بيانات وإحصاءات رسمية توثق مشاركة تاريخية خلال زيارة الأربعين في كربلاء المقدسة

انفوبلس.. 

في مشهد يختزل الإيمان والإنسانية، شهدت محافظة كربلاء المقدسة خلال زيارة الأربعين لهذا العام توافد ملايين الزائرين من مختلف أنحاء العراق والعالم، وسط جهود حكومية وخدمية وأمنية وتنظيمية غير مسبوقة لتأمين وانسيابية حركة هذا الحدث المليوني. 

وقد كشفت مؤسسات الدولة وهيآت رسمية متعددة عن سلسلة من الإحصاءات والبيانات التي تعكس حجم التحدي والإنجاز في إدارة واحدة من أضخم التجمعات البشرية على مستوى العالم.

مؤشرات الاتصالات وحركة البيانات

أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، السبت، عن الأرقام الرسمية لحركة الاتصالات وتبادل البيانات في كربلاء للفترة الممتدة من الأول إلى العشرين من شهر صفر.

ووفقاً لرئيس الهيئة نوفل أبو رغيف، فإن عدد المكالمات الهاتفية بلغ أكثر من 277 مليون مكالمة، توزعت بين 272 مليون مكالمة محلية و4.4 ملايين مكالمة دولية، وهو رقم يعكس الزخم الكبير في التواصل بين الزائرين وذويهم داخل العراق وخارجه.

كما سجلت شركات الهاتف النقال إرسال أكثر من 47 مليون رسالة نصية، بينها 38.5 مليون محلية و8.6 ملايين دولية.

أما في مجال الإنترنت، فقد بلغ حجم استهلاك البيانات ما يقارب 17,977 تيرابايت، توزعت بين تطبيقات التواصل الاجتماعي، إذ تصدّر تطبيق تيك توك القائمة باستهلاك بلغ 3,812 تيرابايت، يليه فيسبوك بـ2,463 تيرابايت، ويوتيوب بـ1,628 تيرابايت، ثم واتساب بـ867 تيرابايت، فيما استهلك تيليغرام نحو 337 تيرابايت وإنستغرام نحو 220 تيرابايت.

هذه الأرقام، بحسب الهيئة، تعكس حجم التفاعل الاتصالي الاستثنائي الذي تشهده الزيارة الأربعينية سنوياً، وتؤكد الحاجة إلى تطوير مستمر للبنى التحتية للاتصالات، خصوصاً في ذروة المواسم الدينية.

خدمات وزارة الاتصالات

وزيرة الاتصالات هيام الياسري أعلنت من كربلاء عن إطلاق حزمة واسعة من الخدمات المجانية، شملت توفير الإنترنت على طول الطرق المؤدية إلى كربلاء، ودعم مراكز إرشاد التائهين بشبكة ألياف ضوئية، فضلاً عن تقديم خدمات مجانية لوزارات الداخلية والحشد الشعبي وهيئة المنافذ الحدودية.

كما عملت الوزارة على ربط الشبكات العراقية بنظيراتها في إيران لتأمين مكالمات مدعومة للزوار الإيرانيين، مع دعم شركات الهاتف النقال بسعات دولية إضافية.

ولم تقتصر الجهود على الاتصالات فحسب، بل خصصت الوزارة أكثر من 150 عجلة خدمية لدعم الزائرين، إلى جانب إصدار طوابع بريدية خاصة بالزيارة وواقعة الطف، وهي خطوة رمزية لنقل رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العالم.

وخلال جولتها في كربلاء، وجهت الوزيرة بزيادة آلاف المسارات من الألياف الضوئية لمداخل ومخارج المحافظة، إضافة إلى إطلاق التشغيل التجريبي للتوقيع الإلكتروني، في خطوة تؤسس لبيئة رقمية متطورة تدعم مشروع "الرخصة الوطنية للهاتف النقال" المقرر انطلاقه من النجف وكربلاء وبغداد.

مساهمة الحشد الشعبي

المديرية العامة لتكنولوجيا المعلومات في الحشد الشعبي أعلنت عن تقديم أكثر من 96 مليون خدمة مجانية للزائرين، شملت نحو 479 ألف اتصال محلي ودولي مجاني، واستخدام الإنترنت لأكثر من 96 مليون مرة، إضافة إلى خدمة الاستجابة السريعة التي استفاد منها أكثر من 11 ألف زائر.

وأكدت المديرية أن هذه الخدمات التقنية كانت جزءاً من خطة شاملة بالتنسيق مع المؤسسات الأمنية والخدمية، بهدف ضمان تواصل الزائرين مع عائلاتهم وتسهيل تنقلهم.

23 مليون زائر عراقي

مجلس محافظة كربلاء أعلن أن أعداد الزائرين المحليين بلغت حوالي 23 مليون شخص، مع بدء التفويج العكسي صباح الجمعة الماضية. وأكدت أمين سر المجلس، غفران الشمري، أن خطة النقل شهدت نجاحاً ملحوظاً بفضل مساهمة أسطول من المركبات الحكومية والخاصة، مع انسيابية واضحة لم يسبق لها مثيل.

وأضافت الشمري أن عدد المواكب الخدمية ارتفع إلى 15 ألف موكب مقارنة بـ12 ألفاً العام الماضي، مشيدة بدور القوات الأمنية وطلاب الكلية العسكرية في دعم الخطة الأمنية.

أربعة ملايين زائر أجنبي

وزارة الداخلية أعلنت بدورها أن العراق استقبل أكثر من 4 ملايين و100 ألف زائر أجنبي من 140 جنسية مختلفة، ليشاركوا في مراسم الأربعينية هذا العام. وشملت الوفود زائرين من إيران، باكستان، الهند، دول الخليج، وأعداد متزايدة من أوروبا وأمريكا اللاتينية.

وتحولت كربلاء في يوم 20 صفر إلى لوحة إنسانية عالمية، حيث اجتمعت مختلف الشعوب واللغات والثقافات تحت راية واحدة، في مشهد يعكس البعد الأممي للزيارة الحسينية.

الجهود الأمنية والخدمية

المتحدث باسم وزارة الدفاع، اللواء تحسين الخفاجي، أكد أن الخطة الأمنية لهذا العام كانت ناجحة، حيث لم تسجل أي خروقات تذكر، مشيراً إلى استمرارها حتى مغادرة آخر زائر. وقد خصصت القوات الأمنية أكثر من 1300 عجلة نقل و65 سيارة إسعاف و110 عجلات استسقاء لدعم الزائرين.

وفي قطاع النقل، أعلنت الشركة العامة للسكك الحديدية تسيير أكثر من 80 رحلة خاصة من بغداد والبصرة إلى كربلاء، مع تعديل الجداول لتفادي الازدحام وضمان انسيابية حركة الزائرين.

أما وزارة الصحة فأكدت أن الوضع الصحي كان تحت السيطرة الكاملة، بفضل جهود آلاف المتطوعين والأطباء من داخل العراق وخارجه، إضافة إلى دعم الهلال الأحمر العراقي والإيراني.

التغطية الإعلامية

لم يقتصر الحضور المليوني على الزائرين فحسب، بل واكبه حضور إعلامي كثيف، إذ أعلن محمد علي أنوشه، مسؤول لجنة الإعلام في العتبات المقدسة، عن مشاركة أكثر من 4,700 إعلامي وصحفي ومصور من داخل العراق وخارجه في تغطية الزيارة.

وأوضح أن الإعلاميين رافقوا مواكب المشاة ونقلوا الأجواء الروحية والخدمية رغم الظروف المناخية الصعبة، ليسهموا في إيصال رسالة الأربعين إلى العالم بأسره.

وعلى مدار السنوات الماضية، أثبتت الزيارة الأربعينية أنها حدث استثنائي بكل المقاييس، يجمع بين البعد الديني والاجتماعي والإنساني. هذا العام، ومع تسجيل أرقام غير مسبوقة في أعداد الزائرين وحجم البيانات المتداولة، تبرز قدرة العراق على إدارة حدث يوازي في ضخامته أكبر التجمعات البشرية عالمياً.

وبينما يرى مراقبون أن حجم التحديات الأمنية والخدمية واللوجستية هائل، إلا أن التعاون بين مختلف مؤسسات الدولة والمتطوعين والهيآت الدينية أرسى نموذجاً فريداً للتنظيم والإدارة.

وفي الوقت الذي يغادر فيه الزائرون كربلاء، يبقى صدى أرقام هذا العام دليلاً على أن رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، لتجسد معاني التضحية والحرية والعدل في أوسع صورها.