تجاوز على الحريات.. قرار التجارة بمنع إطلاق اللحى يثير عاصفة برلمانية وشعبية ويتهم بـ”التعسف”

انفوبلس/..
في خطوة فُسّرت على أنها تجاوز خطير على الحريات الشخصية والدينية، أثار قرار أصدرته الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة لوزارة التجارة العراقية بمنع الموظفين من إطلاق اللحى “بشكل لافت”، أثار موجة استهجان شعبي وبرلماني، وسط تساؤلات قانونية ودستورية عن مدى أحقية المؤسسات الحكومية بالتدخل في المظهر الشخصي للموظف.
هذا القرار، الذي جاء في وثيقة رسمية موجهة إلى جميع فروع وأقسام الشركة، ووُقّعت باسم مديرها العام، لمى هاشم حسين، أشار صراحة إلى أن الموظف الذي يطلق لحيته “بشكل لافت” يخالف الذوق العام للوظيفة، ويُحتمل أن يشبه “عناصر داعش أو المليشيات”، ما فجّر موجة انتقادات حادة.
*نص القرار
قررت الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية في وزارة التجارة العراقية، منع إطلاق اللحية بشكل "لافت" في أماكن العمل، محذرة من التشبه بـ"داعش أو الميليشيات".
وجاء في وثيقة رسمية اطلعت عليها شبكة انفوبلس، صادرة عن الشركة وموجهة إلى أقسامها وفروعها ومواقعها كافة، تحت عنوان "إعمام"، أنه "بناءً على الذوق العام للوظيفة، تَقرر أن يكون حضور الموظف إلى الدوام الرسمي ضمن المظهر اللائق، وعدم إطلاق اللحية بشكل لافت والتشبه بداعش أو غيره من الميليشيات".
وأضافت الوثيقة، أن "مدير الموقع يتحمل المسؤولية الكاملة في حال عدم التبليغ عن مثل هذه الحالات".
وحمل الكتاب الرسمي توقيع مدير الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية، لمى هاشم حسين.
*أول تعليق نيابي
وقد علق النائب أمير المعموري على القرار، عبر منشور له على الفيسبوك، قائلا "كل من يطلق اللحية يعتبر متشبه بالمليشيات وداعش، بأمر وزارة التجارة الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية.. نسخة من إلى إخواني بالحشد".
من جهته، كتب النائب مصطفى سند في منشور على مواقع التواصل: "لمى هاشم (مدير عام الغذائية بوزارة التجارة)، سابقاً عُرفت بإجبارها الموظفين على كتابة كلمة "المثول أمام سيادتك" والآن تجبرهم على حلق اللحى، عبالها هي ضابط جيش، وإللي تنقل موظفين بالجملة ومتعافية ومتجبرة ومسنودة من الدولة العميقة لوزارة التجارة، إن شاء الله ستنالين ما تستحقين قريباً (خير أو شر)".
وأضاف: "أبوها حجي... إذ ما تردها عليك الدور".
*سؤال برلماني
من جهته، أعلن النائب علاء الحيدري، يوم الثلاثاء، توجيه سؤال نيابي إلى مدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية في وزارة التجارة العراقية، لمى هاشم، على خلفية منع إطلاق اللحية بشكل "لافت" في أماكن العمل، بذريعة التشبه بـ"داعش أو الميليشيات"، الأمر الذي أثار موجة استهجان.
وأظهرت وثيقة صادرة عن النائب الحيدري،: "نوجه الأسئلة البرلمانية الآتية والتي يقتضى الإجابة عنها خلال (15) يوماً من تاريخ استلام هذا الكتاب استنادا الى المادة (15/ أولا) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018".
وتضمنت الأسئلة:
1- ما السند القانوني لمثل هذا الكتاب مدار السؤال البرلماني؟
2- ما المعيار باعتبار اللحية لافت للنظر أو تتضمن التشبه بداعش أو غيره من المليشيات؟
وطالب الحيدري، بضرورة سحب هذا الكتاب وعدم العمل به، كما أن تحديد المظهر اللائق من عدمه يدخل من اختصاص مجلس الوزراء لا أن تنفرد كل وزارة بتحديد المظهر.
*سخرية
من جانب آخر، أثار القرار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول ناشطون عراقيون صوراً لموظفين أجانب في وزارات غربية بلحى كثيفة وأزياء متحررة، دون أن تُعتبر هذه المظاهر مهددة للأمن أو الذوق العام.
وكتب أحد المدونين: “في اليابان يهمهم إنجازك، في العراق تهمهم لحيتك”.
*ضجة سابقة
وفي فيديوهات سابقة، أظهرت مجموعة أشخاص يهتفون "كلنا جنود العلوية"، في إشارة إلى المديرة العامة، لمى الموسوي، فيما ردت الموسوي قائلة إن "موظفي الشركة يحبونني ويهتفون بشكل عفوي وطبيعي بعد جهد يومي نقوم به خلال عملنا".
*مشكلات التجارة كثيرة
في أيار الماضي، أصدر وزير التجارة العراقي أثير الغريري، توجيهاً بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة، على خلفية مقطع فيديو متداول يظهر موظفة في الوزارة وهي تتحدث مع عدد من العمّال بأسلوب "غير لائق" في حال مخالفتهم التعليمات، وفقاً لبيان صادر عن التجارة.
وذكر البيان الصادر في (19 أيار 2025) أن الوزير وجّه بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة مع الموظفة المنسوب إليها الفيديو المسرّب، لغرض اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، على أن تنجز اللجنة أعمالها خلال 48 ساعة فقط.
وأكد البيان على توجيهات الوزير الغريري بشأن أهمية الالتزام بالثوابت المهنية في العمل الوظيفي، مشدداً على أن "النزاهة والاحترام المتبادل يشكلان أساساً لنجاح الأداء المؤسسي".
وأشار البيان إلى أن "الوزارة تعمل، بتوجيه من الوزير، على ترسيخ ثقافة مؤسسية قائمة على الالتزام بالقيم الوظيفية"، مؤكّداً أن "احترام هذه الثوابت هو السبيل لتحقيق الأهداف المنشودة، مع التأكيد على رفض أي تجاوز أو سلوك غير مقبول في بيئة العمل".
جاء ذلك ردا على فيديو متداول لموظفة في الوزارة وهي تخاطب العمال وتقول: "اللي ما يشتغل عدل أسحله سحل هو واليطلع وراه".
*فساد واستغلال في الوزارة
ويعمل بعض أعضاء مجلس النواب العراقي، على عقد جلسة استثنائية بسبب شبهات فساد واستغلال للسلطة من قبل مسؤولين في وزارة التجارة، خاصة مع وجود حديث عن تورط رئيس حزب السيادة خميس الخنجر، بشكل مباشر في ملفات خطيرة عبر شركة "الأويس"، وتأكيدات بأن الوزارة أصبحت أداةً بيده لتمرير عقود وهمية مشبوهة.
عضو مجلس النواب، أمير المعموري، يؤكد "العمل على استجواب وزير التجارة وعقد جلسة استثنائية بسبب شبهات الفساد واستغلال السلطة من قبل مسؤولي تشكيلات الوزارة".
وأضاف، أنه "إن لم يتحقق الاستجواب بسبب التوافقات السياسية والعُرف السياسي الذي أضرّ بالبلاد والعباد ندعو وزير التجارة ومن باب الشفافية وترك الإعلام المأجور الى مكاشفة علنية أمام الشعب الغيور عبر القنوات الفضائية للرد على أسئلة الاستجواب وما تضمن من وجود شبهات الفساد".
يأتي ذلك بعد أن حذّر المعموري، من وجود خلل واضح في مفردات البطاقة التموينية التي توزعها وزارة التجارة على ملايين المواطنين، مطالباً بفتح تحقيقات شفافة حول نوعية المواد الموزعة ومدى صلاحيتها للاستهلاك البشري.
وقال المعموري في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، إن "برنامج البطاقة التموينية وُجِدَ لدعم الشرائح الفقيرة، وتُخصص له الحكومة تريليونات الدنانير سنويًا لتأمين مفرداته من المواد الغذائية التي تستوردها وزارة التجارة عبر شركاتها"، مشيراً إلى أن "الملاحظات المتكررة بشأن جودة بعض المواد الغذائية تفرض إجراء مراجعة دقيقة ومحاسبة الجهات المقصّرة في التنفيذ".
وأضاف أن "هناك علامات استفهام كبيرة تحيط ببعض المفردات، وعلى وجه الخصوص مادة الشاي المستورد من قبل شركة (الأويس)، والتي لا تلقى قبولاً لدى المواطنين بسبب تدني جودتها، الأمر الذي يستوجب تحركاً رقابياً جاداً لمعرفة أسباب ذلك، وضمان تأمين مواد غذائية تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين".
وشدد المعموري على "أهمية إعادة تقييم شامل لملف البطاقة التموينية، مع التأكيد على ضرورة وجود شفافية عالية في التعاقدات الحكومية بعيداً عن المجاملات والصفقات المشبوهة"، مؤكداً أن "مفردات البطاقة التموينية تمثل شريان حياة لملايين العراقيين من ذوي الدخل المحدود، وهي تُموَّل من المال العام، ما يتطلب إدارتها بمسؤولية وحرص بالغ".