائرية بقتل وإصابة 3000 شخص من مختلف المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان، خلال النصف الأول فقط من عام 2023، بينهم 120 امرأة.
وكانت السلطات الأمنية قد عدَّت، في وقت سابق، "الدكّات العشائرية" بأنها من الجرائم الإرهابية، مشددة على ضرورة التعامل مع مرتكبيها بحزم، فيما يُعد السلاح المنفلت في العراق واحداً من أخطر مشكلات البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. ومنذ عام 2005 وحتى اليوم، رفعت الحكومات العراقية شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، فيما لا يبدو أن هناك خطوات فعّالة لتنفيذه.
وينبّه الناشط المدني علي العبودي إلى أن حياة المواطنين أصبحت مهدّدة في محافظات جنوبي العراق بسبب النزاعات العشائرية المستمرة، مشددًا على ضرورة الحد منها. ويوضح أن عوامل عدة أدَّت إلى هذه الظاهرة، كقلة الوعي، والجهل السائد عند بعض الأشخاص، إضافة إلى الأنانية، وشعور بعض الشيوخ بالكبرياء خاصة ممن يظنون أن رفع السلاح بوجه الآخرين مصدر قوة وبقاء على عرش المشيخة. وفق قوله.
بدوره، يقول الحقوقي حازم البدري "إن القرار الوحيد الذي يُمكّن البلاد من التخلّص من النزاعات العشائرية هو سحب السلاح من يد العشائر، وحصره بيد الدولة"، مؤكدًا "أن وجود السلاح المتوسط والثقيل بيد المدنيين يهدّد أمن البلاد والسلم المجتمعي".
ويعتقد خبراء أمنيون، أن "المواطن لا يلجأ لمراكز الشرطة لكونه يعلم أنه سوف يخسر أكثر مما يربح وستطول جداً فترة حسم القضية وتطول قائمة الطلبات والمتطلبات والكثير من الأمور تدفع المواطن لعدم اختيار مركز الشرطة لأخذ حقه بل يتوجه لشيخ العشيرة، ونحن نتأمل من وزير الداخلية معالجة هذه المسألة والتي سوف تحد كثيراً من النزاعات العشائرية".
كما لا يوجد إحصاء دقيق يحصي عدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن وفق آخر إحصائية عن أعداد قطع السلاح المنتشرة في الدول العربية، حلّ العراق في المرتبة الثانية بعد اليمن وتشير التقديرات عن أرقام متفاوتة ما بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف.
خطة لنزع السلاح
في بداية عام 2024، أطلقت الحكومة العراقية مشروعاً لشراء الأسلحة من المواطنين في محاولة منها لحصر السلاح، إلا أن الحملة قوبلت بتجاوب ضعيف من المواطنين لتقرر الحكومة على إثرها زيادة المبالغ المالية المقدمة للمواطنين مقابل تسليم أسلحتهم.
وقال المتحدث باسم اللجنة الوطنية المكلفة بالحملة الحكومية زياد القيسي، إن "الحكومة رفعت قيمة أسعار السلاح الثقيل والمتوسط مقابل تسليمه"، مبيناً أنها "وصلت إلى أكثر من 6 ملايين دينار مقابل السلاح الواحد المتوسط والثقيل من مدافع الهاون".