تأجيل محاكمة قاسم راشد بعد تهريب "أحمد شايع".. مَن يضغط لإغلاق الملف؟ وماذا يحدث في أوامر الداخلية المتضاربة؟
انفوبلس/ تقرير
بعد الأجواء الساخنة التي مرّت بها محافظة البصرة مؤخراً، إثر هروب المتهم "أحمد الشايع"، قررت محكمة قوى الأمن الداخلي، تأجيل محاكمة قائد شرطة البصرة السابق، اللواء قاسم راشد زويد، الذي أُعفي من منصبه بعد حادثة هروب "شايع" من أحد سجون المحافظة، ما أثار تساؤلات عن الجهات التي تضغط من أجل إغلاق الملف.
ولا تزال حالة الصدمة والذهول تسود الأوساط الشعبية العراقية، بعد هروب المتهم "أحمد عبد الواحد الشايع" من أحد سجون البصرة، وذلك كون الأخير يُعد من أخطر المطلوبين للقضاء ومتهماً بقضايا عديدة، في وقت يجري الحديث عن وجود ثغرات كبيرة في وزارة الداخلية.
*تأجيل محاكمة "قاسم راشد"!
وبحسب وثيقة حصلت عليها شبكة "انفوبلس"، فإن محكمة قوى الأمن الداخلي التابعة الى وزارة الداخلية، قررت تأجيل محاكمة قائد شرطة البصرة السابق، اللواء قاسم راشد زويد، مشيرة الى أنها أبقت على قرار إحضاره على خلفية قضية تهريب أحمد شايع.
وأشارت الوثيقة صادرة من رئيس المحكمة اللواء الحقوقي أحمد شاكر جعفر الى أنه "تقرر الرجوع عن أمر القبض الصادر بحق قائد شرطة البصرة السابق اللواء قاسم راشد لاتخاذ ما يلزم وتأمين إحضاره في الموعد المحدد".
وكان النائب عن محافظة البصرة فالح الخزعلي، أعلن الأربعاء 6 مارس/ آذار 2024، صدور أمر بإلقاء قبض بحق قائد شرطة محافظة البصرة السابق اللواء قاسم راشد. وقال الخزعلي في تدوينة عبر منصة (اكس) إن "أحمد شایع مازال هو ومَن هرَّبه خارج القضبان، بالإضافة الى مصالح أحمد شايع ومَن يحميه في مشاريع الفاو مازالت قائمة".
وأضاف، "تم صدور أمر قبض بحق قائد الشرطة لعدم حضوره للمحكمة"، لافتاً الى أن "نور زهير ثبت عليه 4 تريليونات شافطهن ومازال طليقا"، مبيناً أن "النائب هادي السلامي النزيه المخلص في الحبس".
يشار الى أن تم تكليف اللواء لطيف عبد الرضا السعد بمنصب قائد شرطة محافظة البصرة خلفًا للقائد السابق اللواء قاسم راشد، يوم السبت الماضي، وفق مصادر أمنية تحدثت لـ"انفوبلس".
وبحسب مصادر أمنية، فإن المجلس التحقيقي المشكَّل ضد "قاسم راشد" هو بسبب تأخره بإبلاغ قادة الداخلية عن هروب المتهم أحمد شايع، حيث إن الأخير هرب في الساعة الثالثة فجرا بينما أبلغ قائد شرطة البصرة قادة الوزارة بالأمر عند الساعة الواحدة ظهرا أي بعد أكثر من سبع ساعات من وقت هروب المتهم.
في السياق، أكد المحلل السياسي صباح زنكنة، أن هروب المتهم بقتل مدير شركة دايو أحمد شايع، يؤشر وجود خلل في قيادة شرطة البصرة، مبينا أن هناك مَن تواطأ مع هروبه من مركز الشرطة الذي كان محتجزاً فيه، لافتا الى أن جميع الضباط والمنتسبين في مركز الشرطة الذي هرب منه شايع، يجب أن يُحقَّق معهم لمعرفة كل المنتسبين والضباط الذين تواطأوا لتهريب شايع".
واللواء قاسم زويد تم تكليفه بقيادة شرطة البصرة من قبل حكومة الكاظمي على الرغم من وجود قيد جنائي بحقه، بحسب وثيقة حصلت عليها شبكة "انفوبلس"، صادرة من النائب عدنان الجابري.
*تخبط في وزارة الداخلية
وبحسب خبراء أمنيين، فإن حادثة هروب المتهم "أحمد عبد الواحد الشايع" كشفت عن وجود ثغرات كبيرة في وزارة الداخلية وتخبطات في اتخاذ القرارات، كما أن "أحمد شايع" يتمتع بنفوذ قوي جدا في البصرة، ويملك علاقات وطيدة مع كبار المسؤولين والقادة الأمنيين هناك، كما أنه معروف على مستوى العراق بدعمه لمحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني وهذا ما جعل متابعين يرَون بأن هذا الدعم هو مَن سهّل عملية هروبه من السجن.
مَن يحاول إغلاق ملف هروب أحمد "الشايع"؟
تقول مصادر أمنية رفعية المستوى من محافظة البصرة لـ"انفوبلس"، إن هناك جهات معروفة تحاول إغلاق ملف هروب المتهم بقتل مدير شركة دايو الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو، وهي المحافظ أسعد العيداني والتيار الصدري، لكن لا أحد يكشف هذا خوفاً من الملاحقة.
*علاقة سرايا السلام
وثّقت كاميرات CCTV دخول علي جواد الرويمي الذي يحمل صفة آمر في سرايا السلام، الى غرفة ضابط مركز شرطة الجمهورية بمحافظة البصرة قبل تهريب السجين أحمد شايع. وما إن انتشر المقطع المصور، حتى ضجَّت وسائل إعلام تابعة للتيار الصدري، بالتبرؤ من الرويمي، قائلةً إنه لا ينتمي للسرايا وإنه معاقَب.
لكن كتاب صادر عن جهاز الأمن المركزي لسرايا السلام، وتحديداً في 17 تشرين الأول 2023، جاء في مضمونه: "تقرر إلغاء العقوبة الصادرة بحق المقاتل علي جواد الرويمي ولا يترتب أي أثر على العقوبة السابقة".
وأفادت مصادر مطلعة لـ"أنفوبلس"، بـ"صدور مذكرة قبض بحق علي جواد الرويمي المتهم بتهريب أحمد شايع".
وقد كان "شايع" يتواجد في دولة الإمارات وفي محافظة البصرة ويلتقي بكبار المسؤولين والقادة الأمنيين رغم صدور عشرات أوامر القبض بحقه.
علاقة شايع بمحافظ البصرة ليست خفية، بل إنه استمات بالدفاع عن الأخير وكثيرا ما كان يلتقي به في الخفاء وفق ما يقوله شهود عيان والذين عبّروا من استغرابهم من عدم تنفيذ أوامر القبض بحق شايع قبل أن يفهموا ويتداركوا بأن علاقته بالمحافظ وكبار المسؤولين كانت تحول دون تحقيق ذلك.
لعلّ أبرز التهم التي يواجهها "أحمد شايع في البصرة هي قتل مدير شركة دايو الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو، حيث إن الأمن الوطني حصل على هواتف (أحمد شايع) التي تثبت تواصله مع كبار المسؤولين، فضلاً عن تواصله المستمر مع المدير العام للشركة العامة للموانئ فرحان الفرطوسي".
*تفاصيل الهروب
وكشفت وزارة الداخلية، يوم الاثنين (19 شباط 2024)، تفاصيل هروب احمد شايع، من السجن بأحد مراكز الشرطة في محافظة البصرة.
وذكرت الوزارة في بيان، أن "بعض مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت أنباء عن (هروب متهم بقتل مدير شركة دايو في محافظة البصرة)"، مبينة أن "المتهم الهارب ليس له أي علاقة بهذا الموضوع مطلقاً، حيث كان المدان الهارب محكوماً وفق أحكام المادة 412 من قانون العقوبات العراقي لمدة سنتين".
وتابعت، إن "هذا المتهم يعاني من فشل كلوي وكان يعالَج في إحدى المستشفيات القريبة من مركز الشرطة الذي كان محتجزاً فيه، وأن عملية تلقيه العلاج كانت بقرار قضائي، إذ استغل هذا الأمر ومن خلال تواطؤ أحد الضباط تمكن من الهرب أثناء خروجه للعلاج"، موضحة أن "الأجهزة الأمنية المختصة ضمن قيادة شرطة محافظة البصرة، شرعت بعمليات بحث وتفتيش عن المتهم والضابط الذي ساعده على الهرب كما شكلت مجلساً تحقيقياً في هذا الحادث".
كما حصلت "انفوبلس" على وثيقة سابقة بتاريخ 30 كانون الثاني 2024، تؤكد تشكيل مجلس تحقيقي بحق ضابط مركز شرطة الجمهورية "محمد نوري" بسبب وضع المتهم الهارب أحمد الشايع خارج الموقف الرسمي.
*متى اعتُقل الشايع؟
وفي (28 شباط 2023)، أعلن جهاز الأمن الوطني، اعتقال صاحب شركة الدويب المنفذة لمشروع ميناء الفاو الكبير (أحمد الشايع) المتهم بجرائم قتل وإرهاب في محافظة البصرة.
وذكر الجهاز في بيان، إنه "تم إلقاء القبض على أحد أخطر المهربين والمطلوبين في العراق المدعو (أحمد عبد الواحد شايع) والصادرة بحقه مذكرات قبض قضائية بأكثر من قضية تمس أمن الدولة وجرائم مختلفة بينها القتل والإرهاب".
وأضاف، إن "عملية الاعتقال جرت في محافظة البصرة بعد استحصال الموافقات القضائية وتشكيل فريق عمل بالتنسيق مع الجهات الامنية في المحافظة، كما وجرت إحالة المتهم إلى الجهات القانونية المختصة لاتخاذ الاجراءات اللازمة والتحقيق معه في الجرائم المنسوبة له".