تحذير مستمر من لعبة بوبجي.. ما السر وراءه؟ وكيف تستعمل اللعبة للابتزاز؟
انفوبلس/..
من جديد يُعاد الحديث الرسمي عن لعبة "البوبجي"، وتكرار التحذيرات من مخاطرها على الدولة برمتها، فهي لم تعد لعبة ترفيهية فقط بل وسيلة وعاملا مساعدا للابتزاز بمختلف أشكالها، وسط تصاعد التحذيرات إلى الأهل بمتابعة أبنائهم ورقابتهم والحد من ممارسة هذه اللعبة بالنظر إلى مخاطرها.
*تفاصيل صادمة
فجّر مدير مكافحة إجرام بغداد اللواء الحقوقي خالد عبود بداي، تفاصيل صادمة حول آليات الابتزاز المستخدمة في هذه اللعبة، في وقت دعا فيه إلى تشديد رقابة الأهل لأبنائهم لمنع وقوعهم بمطبات وإشكالات.
وقال بداي في حديث مصور بثّته إحدى وسائل الإعلام، إن "البوبجي هي وسيلة تواصل اجتماعي وإحدى وسائل الاتصال لكن انعدام الرقابة البيتية عليها جعل منها وسيلة خطرة".
وأضاف، إن "البعض يستغل هذه الوسيلة للابتزاز، خاصة لفئة الفتيات"، مبيناً أن "أحد الأشخاص واعد فتاة بأنه يريدها للزواج لأخيه وبدأ باستمالتها واستدراجها إلى حين طلب الصور منها"، مستدركاً بالقول: "عندما بعثت الفتاة صوراً بدأ بابتزازها وأخذ منها ما يقارب الـ285 مليون دينار عراقي لأن والدها تاجر".
وحذر بالقول: "الأمور قد تتجاوز مستقبلاً حالات الابتزاز لتصل إلى تطورات أكبر وأخطر تهدد أمن الدولة"، مشدداً على ضرورة "فرض رقابة بيتية على الأبناء وعدم منحهم الهواتف والحواسيب وتعليمهم على مثل هكذا أنواع من الألعاب في مرحلة مبكرة من العمر".
*سرقة عبر بوبجي
كشف قاضي تحقيق الرصافة، أحمد مكي، في 03 حزيران 2021 تفاصيل استغلال وابتزاز فتاة وآخر حدث من قبل شابَّين، في حادثتين منفصلتين جرت عبر لعبة "البوبجي" الشهيرة.
وقال القاضي أحمد مكي، في تصريحات لصحيفة القضاء الرسمية، إن "فتاة تبلغ من العمر 14 سنة تعرفت على أحد الأشخاص عن طريق لعبة (البوبجي) فكان الجاني يقوم بمساعدة الضحية أثناء اللعب، وكانا يلعبان ضمن فريق واحد وبعدها تطورت العلاقة إلى علاقة غرامية تمكن الجاني خلالها من الحصول على صور ومقاطع فيديو للفتاة".
وتابع القاضي مكي، إن "الشخص أخذ يقوم بابتزازها وتهديدها بدفع مبالغ مالية وبخلافه سيقوم بنشر تلك الصور ومقاطع الفيديو أو إرسالها إلى أهلها فاضطرت الضحية إلى إعطاء المبالغ المالية إلى الجاني، إلا أن الأخير استمر بتهديد الضحية ما اضطرها إلى سرقة مبالغ مالية ومخشلات ذهبية من والدتها لإعطائها إلى الجاني بهدف إسكاته".
وأكمل مكي، إن "الجاني تمادى في طلباته مما أجبر الفتاة على الحديث لذويها ليتم إبلاغ القوات الأمنية التي قامت بنصب كمين للجاني وإلقاء القبض عليه بالجرم المشهود واعترافه على ارتكابه الجريمة وأن مجموع المبالغ التي تحصل عليها من الضحية تبلغ 17 مليون دينار".
ومن جانبه، تحدث قاضي محكمة تحقيق سوق الشيوخ في ذي قار أدهم صباح، أن محكمته "صدَّقت أقوال متهم قام باستغلال حدث وإجباره على سرقة مبالغ مالية من أهله من أجل تنشيط الحساب الخاص بلعبة البوبجي بتحريض من قبل أحد العاملين في محلات الهاتف النقال".
وأضاف، إن "المتهم اعترف في التحقيق بأنه قبل حوالي أربعة أشهر وعندما كان يزاول عمله في محل لبيع أجهزة الموبايل حضر له المشتكي الحدث وقام بشراء كارت تعبئة شحن لعبة (بوبجي) بمبلغ قدره خمسة وثلاثون ألف دينار ولكونه حدثا وغير دارك قام باستغلاله الطلب بأن يقوم بإعطائه مبلغ سبعمائة ألف لغرض تنشيط اللعبة ورفع مستواها".
وأوضح القاضي، إن "المشتكي حضر في اليوم الثاني وقام بإعطاء المتهم المبلغ مقابل شحن اللعبة الخاصة به وقد علم منه بأنه يقوم بسرقة النقود من والديه حيث أخبره بأن والده يمتلك مبالغ كثيرة ويقوم بالاحتفاظ بها في القاصة داخل غرفة نومه".
ولفت إلى، أن "المشتكي كان يقوم بين فترة وأخرى بجلب نقود للمتهم لغرض تنشيط وتطوير اللعبة ورفع حسابه فيها وقام بتهديده بأن يخبر والده حول موضوع سرقة الأموال، وأخذ يتردد على المحل بين اليوم والآخر ويقوم بإعطائه مبلغا يتراوح بين 300 ألف - 400 ألف دينار لكل بطاقة شحن للعبة البوبجي حتى أصبح مجموع المبالغ التي تحصل عليها حوالي عشرة ملايين دينار تقريبا".
وأكمل القاضي، أن "الطفل لم يكتفِ بذلك وقام بشراء حساب لعبة بوبجي جديد من المتهم مقابل مبلغ مليون وأربعمئة ألف دينار ومن ثم قام الأخير بالاحتيال عليه وسحب الحساب منه عن طريق تغيير إعدادات اللعبة وتحويله في جهازه وقام ببيعه على شخص آخر مقابل مبلغ مليون ومائتي ألف دينار".
وأشار مكي إلى، أن "آخر عملية حدثت عندما طلب المتهم من الطفل جلب عشرة أوراق فئة مئة دولار وتم الاتفاق على ذلك وأن لا يأتي إلى المحل خشية اكتشاف أمره من قبل صاحب المحل أثناء تواجده، لذا قام بتغيير المكان والالتقاء قرب منزله، وأثناء استلامه المبلغ من الحدث تم إلقاء القبض عليه".
*حظر بوبجي
في نهاية شهر كانون الثاني المنصرم وتحديداً في اليوم الـ30 منه، أكدت لجنة حصر السلاح بيد الدولة، أن الألعاب الإلكترونية تسببت بخروج قرابة مليار دولار من العراق الى الخارج بإنفاقها على الألعاب الالكترونية، مشيرة الى أنها تعتزم إصدار ضوابط لحظر هذه الألعاب بينها “بوبجي”.
وقال سكرتير ومقرر اللجنة الوطنية لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة، العميد منصور علي سلطان، إنَّه “من ضمن المهام التي تقوم بها اللجنة، التوجه نحو إعداد ضوابط للحد أو التقليل من الألعاب الإلكترونية لاسيما المحرِّضة على العنف منها لعبة (مريم) و(الفيل الأزرق) و(بوبجي)، فضلاً عن وجود عدد آخر من تلك الألعاب التي أُعِدَّت إليها قائمة كاملة وسيتم تنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع الأطراف المعنية منها هيئة الإعلام والاتصالات”.
وأوضح، إنَّ “بعض الألعاب الالكترونية تُعد وسيلة لتهريب الأموال إلى الخارج، حيث أشَّرت الوزارة أنَّ قيمة الأموال التي تم تهريبها خلال العام الماضي وصلت إلى مليار دولار والتي تُصرف على شحن كارت تلك الألعاب، وبالتالي فإن هذا يُعد خطراً كبيراً يهدد اقتصاد الفرد بشكل خاص والدولة بشكل عام، وعليه لابد من أن تكون هناك ضوابط لتلك الألعاب التي وجد الكثير منها أنها تحرّض على العنف وكيفية استخدام الأسلحة”، بحسب صحيفة الصباح الحكومية.
وأشار سلطان إلى، أن “فئة الشباب والمراهقين هم الأكثر استخداماً لتلك الألعاب، وبالتالي سيكون هناك تأثير كبير في تغير سلوكهم”.
وأضاف، أنَّ "الوزارة تعمل على حفظ الأمن المجتمعي وعدم السماح لوسائل التواصل الاجتماعي بزعزعة أمن واستقرار الأفراد، مشيراً إلى استحصال موافقة مجلس القضاء الأعلى بالإيعاز إلى الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبي الجرائم الإلكترونية، منوهاً بأن اللجنة تعمل على التنسيق مع النقابات لتفعيل هذا الجانب، منها نقابة المحامين والصحفيين".
* ملاحقة استخبارية
وبعدها بيوم واحد فقط (31 كانون الثاني 2024)، كشفت وزارة الداخلية عزمها ملاحقة مروّجي 9 ألعاب إلكترونية في العراق "استخباريا" كونها تزيد من الدوافع الإجرامية.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، في تصريحات صحافية، إنه "فاتحنا هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات حول غلق تسعة ألعاب إلكترونية تعمل على زيادة العنف المجتمعي والأُسري وتحرّض على زيادة الدوافع الاجرامية كما تتسبب بهدر أموال طائلة من خلال تغذيتها وتحديثها وسنلاحق مروّجيها من خلال الاجهزة الاستخبارية".
*الإنفاقات
احتل العراق المرتبة الثالثة، كأكبر دولة عربية إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية للعام الماضي 2023، وفق ما أفادت وكالة بلومبيرغ.
وأوضحت الوكالة الأمريكية في تقرير نشرته بداية العام الحالي، أن السعودية جاءت كأعلى الدول العربية إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية في 2023، إذ بلغ إجمالي إنفاق المستهلكين 1.89 مليار دولار خلال العام السابق، بارتفاع بنسبة 13% عن العام 2022، فيما جاءت مصر ثانيا بحجم إنفاق بلغ 1.71 مليار دولار العام الماضي، وبارتفاع نسبته 17 % عن عام 2022".
وأشارت إلى، أن "العراق احتل المركز الثالثة للعام الماضي 2023، إذ بلغ إجمالي الإنفاق 90 مليون دولار، بارتفاع 11.1 % عن سنة 2022، وجاءت الجزائر في المركز الرابع، إذ بلغ إجمالي النفقات للعام الماضي 72 مليون دولار، فيما احتلت الإمارات المركز الخامس حيث بلغ إجمالي النفقات 66 مليون دولار ".
*قرار برلماني
وكان مجلس النواب العراقي (البرلمان) صدّق في عام 2019 بالإجماع على مقترح بحظر بعض الألعاب الالكترونية الشهيرة وأبرزها بوبجي، ولعبة "فورتنايت" مشيرا إلى تأثيرها "السلبي" على الشباب، في بلد يعاني منذ فترة طويلة من نزاعات دموية على أرض الواقع، كما حظر البرلمان أيضا المعاملات المالية المرتبطة بتلك الألعاب.
ويقول نص قرار البرلمان: "جاء الحظر بسبب الآثار السلبية، التي تسببها بعض الألعاب الإلكترونية، على صحة وثقافة وأمن المجتمع العراقي، بما في ذلك التهديدات الاجتماعية والأخلاقية على الأطفال والشباب".
وتُعد لعبة "ببجي"، التي صممتها شركة "بلوهول إنك" الكورية الجنوبية، لعبة قتال من أجل البقاء على قيد الحياة، إذ تضع عشرات اللاعبين عبر الإنترنت في جزيرة، حيث يحاولون القضاء على بعضهم البعض.
وقد أُطلقت اللعبة في عام 2017، وتحظى بشعبية واسعة حول العالم خاصة بين الشباب.